الجمعة 19-04-2024 01:44:04 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ميليشيا الحوثي.. طرق جديدة لنهب أموال اليمنيين وتسويق الوهم الإلكتروني

الأربعاء 25 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت – متابعات

 

 

في خطوة جديدة لنهب أموال اليمنيين، والسطو على مدخراتهم، أقدمت مليشيا الحوثي الانقلابية، على اتخاذ قرار كارثي، تمثل في سحب الأوراق النقدية التي تم طباعتها مؤخراً، والاستيلاء عليها، ومنع تداولها.

وأقرت ميليشيا الحوثي الإيرانية الأسبوع الماضي رسمياً منع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، التي قامت الحكومة اليمنية الشرعية بطباعتها، بقرار من البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، في منتصف العام 2017، ويستهدف الحوثيون بهذا الإجراء الأفراد والشركات، والبنوك.

وقامت الميليشيا الحوثية بتوزيع "استمارة طلب تعويض" من أجل دفع المواطنين لتسليم نقودهم من العملة الجديدة وإعطائهم استمارة "نقد إلكتروني" في عملية ممنهجة لنهب أموال الشعب اليمني في مناطق سيطرتها، وهي ذريعة لنهب ومصادرة المليارات من الأموال النقدية.

هذه الإجراءات الحوثية، اعتبرها رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، سياسات تدميرية لضرب الاقتصاد الوطني، وتدمير الأمن القومي والمعيشي للشعب اليمني، وتقويض جهود الحكومة في وقف انهيار العملة.

 

آثار سلبية

وفي هذا الصدد يعتبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن هذه الخطوة ليست جديدة، حيث سبق وأن اتخذت مليشيا الحوثي قراراً مشابهاً قبل فترة، وكان له نتائج سلبية كثيرة، وهي تكرر ذات الخطأ في منع تداول العملة الجديدة.

وقال نصر إن القرار غير منطقي، ولن يجد طرقه للتنفيذ، سوى أنه سيضاعف من المشكلة الاقتصادية، ويوجد مبرر لممارسة الابتزاز ضد القطاع المصرفي، سواء البنوك أو شركات الصرافة، ويضاعف المشكلة الاقتصادية، كما يضاعف التحديات أمام القطاع الخاص، واستيراد السلع والبضائع.

وجدد في حديث متلفز لقناة اليمن الرسمية التأكيد بأن مليشيا الحوثي مهما مارست الضغط والترهيب، فإن قرار منع تداول العملة، لن يجد طريقه للتنفيذ؛ لأنها عاجزة عن توفير البديل.

ويوضح نصر أن هذه الإجراءات لها نتائج سلبية على القطاع الاقتصادي، ومنها أنها تشل حركة الاقتصاد، كون العملة النقدية القديمة، غير كافية لاحتياجات السوق، وبالتالي فإنها تخلق حالة شحة في الحصول على العملة، ما يُلجأ الناس إلى المضاربة على العملة والبحث عن طرق أخرى للحصول عليها، أو اللجوء إلى التعامل بالعملة الصعبة.

وقال إن جماعة الحوثي تهدف أيضاً إلى الضغط على الحكومة اليمنية الشرعية، من أجل إعطاء الميليشيا جزءا من الصلاحية لإدارة السياسة النقدية، بعد أن وجدوا أنفسهم وهم يسيطرون على البنك في صنعاء غير قادرين على إدارة السياسة النقدية في ظل عدم التعامل معه من قبل المؤسسات المالية الدولية؛ لأنهم غير معترف بهم، مشيراً إلى فشلهم في طباعة عملة نقدية جديدة، كما حصل في وقت سابق.

وأضاف أن من الآثار السلبية المترتبة على ما أقدم عليه الحوثيون هو إيجاد مبرر لممارسة انتهاكات وقمع ضد القطاع الخاص والقطاع المصرفي، واتخاذ هذه القرار ذريعة للسيطرة على البنوك وخلق سوق سوداء يكونون هم أصحابها، وكذا

 وعن ما تهدف إليه من سحب مدخرات المواطنين، مقابل ما أسمته بالريال الإلكتروني، قال الخبير الاقتصادي إن جماعة الحوثي تكرر ما فشلت فيه خلال السنوات الماضية، وما ارتكبته من فساد وأخطاء، لافتاً إلى أن مقومات التحول إلى الريال الإلكتروني والتعامل المصرفي الإلكتروني منعدمة.

فيما يذهب خبراء اقتصاديون إلى أن من أهداف الحوثيين من وراء هذه الخطوات، تشغيل مشاريع النقد الإلكتروني التابعة لها، وإخضاع المواطنين لنظام النقد الإلكتروني بدون أي سيولة نقدية، وكذا توفير سيولة مالية لتمويل إنشاء شركات ومشاريع استثمارية لأفرادهم عبر القروض.

 

تناقض وتزوير

تناقضات مليشيا الحوثي الصارخة فيما يخص العملة الجديدة، ومحاولاتها التظاهر بحرصها على السياسة النقدية، تكشفها الممارسات التي أقدمت عليها خلال السنوات الماضية، ففي يوليو 2016، شرعت ميليشيا الحوثي بطباعة أوراق نقدية لدى شركة "جوزناك" في روسيا، بعيداً عن الحكومة اليمنية الشرعية، غير أن تحالف دعم الشرعية أفشل إيصال الدفعة الأولى من النقود إلى مطار صنعاء في أغسطس 2016.

وبعد أكثر من عام تكشف خيوط المؤامرة الحوثية الإيرانية، في العبث بالاقتصاد اليمني، حيث أقرت الخزانة الأمريكية معاقبة شبكة من الأفراد والكيانات الإيرانية، والتي تتبع مباشرة الحرس الثوري الإيراني، بعد أن اشترت معدات وموادا لطباعة نقود يمنية مزيفة في نوفمبر2017، واتضح في الشهر التالي أن المليشيا الحوثية وبمساعدة عصابات طهران، طبعت أوراقاً نقدية مزوّرة فئة 1000 ريال، بعد حصولها على معدات طباعة وأحبار من إيران.

 

منهجية النهب

وطوال سنوات مضت لم تدخر مليشيا الحوثي الإيرانية حيلة للاستيلاء على أموال اليمنيين، وفي المقدمة منهم رجال الأعمال والشركات والمؤسسات العامة، ومنها القطاع المالي والمصرفي، وحتى الأفراد، فقد سارعت بعد انقلابها على الدولة في اليمن مع نهاية العام 2014، إلى نهب الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي اليمني، والتي بلغت 5.2 مليار دولار، وهو الإجراء الكارثي الذي فجّر شرارة التدهور الاقتصادي، وكسر عمود الاقتصاد اليمني.

وبدأ بعدها مسلسل النهب والسطو المنظم على الأموال، بنهب مؤسسات الدولة ومواردها الاقتصادية، والمضاربة بالعملات لتحقيق مكاسب لصالح الجماعة الإرهابية، تمكنها من استمرار حربها على اليمنيين، وانقلابها على السلطة، وإنشاء السوق السوداء للعملات والوقود وحتى المواد الغذائية، وصولاً إلى وقف مرتبات الموظفين في نهاية العام 2016، إضافة إلى فرض الإتاوات والجبايات لإرضاء جيوب قيادات الميليشيا، التي أصبحت على قدر بالغ من الثراء على حساب أبناء الشعب الذين نهبت المليشيا مدخراتهم، ووصل النهب إلى لقمة عيشهم.

 

سخط شعبي

ومع هذه الإجراءات التي اعتبرها كل مواطن يمني تستهدفه عن سبق إصرار وترصد، فإن حالة من السخط والغصب الشعبي تسود المناطق التي تسيطر عليها مليشيا إيران، ففي حين يعتبرها أصحاب رؤوس الأموال نهباً لرأس المال الوطني، فإن المواطن العادي يعتبرها استهدافاً لمعيشته ونهباً للقمة عيشه، علاوة عن أنها كشفت الصورة الانتهازية للعصابات الحوثية.

وزادت هذه الخطوات من تعاظم السخط الشعبي، الذي يواجه هذه الإجراءات الإفقارية المقترنة مع أعمال الترهيب والإذلال، في مواجهة الرفض الشعبي، في ظل تضاؤل فرص العيش.

هذا النهب والسطو الذي تمارسه المليشيا الحوثية بصورة فجة ووقحة، له تأصيل فكري لدى الحركة التي تسعى إلى فرض فكرها الضال، وهو الفكر الإمامي المتطرف تنتهجه إيران، والذي لا يعنيه إلا ما في جيوب الناس، دون اكتراث لما سوغ يواجهونه من فقر وأوبئة تفتك بهم، والتي يعتبرونها اليوم دكان جديد لنهب المساعدات الطبية.

ويتداول اليمنيون قصة قديمة لأحد أئمة هذا الفكر في زمن مضى، بعد أن شكا إليه الناس الفقر والجوع، وضرورة إخراج المخزون الغذائي لمواجهة المجاعة، فكان الرد: "من مات فهو شهيد، ومن عاش فهو عتيق".

ويقول خبراء في التاريخ اليمني إن الفكر الإمامي حصر الإسلام في الجبايات، والاستبداد بأموال الناس تحت مسميات مختلفة، وبلغ الأمر مداه إلى قول أحدهم "لا يؤاخذني الله إلا فيما أبقيته لهم"، غير أن النسخة الجديدة من الإماميين "الحوثيين" أكثر شرهاً وبطشاً بالمال العام والخاص، بمسميات تبدو للوهلة الأولى عصرية، لكنها لا تلبث أن تكشف عن وجهها الإمامي.

وفي الوقت الذي يواجه فيها اليمنيون في مناطق سيطرة المليشيا أوضاعاً معيشية متأزمة مع انتشار أوبئة قاتلة، تنشغل مليشيا الحوثي الإيرانية بجمع المليارات من العملة الوطنية الجديدة، وبالقوة، بذرائع متعددة، وتترك الناس ليواجهوا مصيراً كارثياً، فيما يتقلب قادة العصابة الحوثية في أموال طائلة منهوبة من أموال اليمنيين.