الجمعة 19-04-2024 19:18:49 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ثورة 14 أكتوبر.. النضال الخالد المُجسّد لتطلعات اليمنيين

الإثنين 14 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت – متابعات

 

 

في الوقت الذي كان الشطر الشمالي من اليمن يرزح تحت حكم الكهنوت الإمامي المستبد الذي نهب خيرات اليمنيين، كان الشطر الجنوبي يئن تحت سطوة الاحتلال البريطاني الذي جثم على البلاد واستأثر بمواردها.

وطوال عقود من سيطرة ثنائي الإمامة والاستعمار على اليمن، سجّل الشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه مواقف قويّة ومحطات نضالية للخلاص من هذا الثنائي القاتل الذيْن ربطتهما علاقة مبطنة، وبات لدى اليمنيين إدراك بأن لا خلاص من الثاني إلا بالخلاص من الأول الذي شكّل سياجاً للمستعمر من غضبة الشعب الثائر.

وبينما كانت هناك محاولات وثورات سبقت ثورة 26 سبتمبر في الشمال، فإن انتفاضات الشعب في جنوب الوطن لم تتوقف، ووسائل الرفض للمستعمر في كل المحافظات، فقد حمل الشعب بندقيته على كتفه وأخرج المظاهرات في كلّ المرافق الحيوية حيث شارك فيها العمال والطلاب والمواطنون، رفضاً لأساليب المستعمر في التمزيق والتفرقة واستغلال الثروات ونهبها لصالحه دون النظر إلى حقوق اليمنيين.

 

ثنائية الإمامة والاستعمار

لقد كانت الإمامة في الشمال تمثل عائقاً أمام تطلعات الحركة الوطنية، ومثّلت حجر عثرة أمام إرادة اليمنيين في التحرر الوطني، ولذلك أدرك ثوار الجنوب أن نضالاتهم لن تصل إلى أهدافها الوطنية ما لم يتم التخلّص من الكابوس الجاثم في الشمال، فكان أن وحدوا صفوفهم مع رجال الحركة الوطنية في صنعاء، والتي أثمرت عن انطلاق ثورة 26 سبتمبر الخالدة في العام 1962، التي انطلقت شرارتها في جبل عيبان، فأشعلت عدن قناديل الاحتفال والفرحة.

لم يمر سوى عام واحد من التهيئة والإعداد، حتى كان رجال اليمن في الشطر الجنوبي يطلقون شرارة الثورة من جبال ردفان، فهزوا عرش الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، في يوم خالد في سجل التاريخ، وكان يوم 14 أكتوبر 1963، الثورة التي قادها الشهيد راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد مع مغيب شمس يوم الثورة.

وتقاطر المناضلون من أنحاء اليمن، ملبيين نداء الوطن والتحرر، لتؤتي الثورة أكلها في 30 نوفمبر 1967، برحيل آخر جندي بريطاني من عدن.

 

واحدية الثورة والنضال

يجمع كلّ رجالات الحركة الوطنية ومؤرخو الثورة اليمنية، أن ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة كانت امتداداً وطنياً لثورة 26 سبتمبر فلقد رسمت الثورتان الملامح العامة لمستقبل البلاد شمالا وجنوبا، وصاغتا المستقبل انطلاقاً من إسقاط الكهنوت الإمامي في صنعاء، وطرد الاحتلال الأجنبي من عدن والمحافظات الجنوبية، وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي.

وفي تدوينات رجال الحركة الوطنية يؤكّدون أن ثورة 14 أكتوبر جسدت عمليا الوحدة الوطنية في أنصع صورها، فعندما أشعل الأحرار ثورة 14 أكتوبر كانوا عادوا للتو من محطة نضالية وملحمة خالدة، حينما شاركوا في ثورة 26 سبتمبر، وأصبحت مدينة تعز منطلقاً للثوار، ومركز التدريب والإمداد بالمال والسلاح، وانخرط ثوار سبتمبريون في صياغة الثورة الأكتوبرية المتوجة للنضال اليمني.

أهداف سامية

وكما كانت ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر تعبيراً عن هموم اليمنيين وآلامهم في الماضي، فإنها أيضاً عبّرت عن تطلعاتهم التي عكستها مفاهيم الثورتين، وأهدافهما في التحرر من الإمامة والاستعمار وبناء نظام جمهوري عادل قائم على العدل والمساواة، وتحقيق الرخاء الاقتصادي، والنهوض الحضاري.

ولعل أهم أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر تمثل في إعادة اللحمة اليمنية، وبناء اليمن الواحد، بوصفه معطى استراتيجيًّا يضمن الحفاظ على مكتسبات الثورة، ويحقق الوفاء لتضحيات جسيمة سطّرها الثوار الأحرار.

لقد جسّدت ثورة 14 أكتوبر 1963 الوحدة الوطنية في أبهى وأروع صورها، اختلط فيها الدم اليمني شمالًا وجنوًبا، كما اختلط في ثورة سبتمبر، وكان الهدف الأسمى تحقيق الوحدة للوطن والشعب، في ظل نظام جمهوري ديمقراطي، لا مكان فيه للتمييز المناطقي أو السلالي.

وبالنظر إلى صفحات النضال التي يخوض اليمنيون غمارها اليوم في مواجهة ما تبقى من قوى الإمامة المدعومة من النظام الإيراني التوسعي، فإنه يمكن القول إن مواجهة الانقلاب الحوثي الإيراني، هو استكمال لنضال أحرار اليمن الأوائل، على خطى أهداف الثورة اليمنية.

ويأتي التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإسناد الشعب اليمني، رديفاً في تحقيق تطلعاته وأهداف ثورته الواحدة، والحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته، ضمن محيطه العربي، والتصدّي لمشاريع التبعية خارج المحيط العربي، ومشاريع العنف والتقسيم والتفتيت.

ويدرك اليمنيون على اختلاف توجهاتهم السياسية أن الانتصار في معركة اليوم إنما يعني الحفاظ على ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومكتسباتهما، وصولاً إلى استعادة الدولة، وبناء اليمن الاتحادي، وتحقيق تطلعات اليمنيين.