الثلاثاء 23-04-2024 14:01:53 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ولاية الحق الكهنوتي.. محاولة عودة

الإثنين 18 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 06 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ مجيب الحميدي

   

أسقطت ثورتا 26 سبتمبر و14 أكتوبر مشروع التسيد على الشعب باسم ولاية الحق الكهنوتي في شمال اليمن، وحررت جنوب الوطن من الاستعمار البريطاني، وانتصرت الثورتان نظرياً لمشروع حق الشعب في حكم نفسه بنفسه، وفشلت بعد ذلك الشرعية الثورية بالانتقال إلى الشرعية الشعبية الديمقراطية، وبقيت السلطة بأيدي العسكر حتى وصلت السلطة في الشمال إلى الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ورغم أن تحقيق الوحدة اليمنية وإعلان التعددية كانا أهم إنجازين ﻷهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، إلا أن نتائج انتخابات 93 وحرب 94، ومشروع التوريث، أطاحت بكل التراكمات في طريق بناء الجمهورية الديمقراطية العادلة وأعادتنا إلى ما قبل ثورة سبتمبر؛ فظهرت الحركة الحوثية تطالب بالارتداد عن الجمهورية إلى ولاية الحق الكهنوتي بعد أن فقدت الجمهورية مشروعها الديمقراطي، وظهرت الحركة الانفصالية تطالب بالارتداد عن الوحدة بعد استئثار أسرة حاكمة في الشمال بالسلطة والثروة.

 ومن هنا كان لا بد من ثورة فبراير ﻹنقاذ مشروع الجمهورية الديمقراطية، وبعد نجاح ثورة فبراير بإسقاط مشروع التوريث والوصول إلى مخرجات الحوار الوطني، تحالفت بقايا مشروع التوريث مع الحركة الحوثية وبدعم إقليمي للانقلاب على ثورة فبراير ودخلت اليمن في حرب أهلية لن تخرج منها إلا بالعودة إلى الجمهورية الديمقراطية التي طالبت بها ثورات سبتمبر وأكتوبر وفبراير.

فعلى مدار تاريخها الكهنوتي لم تطرح عقيدة ولاية الحق اﻹلهي العنصرية نفسها في فضاء حرية العقيدة كعقيدة التوحيد والمساواة والشورى والحرية القائمة على عدم الإكراه في الدين "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر:، ولو اختارت هذا الطريق سنكون في مقدمة المدافعين عن حقها في تقديم نفسها للناس.

 فالكهنوت العنصري يدرك أن لا مجال للقبول بخرافاته إلا بالقوة والإكراه وتجنيد مليشيات عقدية همجية يمنحها صكوك الغفران ومفاتيح الجنة لتساعده في بناء عرشه على جماجم المخالفين والمعترضين.

ويكفي هنا إحصاء مئات اﻵلاف من ضحايا عجرفة هذه النظرية الهمجية خلال ألف سنة من تاريخ اليمن لندرك الأهمية البالغة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر في القطع مع همجية الحكم بقوة الإكراه الطاغوتية والانتصار لعقيدة التوحيد والمساواة والحرية.

أيضاً: من عمالقة الاجتهاد في مدرسة التجديد اليمنية الذين فندوا خرافة الولاية وانحصارها في البطنين أو قريش العلامة المجتهد صالح المقبلي صاحب كتاب "العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ"، وبين المقبلي فساد هذا الحصر في كتابه "الأبحاث المسددة في فنون متعددة"، مؤكداً أن رسول الله أٌرسل لجميع الخلق وليس لقبيلة محددة، وقال إن جميع أحاديث قرشية الخلافة كانت مجرد إخبار عن واقع لا تكليف شرعي، وذكر بعضها، ومنها حديث "الناس تبع لقريش في الخير والشر"، مشيراً إلى أن هذا مجرد إخبار عن واقع، فلو كان تكليفاً لكان توجيهاً باتباع الشر، ولا يأمر نبي باتباع الشر.

وأوضح المقبلي أن الإخبار بكون "الأئمة من قريش" كالإخبار أن القضاء في الأزد، والأذان في الحبشة، وهذا الإخبار لا يتضمن أي تكليف. وحول قول أبي بكر: إن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا في قريش لكونهم أوساط العرب حسباً وداراً، قال المقبلي: إن أبا بكر هنا إنما تكلم برأيه، وإن هذا اعتبار محض منه في حادثة محددة، وتعميم هذا الاعتبار يتناقض مع عالمية رسالة الإسلام.

كان لعمالقة الاجتهاد في مدرسة الإحياء اليمنية مواقف مشرقة في نقد نظريتي الولاية والخلافة؛ فقد أكد الشوكاني في كتابه "السيل الجرار" أن المطالبة بالخلافة بالصورة التي كانت عليه في صدر الإسلام فساد في التفكير وانحراف عن فهم الأدلة الشرعية، وأن الاعتراف بالأقطار الوطنية هو الأوفق للسياسة الشرعية بعد اتساع مساحة العالم الإسلامي. وقال: إن من أنكر ذلك "فهو مباهت لا يستحق أن يخاطب بالحجة لأنه لا يعقلها".

وفي نقده لنظرية الولاية التي تورط في الدفاع عنها في بداية شبابه في رسالة "العقد الثمين في إثبات وصية أمير المؤمنين" التي كتبها في الثانية والثلاثين من عمره فقد أكد بعد ذلك في "السيل الجرار"، و"نيل الأوطار" أن الصحيح الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ترك الاستخلاف، وترك الناس أحراراً ليختاروا من يحكمهم وفقاً لمبدأ {وأمرهم شورى بينهم}، وأن السلطة السياسية لا تنعقد إلا بالبيعة وهي الصيغة القديمة للتفويض السياسي.

المراجع:

- كتاب الأبحاث المسددة في فنون متعددة ط 1 الجيل الجديد 2007 ص

- تفنيد عمالقة الإجتهاد في مدرسة التجديد اليمنية لخرافة الولاية وشرط القرشية (2)

تفنيد مدرسة الإحياء اليمنية لنظريتي الخلافة والولاية