الجمعة 03-05-2024 02:19:52 ص : 24 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

معركة الجوف.. نقطة تحول في الحرب على المليشيات الحوثية

الثلاثاء 10 مارس - آذار 2020 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- اسماء محمد
 

 

سيطرت مليشيات الحوثي على مدينة الحزم مركز محافظة الجوف الواقعة شمالي اليمن، بعد معارك ضارية سقط فيها عشرات القتلى والجرحى من المليشيات والقيادات الحوثية، وذلك بعد قرابة أربع سنوات من الصمود.

استمرت المعارك في جبهات الجوف اكثر من شهر، بعد توجه الحوثيين إليها عقب إشعالهم فتيل القتال مجددا في جبهة نهم شرقي صنعاء التي ظلت جامدة حوالي أربع سنوات، ثم سقط مركز المحافظة بيد الانقلابيين.

حتى اللحظة لا يبدو مهما معرفة كيف سقطت تلك المدينة التي صمدت كل تلك السنوات في وجه مليشيات الحوثي، فالأهم هو معرفة خطورة استمرار بقائها خاضعة لسيطرة الحوثيين.

وسخر الحوثيون وسائل إعلامهم للتضليل والتأثير النفسي السيئ على أنصار الشرعية، وهو ما أشار إليه محافظ الجوف اللواء أمين العكيمي، الذي حذر أبناء المحافظة من الشائعات الكاذبة التي تروج لها تلك الجماعة، سعيا لجر أبنائهم إلى محارقهم التدميرية في جبهات القتال، مؤكدا أن الجوف بخير وستظل كذلك بفضل التضحيات التي يقدمها الجيش وابناء الجوف.

رفع الجاهزية القتالية

ما إن تمدد الحوثيون في الجوف، حتى أعلن الجيش الوطني رفع الجاهزية القتالية، وتم عقد كثير من الاجتماعات رفيعة المستوى لمواجهة ما حدث، وتحدث آنذاك الناطق باسم الجيش العميد عبده مجلي عن وضع خطط تكتيكية لاستعادة المديريات التي أصبحت تحت سيطرة المليشيات في الجوف وكذا تحرير صنعاء.

بينما أكد وزير الإعلام معمر الإرياني أن ما حدث في الجوف ليس نهاية المعركة، وأن الجيش قادر على استعادة زمام المبادرة وتحرير الغيل والحزم بالجوف والتوجه نحو صنعاء، مشيرا إلى استغلال الحوثيين الضغوط والتحركات الدولية لخفض التصعيد والدفع بحل سلمي للأزمة والتي توجت باتفاق السويد، لامتصاص خسائرهم وإعادة ترتيب صفوفهم وتهريب الأسلحة النوعية وحشد المزيد من المغرر بهم في صفوفهم، للدفع بكل قوتهم وشن عملية غادرة في جبهتي نهم والجوف.

وتوالت الدعوات لتحرير كامل الجوف، فقد دعا وزير النقل صالح الجبواني الحكومة للحشد للمعركة الكبرى مع الحوثيين لاستعادة الجوف، أو تقدم استقالتها في حال لم تقم بذلك، باعتبار أن المعركة مصيرية.

واستعادت الشرعية زمان المبادرة، حيث تمكنت قوات الجيش من استعادة مواقع عسكرية في خب والشعف بمحافظة الجوف والمتصلة بوادي حضرموت، والسيطرة على معسكر الخنجر الإستراتيجي وعرق داعر في المديرية، بعد ساعات من استعادته منطقة اليتمة بشكل كامل.

تدخل غريفيث

مع التحرك الجاد للحكومة لاستعادة مواقعها في الجوف، تدخل المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث بشكل سريع، وزار مأرب قبل أيام، التقى فيها عددا من المكونات السياسية والاجتماعية، وبدا كما لو أنه جاء منقذا للحوثيين ومستعدا لممارسة مزيد من الضغوط على الشرعية لإيقاف قتالها ضد الحوثيين.

قوبلت زيارة غريفيث إلى مأرب بعد سيطرة الحوثيين على الجوف، وطلبه وقف التصعيد بشكل فوري، بانتقادات واسعة بسبب مواقفه الداعمة للمليشيات، وعدم تحركه حين بدأت تلك الجماعة بالزحف شرقي صنعاء متجهة إلى الجوف.

كانت المخاوف كبيرة من أن يتمكن غريفيث من التأثير على الحكومة ويمنعها من استعادة الجوف، لكن الشرعية يبدو أنها تعلمت الدرس، فخلال سنوات الحرب استجابت لكل دعوات السلام، في المقابل استغلت المليشيات ذلك وزادت من قوتها ومناطق نفوذها.

موقع إستراتيجي

تعد الجوف ثاني أكبر محافظة من حيث المساحة بعد حضرموت، وهي من أغنى المحافظات بالثروة النفطية، وتمتلك حدودا مع عدة محافظات هي: مأرب، صعدة، حضرموت، عمران، بالإضافة إلى حدودها مع السعودية.

أما عمران فهي خاضعة لسيطرة الحوثيين ومن أولى المحافظات التي ركزت المليشيات عليها، وعبرها تمكنت من إسقاط صنعاء عام 2014، كما أن صعدة هي معقلهم الرئيسي منذ تشكل حركتهم التابعة لإيران.

خطورة سيطرة الحوثيين

ظلت خارطة السيطرة شبه ثابتة بعد 2015 برغم محاولات مليشيات الحوثي التوسع من وقت لآخر، لكنها كانت تفشل بسبب التصدي الكبير الذي كانت تلاقيه والرفض لها خاصة من المجتمع الذي شاهد ممارساتها الوحشية طوال سنوات الحرب.

لكن المليشيات عاودت مجددا الهجوم على جبهات القتال، برغم كل الجهود التي تُبذل طوال سنوات من أجل السلام في اليمن التي توشك على دخول عامها السادس، واتجهت نحو الجوف وأسقطت مركز المحافظة، وهي تخطط للتوجه نحو محافظات تبدو في قائمة أولوياتها على المدى القصير.

تتجه أنظار الحوثيين كما يبدو نحو مأرب المحررة بالكامل ما عدا مديرية صرواح المتصلة بصنعاء جغرافيا، ومع استمرار بقاء الجوف في قبضة الحوثيين، فإن ذلك يعني تطويق مأرب من ثلاثة محاور هي: الجوف، ونهم، وصرواح. بالمقابل تهدد تلك المليشيات وتتوعد بالتوجه نحو المحافظات الجنوبية والشرقية التي تم تحريرها.

ومن المتوقع أن يؤثر خوض الحوثيين معركة قادمة في مأرب -إن لم يتم تدارك الأمر- على مستقبل الشرعية ككل وسيتقلص نفوذها بشكل غير مسبوق، فتلك المحافظة هي رمز الشرعية، وكانت سندا للسلطة طوال فترة الحرب لموقعها الإستراتيجي وثقلها بسبب ما تتمتع به من ثروات.

تكرار سيناريو الجوف في مأرب، سيجعل تعز التي كانت عصية على تلك المليشيات وحيدة في مواجهة الحوثيين، وستزيد التكلفة الباهظة التي ستدفعها وستغدو المعركة أكثر صعوبة، وعليه فإن ما تبقى من مناطق خاضعة لنفوذ الشرعية ستتضاءل يوما بعد آخر، اما شبوة فلن تكون بعيدة عن ذلك ولا حتى حضرموت المتصلة بحدود مع الجوف.

إلا أن الخطر الأكبر يكمن في أن الجوف حدودية مع المملكة العربية السعودية، ما يعني أن تهديد الحوثيين لها سيتضاعف كثيرا، وستقترب إيران أكثر من تحقيق هدفها عبر وكلائها الحوثيين.

فقبل سيطرة الحوثيين على الجوف، ظلت هجماتهم تطال السعودية من باقي مواقعهم الحدودية أو القريبة من الحدود، وبالتالي فإن التطورات الأخيرة تعني أن الرياض وأمنها سيكون على المحك، وسيواجه خطرا أكبر مع استمرار بقاء المليشيات في تلك المحافظة.

تحذيرات

يستشعر الكثير من السياسيين في اليمن والمنطقة خطورة سيطرة الحوثيين على الجوف أو توجههم -فيما لو حدث- نحو مأرب. فالمستشار الرئاسي أحمد عبيد بن دغر، يحذر من إمكانية تغيير سقوط الجوف لموازين القوى العسكرية بصورة نهائية في المعركة مع الحوثيين، ويؤكد على ضرورة عدم منح الحوثيين وإيران أسباباً إضافية لنصر جديد، يعزز شهية طهران التوسعية في المنطقة وينهك العرب، مشيرا إلى خطورة تدخل الأمم المتحدة عقب ذلك واعترافها بالقوة الموجودة على الأرض.

أما المحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع فيؤكد أن كل من ساهم في عدم هزيمة الحوثيين في هذه الحرب سيدفع ثمن أفعاله، وأن أول من سيطالهم أذى تلك المليشيات هم الانفصاليون الذين يتوهمون بأن شر الحوثي سيقتصر على الشمال، على حد تعبيره.

إفشال جهود السلام

أمام تحدي الحوثيين للمجتمع الدولي، تعتبر الحكومة ذلك إصرارا من تلك المليشيات على إفشال كل جهود السلام وعدم جديتها في دعمه. ويقول رئيس الوزراء معين عبد الملك إن التغاضي عن تنفيذ إجراءات حازمة تجاه تعنت تلك المليشيات، يشجعها على المزيد من الجرائم تجاه الشعب اليمني وإطالة أمد الحرب.

وتعيش الجوف في المقابل أزمة إنسانية صعبة بعد إسقاط الحوثيين لمركز المحافظة، فقد شهدت موجات نزوح كبيرة إلى مأرب، ونفذت المليشيات فيها جرائم وحشية بدأت بالتصفيات والإعدامات الميدانية واقتحام المنازل، ولم تنتهِ مأساتها بعد اختطافها وملاحقتها للعشرات من المدنيين. وبحسب وزير حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية محمد عسكر، فإن التصعيد الحوثي في الجوف أدى إلى نزوح أكثر من 240 ألف مدني.

كلمات دالّة

#اليمن #الجوف