الخميس 25-04-2024 08:06:37 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نكبة 21 سبتمبر.. هكذا تسبب الحوثيون بأسوأ كارثة إنسانية في العالم

الخميس 26 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت - خاص- أسامة الليث

لم أرَ في حياتي أقبح من الحوثيين، يمارسون الكذب والخديعة ليس على شعب فقط، بل على أنفسهم أيضا.

يحتفلون ويهللون ويزغردون بتلك الخديعة الكبرى الحادي والعشرين من سبتمبر، ذلك اليوم المشؤوم الذي كان اليمنيون فيه على بعد خطوة واحدة من معانقة أحلامهم، واستنشاق نسيم فجر طال انتظاره، وكان الإماميون على بعد خطوة واحدة أيضا، ولكن ليس لذات الحلم، بل لامتطاء الجنون.

وها نحن وبعد مرور خمس سنوات على ثورتهم ظهر لنا قبحهم، وسطوة ظلمهم، وفساد عقيدتهم، وظلام واسوداد حاضرهم ومستقبلهم.

ريح الجنون أصابت أكبادنا، فلم ينجُ منها أحد، صور الموت باتت هي الأكثر حضورا، والأكثر رعبا، والأكثر دعوة للانتقام.

غادرت أرواحنا حناياها، وتربعت على مجازر الموت. توشحنا السواد، ففي كل بيت آه مسموعة، ودم مسفوك.

جعلوا من صنعاء معتقلا كبيرا، لا مكان فيه لغير صوتهم، وإن وجد الصمت فهو صمت القبور.

الموت يحاصر سكانها في شعارات حرب تلوين الجدران، في تناقض مرعب بين أدوات الرسم والرصاص والبارود، فلا شعار يعلو فوق شعار الموت.

وبمناسبة احتفالهم بمرور خمس سنوات على إجهاض الجرعة، ومن باب الإنصاف لا غير، لا بد من الإشارة لبعض تلك المشاريع العملاقة، والتقدم الحضاري والمعرفي، والنجاحات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

 

- ذكرى تمزقنا وانهيار السد المعاصر

لم تكن ‎ 21سبتمبر هي النكبة الوحيدة التي تعرض لها اليمن في العَقْد الأخير، ولكنها كانت الأشد فتكاً، والأسوأ أثراً والأكثر تدميراً لقِيَم الحياة والعيش المشترك.

لقد حولت اليمن إلى رهينة سياسية، ومشروع جباية اقتصادية، وكهنوتا دينياً سلاليا تحت لافتة آل البيت، لتعيش اليمن أسوأ مرحلة في تاريخها السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي منذ انطلاق العهد الجمهوري.

خمس سنوات مرت من الجهل والطائفية وتدمير الوطن وإهلاك الحرث والنسل، والسقوط المدوي لكل معاني الأخوة والعيش المشترك.

إنها عاشوراء اليمنيين، فيها فقدوا دولتهم ووحدتهم وكيانهم الوطني وسلمهم الاجتماعي، إنه تاريخ تمزقنا وانهيار السد المعاصر.

 

- تجنيد 23 ألف طفل

في مشهد درامي هو الأكثر دموية وعنفا في تاريخ البشرية، عملت المليشيا على اختطاف الأطفال وتجنيدهم، بعد إجبارهم على الخروج من مدارسهم، بل ووضعهم في الصفوف الأمامية لتلك المعارك.

إنها جماعة لا تتورع من اغتيال البراءة، مع إشراقة كل فجر جديد، فهناك أرقام مخيفة لعدد الأطفال الذين تم تجنيدهم، دون مراعاة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وتعاليم الدين، وأعراف المجتمع، وضمير الإنسانية.

حيث تؤكد بعض الإحصائيات أن الحوثيين جندوا أكثر من 23 ألف طفل في صفوفهم، وحرموا أكثر من 4 ملايين طفل من التعليم، وأن بعض الأطفال المجندين لا تتعدى أعمارهم 8 سنوات.

وكشف تقرير لمنظمة وثاق للحقوق والحريات في اليمن، عن تجنيد مليشيا الحوثي نحو 2500 طفل دون سن الـ15، خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2018 فقط، وتوزيعهم على الجبهات المشتعلة للمشاركة بشكل مباشر في العمليات القتالية، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل.

 

-21 سبتمبر لا يقبل بشريك يملك أمره

منذ أيامها الأولى، دشّنت 21 من سبتمبر استبدادا سياسيا لا يقبل بشريك "يملك أمره"، فعملت على إرهاب الفُرقاء السياسيين، ومصادرة الحقوق والحريات على كل من يختلف معها أو يعارضها.

احتلت مقرات الأحزاب وحاصرت منازل قادتها ولاحقت نشطاءها، وعملت جاهدة على ممارسة الاعتقال والإخفاء القسري، وصادرت وسائل الإعلام الخاصة والعامة.

 

- سجل تقرير حقوقي لـ"رصد للتحالف اليمني"

فقد تسببت نكبة 21 سبتمبر بقتل وإصابة 35 ألفا و26 مدنيا بينهم نساء وأطفال ومسنون، وذلك خلال الفترة من 21 سبتمبر 2014 حتى 31 ديسمبر 2018، واختطاف واعتقال واحتجاز 16 ألفاً و565 مدنياً بينهم 368 طفلا و98 امرأة و385 مسناً، بالإضافة إلى إخفاء قسري لـ3 آلاف و544 بينهم 64 طفلا، واعتقال 4 آلاف و242 سياسياً، وإخفاء قسري لـ837 وتعذيب 233 والاعتداء على ممتلكات 961، فضلا عن مقتل 236 سياسيا بنيران الحوثيين، وإصابة 613 آخرين، وتعرض 246 صحفيا وإعلاميا للاحتجاز والاختطاف، و44 آخرون للإخفاء القسري، و62 للتعذيب، بينما تعرضت ممتلكات 141 إعلاميا للاعتداء.

 

- 20 ألف حالة انتهاك بحق النساء

رغم أنها تنفرد بقدسية لدى الرجل اليمني، كرَّستها العادات والتقاليد والموروث الثقافي والتاريخي اليمني الهائل، الذي يُعلي من قيمة المرأة اليمنية، إلا أن كل ذلك تغير بعد 21 سبتمبر.

حيث اتسعت رقعة العنف ضدها، لتصل -حسب الإحصاءات التي توصلت إليها مؤسسة حقوقية "ماعت" خلال السنوات الأربع الأخيرة- إلى أكثر من 20 ألف حالة انتهاك بحق النساء، ما بين الاعتداء الجسدي والقتل خارج القانون والاختطاف والاغتصاب والإخفاء القسري.

إنه أحد أخطر الملفات الاجتماعية السوداء لثورة 21 سبتمبر، فلقد ذكرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وهي هيئة يمنية مستقلة، أنها حققت مؤخرا في 3007 حالات انتهاك وقعت ضد النساء في اليمن، تضمنت 413 حالة قتل لنساء و400 حالة إصابة، بالإضافة إلى حالات تعذيب وإخفاء قسري، واحتجاز وحالات تحرش لفظي وجنسي، وانتهاكات جسدية وصلت حد الاختطاف للفتيات، والاغتصاب والقتل، وحالات زواج القاصرات.

ويأتي ضمن انتهاكات الحوثيين ضد المرأة اليمنية، ما فرضته المليشيات من حالة الإقامة الجبرية على عشرات من الناشطات والقيادات النسائية، وتعرض العديد منهن للتهديد بالتصفية الجسدية، في حال مخالفتهن التعليمات، مما اضطر الكثير منهن للنزوح إلى أماكن بعيدة عن سيطرة المليشيات الحوثية.

 

- أكثر النزاعات تدميراً منذ نهاية الحرب الباردة

لم يكن الحوثيون نكبة وطن فقط وإنما نكبة على المنطقة ونكبة على الأمة العربية والإسلامية.

لقد استطاعت المليشيا وعن طريق خديعة 21 سبتمبر تدمير اليمن بشكل شبه كامل، حيث قامت -بناء على ما أكده التقرير الأممي الذي استند إلى دراسة أعدها فريق باحثين من جامعة دنفر في الولايات المتحدة- فإن إجمالي الخسائر الاقتصادية لليمن بسبب الحرب حوالي 88.8 مليار دولار.

وأكد في الوقت ذاته أنه إذا ما استمرت الحرب حتى العام 2030 فسيعيش 71% من السكان في فقر مدقع، بينما سيعاني 84% منهم سوء تغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية نحو 657 مليار دولار.

وخلص التقرير الأممي إلى أنه على المدى البعيد ستكون لهذا الصراع آثار سلبية واسعة النطاق، تجعله من بين أكثر النزاعات تدميراً منذ نهاية الحرب الباردة.

 

- امتلاء العاصمة بالمقابر

من ضمن إنجازات 21 سبتمبر، استحداث 16 مقبرة في أمانة العاصمة فقط، منذ قيام ثورتهم، متوزعة على 10 مديريات، وتعد منطقة "الجراف" في مديرية الثورة (معقل الحوثيين)، من أكثر المناطق التي استحدثت فيها مقابر جديدة، حيث وصلت إلى أربع مقابر ذات مساحات كبيرة تقدر ما بين 2000 إلى 300 متر، دفن فيها الآلاف من قتلى الحوثيين.

كما استحدث مقبرة في منطقة "بيت بوس" في مديرية حدة مساحتها تقدر بـ1200 متر تقريباً، بالإضافة إلى افتتاح مقبرة أسموها بـ"الخلود" في حي السنينة بمديرية معين، كما تم توسيع مقبرة واقعة في حي "السواد" حيث بلغت مساحتها 2300 متر، وافتتاح خمس مقابر جديدة في مديريات بني الحارث والتحرير وشعوب، وفي حي مذبح والأخرى في حزيز جنوب شرقي العاصمة.

كما حولت المليشيات مساحات واسعة من الأراضي التابعة لبعض المرافق الحكومية في العاصمة صنعاء إلى مقابر جماعية، حيث دشنت العام الماضي المليشيات، بمناسبة الاحتفال بيوم نكبتهم، مقبرتين خلف مبنى وزارة الخارجية في شارع الستين بصنعاء، وأخرى داخل حديقة نادي ضباط الشرطة، وفي انتظار افتتاح العديد من المقابر.

 

- 1.8 مليون طفل تسربوا من المدارس

تتوالى عملية انهيار الدولة اليمنية في مناطق سيطرة المليشيات منذ قيام ثورتهم المزعومة، والتي شملت قطاعات مختلفة، منها قطاع التعليم، حيث كان من أهم إنجازاتها تغيير الهوية اليمنية، والعبث بالهوية التعليمية، وتحويل المدارس والمؤسسات التعليمية لتكون تابعة لفكرهم، وإغلاق آلاف المدارس والمؤسسات التعليمية، وتحويلها إلى مقرات لفرق الموت التابعة لهم.

وبحسب تقرير لمنظمة اليونيسف، فإن 2500 مدرسة في اليمن أصبحت خارج إطار الخدمة حاليا، و27% أغلقت أبوابها كليا، بينما تستخدم 30% كملاجئ لنازحين أو معسكرات، وحرمان أكثر من 2.5 مليون طفل يمني من التعليم، و2.9 مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس منذ مارس العام 2015، و1.8 مليون طفل تسربوا من المدارس لأسباب اقتصادية واجتماعية مختلفة، ونحو 2.9 مليون طفل آخرين مهددين بالتسرب في حال لم يحصلوا على المساعدات، ما يعني أن 78% من الأطفال في عمر الدراسة لن يكونوا قادرين على الالتحاق بالمدارس هذا العام.

تقرير آخر، أعده مركز الدراسات والإعلام التربوي غير الحكومي، يشير إلى أن نسبة 30% من إجمالي الطلبة المقيدين بالتعليم العام في وضعية البقاء على قيد المدرسة، ولم يتلقوا أي تعليم يذكر رغم حصولهم على نتائج النجاح، في حين 40% من المعلمين وموظفي التعليم فقط هم من تمكنوا من أداء عملهم إما بشكل كلي أو متقطع، وأن الساعات الدراسية التي تلقاها الطلبة أقل من المتوسط العام على المستوى الوطني.

 

- 82 % من اليمنيين يحتاجون لمساعدات إنسانية

الواحد والعشرون من سبتمبر حول يوميات اليمنيين إلى ما يشبه الأشغال الشاقة، إذ تفننت المليشيات في نهب المال العام، وكأنها جهنم وسقر.

عملت على توسيع دائرة الفقر، وازدياد عدد العاطلين.
أوقفت الرواتب، وسرحت آلاف الموظفين، وأغلقت عشرات الشركات والمؤسسات.

وبحسب تقارير محلية ودولية، فلقد أدى انقلاب الحوثيين منذ خمس سنوات، إلى ارتفاع نسبة الفقر بشكل غير مسبوق، وصلت إلى أكثر من 85%، وأن انقطاع الرواتب تسبب في دخول ما يزيد عن ستة ملايين فرد في دائرة الفقر الشديد.

كما تحدثت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عن حاجة أكثر من 82% من اليمنيين لمساعدات إنسانية، نتيجة لتردي الأوضاع المختلفة بسبب انقطاع الرواتب.

كما أفاد تقرير لليونيسف، صرحت به المديرة الإعلامية الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، بأن 80% من الناس في اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وهذا بطبيعة الحال مؤشر على الوضع الإنساني الكارثي في اليمن، وما يعني هذا بالنسبة للناس وبالنسبة للأطفال عدم توفر اللوازم الأساسية من ناحية طعام ومياه آمنة أو نظيفة.

وأضافت المديرة الإعلامية الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة: "بسبب اشتداد النزاع وبسبب الحرب وبسبب الفقر وبسبب تعرض أكثر من مليون شخص للنزوح، وهناك أيضا فقر في الأيدي العاملة وهناك أزمة الرواتب، قرابة 70% من المدرسين والأطباء والممرضين والعاملين في القطاع العام لم يحصلوا على رواتب، وبالتالي كل هذه الأمور مجتمعة أدت إلى قرب انهيار الأنظمة والخدمات الأساسية في اليمن".

 

- الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم

لعل الإنجاز الأهم للواحد والعشرين من سبتمبر هو ما ذكرته منظمة "سيف ذي تشيلدرن" الإنسانية البريطانية في تقرير لها، بأن أكثر من 95 ألف طفل ماتوا من الجوع، أو المرض في الفترة بين أبريل 2015م وأبريل 2019م، وقتل آخرون خلال المعارك، وأن هناك طفلا يموت كل عشر دقائق من أمراض كان يمكن منعها وبسهولة، وأن 1.8 مليون طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات يعانون من سوء التغذية الحاد.

ونتيجة لتلك الثورة المجيدة، فقد أصبح 80% من السكان، أي نحو 24 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14.3 مليون شخص بشكل عاجل، وأن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة أو حماية بشكل عاجل ارتفع بنسبة 27% في هذا العام، مقارنة بالعدد ذاته في العام الماضي.

كما أشار تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إلى أن ثلثي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون دخلت مرحلة ما قبل المجاعة، واختتمه بقوله: إنها الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.

كلمات دالّة

#اليمن