الخميس 25-04-2024 06:56:08 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإتجار بالمعاناة.. لماذا يعرقل الحوثيون اتفاقات الإفراج عن الأسرى والمخفيين قسريا؟

الجمعة 27 مارس - آذار 2020 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت-خاص- اسماء محمد

 

تفاءلت كثير من الأسر اليمنية بالاتفاق الذي تم التوصل له في شهر فبراير الماضي في العاصمة الأردنية عمان، عقب اجتماعات كثيرة بهذا الخصوص، في محاولة للخروج بحل لهذا المأزق الكبير الذي يعاني جراءه آلاف المناوئين للمليشيات الحوثية.

تحدثت في ذلك الحين اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن التوصل لاتفاق سيبدأ بتبادل القوائم للإعداد لعملية تبادل الأسرى والمعتقلين، فضلا عن تسهيل تواصل الأسرى والمحتجزين مع ذويهم، على أن يتم الاجتماع مجددا في نهاية شهر مارس الجاري لمناقشة مزيد من عمليات التبادل.

بحسب ما أوضح -آنذاك- رئيس فريق الحوثيين في تلك المشاورات عبد القادر المرتضى، في تدوينة له على تويتر، فإن تلك المرحلة ستشمل 1420 أسيرا من الطرفين، وتوالت تصريحات أخرى عن وجود أسرى سعوديين وسودانيين ضمن من سيفرج عنهم.

لكن تلك الأماني تلاشت سريعا مع مرور أيام كثيرة دون إحراز أي تقدم على أرض الواقع في ذلك الشأن، وعاد الكثيرون إلى مربع اليأس والمعاناة خلف قضبان المعتقلات.

ومن بين المخفيين قسريا لدى الحوثيين منذ قرابة خمسة أعوام، القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، الذي أكدت منظمة العفو الدولية سابقا تعرضه للتعذيب، وتدهور حالته الصحية بسبب الأمراض المزمنة التي يعاني منها.

أمل جديد

جددت آمال الكثير من الأمهات والمختطفين والمخفيين قسريا، الدعوات التي أطلقت مؤخرا عن طريق المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، بشأن سرعة إطلاق سراح الأسرى والمختطفين خشية الإصابة بفيروس كورونا، بموجب التزامات الأطراف في اتفاق تبادل الأسرى والتي أصبحت أكثر إلحاحا بسبب خطر الوباء.

وترحب الخارجية اليمنية بتلك الدعوة، مؤكدة سعيها لذلك كونه خطوة إنسانية، داعية إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير في الأردن دون مماطلة ودون قيد أو شرط.

وكانت منظمة "سام" للحقوق والحريات قد طالبت هي الأخرى بإطلاق سراح المعتقلين، خوفا من انتشار كورونا في اليمن التي سيكون فيها تفشي الوباء خطيرا خاصة على المختطفين، كون المعتقلات تفتقر للشروط الطبية والصحية والإنسانية، مؤكدة على ضرورة عدم خضوع هذا الملف للمزايدات السياسية والحسابات التفاوضية بل يتم النظر للجانب الإنساني فقط.

وفي سياق متصل، يدعو غريفيث الحكومة والحوثيين إلى خفض التصعيد العسكري، وحماية المدنيين من خطر فيروس كورونا، الذي تسبب في وفاة المئات حول العالم.

ضرورة قصوى

مع عجز دول كثيرة عن مواجهة كورونا، أكدت الناشطة الحائزة على جائزة مارتن إينالز هدى الصراري، أن تنفيذ اتفاقية ستوكهولم باتت اليوم ضرورة قصوى وليست محل جذب وشد أو مزيد من التفاوض أو مماحكات سياسية أخرى، مطالبة طرفي الاتفاقية اليوم بالتحلي بروح المسؤولية والحفاظ على أرواح الأسرى والمعتقلين خاصة الحوثيين الذين عرقلوا تنفيذها.

ورأت -في تصريحات صحفية- أن على المجتمع الدولي والمبعوث الأممي مارتن غريفيث مسؤولية أخلاقية وعملية للضغط على الجانب الحوثي من أجل تنفيذ الاتفاقية في أسرع وقت، قبل أن يتفشى وباء كوفيد-19 ويقتل جميع من هم أسرى ومعتقلين.

وتابعت: "نعلم ونحن على يقين أن جماعة الحوثي لا تأبه للظرف الصحي للمعتقلين والأسرى، خاصة أنهم يتلقون تعذيبا وممارسات لاإنسانية ممنهجة، وباتت قواهم الصحية لا تتحمل أي مرض، فما بالكم بوباء مثل هذا، وخطورته تكمن بعدم اتخاذ الاحتياطات الصحية وانتشاره بسرعة بسبب الازدحام في الزنازين والمعتقلات الحوثية المكتظة بالبشر الأبرياء".

مخاوف وتسييس وتغاضٍ

بين هذا وذاك، هناك كثير من المخاوف بشأن استغلال الحوثيين مجددا للأسرى التابعين لهم الذين سيفرج عنهم في مثل تلك الاتفاقات، والزج بهم في صفوفهم في جبهات القتال ضد الحكومة والتحالف العربي.

ويقول عبد الرحمن برمان، رئيس المركز الأمريكي للعدالة ACJ، إن أي اتفاق يؤدي إلى إطلاق المعتقلين والأسرى مرحب به، فقضيتهم إنسانية ويجب ألا ترتبط بالوضع السياسي أو العسكري، باعتبار أن الحرية حق من حقوق الإنسان التي لا يجوز تقييدها إلا بناء على أحكام وقرارات قضائية، وهو يأمل أن ينجح ما تم التوصل له هذه المرة.

ووفقا لبرمان فإن الحوثيين حرصوا على اعتقال المئات من المدنيين، ليتمكنوا من استغلالهم، ومبادلتهم بأسرى حرب تابعين لهم.

وفي تصريحات صحفية، لفت إلى عرقلة الحوثيين تنفيذ مثل هذه الاتفاقات بإدراج أسماء وهمية وعدد من قتلاهم باعتبارهم أسرى مما أدى إلى عرقلة هذا الملف الذي يعني فشله مزيدا من المعاناة للمعتقلين، نتيجة لتعرضهم للتعذيب والإخفاء والمنع من الزيارة، وعدم احترام القوانين، فمحاكماتهم تتم أمام محكمة غير مختصة وغير قانونية، فضلا عن اعتقالهم صغار السن والنساء.

ومن وجهة نظر برمان، فإن ما شجع الحوثيين على ارتكاب مثل تلك الانتهاكات، هو وقوف المجتمع الدولي كمتفرج، وعدم ممارسته أي ضغوط على المليشيات، من أجل المضي قدما في عملية تبادل الأسرى وخصوصا اتفاقية السويد.

عرقلة الحوثيين

وتتهم الحكومة الشرعية مليشيات الحوثي بعرقلة الاتفاق الذي تم التوصل له بناء على اتفاق ستوكهولم، الذي وقعت عليه السلطة والجماعة في أواخر 2018.

عن طبيعة ذلك، أوضح مصدر مسؤول في الحكومة في تصريحات صحفية لـ"عكاظ" السعودية، أن هناك أرقاماً وأسماء جرى الاتفاق عليها وجاهزة للتبادل، لكن جماعة الحوثي تشترط الإفراج عن "الكشوفات الوهمية"، وترفض الإفراج عن كبار السن والصحفيين المختطفين.

وأضاف أن "الأسماء التي لا تزال محل خلاف تخضع للنقاش والتفاهم، وننتظر الأمم المتحدة والصليب الأحمر لإبداء الموقف واتخاذ ما يلزم، ونحن جاهزون لإتمام صفقة التبادل".

واقع مؤلم

تقدر إحصائيات وجود قرابة 18 ألف مختطف لدى الحوثيين، وفي الكشوفات التي قدمتها الحكومة تضمنت أكثر من 8 آلاف اسم، بينما سلمت المليشيات كشوفات بذات العدد تزعم أنهم أسرى لدى السلطة.

وتدير جماعة الحوثي -وفق إحصائيات حقوقية- حوالي 203 سجون أغلبها غير رسمية، و125 معتقلا سريا، ويعاني فيها المعتقلون ظروفا صعبة جراء تعرضهم للتعذيب بمختلف أشكاله والذي توفي جراءه العشرات.

إضافة إلى التعذيب، فإن ظروف المعتقلين الصحية صعبة للغاية، فرابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسريا تؤكد توثيقها 138 مختطفا مرضى و 64 مخفي قسريا، وتتحدث عن وجود إصابات بالسل الرئوي وفيروس الكبد والجرب، دون حصول المعتقلين على رعاية صحية، مطالبة المجتمع الدولي بالإفراج الفوري عن المختطفين في سجون الحوثيين، وإنقاذهم من فيروس كورونا.

وقالت الرابطة إنها وثقت 1222 حالة اختطاف لمدنيين قامت بها جماعة الحوثي، بينهم 11 امرأة، وتعرض 104 مختطفين للتعذيب الشديد والحرمان من الرعاية الصحية مما أدى إلى وفاة 24 منهم، وذلك منذ توقيع اتفاق ستوكهولم أواخر عام 2018.