الجمعة 19-04-2024 04:55:52 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تهم ملفقة وابتزاز مادي.. لماذا يواصل الحوثيون اختطاف النساء وتعذيبهن؟

الأحد 17 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 الساعة 08 مساءً / الاصلاح نت-خاص/ أسماء محمد

  

لم تتوقف بعد انتهاكات مليشيات الحوثي الكثيرة بحق النساء في اليمن، بل تزايدت بشكل أكبر بحق هذه الشريحة التي تتمتع بقدسية في المجتمع الذي يوصف بـ"المحافظ".

قبل انقلاب مليشيات الحوثي في سبتمبر 2014، كان هناك خطوط حمراء بخصوص المرأة اليمنية يصعب تجاوزها، لكن تغيَّر ذلك الواقع كثيرا في زمن المليشيات التي اقتادت العديد من النساء إلى سجونها.

تستمر تلك المليشيات في ممارسة الانتهاكات المختلفة بحق المرأة والإتجار بها، مستغلة صمت المجتمع إزاء ذلك، وتكتم الأهل الشديد خوفا من وصمة العار المجتمعي، وفق ناشطين وحقوقيين يمنيين.

رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات أكد -في تصريحات صحفية- أن تعرض النساء لانتهاكات جسيمة يتنافى مع الأعراف والقيم الإنسانية، ويخالف اتفاقيات حقوق المرأة.

 

ضحايا جدد

تحتجز جماعة الحوثي عشرات النساء في سجون معروفة وأخرى سرية، وفق تقارير حقوقية عديدة.

المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر أكدت في مايو الماضي إحالة الحوثيين لأكثر من 90 امرأة من سجون سرية إلى السجن المركزي في صنعاء مع تغيير حراسة القسم الخاص بالنساء واستبدال الحراسة من الشرطة النسائية بمجندات تابعات للحوثيين مما يعرف باسم "الزينبيات"، وهي قوة نسائية مسلحة تابعة لجماعة الحوثي، كما منعت الزيارات عن السجينات واتخاذ إجراءات مشددة بحقهن.

تقول شبكة التضامن النسوي إنه تم اعتقال 100 امرأة من ضمنهن قاصرات في صنعاء و70 في عمران، تتراوح أعمارهن بين 16 - 47 عاما، محتجزات في سجون مزدحمة ويتعرضن للتعذيب الذي يصل أحيانا إلى الانتهاكات الجنسية، ويتم تسجيل اعترافاتهن تحت التعذيب والضغط والإكراه، وإرغامهن على قول شهادات واعترافات مزيفة لاستخدامها ضدهن.

هدى الصراري، رئيسة مؤسسة "دفاع" للحقوق والحريات عضو تحالف رصد، أكدت في تصريحات صحفية حديثة، أن عدد المعتقلات من النساء في سحون جماعة الحوثي بلغ 220 امرأة، بينهن 87 ناشطة سياسية و30 طالبة وست ناشطات حقوقيات، وإعلاميتان، مشيرة إلى أن عدد المخفيات قسرياً 44 امرأة، بينهن عشر نساء من الأقلية البهائية، وثلاث ناشطات حقوقيات، وثلاث إعلاميات وسياسيتان، مؤكدة تعرض 39 امرأة للتعذيب.

أما في سبتمبر الماضي، فقد أكد فريق الخبراء الدوليين البارزين المكلفين بملف اليمن، أن هناك ما يزيد عن 300 امرأة وفتاة تعرضن للعنف والترهيب من قبل الحوثيين، فضلا عن تفاقم التهديدات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والاتهامات بالدعارة، كمحاولة لإضفاء شرعية على ممارساتهم تلك عبر تلك الاتهامات.

 

ظروف صعبة

تعاني النساء في سجون الحوثيين ظروفا قاسية جراء التعذيب. فوفقا لشبكة التضامن النسوي، فإن أهاليهن يتعرضون للابتزاز المادي والتهديد بنشر فيديوهات الاعترافات المزيفة. كما أن النساء اللواتي تم الإفراج عنهن بعد دفع مبالغ مالية كبيرة من قبل أسرهن يتم إجبارهن على توقيع التزامات بعدم ممارسة أي نشاط سياسي أو حقوقي بما في ذلك في مجال السلام أو مناهضة العنف ضد النساء، كما يرغمن على عدم مغادرة صنعاء.

وقامت المليشيات بإحالة قضايا النساء المعتقلات إلى المحكمة، وتحققت شبكة التضامن النسوي من وجود 19 ملفا لمقاضاة النساء المعتقلات بتهم الدعارة والأعمال المخلة بالآداب وتهم ارتباطهن بسفارات تنتمي لدول "العدوان"، حد وصف المليشيات.

وكانت منظمة مكافحة الإتجار بالبشر قد أكدت أنها تلقت العديد من الاستغاثات من داخل سجون النساء ومن أقارب المعتقلات، مناشدة "الصليب الأحمر والمنظمات الدولية المعنية بزيارة سجن النساء وأماكن احتجازهن والعمل على رفع معاناتهن وإيقاف الانتهاكات غير الإنسانية بحقهن".

وأكدت تلقيها بلاغات عن اختطاف قرابة 80 امرأة في صنعاء وحدها، وتعرض المحتجزات للتعذيب، وعدم قدرة أهاليهن على معرفة مصيرهن، مما أجبرهن على الرضوخ للابتزاز مقابل الإفراج عنهن، وحفاظا على سمعتهن.

وفي تقرير لها كذلك، رصدت المنظمة 160 امرأة في سجون الحوثيين السرية. ووفقا لتقارير حقوقية مختلفة، فقد تم اعتقال كثير من النساء اللائي ينتمين هن أو أحد أقاربهن لحزب المؤتمر الشعبي العام، مورس بحقهن مختلف أنواع الانتهاكات.

وتقول منظمة "سام" للحقوق والحريات، إن النساء يتعرضن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية، ويتم اعتقالهن من قِبل جهاز أمني خاص بالنساء وظيفته المشاركة في اقتحام المنازل، أو استدراجهن، ويتم التحقيق معهن في أماكن مهجورة للتعذيب النفسي، أو منازل مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة.

بينما رصدت منظمة رايتس رادار عشرات الحالات من الانتهاكات التي طالت نساء في محافظات يمنية بينها مناطق سيطرة جماعة الحوثي، تنوعت بين القمع والمنع من التعبير عن الرأي وحظر التظاهر، والاختطاف والإخفاء القسري، وكذلك التحرش الجنسي، والذي وصل حد الاغتصاب والقتل في بعض الحالات، إضافة إلى حالات تزويج قسري لفتيات قاصرات، بعضها لأسباب تعسفية.

  

نهاية مأساوية

دفعت الظروف الصعبة التي تعيشها النساء في سجون الحوثيين كثير من المعتقلات إلى التفكير بإنهاء حياتهن انتحارا.

في مايو الماضي، كشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر، عن انتحار أربع نساء مختطفات في سجون جماعة الحوثي بصنعاء، منذ بداية شهر رمضان الفائت، بسبب ما يتعرضن له من تعذيب وانتهاكات جنسية.

تحدثت المنظمة كذلك عن رصدها محاولة تسع مخطفات أخريات الانتحار في سجون الحوثيين، معتبرة ذلك دليلا على مدى الممارسات الإجرامية التي تُمارس بحقهن، وجعلهن "يخترن الموت بعد تلطيخ سمعتهن وممارسة انتهاكات بحقهن".

  

الأسباب

تتعدد أسباب اختطاف واعتقال الحوثيين للنساء خارج إطار القانون في مناطق سيطرتهم. شبكة التضامن النسوي في بيان صادر عنها في يونيو الماضي، أرجعت ذلك إلى استخدام المليشيات (اختطاف النساء) كسلاح جديد لتكميم الأصوات المعارضة في مناطق سيطرتها.

شبكة التضامن النسوي في بيان صادر عنها، ذكرت أن مليشيات الحوثي تقوم بخلط الأوراق لابتزاز أصوات المعارضين، عبر تلبيس تهم متعلقة بالدعارة والإتجار بالبشر وتعاطي الخمور والمخدرات لنساء معتقلات تعسفيا، لخلق وصمة عار تطولهم ولقمعهم سياسيا.

وكان رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر، نبيل فاضل، كشف سابقا -في تصريحات صحفية- عن الإفراج عن 45 امرأة بمقابل مادي كبير، ووجود 80 أخرى لا يزلن محتجزات في مبنى خارج إدارة الأمن. وهو ما يؤكد استخدام المليشيات ذلك الملف لكسب كثير من المال.

 

تمييع الحقيقة

تقول الناشطة الحقوقية والمسؤولة في منظمة "نساء لأجل اليمن"، كوكب الذيباني، في تصريحات صحفية: "في الوقت الذي يفترض أن يكون الاعتقال جريمة ارتكبها الحوثيون، فإنها تتحول لقضية شرف وعار يلحق بأهالي الفتاة".

وأضافت: "الحوثيون يواجهون كل من يطالب بالإفراج عن ابنته، بأنها متورطة بجرائم دعارة، وهو الأمر الذي يتوقف عنده الأهالي، ويلجؤون لإخفائه عن أقاربهم، ويضعف موقفهم القانوني، مع علم معظمهم بأن تلك الجرائم ملفقة، غير أن الحديث في الشرف حساس للغاية، وحتى إن كان مفبركا وملفقا".

 

قبضة حديدة ورقابة غائبة

عن أسباب تزايد الانتهاكات التي تتعرض لها النساء السجينات في صنعاء، يقول العضو السابق في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، المحامي عبد الرحمن برمان، في تصريحات صحفية، إن القبضة الحديدية التي تمارسها المليشيات على السجون والأجهزة الأمنية، إضافة إلى غياب الحماية القانونية والقضائية للسجينة التي كانت تقدم من قبل المنظمات والجمعيات الحقوقية والخيرية المحلية والدولية العاملة في اليمن قبل الانقلاب، فضلاً عن عدم وجود نظام للعون القضائي، وتطبيق النصوص القانونية، هي من فاقمت تلك المعاناة، مشيرا إلى غياب الصوت الحقوقي والمنظمات التي كانت تهتم بالمرأة السجينة، وعدم التفات الناس لمثل هكذا قضايا مع انشغالهم بالحرب.

 

إدانة ومطالبات

وتدين شبكة التضامن النسوي ازدياد حالات الاعتقالات التعسفية للنساء من قِبل مليشيات الحوثي، وطالبت بالتوقف الفوري عن تلك الممارسات وتلفيق التهم لهن، والإفراج الفوري عنهن.

وحثت الشبكة لجنة الخبراء الدوليين على توثيق كافة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات المعتقلات تعسفيا، وأن تقوم المفوضية السامية لحقوق الإنسان والصليب الأحمر بزيارة السجون والأماكن المخصصة لاحتجاز النساء تعسفيا وتوثيق حال السجينات وتيسير إطلاق سراحهن، إضافة إلى توفير المساعدة اللازمة لهن.

بينما طالبت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي، بالتحقيق العاجل في قضايا الاختطاف والاغتصاب التي تعرضت لها العديد من النساء والفتيات اليمنيات، مستنكرة الانتهاكات الجسيمة التي طالت المرأة اليمنية خلال سنوات الحرب الماضية.

وتكررت حالات اختفاء الكثير من النساء بينهن أطفال في مناطق سيطرة الحوثيين وتحديدا صنعاء، وتم معرفة مصير البعض منهن لكن بعد دفع مبالغ مالية طائلة.

كلمات دالّة

#اليمن