السبت 04-05-2024 07:26:56 ص : 25 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أطفال اليمن.. رحلة من رياض العلم إلى مقصلة الحروب

الخميس 06 فبراير-شباط 2020 الساعة 06 مساءً / الاصلاح نت-خاص- عبد الرحمن أمين

  

من طابور الصباح إلى الصفوف الأمامية للقتال، ومن باحات المدارس إلى الجبال الوعرة، ومن فصول الدراسة إلى الصحاري القاحلة، ومن رياض التعليم إلى جحيم الحروب، ينتقل الآلاف من أطفال اليمن تاركين أقلامهم وكراساتهم وحقائبهم بل وأحلامهم ومستقبلهم، حاملين الأسلحة والقنابل متجهين إلى الموت.

هكذا تواصل مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران انتهاكاتها بحق الشعب اليمني، مستغلة الظروف المعيشية التي فرضتها على الناس لتحقيق مآربها ومخططاتها الإجرامية في البلاد.

فلم تكتف المليشيات بسرقة خيرات اليمن ونهب وإهدار ثرواتها، بل امتدت أذرعها للعبث بأحلام الطفولة ومصادرتها لحقوقها عبر عمليات التجنيد القسري التي لم تتوقف منذ 5 سنوات، ضاربين بالقوانين الدولية التي تجرم هذه الأفعال عرض الحائط، ماضين في انتهاكهم الصارخ للطفولة واغتيال أحلامهم.

ورغم توقيع اليمن على الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل، ومصادقتها على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، إلا أنه منذ الانقلاب الحوثي يشهد اليمن انتكاسة واسعة في حماية حقوق الأطفال، من قبل جماعة لا ترقب في الطفولة إلا ولا ذمة.

راتب زهيد لا يلبي احتياجات الطفل نفسه، ناهيك عن توفيره لأسرته شيء من المال لقاء قلقها وخوفها وخوفها عليه، وسلاح بالكاد يقوى على حمله، وكنية تطلق عليه، وربع سلة غذائية مما يتم نهبه من المنظمات والجمعيات الخيرية تعطى لأسرته، لقاء هذا يتم المتاجرة بالطفولة واستغلال الأطفال ودفعهم إلى محارق الموت.

فقد سخرت مليشيات الحوثي كميات كبيرة من المساعدات الغذائية الدولية من أجل استقطاب الأطفال المجندين، وبخاصة في مناطق الحديدة وحجة والمحويت وإب، عبر إغراء الأسر الفقيرة بسلال الطعام مقابل الموافقة على إرسال أحد أبناء الأسرة إلى الجبهات القتالية.

وكانت منظمات حقوقية قد عرضت أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف أربعة تقارير عن انتهاكات مليشياتِ الحوثي لحقوق الإنسان في اليمن، وهي عن التعذيب حتى الموت والصحة وانتشار الإرهاب وتجنيد الأطفال، حيث تعمل مليشيات الحوثي على استدراج الأطفال من المدارسِ وتجنيدهم قسريا والزج بهم في ساحات القتال دون تدريب أو مراعاتهم للسن القانوني.

ووفقاً للتقارير الأممية فإن مليشيات الحوثي جندت 23 ألف طفل يمني طبقا لإحصائيات العام الماضي وفقا للأرقام الموثقة، غير أن العدد أكبر بكثير مما يتم تداوله أو الحديث عنه، ما يعد جريمة حرب بحسب القانون الدولي الإنساني الذي يمنع تجنيد الأطفال.

ويتم تدريب الأطفال لمدة زمنية وجيزة لا تكفي لمعرفة كيفية استخدام السلاح ناهيك عن تكليفهم بمهام قتالية والزج بهم في أتون معارك محتدمة في مختلف الجبهات لمواجهة جيوش نظامية بعددها وعتادها العسكري ومختلف أسلحة الحروب.

وبحسب البرلمان العربى، فإن "مليشيات الحوثى تعد أكثر جماعة اعتمدت على تجنيد الأطفال، وبلغت نسبة تجنيد الأطفال من قبل مليشيات الحوثى 72% من إجمالى عملية تجنيد الأطفال فى اليمن حسب بيانات الأمم المتحدة، بما يعادل 8 أضعاف نسبة تجنيد تنظيم القاعدة للأطفال، وأن بعض الأطفال المجندين من خلال مليشيات الحوثى لا تتعدى أعمارهم 8 سنوات".

الأضرار الناجمة عن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة تمتد لتشمل انتهاك حقوق الإنسان الأساسية والإصابات المنتجة للإعاقة بأنواعها إلى جانب أضرار معنوية ونفسية وجروح غائرة في قلب وروح الطفل الجندي التي لا تؤثر على حاضر الطفل ومستقبله فحسب بل على استقراره النفسي إن حالفه الحظ ونجا من الموت وخرج من بين فكيه وعاد إلى الحياة.

وبحسب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ابتهاج الكمال، فإن الحوثيين قد قاموا "بقصف وتدمير ألفين و372 مدرسة جزئيا وكليا، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة أخرى كسجون وثكنات عسكرية".

وأشارت إلى أن المليشيات الموالية لإيران "حرمت أكثر من 4.5 ملايين طفل من التعليم، منهم مليون و600 ألف طفل حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين".

وأكدت تقارير أممية سابقة أن نحو ثلث مقاتلي المليشيات هم من القصّر والأطفال. ووفقا لوزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر فإن "الحوثي جند بين 23 و25 ألف طفل خلال الأعوام الأربعة الماضية".

لكن منظمة "سياج" المعنية بالدفاع عن حقوق الأطفال ترى -طبقا لإحصائياتها- أن العدد أكبر بكثير، فقد ذكرت في تقارير سابقة لها أن الأطفال والقصر شكلوا نحو 50% من مقاتلي الحوثيين خلال حروبهم منذ 2004.

إرهاب الحوثيين امتد أيضا وبما لا يخطر على بال لتطال أذرعه الخبيثة حتى الأيتام من دور الرعاية، إذ لم تكتف هذه الجماعة باليتم لهؤلاء الأطفال وفقد آبائهم، بل شرعت باختطافهم لتختطف القذائف والنيران أرواحهم وبراءتهم.

وبحسب وزير الإعلام معمر الإرياني، فإن أكثر من 200 طفل من المقيمين فى دار الأيتام بصنعاء لقوا مصرعهم بعد قيام الحوثيين بالزج بهم فى جبهات القتال.

ولم يقتصر الحوثيون على أطفال اليمن فحسب، بل وصل الأمر بهم إلى استغلال ضعف وحاجة اللاجئين الأفارقة والضغط عليهم لتسليم أبنائهم وإرسالهم إلى جبهات القتال.

ووفقاً لصحيفة الشرق الأوسط، فإن الحوثيين استطاعوا تحت قوة الضغط والترهيب والإغراء بالمال والمساعدات الغذائية أن يجندوا الكثير من المقاتلين الأفارقة بمن فيهم "صغار السن" ودفعهم بشكل إجباري نحو التجنيد والقتال في الصفوف الأمامية معهم.

وأشارت الصحيفة إلى مواصلة المليشيات رفد جبهاتها بمقاتلين أفارقة جدد مقابل إغراءات مالية تصل إلى ما بين 80 و100 دولار لكل مقاتل أفريقي ينخرط في القتال بصفوفها.

تجنيد طالبات المدارس حلقة أخرى ضمن مسلسل الانتهاكات لهذه الجماعة بحق أطفال اليمن، إذ تم استدراج العديد من الطالبات لتكليفهن بمهام أمنية وأدوار تجسسية على مجالس النساء واقتحام البيوت ومطاردة كل من تعارض ممارسات الجماعة بل واختطافهن وإيداعهن السجون، في مجتمع يحترم المرأة ويوليها المكانة والاحترام.

وغالباً ما تستخدم المليشيات الحوثية الأطفال لزيادة عدد جنودها تعويضاً عن النزيف البشري، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في مختلف جبهات النزاع.

كلمات دالّة

#اليمن