الثلاثاء 16-04-2024 16:40:13 م : 7 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الهروب للأمام.. ما دوافع تصعيد "الانتقالي الجنوبي" ضد السعودية؟

الأربعاء 19 فبراير-شباط 2020 الساعة 10 مساءً / الاصلاح نت- خاص- أسماء محمد

  

يستمر ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم اماراتياً بالتصعيد في الجنوب، هذه المرة ضد المملكة العربية السعودية، التي تسيطر على المشهد في العاصمة المؤقتة عدن منذ منتصف أكتوبر 2019 بعد الانسحاب الشكلي لأبوظبي.

مع بدء زيادة النفوذ السعودي في الجنوب لم تكن التوقعات تنبئ بأن ذلك سيحدث بسهولة، فما هي إلا أسابيع وزادت حدة التحريض ضد الرياض، بشكل يثير كثير من علامات الاستفهام حول الهدف من ذلك.

المملكة هدفا

تم التركيز على السعودية من قِبل "الانتقالي" ومن ورائه الإمارات، وذلك بعد أن بدأت بتنفيذ اتفاق الرياض الذي تجاوز المدة الزمنية المحددة لتنفيذه دون أن يرى النور، وكثفت من تواجدها في عدن بعد أن كانت رقعة يقتصر النفوذ فيها على أبوظبي فقط.

ثم تم الإعلان عن توقيع الحكومة الشرعية و"الانتقالي" مصفوفة انسحابات عسكرية متبادلة بين الجانبين، وأن تعود القوات إلى مواقعها، وفق اتفاق الرياض، والتي وصفها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر بأنها تمهد نحو الاستقرار.

عقبها في منتصف يناير بدأت قوات الشرعية ومليشيات "الانتقالي" عملية انسحاب تدريجي في محافظة أبين، تنفيذا لاتفاق الرياض، وذلك بعد وصول لجنة سعودية إلى مدينة شقرة.

أشكال التصعيد

بدأ يصل تصعيد مليشيات "الانتقالي" إلى مراحل متقدمة ولم يعد يقتصر على وسائل الإعلام فقط، فقد تظاهر أنصار الإمارات و"الانتقالي" في محافظة أرخبيل سقطرى ضد السعودية واتهموها بالفساد والإرهاب، منددين بمنع طائرات تابعة لأبوظبي من العمل في الجزيرة، وذلك بعد أن منعت الرياض الرحلتين اللتين كانتا تتمان كل أسبوعين تنقل بهما الإمارات أتباعها لتدريبهم وغير ذلك.

سبقها كذلك مظاهرات قام بها أنصار "الانتقالي" في عدن للمطالبة برحيل القوات السعودية من هناك، واتهامها كذلك بالكذب ودعم الإرهاب، حد زعمهم.

وكانت مليشيات "الانتقالي" قد اعترضت وحاصرت كذلك سرية تابعة لقوة الدفاع الساحلي والتي كانت ترافقها قوات سعودية واشتبكت معها، وهي في طريقها إلى
لحج، وأعقبها تهديد من قِبل هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الذي توعد بوقوفهم ضد دعوة أي شخص مصنف في الجنوب أو لدى التحالف العربي أو التحالف الدولي كإرهابي.

الحكومة من جانبها اعتبرت منع "الانتقالي" قوات الجيش من دخول عدن انقلابا بشكل كلي على اتفاق الرياض وقيادة التحالف.

كما هددت مليشيات الانتقالي عمل اللجنة العسكرية السعودية، وهددتها أثناء محاولتها دخول مُعسكر اللواء الأول مشاة في خورمكسر للتفتيش وجرد السلاح تنفيذا لاتفاق الرياض.

واحتجت الدائرة المالية لمليشيات "الانتقالي" كذلك على صرف رواتب عناصر المجلس عبر لجنة جديدة مُعينة من الجانب السعودي، بحجة أن الجانب السعودي قام بتسليم مهمة صرف رواتبهم للجنة كل أعضائها من المحافظات الشمالية.

الضغط على السعودية

ويرى الكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد أن أنصار المجلس الانتقالي بتلك التصرفات يمارسون الابتزاز ضد السعودية لكي تتماشى أكثر مع مطامعهم في السيطرة على كافة المحافظات الجنوبية، بتواطؤ إماراتي.

وقال في تصريحات صحفية إن سبب ما يجري هو أن السعودية جاءت بأجندة مختلفة عن الإمارات فيما يخص تمكين قوات المجلس الانتقالي في الجنوب أو في كافة محافظاته.

وأكد أن ما هو واضح هو أن ثمة حالة ابتزاز يمارسها أنصار المجلس الانتقالي من أجل التمكين والسيطرة أكثر، وبهدف عرقلة اتفاق الرياض وادعاء المظلومية.

وهو ما يتفق معه الإعلامي عبد الله دوبلة الذي يعتقد في تصريحات صحفية أن الغرض من ذلك التصعيد المدروس من قبل المجلس والإمارات، هو التلويح بأن إصرار السعودية على تنفيذ اتفاق الرياض قد يجعلها تخسر مودة وصداقة "الانتقالي".

حسابات الربح والخسارة

من المفترض أن يلي مرحلة الانسحابات -إن تمت على أكمل وجه- حشد تلك القوات إلى الجبهات المختلفة، للقتال ضد مليشيات الحوثي التي تعترض على اتفاق الرياض بحجج مختلفة.

وفي تصريحات صحفية للمحلل العسكري علي الذهب، يقول إن الإمارات و"الانتقالي" والحوثيين متفقون على إفشال اتفاق الرياض، كونه يعني استقرار الجنوب وتوجه القوات عقب ذلك نحو أماكن سيطرة الحوثيين، رغم أن تنفيذه لا يعني أن الحكومة ستكسب، بل لأن الإمارات و"الانتقالي" خسروا أمام السعودية التي فرضت نفوذها بشكل كبير على حسابهم.

رفض السلام

ما يثير الاستغراب هو التناقض الواضح في تصريحات قيادات "الانتقالي" الذين يؤكدون بشكل مستمر على التزامهم بتنفيذ اتفاق الرياض ومصفوفته، ويناقضون ذلك كليا على أرض الواقع برفضهم التعاون من أجل إنجاحه وكذا قيامهم بالتحريض ضده.

فقبل أن تنتهي المدة المحددة بشهرين لتنفيذ اتفاق الرياض، بدأ قادة المجلس "الانتقالي" بالتهديد بالانفصال وبشكل علني، ضاربين عرض الحائط بما تم التوصل إليه.

كما أن أصواتهم تتعالى بشكل متكرر بالتهديد باستخدام القوة ضد من لا تتوافق أهدافهم معهم، خاصة من يؤيدون الشرعية، وقد تطور الأمر سابقا مرارا إلى خوضها حربا ضد الجيش التابع للحكومة.

وكان "الانتقالي" قد علق نشاط لجنته العسكرية المكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاق الرياض مرارا، دون أي مبررات واضحة، في الوقت الذي تؤكد مرارا الحكومة اليمنية حرصها على تنفيذه بشكل كامل ومتسلسل.

تغريد خارج عن السرب

برغم أن الإمارات شاركت في التحالف العربي تنفيذا -كما تم الإعلان سابقا- لأهدافه التي كان أبرزها دعم الشرعية، لكنها بدأت مبكرا بالتغريد خارج السرب والتركيز على مصالحها فقط.

وزير النقل اليمني صالح الجبواني قال في تصريحات صحفية إن الإمارات وضعت السعودية بوضع حرج في العاصمة المؤقتة عدن (في إشارة إلى ما تواجهه اليوم من صراعات مع أنصار أبوظبي)، فالمجلس الانتقالي يأتمر بأوامرها فقط، ولا يخطو أي خطوة دون موافقتها.

وبيّن أن الإمارات شكلت مليشيات في جنوب اليمن، مشيراً إلى أنها تركز على الموانئ والجزر، ولديها خطة للسيطرة عليها وتعتبرها نصيبها من الحرب. ولفت إلى علاقاتها الاستثنائية مع إيران، والمصالح التجارية التي تربطهما، فضلا عن نفوذ طهران داخلها.

مسرحية الانسحاب

في مقال للكاتب زيد اللحجي نشر في أحد المواقع المحلية، يؤكد أن الإمارات انسحبت لكنها حققت كل أهدافها بسيطرتها كليا على باب المندب، وميناء عدن، وتأسيس مليشيات كبيرة بمقدورها الحفاظ على اليمن كما تركته أبوظبي، مدمرا تلفه الفوضى.

وقال إن الإرهابيين بالمفهوم الإماراتي هم كل أبناء اليمن، صغيرهم وكبيرهم، ذكورهم وإناثهم، ما عدا مرتزقتها العنصريين المتطرفين الذين جهزتهم لضمان الانفصال الوشيك، وبقاء وجودها بشكل دائم في مضيق باب المندب، وسيطرة تامة على موانئ ومطارات وثروات الدولة الجديدة.

وهناك مخاوف من أن يؤدي توتر الوضع في الجنوب، وتحديدا عدن، إلى تفجير الصراع عسكريا بين "الانتقالي" والسعودية التي تحاول تنفيذ اتفاق الرياض.

وجندت الإمارات حسب اعترافها 200 ألف عنصر تابعين لها، تحرك ورقتهم متى تريد، وهذا يبدو ما يحدث في الجنوب سواء بالتصعيد ضد السعودية أو الحكومة الشرعية.

كلمات دالّة

#اليمن