الخميس 25-04-2024 06:46:50 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

11 فبراير... الثورة تجدد نفسها

الثلاثاء 18 فبراير-شباط 2020 الساعة 07 صباحاً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد

احتفل كثير من شباب اليمن في الداخل والخارج بالذكرى التاسعة لثورة 11 فبراير 2011، وكلهم آمال بأن يتغير الواقع الذي يعيشه المواطنون إلى الأفضل، غير متنازلين عن أهدافهم التي خرجوا لأجلها.

وبرغم الأوضاع الصعبة التي تعيشها تعز جراء استمرار الحصار المفروض عليها من قِبل مليشيات الحوثي، وتبعات الحرب المستمرة حتى اليوم، إلا أنها احتفلت بذكرى ثورة 11 فبراير والتذكير بها وبأهدافها وبذات الوهج الذي لم ينطفئ.

وأوقد شباب الثورة مساء الاثنين (10 فبراير) الشعلة وسط المدينة بحضور رسمي وشعبي، مؤكدين أن نضالهم ضد الحوثيين هو استكمال لأهداف ثورتهم.

سبق ذلك بساعات، مهرجان خطابي وفني أقامه تيار فبراير الوطني، ألقيت فيه خطابات عديدة، ذكّرت جميعها بتلك الثورة وأهدافها، وحثت على ضرورة استمرار النضال حتى تحقيق ما تم الخروج لأجله عام 2011.

روح الثورة

كما هو معروف، فإن تعز كانت ولا تزال مشعلة لثورات اليمن واحتوت الثوار من مختلف المحافظات، وهذا ما حدث بعد أن وقعت ثورة 11 فبراير، فشكلت هذه المحافظة الروح لها ليس لكثافتها السكانية فحسب، بل أيضا للزخم الشعبي الذي كان مؤيدا لتلك الانتفاضة الشعبية.

امتلأت ساحة الحرية بخيام الثوار الذين ظلوا لأشهر طويلة فيها، متمسكين بحقوقهم ومصرين على نيلها، ولم يقتصر حضورهم على تعز فقط؛ ففي مختلف المحافظات كان الشباب التعزي حاضرين في الساحات هناك، فكثير من طلاب الجامعات هناك من أبناء هذه المدينة التي تعد فيها نسبة التعليم مرتفعة فضلا عن عمل أبنائها في مهن حرفية مختلفة سواء داخلها أو خارجها.

من وسط تلك الخيام وبدون أي أسلحة، كان الشباب يحلمون بالوطن الذي يليق بأحلامهم خاصة مع بدء هرولة البلاد نحو منعطف يصعب الخروج منه، ومتمسكين بسلميتهم، فقد كانوا أكثر وعيا، ويدركون جيدا خطورة جر تلك الثورة إلى العنف.

وعلى خطى تعز سار بقية الثوار في مختلف المحافظات، وكان يبدو وبوضوح تناغم أهدافهم، حيث إن اليمنيين في مختلف المدن يتقاسمون ذات الأوجاع، برغم أنها كانت أشد في تعز التي عانت من التهميش المتعمد من قِبل النظام السابق.

مواجهة السلمية

لأجل ذلك وتنامي دور تلك المحافظة، تصاعد غضب النظام السابق برئاسة علي عبد الله صالح من تعز، وقرر استخدام أكثر الأوراق فتكا لتمزيق النسيج المجتمعي فيها.

كانت البداية من تعمده التحريض ضد أبناء تعز وإثارة المناطقية، في محاولة للنيل منهم، وتحميلهم مسؤولية ما سيحدث أو حدث آنذاك، لكنه فشل، فقد كان الشعب يتجرع من قبل 2011 مرارة الفقر وغلاء الأسعار المتنامي والفساد الذي ينخر بالدولة.

بالطبع لم ينته الأمر عند ذلك الحد، فقد قرر النظام السابق إخراج تلك الثورة من مربع السلمية وجرها إلى العنف، وتم استهداف شباب الساحة بالغازات والرصاص وغيرها، وكذا قصف منازل المواطنين فسقط حينها عدد من القتلى والجرحى، في حين تم الزج بآخرين في السجون.

دور حاسم

مع استمرار الأوضاع تلك، وتحريض وسائل الإعلام الحكومية ضد ثوار 11 فبراير، برز دور تعز التي بدأ ناشطوها -إلى جانب شباب باقي المحافظات- بتوضيح الأمر وشرح أهدافهم عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي وحقهم في نيل حقوقهم وتحقيق أهداف الثورة العادلة التي تركزت أهدافها على الإصلاح بمختلف المجالات أبرزها السياسي والاقتصادي.

ساهم في ذلك الدور المغترب اليمني خارج البلاد، فهو يتقاسم هموم المواطن في الداخل، ولديه أيضا أسبابه التي دفعته للهجرة وتكبد معاناة الاغتراب بعيدا عن الأهل والوطن.

تقاسم المواطنون التعزيون رجالا ونساء الأدوار لاستمرار تلك الثورة بعد كل تضحياتهم، فخرج الجميع إلى الساحات وشاركوا في المسيرات، وكانت المرأة، إضافة إلى ذلك، تقوم برفع معنوياتهم كزوجة وأم وأخت وابنة، وصنعت الطعام للشباب في الخيام، وقامت بدور الممرضة وساعدت في تطبيب جراحهم حين جرحوا والتوعية بما يقومون به كناشطة وصحفية.

لذلك لم يفرق النظام السابق آنذاك بين رجل وامرأة، فاستهدف الجميع وسقط كثير من القتلى والجرحى، بينهم عزيزة المهاجري التي كانت أول امرأة تقتلها رصاص النظام في ساحة الحرية، وخلد التاريخ أسماء نساء أخريات سقطن قتلى بينهن تفاحة الملقبة بـ"أم الثوار".

برزت خلال تلك الثورة أسماء كثيرة من تعز، أبرزها كان الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، وكثير من الناشطات في ساحة الحرية بتعز، بينهن نجاح الشامي، ربا جعفر، ألفت الدبعي، وغيرهن.

ثورة مضادة

كان شباب الساحات بينهم من ينتمون إلى تعز يتعاطفون مع مختلف الفئات والجماعات بينها جماعة الحوثي التي كانت تدعي المظلومية، لكن مع مرور الوقت واتضاح أهدافها، تنبأ الشباب التعزي بالثورة المضادة التي تخطط لها تلك المليشيات، وسرعان ما بدأ التحذير منها.

لوحظ أن أتباع تلك الجماعة كانوا يمتنعون عن الاختلاط بباقي شباب الثورة، وبدؤوا بتصدير أفكارهم البعيدة كل البعد عن أهداف ثورة فبراير، وطباعة شعاراتهم في الأماكن العامة كالجامعات، والمضي وفق خططهم التي اتضحت حقيقتها لاحقا.

ومع إدراك الشباب خاصة في تعز التي تعد حاملة للمشروع الوطني، بدأ التحذير منهم، فتلك المدينة كانت منذ عقود حارسة للثورات، وهو ذات الدور الذي تقوم به الآن إلى جانب ثوار فبراير الذين يتصدون لمليشيات الحوثي التي تريد حتى الانتقام من ثورة 26 سبتمبر 1962، التي قضت على الأئمة الذين مارسوا مختلف أنواع القمع وتجهيل الشعب.

التصدي للانقلاب

مع رغبة النظام السابق بالانتقام من ثوار فبراير وتحديدا تعز، مد يده لمليشيات الحوثي التي قامت بإسقاط الدولة والسيطرة على المحافظات بالقوة، ونالت تعز نصيب الأسد من المعاناة المستمرة حتى اليوم، فهي تفرض عليها حصارا وتتمسك بها كورقة بارزة تريد النيل منها.

دفعت بذلك تعز ثمن مواقفها المناهضة لأي ممارسات مدمرة للدولة، فقد دعت المحافظة للوقوف في وجه انقلاب الحوثيين، وتشكلت المقاومة الشعبية فيها بسرعة مع تمدد تلك الجماعة واتجاهها نحو تعز.

كان شباب الثورة هم السباقين للقتال ضد الحوثيين، وخرج الجميع بأسلحتهم البسيطة للتصدي لتلك المليشيات التي قتلت بدباباتها وقناصاتها عشرات المدنيين، وجرح أكثر من 15 ألفا.

ومع حلول الذكرى التاسعة لثورة 11 فبراير، قال قائد المقاومة الشعبية بتعز، الشيخ حمود سعيد المخلافي، إن الثورة رفضت الانقلاب وتراكم المعاناة، مؤكدا أن الثورات الشعبية لا يمكن إخمادها ما دام شبابها حراسا أمناء وأشداء على حماية أهدافها النبيلة والعادلة، والتي صنعت مرحلة تاريخية فارقة ومفصلية كخيار حضاري لبناء الحاضر والمستقبل، مهما تداعت النوايا الطامعة والثورات المضادة للعبث بمعطيات 11 فبراير.

ودعا المخلافي أبناء تعز إلى تجديد وسائل الثورة والفكر الثوري والرؤية الشاملة، لترتيب أهدافها وأولوياتها واستيعاب المتغيرات وتفويت الفرصة على التدخلات والأطماع، ورسم خارطة جديدة للحاجة الشعبية للحاضر والمستقبل.

وتدفع تعز حتى اليوم ثمن مواقفها تلك، إذ يتم التعامل معها كقطاع منفصل، ولها ثِقل كبير برغم قلة الإمكانيات العسكرية فيها، فهي حاملة وحارسة المشروع الوطني، فهذا هو الدور الذي قامت به دوما في تاريخ اليمن.

كلمات دالّة

#اليمن