السبت 20-04-2024 00:55:03 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

كارثة صحية.. تعز تواجه فيروس كورونا بعشرة أجهزة تنفس صناعية

الأحد 28 يونيو-حزيران 2020 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عامر دعكم

 

تواجه تعز فيروس كورونا بإمكانيات شحيحة وقطاع صحي تضاعف تدهوره بفعل الحرب والحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ قرابة ست سنوات.

فقد بلغ عدد حالات كورونا في تعز، حتى مساء أمس السبت، 233 إصابة بينها 59 وفاة، و65 حالة شفاء، بحسب إحصائية صادرة عن لجنة الطوارئ الخاصة بمواجهة كورونا في المحافظة. 

في مطلع مايو الماضي، سجلت تعز أول إصابة مؤكدة بفيروس كورونا لمواطن أربعيني عائد من العاصمة المؤقتة عدن، التي كانت حينها موبوءة بكورونا والحميات.

كغيرها من محافظات اليمن، تفتقر تعز للإمكانيات اللازمة لمواجهة كورونا، فأجهزة التنفس الصناعي في المدينة "لا تتجاوز العشرة"، ومراكز العزل الصحي اثنان فقط، وفقا لمصدر مسؤول في مكتب الصحة.

وكانت لجنة الطورائ في تعز أعلنت أكثر من مرة نفاد المحاليل الخاصة بكشف حالات كورونا.

وبحسب أطباء ومراقبين، فإن تعز تعيش "كارثة صحية"، الإصابات فيها أكثر من المعلن، حيث أكد رئيس مركز العزل "شفاك"، الدكتور عبد المغني المسني، أن "الإصابات المعلنة وأيضا الوفيات غير صحيحة ولا تمثل الواقع وهذا تعترف به حتى السلطات الصحية".

وأضاف المسني: "العدد ليس أكبر، بل كبير لدرجة مفزعة، ربما الحقيقة عشرات الأضعاف مما هو معلن، وتوسع المقابر السريع دليل واضح".

وأوضح للإصلاح نت أن "هناك زيادة بمعدل الوفيات بشكل كبير جدا بسبب كورونا، ولكن غياب الترصد وعدم توفر إمكانيات الفحص تجعلهم يموتون دون معرفة الأسباب".

وعن احتياجات تعز للتغلب على كورونا، قال الدكتور المسني إن "تعز ليس لديها شيء".

وأضاف المسني: "تعز تحتاج محافظا وسلطة تتحمل مسؤولية، تعز تحتاج لرفع الحصار الذي يفاقم من خطر كورونا".

وأشار إلى أن "مواجهة كورونا لا يكفي معه مركز صحي لعلاج المرضى، بل يحتاج للسلطة المحلية التي مفروض تحشد الجهود، ويجب أن يكون لمكتب الصحة دور وكل المكاتب يجب أن تشترك وكذلك الجيش والأمن".

دور السلطة المحلية

في الأيام الأولى لظهور الوباء في تعز، كانت السلطة المحلية قد أقرت العديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، منها تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، وإغلاق المساجد، وإغلاق أسواق القات وصالات الأعراس، بالإضافة إلى إغلاق الطريق الرابط بين تعز وعدن، وغيرها من الإجراءات.

علقت الدراسة وأغلقت بعض المساجد أبوابها، التزاما بالتوجيهات وحفاظا على سلامة المواطنين، لكن شوارع المدينة ظلت مزدحمة، وأسواق القات فتحت من جديد عقب إغلاقها.

ويصف نشطاء الإجراءات الاحترازية للسلطة المحلية بأنها "مجرد حبر على ورق"، إشارة إلى عدم ترجمتها إلى واقع. 

وعن دور السلطة المحلية في مواجهة كورونا، قال الدكتور عبد المغني المسني إن "أداء السلطة المحلية أقل من الفاشل، لأن الفشل سيعتبر إنجازا ولكن في الحقيقة دور السلطة المحلية منعدم".

ولفت إلى أن "مجهودات مكتب الصحة تعتبر بحدها الأدنى بسبب شحة الإمكانيات".

بدوره، قال مسؤول الإعلام في مكتب الصحة تيسير السامعي إن "المكتب يواجه كورونا وفق إمكانياته المتاحة، التي هي شحيحة أساسا".

استهتار كبير

ويرى نشطاء ومراقبون أن كورونا لم يبلغ ذروة انتشاره في تعز، وفي كل اليمن، وأنه ما يزال في بداياته يداهم الأحياء والقرى، داعين المواطنين إلى الالتزام بالاحترازات اللازمة. 

المواطن صلاح الأحمدي قال للإصلاح نت: "من خلال ملاحظتي، قليلون جدا الملتزمون بالاحترازات، وهناك استهتار كبير لدى قطاع واسع، للأسف".

وأضاف: "فمثلا، عندما أذهب للسوق لشراء احتياجاتي وأنا مرتدي الكمامة وقفاز الجوانتي، أتفاجأ بالسوق مزدحم والمرتدون للكمامات لا يتجاوزون عدد الأصابع بين المئات من المتواجدين في السوق، بل أحيانا أكون الوحيد مرتديا الكمامة".

وتابع: "المؤسف أن الكثير من المواطنين ما يزالون يعتقدون أنه لا وجود لكورونا في تعز، ويعتبرون الإحصائيات المعلنة مجرد متاجرة ومدخل رزق لمسؤولي السلطة المحلية".

أما الصحفي تيسير السامعي فيرى أن "المجتمع خاصة في تعز متفاعل جدا مع الإجراءت الاحترازية، وأن هناك استجابة كبيرة لدى الأغلبية من الناس".

وأضاف السامعي: "يوجد نسبة من الناس لديهم استهتار وعدم التزام". وتابع: "هولاء الناس بحاجة إلى سلطة القانون".

وأشار إلى أنه "يوجد فئة من الناس تجد صعوبة كبيرة بالالتزام بسبب طبيعة أعمالها".

مركز "شفاك".. بصمة مشرقة

يوجد في تعز مركزا عزل صحي فقط، أحدهما حكومي (في المستشفى الجمهوري) ولم تقدم له منظمة الصحة العالمية سوى القليل من الأجهزة، والآخر تابع لمؤسسة تنموية (مركز "شفاك"). 

ويعدّ مركز العزل "شفاك" التابع لمؤسسة الشيخ حمود المخلافي، من أهم ما أنجز في تعز لمواجهة كورونا، إضافة إلى أنه مركز عزل نموذجي من حيث المواصفات الفنية. 

ويرى مواطنو تعز أن مركز "شفاك" بارقة أمل أضاءت تعز الجريحة وبصمة مشرقة طبعت في وجه المدينة المحاصرة.

وقال رئيس مركز "شفاك" الدكتور عبد المغني المسني إن 90% من الحالات التي احتاجت رعاية صحية كان للمركز شرف تقديم رعايتها من حيث العزل والعلاج.

وأفاد رئيس "شفاك" أن "سعة المركز 30 سريرا مع 8 وحدات عناية مركزة ومزود بمختبر وقسم أشعة وصيدلية".

وأكد أن مركز "شفاك" يقدم خدماته مجانا بالكامل، لافتا إلى أن المركز مدعوم حصريا من قبل مؤسسة الشيخ حمود سعيد المخلافي.

نموذج من المتعافين

الدكتور آدم الجعيدي، أحد المتعافين من فيروس كورونا في تعز، كما أنه واحد من الجنود الذين يكافحون الفيروس في مراكز العزل منذ اكتشاف أول إصابة في المدينة.

يقول الدكتور الجعيدي: "لا أدري بالضبط متى انتقلت العدوى إليّ، لأنني منذ اكتشاف أول إصابة بكورونا في تعز وحتى اكتشاف عشرات الإصابات، ظللنا نستقبل كل الحالات ونعالجها، لذلك لم أدرِ من أي حالة بالضبط انتقلت العدوى"، مضيفًا: "لكن المؤكد أن مصدر العدوى هم المرضى الذين كنا نعالجهم". 

وأضاف: "بدأت تظهر عليّ أعراض كورونا في 17 مايو الماضي، بدأت أشعر بحمى وصداع شديد وإرهاق، وفي اليوم الثاني شعرت أن حالتي تزداد سوءا، فاضطررت لسحب عينة فحص الـPCR (جهاز فحص كورونا)، وكانت النتيجة أن الحالة إيجابية (مصابة). وتابع: "بعدها خضعت للحجر الصحي 14 يوما، وتناولت بعض العلاجات للأعراض وفواكه وخضروات وعسلا من أجل تقوية المناعة واتبعت نظام غذائي جيد ، لأنه هو أساس العلاج، وكذلك التزمت بالحجر ولم أخالط الناس ولا أيًا من الأقارب والأصدقاء".

وأفاد الجعيدي للإصلاح نت أن الذي دفعه لمواجهة كورونا والعمل على إنقاذ المصابين هو "الشعور بالواجب الإنساني والقيمي والوطني، بالإضافة إلى وجود فجوة ونقص في الكادر الطبي في تعز، بسبب الخوف من الوباء".

وقال الجعيدي: "معنوياتنا عالية جدا، ولست خائفا من أن أصاب مرة أخرى".

وتابع: "أساسا مشينا في هذا الطريق ونحن نعلم مخاطره وندرك أننا معرضون للإصابة، وسنواصل المشوار، فهذا قدرنا وواجبنا الإنساني تجاه أبناء هذا البلد، وحتى لو أصبت ألف مرة سأعود لخدمة مدينتي وتقديم الخدمات الصحية للمصابين، حتى ينتهي الوباء بإذن الله".

وينصح الدكتور الجعيدي "كل من تظهر عليهم أعراض كورونا أن يأخذوا الأمر بجدية وأن يذهبوا للفحص في المراكز ويلتزموا بالحجر، وعليهم أيضا ألا يخافوا أو يفزعوا، لأن الخوف ينهك الجسم ويدمر المناعة، وأساسا هناك 10% من المصابين فقط من تزداد المضاعفات عندهم".

دور أممي ضحل

الصحفي تيسير السامعي قال إن الدور الأممي والمساعدات المقدمة من الصحة العالمية لمحافظة تعز لا ترتقي إلى مستوى الكارثة والوباء المنتشر، ولا تكاد يذكر.

ويقول نشطاء إن منظمة الصحة العالمية خذلت تعز ولم تقدم لها سوى كمية قليلة من المحاليل الإسعافية، بعد أن بح صوت تعز وهي تناشد. وأضافوا أن الدور الأممي سكب دعمه في مطار صنعاء بأيدي المليشيا الحوثية.

وأكدوا وصول عشرات الأطنان من المساعدات الصحية إلى مطار صنعاء مؤخرا على متن أكثر من 15 رحلة جوية.

والجمعة الفائت، أعلنت منظمة الصحة العالمية وصول شحنة مساعدات ومستلزمات طبية إلى اليمن (مطار صنعاء)، لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد.

تحذيرات من حدوث كارثة

في منتصف الشهر الجاري، حذر تحالف الأحزاب السياسية المساندة للشرعية من حدوث كارثة حقيقية في محافظة تعز، جراء تفشي فيروس كورونا، وإمكانية خروجها عن السيطرة نظراً لما يعانيه القطاع الصحي.

وقالت أحزاب التحالف، في بيان لها، إن القطاع الحصي في تعز يعاني من نقص حاد في معدات الكشف والتحليل لفيروس كورونا، ومعدات العناية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي وملابس وأدوات الوقاية المخصصة للطواقم الطبية أثناء مكافحتهم للفيروس.

ودعا تحالف الأحزاب الحكومة ووزير الصحة للتواصل مع المنظمات الدولية لتقديم الدعم العاجل لمحافظة تعز.

يعجز القطاع الصحي في تعز عن محاصرة الوباء وإنقاذ حياة السكان نتيجة لواقع الحرب والحصار الذي فرضته مليشيا الحوثي على المحافظة.

ونظرًا لهذا الواقع المأساوي، يطالب مواطنو تعز الجهات المسؤولة في الشرعية بسرعة نجدة تعز ودعمها بكل مستلزمات مواجهة كورونا لتتمكن من الانتصار عليه وحماية حياة السكان.

كلمات دالّة

#اليمن #تعز