الجمعة 26-04-2024 00:12:08 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز والمؤامرات.. من عراقيل التحرير إلى محاولات نشر الفوضى

الإثنين 23 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

 

تعددت خلال المدة الأخيرة محاولات جر محافظة تعز إلى مربع الفوضى والاقتتال الداخلي، بعد أن ظلت بعض الأطراف تعمل على عرقلة استكمال تحريرها وتطهيرها من المليشيات الحوثية. وكانت حادثة اغتيال العميد عدنان الحمادي، قائد اللواء 35 مدرع، في بيته ووسط حراسته، آخر المؤامرات التي تهدف إلى نشر الفوضى والاقتتال الداخلي بين أبناء محافظة تعز، بغية تحييدهم وتغييب دورهم الوطني في التصدي للمشاريع الظلامية السلالية والمناطقية التي تسعى لتمزيق البلاد وإنهاكها في صراعات داخلية خدمة لأطراف خارجية تضمر الشر لليمن حكومة وشعبا.

ونظرا لدور تعز الوطني والتنويري المناهض للمشاريع الظلامية، فقد تكالب عليها مختلف أصحاب المشاريع الضيقة، وكانت وما زالت تدفع ثمن توجهها الوطني حتى اليوم، وكلما حاولت جر أصحاب المشاريع الضيقة إلى مربع الوطن الكبير، يردون عليها بمحاولة جرها إلى المناطقية البغيضة، ولذلك لا غرابة أن يكون أبناؤها الأكثر استهدافا وتضررا كلما ازدادات الحمى المناطقية لدى مليشيات الحوثيين أو مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، فضلا عن مؤامرات عدة أطراف ظلت تعمل على عرقلة تحريرها، ومحاولة نشر ثقافة الكراهية بين أبنائها من خلال حملات إعلامية ممولة ومنظمة.

- محور توازن

تمثل محافظة تعز، بحيويتها ومدنيتها وكثافة سكانها، محور توازن في مختلف محطات التحول والصراعات الداخلية، خاصة أنها كانت وما زالت تعد الحاضنة الرئيسية لحركات التحرر الوطني ضد الاستبداد الداخلي والاحتلال الخارجي، وظلت سدا منيعا يقف في وجه المشاريع العائلية والمناطقية والسلالية، كما أنها المنبع الرئيسي في البلاد لنشر ثقافة الديمقراطية والحقوق السياسية والتعايش السلمي والمواطنة المتساوية وتقديس العلم والعمل.

وبما أن الأمر كذلك، فإن أصحاب المشاريع الضيقة والظلامية يعتقدون أن تحييد تعز عن التأثير في الصراع لن يكون إلا من خلال إلهائها في صراعات مناطقية وسياسية بين أبنائها، وأيضا من خلال حصارها، وهو حصار اشتركت فيه عدة أطراف، وكل طرف يمارس دورا محددا، فطرف يغلق الطرقات والمنافذ الرئيسية وتضييق حركة المرور على أبنائها، وطرف يمنع عنها السلاح النوعي الذي يمكنها من طرد المليشيات الحوثية وملاحقتها إلى كهوفها مع بقية أحرار الوطن الرافضين للحكم السلالي العنصري الهمجي، وطرف يدعم مليشيات تخريبية مرابطة داخلها تنهك الجيش الوطني والحكومة الشرعية في أزمات جانبية وعبثية بهدف عرقلة عملية التحرير، وهكذا تتظافر جهود عدة أطراف لتحاصر تعز وتعمل على نشر الفوضى داخلها وعرقلة تحريرها.

- صمود ضد المليشيات

كانت محافظة تعز من أوائل المحافظات التي تصدت لانقلاب مليشيات الحوثيين وحليفها علي صالح على السلطة الشرعية، واندلعت فيها انتفاضة شعبية ضد المليشيات الحوثية منذ أول يوم غزت فيه المدينة، بدأت بمظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى انتفاضة شعبية مسلحة بسبب القمع الذي ووجهت به المظاهرات، وكانت أول محافظة تشكلت فيها مقاومة شعبية مسلحة ومنظمة ضد المليشيات الانقلابية، وتم تحرير معظم المدينة بأسلحة خفيفة، رغم كثافة حشود المليشيات إليها، وأيضا كثافة معسكرات الحرس العائلي التي كانت تطوق المحافظة من جميع الجهات وتمركز بعضها داخل المحافظة.

كما أن تعز كانت أكثر محافظة يمنية طوقها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بمعسكرات من جميع الجهات تدين بالولاء الشخصي له ولعائلته، بالإضافة إلى معسكرات أخرى داخلها، بينها معسكرات الأمن المركزي، كل ذلك بغرض قمعها في حال انتفضت ضده، لعلمه بأنها تتصدر الدفاع عن المشروع الوطني ضد مختلف المشاريع الضيقة، وهو ما تم بالفعل عندما كانت تعز أول من أشعل ثورة 11 فبراير 2011 ضد مشروع التوريث، ثم كانت من أوائل المحافظات التي تصدى أبناؤها للمشروع الانقلابي الإمامي الكهنوتي بعد الانقلاب على السلطة الشرعية والسيطرة على العاصمة صنعاء، وظلت صامدة وعصية على الهزيمة والانكسار، وكانت جبهاتها وما زالت أكثر الجبهات التي تكبد الحوثيون فيها خسائر بشرية كبيرة.

- عراقيل التحرير

بمجرد أن تمكن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من تحرير معظم محافظة تعز، خاصة المدينة (مركز المحافظة)، بإسناد ودعم من التحالف العربي، بدأت بعض الأطراف تعمل على عرقلة استكمال تحرير المدينة وما بقي من مديريات المحافظة، وهذه الأطراف تتمثل في مليشيات أبو العباس، وبعض أتباع علي صالح بينهم قادة في جناحه بحزب المؤتمر، بالإضافة إلى وجود شخصيات سلالية موالية للحوثيين تعمل على إثارة الفتنة وشن حرب إعلامية على الحكومة الشرعية وعلى الجيش الوطني والسلطة المحلية في تعز وإثارة الشكوك حولها.

هذه العراقيل استنزفت جهود وإمكانيات السلطة المحلية في محافظة تعز لتثبيت الأمن والاستقرار في المناطق والمديريات المحررة، وصرفتها عن المعركة الرئيسية ضد مليشيات الحوثيين، وزاد الطين بلة عدم امتلاك الجيش الوطني المرابط هناك للسلاح النوعي الذي يمكنه من استكمال تحرير ما تبقى من المحافظة. وكنتيجة لحالة الإنهاك والحصار المفروض على تعز، اكتفى الجيش الوطني بالحفاظ على ما تم تحريره من سيطرة المليشيات الحوثية، خاصة في ظل المحاولات المتكررة من قبل المليشيات الانقلابية لاستعادة السيطرة على المدينة.

- محاولات نشر الفوضى

تصدرت مليشيات أبو العباس الأطراف التي تعمل على نشر الفوضى في محافظة تعز، وخاصة المدينة (مركز المحافظة)، وانتشرت ظاهرة الاختطافات والاغتيالات التي طالت ضباطا وجنودا في الجيش الوطني وقادة في المقاومة الشعبية، وشكلت تلك الظاهرة مصدر قلق وإرهاب للمواطنين، وتعالت المطالب الشعبية بطرد مليشيات أبو العباس من أماكن تمركزها داخل المدينة، خاصة بعد أن بدأت تندلع اشتباكات مسلحة بين قادة المليشيات ذاتها في الأسواق الشعبية وسقوط قتلى وجرحى من المواطنين، جراء خلافات بين قادة المليشيات على الجبايات والضرائب الباهظة التي تفرض على الباعة، بالإضافة إلى اقتحام بعض البيوت ونهبها.

وبعد أن نجحت الحملة الأمنية في إجبار مليشيات أبو العباس على الخروج من مدينة تعز إلى مواقع في خارجها، اكتشفت الأجهزة الأمنية العديد من المقابر السرية في أحواش المنازل التي كانت تتمركز فيها المليشيات وتقع ضمن مربعاتها الأمنية، وهي مقابر لجنود وضباط من الجيش الوطني وأفراد من المقاومة الشعبية اختطفتهم المليشيات وأعدمتهم ميدانيا ودفنتهم في مقابر سرية داخل أحواش تلك المنازل.

وفي الآونة الأخيرة، بدأت بعض الأطراف بمحاولة نشر الفوضى في محافظة تعز، خاصة بعد انقلاب مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي على الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، في أغسطس الماضي، وبدأت تلك المحاولات باستقدام أفراد ينتمون لمحافظات تمثل الحاضنة الشعبية للحوثيين إلى مديرية التربة وتوطينهم فيها من خلال استئجار شقق سكنية وغرف سكن "عزوبية"، إلا أن ذلك قوبل برد فعل شعبي رافض لتواجدهم، خاصة أنهم جاؤوا كأفراد بدون عوائل، ويحملون الأسلحة الشخصية، وقدموا إلى هناك بذريعة أنهم نازحون فروا من بطش المليشيات الحوثية، إلا أن مصادر أفادت بأنهم قدموا إلى هناك مدفوعين من بعض الأطراف بغرض نشر الفوضى في تعز.

- جريمة اغتيال الحمادي

وبعد فشل كل محاولات نشر الفوضى والاقتتال الداخلي في محافظة تعز، خططت الأطراف التي تضمر الشر لأبناء تعز لعملية اغتيال قائد اللواء 35 مدرع، العميد عدنان الحمادي، وتوظيف الجريمة سياسيا أملا في أن تتسبب في نشر الفتنة والاقتتال الداخلي بين أبناء المحافظة، إلا أن التصريحات الإعلامية المتناقضة وحالة الارتباك التي سادت بعد ارتكاب الجريمة، وتوزيع التهم قبل ظهور نتائج التحقيق مع المتهمين، كل ذلك أربك المخطط وجعل منفذي الجريمة ومن يمولهم يبحثون عن مخرج من خلال توزيع التهم ومحاولة التستر على ملابسات الجريمة حتى لا ينكشف أمرهم.

كلمات دالّة

#اليمن