الجمعة 29-03-2024 02:24:09 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

أراد أن يرى ولده المختطف فأردته مليشيا الحوثي قتيلاً..

تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة "علي السودي"

الجمعة 08 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 10 مساءً / الاصلاح نت - متابعات

   

صباح الخامس من أيام عيد الأضحى المبارك غادر المواطن علي السودي، ذو الستين عاماً، قريته القابعة في عزلة "بني الشومي" التابعة لمديرية مبين بمحافظة حجة، ميمماً وجهه شطر العاصمة صنعاء، حيث تُخفي مليشيات الحوثي والمخلوع صالح ابنه "محمد" في سجونها، وتمنع عنه الزيارات، ولم يكن يعلم علي السودي أن ضريبة هذه الزيارة ستكلفه حياته على أيدي العصابات الانقلابية بصنعاء، وسيعود إلى قريته محمولاً على الأكتاف.

 

وقف الحاج علي السودي أمام سجن الأمن السياسي بصنعاء مثخناً بالأوجاع وأعباء السفر، يحمل هدايا عيدية لولده المختطف خلف القضبان الحوثية، ويتساءل بصوتٍ مرتفع: لماذا أعادوا فلذة كبده إلى السجن مرة أخرى؟، إذ إن المليشيات الحوثية اختطفت ولده محمد ونهبت سيارته قبل عام تقريباً وأودعته أحد سجونها بمحافظة حجة لتفرج عنه مقابل فدية مالية بعد شهرين من الاختطاف، لكنها لم تُشبع غريزتها الإنتقامية من النيل من محمد السودي فظلت تراقبه وتتربص به إلى أن انقضت عليه في أحد شوارع صنعاء قبل حلول عيد الأضحى بخمسة أيام واقتادته إلى سجن الأمن السياسي.

 

يقول شقيقه لـ"العاصمة اونلاين" إن محمد تاجر بسيط يعمل في هذا المجال منذ مدة وبعد المضايقات التي تعرض لها في منطقته انتقل إلى صنعاء هرباً من ملاحقات الانقلابيين، ليزاول عمله في محل تجاري لتوفير لقمة العيش لأولاده الستة وزوجته بالإضافة إلى الأب والأم وإخوانه في ريف حجة.

 

ظل الحاج السودي ست ساعات أمام بوابة السجن، عبثاً يتوسل الجلاد أن يسمح له برؤية ابنه، ولم يعلم أن الرحمة لم يتسع لها قلب جلاد يوماً، فقد أحرقته حرارة الشمس ولم تحرك توسلاته واستعطافاته ضمير حُراس السجن، بل ضاقوا به ذرعاً وطلبوا منه مغادرة المكان من حيث أتى، ولكنه لم يقطع أمله بهم، ظن أن صبره وتجلده تحت حرارة الشمس وشحوب وجهه ومظهره الباعث للشفقة والعطف وكبر سنه سشيفع له عند واحد منهم للتوسط بالسماح للزيارة، لكن طيبته الممزوجة بعفوية الريف وتقدير العادات أخطأت حسبانها أمام مجسمات بشرية منزوعة الرحمة والاحترام.

 

أتى أحدهم وطلب منه المغادرة من أمام بوابة السجن، رد عليه والد المختطف بلهجة بريئة لريفي لا يعرف لليأس باباً: "ما بتحرك من مكاني إلا لما أشوف ولدي"، استشاط الحُراس غضباً واتجه ثلاثة منهم نحوه يسحبونه بقوة وعنف ولكنه تمسك بمراده وعض عليه بنواجذ قلبه، فما استطاعوا أن يبعدوه وما استطاعوا له سحلا. فانهال عليه الحُراس ضرباً مبرحاً ولم تأخذهم الرحمة والشفقة به، وما تركوه إلا وقد أزاحوا خطره من أمامهم، ليصاب مباشرة بنوبة قلبية نُقل على إثرها إلى المستشفى ولكنه فارق الحياة في غضون ساعة من الحادثة.

 مات المسن السودي مخلفاً كومة أوجاع وأحزان ستبقى شاهدة على بشاعة العصابات الفاشية في اليمن عبر التاريخ.

 

*نقلاً عن موقع العاصمة