الثلاثاء 23-04-2024 11:46:04 ص : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون في إب.. إنتاج للأزمات ونهب للثروات

الجمعة 21 فبراير-شباط 2020 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد الرحمن أمين
 

 

"يشكّل اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه 14 مليون إنسان خطر الموت جوعا".. هذا ما جاء في أحدث تقارير الأمم المتحدة الخاصة باليمن وفي واحد من تفاصيلها المفجعة وإن لم تكن تلك هي الأرقام الحقيقية والصورة الكاملة للواقع اليمني.

تتوزع الأرقام بين محافظة وأخرى، وتتفاوت درجات السوء حسب خطورة الأوضاع في المحافظات، وتأتي محافظ إب ضمن المحافظات الأكثر سوءا، حيث تشهد تدهورا مريعا في كافة مناحي الحياة في ظل انعدام الدخل وتوقف للحركة الاقتصادية وارتفاع للأسعار وتدهور للعملة الوطنية.

هذه الأسباب وغيرها خلقت وضعا معيشيا مزريا وجعلت الكثير من الأسر تقاسي ظروفا معيشية صعبة وصل بالكثير منها إلى دفع أبنائها إلى ترك التعليم غير آبهة بمستقبلهم وامتهان أعمال شاقة لا تتناسب مع المرحلة العمرية للكثير منهم من أجل توفير بعض المال للتخفيف من وطأة الفقر.

الموت ولا المهانة

بهذه العبارة اختصر المواطن "م.ي.ع" حديثه للتعبير عن حالته الصعبة التي يعيشها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة منذ إحكام مليشيات الحوثي قبضتها على المحافظة، مضيفا: "لا أريد من الدنيا شيئا غير الدقيق والعلبة الحقين.. والأشياء الأخرى أصبحت كلها (فضول)".

هذا هو حال الكثير من الأسر في المحافظة في ظل انخفاض كبير لقيمة العملة الوطنية، بما يعنيه ذلك من ارتفاع جنوني للأسعار في ظل اقتصاد راكد بسبب الحرب وانخفاض كبير في أجور القطاع الخاص وتعثر مستمر في الإيفاء برواتب الموظفين بالجهاز الحكومي.

أما المواطن "ع.ص" والذي يعمل مدرسا فيرى أن الوضع لم يعد يحتمل والحياة أصبحت معاناة مستمرة وبالغة الصعوبة، حيث يقول: "لم يعد للموظف قدر ولا احترام ولا ثقة عند أصحاب البسطات والمحلات التجارية". ويضيف: "أصبح العامل أحسن حظا منا فإن توفرت لديه النقود اشترى وإن لم تتوفر استدان ولكن بمجرد العلم أن الزبون موظف اعتذر وأغلق الباب في وجهه بمجرد تلويحه بالدين".

وأدى انهيار العملة وأزمة السيولة الحادة إلى ارتفاع كلفة سلة الغذاء إلى 60 بالمئة، وزاد متوسط أسعار المواد الغذائية بنحو 150 في المئة.

أزمة مشتقات نفطية

وضمن معاناة المواطنين في المحافظة، تقفز أزمة الغاز إلى الواجهة، حيث أصبح توفير أسطوانة الغاز هما يؤرق الكثير من الناس في ظل انعدام مادة الغاز وارتفاع سعره بشكل ملحوظ.

فقد فرضت مليشيات الحوثي واقعا أصبح بموجبه الغاز شبه منحة تقدمه كل شهر وبشكل محدود وبأسعار لا تطاق، حيث عمدت إلى توفيره بكميات قليلة لا تلبي احتياجات الناس وعبر نافذيها ومشرفيها وبمحاباة شديدة لصالح الأكثر ولاء للجماعة وبسعر (4000) ريال وبتعبئة لا تصل إلى (18) كيلوجراما للإسطوانة الواحدة.

تعمد المليشيات إلى توفيره بكميات قليلة لتضطر الكثير من الأسر بعد نفاد الكمية لشرائه من السوق السوداء والتي بات مشرفوها هم المسؤولون عن توفيره وبيعه وبأسعار خيالية تصل إلى (12000) في أوقات كثيرة إذ تتلاعب سلطات الانقلابيين بالكميات المخصصة للمحافظة، حيث يجري توزيعها لكبار ملاك السوق السوداء وبيعها بأسعار خيالية.

انعدام المشتقات النفطية الأخرى وارتفاع أسعارها ضاعف من معاناة المواطنين وأضاف مشاكل اقتصادية ومعيشية مختلفة، إذ بات يشكو الكثير من المزارعين والمواطنين من ارتفاع أجور الآلات الزراعية بأنواعها في الوقت الذي بات يتذمر فيه ملاك هذه الوسائل أنفسهم إذ لم تعد تكفي هذه المبالغ لتوفير الاحتياجات اللازمة والضرورية.

تستمر الشكاوى جراء هذا الوضع المتدهور حيث أدى ارتفاع أسعار البنزين إلى ازدياد شكاوى المواطنين من ارتفاع أجور النقل والمواصلات، إذ وصلت أجور النقل إلى (1000) ريال لمسافة لا تتعدى 20 كيلومترا في بعض المناطق في ظل غياب تام لرقابة الحوثيين.

نهب الأموال

وتمضي المليشيات الحوثية كعادتها لإغراق المحافظة بالأزمات إذ صادرت المليشيات المواد الغذائية والإمدادات الطبية ومنعتها من الوصول إلى السكان المحتاجين وفرضت قيودا مرهقة على عمال الإغاثة وتدخلت في إيصال المساعدات.

فقد صادرت مليشيات الحوثي أموالاً طائلة من مخصصات مرضى سوء التغذية المقدمة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".

وترافق عمليات الإغاثة الإنسانية التي تقدمها منظمات دولية للمتضررين من الحرب في محافظة إب، عمليات فساد كبيرة ومصادرة بعضها من قبل قيادات مليشيات الحوثي الانقلابية التي تسيطر على المحافظة.

وإمعانا في الظلم والفساد تقوم مليشيات الحوثي بحملات مكثفة لمنع تداول العملة المحلية الجديدة، ونصب نقاط للتفتيش في مداخل المناطق التي يسيطرون عليها لمصادرتها من المواطنين القادمين من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، إضافة إلى الجبايات والإتاوات والضرائب على أصحاب المحال التجارية والصيدليات والبقالات ولم تسلم حتى "بسطات" البسطاء.

وبينما يواصل الحوثيون حملتهم في مصادرة ومنع تداول العملة المطبوعة من قبل البنك المركزي في عدن، تحدثت وسائل إعلام مختلفة عن نهب المليشيات الانقلابية لأكثر من 600 مليون ريال من إيرادات مديرية الظهار (وسط مدينة إب)، وأكثر من 450 مليون ريال من إيرادات مديرية المشنة بمدينة إب، ومئات الملايين من مديريات أخرى.

وتتضاعف المأساة مع ظهور وانتشار وباء غريب بين المواشي تسبب في نفوق العديد من الأغنام والأبقار كبد المواطنين خسائر كبيرة وسط تجاهل الجهات المعنية بمكتب الزراعة بالمحافظة.

وسجلت محافظة إب أكثر من 15 حالة انتحار خلال العام الماضي، في ظل تفاقم الظاهرة وارتفاع ضحاياها، لأسباب تتعلق معظمها بحالة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والنفسية لدى المواطنين كأحد أهم تداعيات الحرب التي أشعلها الحوثيون في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات.

لا شيء هنا في محافظة إب يبعث على الاطمئنان ويبشر بالخير غير انتظار الفرج من رب رحيم، فلا يأتي يوم إلا وهو أسوأ من سابقه ولا تمر أزمة إلا وتتبعها أزمة أمر منها ولا تنتهي مشكلة إلا وتتبعها مشكلة أكثر إشكالا، غير أن اشتداد ظلمة الليل مؤذنة بأنوار الصباح.

كلمات دالّة

#اليمن