الخميس 25-04-2024 10:48:04 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

11 فبراير.. ثورة حاصرت العنف وقاومت مشروع إيران

الإثنين 10 فبراير-شباط 2020 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت/ الصحوة نت - يحيى اليناعي

 

 

كان الـ 11 من فبراير 2011 بمثابة ولادة جديدة للتاريخ في اليمن، بما أحدثه من تحولات ومتغيرات لم تنته بعد.

ورغم الاختلاف حوله، وما يمكن أن يقال عنه من معارضيه، إلا أنه كان ثورة بلا ثارات، تجنب السير على خطى الدم والدمار، ومنع انزلاق البلاد نحو الفوضى والحرب، واختار طريق المصالحة، وقبل بالحصانة، ووافق على مبادرة الأشقاء في الخليج.

ذلك أن شكل المجتمع الجديد الذي تريده أي ثورة يتشكل منذ اللحظة التي يبدأ ناشطوها التفكير في أدوات الوصول بها للنهاية والغاية، وكيفية التعامل مع السلطة الحاكمة وأنصارها حينذاك.

في اليمن كان نشر السلام وإرساء دعائم الاستقرار المحلي والإقليمي هو ما أراد الـ 11 من فبراير أن يؤسس عليه عهده الجديد.

ومنذ الانطلاقة كانت الثورة تبحث عن الدروب الأكثر سلامة وسلمية، وتحاصر العنف، وتتعاطى بعقلانية مع الواقع ومتغيراته، وتعمل لفتح حقبة جديدة من حقب التاريخ باستلهام المستقبل الآمن والضامن للجميع، لا باجترار الماضي وصراعاته المريرة.

كان فبراير "نداء من أجل حياة أفضل، لا من أجل موت بطولي، فلا أحد يرغب في تعريض حياته أو حياة غيره للخطر هكذا بسلامة ضمير" وفقا لتعبير مستعار من الباحث أمين حمزاوي.

وخلافا لما يشاع فالثورات لا يصنعها فرد أو حزب، بل غياب المشروع المشترك بين السلطة والشعب، والنقمة المتراكمة على المدى الطويل بسبب الفقر والبطالة وهشاشة الأمان وجحيم المعيشة، واتساع المسافة بين الواقع والقانون وبين الحاكم والمحكوم.

لا ينتمي فبراير للمشروع الإيراني، بل للمشروع الوطني والعربي، ولم يشكل في أية لحظة خطورة على أحد سوى طهران وذراعها في اليمن، ولذلك تكفلت مليشيات الحوثي بمهمة وأد الثورة والانقلاب على الدولة الجديدة.

لقد التزم فبراير الخط الجمهوري ومناهضة الشرذمة الإمامية المدعومة من إيران، من أول هتاف إلى آخر تظاهرة، ويكفي معرفة أن أنصاره كانوا هم من واجه مليشيات الحوثي منذ الحرب الأولى في 2004م وما زالوا يواجهونه حتى يومنا هذا.

وأنه لم يؤيد عاصفة الحزم عقب انطلاقها إلا ثوار فبراير وداعميه وأنصاره في الجيش اليمني.

جرت محاولات عديدة لتحميل فبراير وزر الحرب، لكنه لم يشعل الحرائق في أي مكان، بل حاصر العنف وأطفأ نار الفوضى، فيما جاء الانقلاب ليفتح أبواب الجحيم والحرب على الجميع، ويطلق النار على الكل بلا استثناء.

سلك فبراير كل الخيارات السلمية المتاحة للتغيير، أما الانقلاب فقد أتى مدججا بعقيدة "ولاية الفقيه".. الأيديولوجيا الأخطر، والفكرة المغموسة بالدم والمثقلة بكل أحقاد وثارات التاريخ.

والتي تحدث الخميني عن طرائق فرضها على الناس في كتابه "فقه الولاية" بقوله "الخنجر أسبق وجودًا من أغصان الزيتون، فليس ثمة إلا السيف، السيف، السيف، والدم هو نشيد الأرض الدائم، وهو الذي يحرك التاريخ ويصمم أحداثه".

لم يطلق فبراير رصاصة واحدة على مناطق اليمن ودول المنطقة، فيما أمطر الانقلاب معظم المحافظات بآلاف القذائف، وقصف بلاد الحرمين بمئات الصواريخ البالستية.

لم يقتل فبراير أحدا، وقتل الانقلاب من كل قرية ومن كل مديرية ومن كل محافظة، وحول اليمن إلى قاعة عزاء مفتوحة.

وحتى الرئيس السابق منحه فبراير حصانة، ومنحه الانقلاب الموت بأبشع الصور.

فبراير ليس عدوا لأحد.. الشرذمة الإمامية المدعومة من إيران هي العدو الفعلي لليمن ولكل اليمنيين، وهي التهديد الحقيقي لدول وشعوب الخليج.

ولا شيء كتشرذم القوى الوطنية وانقسامها يمدهم بالقوة والبقاء لفترة أطول.

 يقول شاعر العراق الكبير عبد الرزاق عبد الواحد:

وكيفَ يا أهلَنا نالُوا توحدكم

فأوقَعُوا بَينَكُم مِن بَعدِ ما انخَذلُوا؟

يا أهلَنا.. ليسَ في حَربِ العِدا خَلَلٌ

بَلْ قَتلُكُم بَعضُكُم بَعضا ًهوَ الخَلَلُ

لا تَكسِروا ضِلعَكُم أهلي فَما عُرِفَتْ

أضلاعُ صَدر ٍلِكي تَحميه ِتَقتَتِلُ

فَدَيتُكُم أنتُم الباقُون .. راحِلَة ٌ

هذي المُسوخُ كَما آباؤهُم رَحَلُوا

فَلا تُعينُوا عليكُم سافِحي دَمِكُم

كي لا يُقالَ أهاليهِم بِهِم ثُكِلُوا

صُونُوا دِماكُم ، فَيَوما ًمِن قَذارَتِهِم

كلُّ "العراق" ِبِهذا الدَّمِّ يَغتَسِلُ !