الأربعاء 24-04-2024 12:23:53 م : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

استثمار الكوارث.. لماذا مليشيات الحوثيين متخبطة في التعامل مع وباء كورونا؟

الأربعاء 10 يونيو-حزيران 2020 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

 

يواصل وباء كورونا حصد أرواح المئات من المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، وسط تخبط من قبل المليشيات في التعامل مع الوباء، وعدم اتخاذ أي خطوات جدية لمواجهة الوباء ومحاصرته، رغم وفاة العديد من قادة المليشيات ذاتها بعد إصابتهم بفيروس كورونا، ومحاولة تحميل مسؤولية انتشار الفيروس جهات أخرى، في حين تتكتم المليشيات على الأعداد الحقيقية للمصابين، وسط التهويل من حجم انتشاره حينا، والتقليل من خطره ومدى انتشاره أحيانا أخرى، كما أنها اعتادت على تحميل أطراف أخرى مسؤولية انتشار كورونا بمناطق سيطرتها، بدءا من اتهامها التحالف العربي، قبل أشهر، بإلقاء كمامات ملوثة بفيروس كورونا، وانتهاء باتهام منظمة الصحة العالمية بتقديم محاليل ومسحات مخصصة لفحص وباء كوفيد-19 بعدم الفاعلية والكفاءة.

على أن أكثر ما أثار هلع المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، هو ما أشيع عن استخدامها ما يسمى "إبر الرحمة" بحق المصابين بكورونا أو المصابين بأعراض مشابهة للمرض الذي يسببه كورونا، ودفنهم في مقابر مجهولة بدون السماح لذويهم بمعاينتهم قبل الدفن، ودفع ذلك عددا كبيرا من المواطنين للعزوف عن زيارة المستشفيات في حال أصيبوا بمرض كورونا أو أعراض مشابهة لأعراضه، بل بعضهم عزفوا عن زيارة المستشفيات رغم إصابتهم بأمراض أخرى، وزاد الطين بلة إعلان المليشيات بأنها تستعد لاختراع علاج لوباء كورونا، ما يعني تحويل المرضى اليمنيين إلى فئران تجارب لأدوية يتم تصنيعها بدون معايير علمية وطبية، خاصة أنه عند صنع أي دواء جديد لمرض ما في أي بلد في العالم، لا يتم إقراره إلا بعد تجربته على حيوانات خلال مدة تتراوح ما بين خمس إلى عشر سنوات، وليس تجربته مباشرة على المرضى، خاصة عندما يكون تصنيعه بدون خبرة أو معرفة علمية وطبية من قبل مليشيات معروفة بالجهل.

- انتشار مخيف

ينتشر فيروس كورونا بشكل مخيف في المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية، وراح ضحيته عدد كبير من قادة المليشيات الحوثية ذاتها، كما أنه انتشر في السجون التابعة لها، وفي أوساط الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، فضلا عن انتشاره المتزايد في أوساط المواطنين، بينما اكتفت المليشيات الحوثية بالاعتراف بإصابة أربع حالات فقط بالفيروس منذ بدء انتشاره وحتى الآن.

وقد أكدت مصادر طبية وفاة 36 من الفرق الطبية في اليمن نتيجة الإصابة بفيروس كورونا الذي يواصل الانتشار في البلاد بسرعة كبيرة، وسط عجز كامل للسلطات الصحية ومنظمات الأمم المتحدة عن مواجهة الوباء.

وبحسب الإحصائية التي كشفتها نقابة الأطباء اليمنيين، فإن النسبة الأكبر لعدد وفيات الفرق الطبية تركزت في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، مع تسجيل 18 حالة وفاة، ثم جاءت بعدها مدينة عدن، التي يسيطر عليها ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، بمعدل عشر وفيات من الفرق الطبية، وتوزعت بقية الأرقام على المدن الأخرى.

ووجهت نقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين نداء استغاثة لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في اليمن والمعنية بالوضع الصحي والإنساني لإنقاذ أعضائها من الموت اليومي الذي بدأ يحصد أرواح العشرات منهم، وطالبتها بتزويدها بأدوات الوقاية اللازمة حتى يتسنى للعاملين متابعة الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا قبل أن ينهار القطاع الصحي.

بدورها، كشفت رابطة أمهات المختطفين عن أول حالات إصابة بفيروس كورونا وسط المعتقلين في السجن المركزي بالعاصمة صنعاء.

وأفادت الرابطة في بيان لها بأن المصابين موجودون في حجر صحي داخل السجن، وأن مليشيات الحوثي "لا تسمح بإدخال الأدوية والطعام إليهم، وهو الأمر الذي يضاعف من معاناتهم ويجعلهم عرضة للموت المحقق".

وفي مدينة عدن، أفادت رابطة أمهات المختطفين في العاصمة المؤقتة بأن المعتقلين والمخفيين قسريا في سجن بئر أحمد الخاضع لإدارة مليشيات المجلس الانتقالي يواجهون موتا بطيئا داخل زنازينهم مع مواصلة إدارة السجن تخفيض وجبات الطعام عنهم وقطع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى انتشار واسع للأوبئة والأمراض داخل المعتقل.

إلى ذلك، أصيب عدد كبير من قادة المليشيات الحوثية بفيروس كورونا، ورغم تكتم المليشيات على المصابين في صفوفها، إلا أن المعلومات المسربة والمؤكدة تؤكد وفاة عدد كبير من قادة المليشيات ومسؤوليها، بينما يخضع عدد آخر للحجر الصحي في مستشفيات وفنادق فخمة، خصصتها المليشيات كمراكز للحجر الصحي لقياداتها، خاصة ممن ينتسبون للسلالة العنصرية.

وفيما يلي أسماء القادة والمسؤولين الحوثيين اللذين توفوا خلال الأيام الأخيرة بفيروس كورونا:

- جميل الكحلاني، رئيس لجنة الحشد ونائب المشرف العام للحوثيين في مديرية السياني بمحافظة إب.
- عبد الواحد العديني، رئيس دائرة شؤون الموظفين بوزارة الخارجية الحوثية.
- أحمد دغار، نائب وزير التخطيط في حكومة الحوثي غير المعترف بها دوليا.
- عبد الباقي النهاري، نائب عميد كلية التربية بجامعة صنعاء.
- شفيع ناشر، مستشار وزارة الخارجية الحوثية (كان قد قال عبر قناة حوثية إنه من الأفضل لليمني أن يموت في الجبهات أفضل من الموت في البيت مثل البعير بسبب كورونا، حسب تعبيره).
- د. أحمد المؤيد، مالك مستشفى المؤيد.
- عبده صالح البحش، مشرف المليشيات في مديرية الرضمة بمحافظة إب.
- عبد الرحمن القادري، وكيل وزارة الصحة الحوثية في صنعاء.
- عبد الرحمن الحسني، وكيل وزارة الشباب والرياضة الحوثية.
- أحمد الحبيشي، مستشار إعلامي لما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين.
-عبد الرحمن عبد الله المحبشي، عضو مجلس النواب.
- الشاعر حسن عبد الله الشرفي.
- القاضي فضل عبد الله الآنسي.
- القاضي محمد يحيى بدر الشرفي.
- الشيخ حزام البخيتي.
- رجل الأعمال عبد الإله الخطيب.
- قائد محمد قائد، رئيس الدائرة الإعلامية بمجلس النواب.
- اللواء المهندس أحمد عبد الله شريم.
- اللواء علي أحمد هاجر.
- الشيخ مقبل عبد الرب الشهاري.
- الحاج حسن قاسم غلاب.
- العميد أحمد الجندبي، مدير الشؤون المالية للأمن المركزي سابقا.
- القيادي المؤتمري الموالي للمليشيات مفلح أحمد السحيمي.
- العقيد عبد الملك منصور القارة، مدير قسم شرطة هبرة صنعاء.

- تخبط تحكمه المصلحة

تتخبط مليشيات الحوثيين في تعاملها مع فيروس كورونا وانتشاره المخيف في مناطق سيطرتها، فمن ناحية، تحاول المليشيات التكتم على انتشار الفيروس أو التقليل من انتشاره، حتى لا يؤثر ذلك على حشد المقاتلين إلى الجبهات، واستمرار جباية الأموال من القطاع التجاري، ومن ناحية ثانية، تحاول المليشيات الحوثية التضخيم من خطر انتشار فيروس كورونا، بغية استثمار ذلك وجلب المساعدات الدولية بذريعة مكافحة الفيروس، وسيذهب ذلك الدعم لصالحها.

وفي سياق التضخيم من خطر انتشار الفيروس، توقع وزير الصحة في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا، طه المتوكل، في 20 مايو الماضي، في إحاطة أمام برلمان صنعاء (غير المعترف به أيضا)، توقع إصابة مليون يمني بفيروس كورونا.

هذه التوقعات جاءت في وقت بدأت فيه المليشيات فرض إتاوات وجبي مبالغ مالية من المواطنين والتجار بذريعة الاستعدادات لمواجهة تفشي وباء كورونا.

ومع بداية يونيو الجاري، كشف قيادي رفيع وعضو ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" لمليشيات الحوثي، سلطان السامعي، عن كارثة حقيقية خلال الأسبوعين المقبلين.

وقال السامعي، نقلا عن أحد المعنيين بالشأن الصحي في اليمن، إن البلاد مقبلة خلال الأسبوعين المقبلين على كارثة حقيقية، في إشارة إلى الوضع الصحي الذي تسببت به المليشيات إزاء تعتيمها الكبير حول أعداد الإصابات والوفيات، الناتجة عن فيروس كورونا، بصنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها.

- صنعاء في خطر

وكان الدكتور حمدي الحكيمي، أخصائي طب المجتمع والوبائيات، قد توقع في دراسة له أن مدينة صنعاء ستشهد انتشارا كارثيا لوباء كورونا، وهو السيناريو المتوقع ابتداء من شهر يونيو الجاري في حالة فرضية عدم التباعد الاجتماعي، حيث تنبأت الدراسة أن مضاعفات الوباء ستكون أسوأ بكثير في صنعاء منها في عدن، حيث سترتفع في شكل موجة عالية في نهاية يونيو لتصل إلى 300 ألف مصاب، ويتوقع أن يحتاج 45 ألف مريض لرعاية طبية، منهم حوالي 15 ألفا سيكونون في حالة حرجة ويحتاجون إلى وحدات عناية مركزة.

وأوضحت الدراسة أنه سيبدأ عدد المصابين بانخفاض تدريجي على شكل موجات تنخفض وترتفع بشكل حاد حتى تبدأ في الاستقرار نسبيا في شهر نوفمبر المقبل، حينها حوالي 20% من سكان صنعاء سيصابون بالمرض.

وتوقعت الدراسة التي أجراها الحكيمي أن تصل الوفيات المتوقعة في الأشهر المقبلة في صنعاء إلى حوالي ثلاثة أضعاف الوفيات في عدن، وذلك خلال السنة المقبلة، وربما يرجع ذلك إلى كون عدد السكان في صنعاء أكبر بكثير من عدن، حيث تزيد الوفيات تدريجيا إلى أن تصل إلى 110 آلاف وفاة خلال عام واحد.

- محاولات التنصل

تحاول مليشيات الحوثي التنصل عن مسؤوليتها عن انتشار فيروس كورونا في المحافظات التي تسيطر عليها، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، وزعمت بعدم فاعلية وكفاءة المحاليل والمسحات المخصصة لاختبار كوفيد-19 (PCR) المقدمة إلى اليمن من منظمة الصحة العالمية.

بدورها، ردت منظمة الصحة العالمية على المليشيات الحوثية قائلة إن محاليل اختبارات فيروس كورونا الـ(PCR)، التي تسلمتها اليمن، هي نفس المحاليل المقدمة لأكثر من 120 دولة، والمصنعة من قبل شركة تي آي بي مولبايول TIB Molbiol الألمانية.

وأوضحت المنظمة أن تلك المحاليل تلبي معايير الإيزو (ISO: 13485) لجودة التصنيع، وتم اختبار المحاليل والتحقق منها من قبل ثلاث مختبرات خارجية، وقد تم نشر نتائج التحقق في مجلة مجازة علمياً.

وكان وزير الصحة المعين من قبل الحوثيين في صنعاء قد زعم بعدم فاعلية وكفاءة المحاليل والمسحات المخصصة لاختبار كوفيد-19 (PCR) المقدمة إلى اليمن.

وأضاف أنه ونتيجة لذلك تم الحصول على نتائج إيجابية خاطئة عندما تم اختبار "عينات غير بشرية وغير متوقعة"، والتي سيتم الكشف عن نتائجها من قبل السلطات الصحية المحلية في مؤتمر صحفي في الأيام القادمة، حسب قوله.

- انتهاكات بذريعة مواجهة كورونا

تحاول المليشيات الحوثية تحويل كارثة انتشار فيروس كورونا إلى وسيلة تبرر بها وسائل جديدة للنهب، حيث افتعلت أزمة مقابر، وحاليا هي بصدد افتعال أزمة أدوية، وتحويل كل ذلك إلى استثمار خاص بالمليشيات عن طريق السوداء.

وتحت ذريعة مخالفة الأسعار وعدم الالتزام بالقواعد التعسفية المتخذة لمجابهة فيروس كورونا، شنت المليشيات مؤخرا حملات استهداف جديدة طالت مستشفيات خاصة وشركات ومخازن دواء وصيدليات بعدد من مديريات العاصمة صنعاء.

وكشفت مصادر طبية في صنعاء أن حملات المليشيات الحوثية التي بدأت مؤخرا أسفرت عن إغلاق 170 صيدلية و25 شركة دوائية و8 مخازن للأدوية في المدينة بحجة عدم التزامها بسعر بيع المواد المطهرة والأدوية التي أقرتها مؤخرا هيئة الدواء الحوثية، كما أفادت المصادر بأن حملة المليشيات أغلقت أيضا أربعة مستشفيات خاصة.

واعتبرت المصادر أن حملات المليشيات الحالية تهدف في المقام الأول إلى استهداف ما تبقى من منتسبي قطاع الصحة والدواء بغية إجبارهم على دفع جبايات وإتاوات مالية جديدة لجيوب الجماعة، والتهيئة لسوق سوداء للدواء لصالح المليشيات.