الخميس 02-05-2024 21:50:41 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

جمعة الكرامة في ذكراها التاسعة.. تجسيد للتغيير السلمي وإلهام للإصلاح الوقائي

الخميس 12 مارس - آذار 2020 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- عبد العزيز العسالي
 

 

عوامل تجسيد التغيير السلمي:

أولا- لا شك أن مسيرة التغيير السلمي قد اختارها حزب التجمع اليمني للإصلاح على مستو ى أدبياته كحزب سياسي منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه عن تأسيسه في 13 سبتمبر 1990، مرورا بمؤتمراته العامة والاستثنائية، حيث نص على مسيرة التغيير السلمي في برنامجه السياسي ونظامه الداخلي.

ثانيا- مارس عمليا خطابه السياسي والثقافي والإعلامي منذ اللحظات الأولى لإعلان قيام حزب تجمع الإصلاح، رغم الإكراهات المستفزة التي صاحبت الفترة الانتقالية.

ثالثا- ارتقى خطابه مرسخا مفهوم التغيير السلمي.. في ظل الحرية والديمقراطية في أدبيات مؤتمره العام الأول عام 1996.

رابعا- استمر خطاب تجمع الإصلاح قرابة سبع سنوات يرسخ مفهوم التغيير السلمي.

خامسا- خطوة أكثر ارتقاء تمثلت في تجسيد عملي.. عكست روح الإيمان بالتعددية والقبول بالآخر من جهة والجانب العملي من جهة أخرى خطا خطوة غير مسبوقة تمثلت في قيام اللقاء المشترك في أبريل 2003.

جسد اللقاء المشترك أولى خطواته النضالية السلمية في الانتخابات الرئاسية بفاعلية عكست روح الثقافة السلمية رغم الاستفزازات المختلفة.

سادسا- اختار النظام السابق طريقا أكثر إفسادا وأكثر إقصائية وعبثية.. فتوالت الجرعات السعرية التي اقتصرت على سرقة لقمة الشعب فقط وإهمال متعمد لجانب الخدمات.

سابعا- انطلقت الهبة الشعبية بقياة اللقاء المشترك ومنظمات المجتمع المدني مطالبة الحكومة بالخدمات.. ووضع حد للفساد المالي والإداري..
فكان آلاف المواطنين يخرجون إلى الاعتصامات السلمية ولم تستطع قوى النظام رغم تربصها أن تسجل أدنى تصرف خاطئ.

سنن التاريخ:

سنن التاريخ لا ترحم.. كما أنها لم تنتظر أحدا.. ولم تستأذن حزبا.. بل فوجئت الأحزاب العربية عموما
بخروج الشباب العربي واليمني إلى الساحات.. لقد أثبت الشباب السلمي نضوجا قيميا مسؤولا ووعيا ثقافيا وحضاريا.. انبثقت عنه عملية النضال السلمي.. معتصما في الساحات تحت وهج الشمس وهطول وابل
الأمطار المنهمرة.. متحملا سياط البرد القارص.. والأوبئة الناجمة عن لسع البعوض والهوام.. وكان لسان الشباب حالا ومقالا "هذا هو الطريق".

جمعة الكرامة:

مذبحة جمعة الكرامة لم تكن هي الأولى.. وإنما قد سبقتها جرائم قتل مباشر استهدف الشباب مارسته عناصر جيش النظام السابق وأمنه.. ولكن بلباس بلاطجة.

سلاح من ثلاثة أحرف:

غير أن القتل لم يثن الشباب المتسلح بالإرادة الفولاذية أولا.. ومستوى وعيه العالي بما يريده النظام ثانيا.. فقد تلقى الشباب الرصاص بصدور عارية متمسكين بسلميتهم.. والتي عكست مستوىً عالٍ من المسؤولية الأخلاقية.. السلاح الوحيد بيد الشباب يتمثل في ثلاثة أحرف هي "ارحل".

تسمية جمعة الكرامة:

امتعض بعض الكتاب والمثقفين ممن شاركوا الاعتصام السلمي متسائلين بمرارة واستغراب قائلين: المفروض هذا اليوم يسمى هولوكست اليمن، فكيف نطلق عليه جمعة الكرامة؟ فجاء الجواب من غالبية الشباب مرسخا للسلمية: إنها كرامة لا توازيها سوى كرامة الشهادة في سبيل الحق.. "ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله".

ومذابح أظلم وأطغى:

توالت المذابح التي أزهقت عشرات الأرواح من الشباب السلمي الثابت الجأش على مبادئه.. والشامخ بمسؤوليته الأخلاقية ولسان مقاله وحاله يردد: لا طريق غير السلمية.

الحوار الوطني:

دماء الشباب الذي أهرق ظلما.. تمخضت عنه عملية الحوار الوطني.. الأمر الذي رسخ روح الأمل والتفاؤل والتمسك بالتغيير السلمي.. الأمر الذي نفخ روح التحدي لدى الشباب.. فازداد تمسكا بقيمه وبمسؤوليته الأخلاقية.. مضمدا جراحاته.. وما أكثرها.. مباركا كل خطوة تخطوها عملية الحوار الوطني متفائلا ومرددا: هذا هو الطريق.

الحقد الأسود:

الفجور والطغيان توالت أحقاده السوداء بعد جمعة الكرامة.. والتي أزهقت أرواح المئات من الشباب الطاهر.. رائد مسيرة التغيير السلمي..
قتلا.. واختطافا.. وتعسفات مختلفة.. وقمع.

غير أن الشباب يرى حلمه يتجسد في الحوار الوطني.. وإن كانت الخطوات متعثرة.. بطيئة.. المهم أنه يخطو صوب مسيرة السلام والسلم المجتمعي.. فكل أفاعيل الفجور والطغيان تجاه الشباب يمكن احتمالها.

إننا هنا نشق طريق التغيير السلمي مهما كانت شاقة.. مهما كانت الضريبة.. إننا نرسم الطريق للأجيال القادمة والتي ستتسلم الراية في وقت لاحق متأسية ومكافحة في طريق التغيير السلمي.. وحسبنا هذا التأسيس شرفا.. إننا هنا بذلنا دماؤنا.. وهبناها بسخاء.. كي نحمي دماء الأجيال في العقود القادمة.

الحقيقة.. لقد تجلت المسؤولية الأخلاقية الشماء لدى الشباب.. إنها القيم العليا.. ها هي تتحول إلى صوت يحدو الشباب المرابط في الساحات.. نحو مزيد من الثبات والتضحية.. وطول النفس.. مرددين: وإلى أين؟ عرفنا المبتدأ والمسافات كما ندري طوال..
مرة أحزانا لكنها..
يا عذاب الصبر أحزان الرجال
منذ بدء الشوط جوهرنا الحصى
بالدم الغالي وفردسنا الرمال
نعرف الموت الذي يعرفنا
مسنا قتلا ودسناه قتال
وانتخى من دمنا عمته
واتخذنا وجهه الناري نعال

انقلاب المليشيا:

انقلبت المليشيا على مخرجات الحوار التي كانت شريكة فيها.. وانقلبت على الشرعية السياسية للأمة متكئة على تقاطع مصالح غذتها أياد وأموال قذرة.

ومع ذلك يزداد الشباب قناعة إزاء هذه العبثية أو اللعبة القذرة المتمثلة في الحرب الأهلية المدمرة.. والمفروضة على الشعب.. كل هذا سيزول .. لأنها حدث عارض.. والدليل سخاء الشباب بدمائه في سبيل الديمقراطية والانعتاق من نير الاستبداد والتبعية والاعتداد بالذات.

جمعة الكرامة.. ملهمة الإصلاح الوقائي:

كما كانت دماء جمعة الكرامة ثمنا تجسدت معه عملية التغيير السلمي.. بل وترسخت.. ومهما اعتورتها جريمة الانقلاب المليشاوي العنصري السلالي وتصدرتها دعوات قذرة تستهدف تمزيق النسيج المجتمعي طائفيا ومناطقيا وجهويا.

معالم الإصلاح الوقائي:

يا شباب الوطن يا من رسمتم أروع صور النضال المشرق.. وحملتم قيم مسؤولية التغيير بجدارة واقتدار.. وكونتم سياجا حول الشرعية السياسية لإعادة حق الشعب إلى مكانه.

يا من رفضتم بإباء عال كل دعاوى القندلة والزنبلة والدحبشة والحركشة.. ودفنتموها تحت أقدامكم.. وفي ذات الوقت أنتم تعلمون أن المشوار لا زال طويلا.

غير أن سنن التاريخ تظهر بعيدة ومتعرجة، لكن هذا التعرج يعني أن الوصول إلى الهدف قريب قريب.. إن حلزونية التاريخ وتعريجاته أثبتت دائما أن ما قد نراه سيأتي بعد 40 سنة مثلا.. فإنه قد يأتي بعد سنتين أو أقل أو أكثر قليلا.

تلكم هي سنة التاريخ.. وعليه فإن معالم البرنامج القادم نطرحها بين أيديكم تذكيرا.. لا غير..

يا حملة القيم الوطنية والمسؤولية الأخلاقية نريد من كل منا أن يسهم بما هو ممكن.. ترسيخا وتأسيسا لمعالم الإصلاح الوقائي التالية:

مسح الطاولة:

إن الانقلاب السلالي المليشاوي العنصري قد انتفش غباره فلوث القيم الوطنية وزعزع قيم المجتمع مستهدفا تمزيق النسيج المحتمعي.. وقد خابت مساعي السلالية وانكشفت سوأتها للشعب، غير أن قتامة دخان السلالية وغبار ثقافة الدجل والاستعلاء قد علق على ظهر الطاولة وعلى الجدران.. وأصبحت
السلالية تتبجح مدعية أن لديها حاضنة شعبية.. وليس هنالك من حاضنة سوى الغبار والقتام.. وهذا سهل إزالته.. فقط علينا أن نتجه إلى المواطن وهو الأنقى ونخاطبه بقول الله في كتابه: "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون".

هذا قول الله ومن أصدق من الله قيلا.. فلا مكان للسلالية العنصرية في يمن الإيمان والحكمة.. إن يمن الحكمة والإيمان لا مكان فيه لدعوات التمزيق أيا كانت مسمياتها.. هذه هي المهمة المطلوب تنفيذها على مدى الأشهر القادمة.

إن وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بإزالة غبار التخلف السلالي العنصري.. ولنعلم أن التاريخ قد وقع مرارا ضحية هكذا دعوات.. غير أن رجال العزائم وحملة قيم العدل والحرية والمساواة تصدوا بقوة ومسحوا طاولة العقول من ذلك الغبار في زمن قياسي جدا.

نموذج المغرب العربي ومصر بعد حكم السلالية العبيدية المتوشحة بثقافة السياسة القادم من الأعضاء التناسلية.. وكذلك الحكام الفاطميون في مصر.. لقد حكموا مصر والمغرب عقودا عديدة.. ورسخوا ثقافة هزيلة.. لكن الرجال أمثالكم مسحوا الطاولة خلال زمن قياسي.. سنينه لم تتجاوز أصابع اليد.. فلنشد العزائم مستمدين العون من الله.. سدد خطانا لما فيه خير أمتنا.