الجمعة 29-03-2024 00:02:02 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

سبيل المجرمين.. سماتها ونتائجها

الأربعاء 18 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص-عبد العزيز العسالي

 

{وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين (الأنعام : 55).

أولا: سمات المجرمين

قال سبحانه: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} (الفرقان : 33).

سمات المجرمين وسبيلهم هي الفساد والإفساد في الأرض.. الفساد والإفساد في الاستعمال القرآني مفهوم ينضوي تحت أنواع كثيرة من السمات والسبل الإجرامية، كما سيتضح لاحقا.

ثانيا: السمات تتعلق بالشخصية المجرمة

السبل هي الوسائل والطرق التي يسلكها المجرمون ضد المجتمعات، وعليه، فإن حديثنا سيتناول "سبيل المجرمين"، ذلك أن وسائل المجرمين وممارساتهم هي انعكاس لشخصياتهم الإجرامية المتعطشة لإفساد المجتمع، علما بأن أخطر الفساد والإفساد ما كان صادرا عن موقع القرار السياسي، أي عن الحكام المستبدين.

ثالثا: الساسة المستبدون وسبل فسادهم

أ- ما قبل التولِّي، التظاهر بالمصداقية والتدين والحلف. قال سبحانه: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} (البقرة : 204 - 206).

ب- سمة ما بعد التولي، وهنا تتعدد سبل الإجرام والإفساد، غير أننا سنقتصر على عدد من سبل المجرمين الواردة في القرآن وهي:

ــ علو وإفساد وتمزيق النسيج المجتمعي. قال تعالى: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا...}، أي طبقة حاكمة وطبقة مهضومة مهمشة.. دعوات جهوية، قروية، مناطقية، قبلية، مذهبية، طائفية، تنابزية (دحباشي شمالي)... إلخ.

- اتهام المصلحين بتبديل الدين: {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} (غافر : 26).

إننا أمام طغيان صادر عن نفوس مكتظة بالحقد على المجتمع، وهو في الحقيقة اعتلال نفسي يتم إسقاطه على المصلحين.

- رمي المصلحين بأنهم باحثون عن مناصب: {يريد أن يتفضل عليكم...} (المؤمنون : 24).

- سخرية وانتقاص للمصلحين: {أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون}.

- الإعدامات الجماعية، مثل: قتل أصحاب الأخدود، وجمعة الكرامة، وما تلاها من مجازر حتى اللحظة، وإصدار أحكام إعدام جماعية باسم الشرع والقانون.

- الاستهزاء والسخرية والضحك من المصلحين: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون}.

- تفريخ مثقفين رحَّل.. هذه السمة تستهدف شق صف المصلحين وهز الثقة بدعوتهم: {آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون} (آل عمران : 72).
كل يوم في جهة.. إنه نائحة مستأجرة.

- تصوير ظريف

وكم كان ظريفا أحد العقلاء عندما أعلن بأنه يدعو لتكوين "اتحاد الأنذال الجدد"، وأن يكون للاتحاد رئاسة يمثلها أحد المثقفين الرُّحَّل يسمى رئيس اتحاد الأنذال الجدد، ونائب لاتحاد الأنذال، وأمين عام الاتحاد... إلخ، مشيرا أن هذا الاتحاد خاص بالمثقفين الرحل بين حزب وآخر، واصفا إياهم بـ"المعشقين ريوس"، وصولا إلى أحضان الملكية التي حاربوها عقودا من الزمن.

- إيذاء المصلحين.. ممارسة أسوأ صور الإيذاء التي لم يفعلها إبليس: {اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه...}.

تلغيم الجثث، اختطاف النساء. وكم كانت مرارتي التي أفقدتني صوابي عندما سمعت شخصية أمنية ذات شأن، قال إن لديه وثائق لن يخرجها إلا إذا مات هو أو مات المفسد والفاجر السياسي الأول، والسبب أن ابنته (عمرها 13 عاما) خطفت.

- اعتقال تعسفي، قتل، نفي: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك...}.

الدعوة إلى التهجير الجماعي، لأن المصلحين يدعون إلى القيم الطاهرة: {اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}، {لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}.

هل نسينا جريمة التهجير القسري لمواطني إحدى المناطق الذين افترشوا العراء وتدثروا بالسماء أشهرا عديدة في العاصمة؟

- الاتهام بالعمالة للخارج: {وأعانه عليه قوم آخرون...}.

إنها تهمة المفسد لشباب 11 فبراير بأنهم عملاء للموساد، قيلت في أطهر وأنقى شباب منتمي لوطنه دون ثمن.

- تنفيذ الاغتيالات السرية: {وقالوا تقاسموا بالله لنبيته وأهله...}.

- منع الجماهير من سماع دعوة المصلحين بأنواع التشويش والشغب والحبس والقمع: {وقالوا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه...}.

النتيجة: الدخول في التِّيه

الدخول في التيه له معالم واضحة تتمثل في تفجير بؤر ذات مشاكل عنقودية لا آخر لها، والهدف هو الحيلولة بين واجباتها في الإصلاح المجتمعي.

ــ جدل في التوافه

العالم أين وصل؟ ونحن لا زلنا نتجادل عن نقاب الوجه وقضايا جزئية كثيرة في غاية الهزال، ناسين المجازر والدماء.

لعل القارئ سمع عن معركة لم يخمد لها أوار طيلة أسبوع حول حرمة التصوير بـ"السناب" لأنه يغير خلق الله.. يا إلهي ادركنا.

- التناطح والتطاحن الشخصي

إذا تقاعست الأمة عن الإصلاح المجتمعي فالبديل هو التناحر الشخصي والتطاحن، ومن سيصدِّق أن أسرتين (أولاد الخال وأمهم) قتلوا العمة وأولادها (سبعة) بسبب أعواد حطب.

جاران مقيمان في لندن منذ خمسين عاما وسيقول القائل عنهما إنهما قد تشربا الثقافة هناك.. لقد اصطرع الجاران ستة أعوام بشأن ممر البقرة وخسروا ثمانية ملايين ريال يمني لكن الحرب أوقفت التحاكم، غير أن كل واحد منهما يتوعد الآخر إلى ما بعد الحرب.

- التفرق والتشتت: {كل حزب بما لديهم فرحون}.

الواقع اليمني المعيش نموذجا للشتات الجبري.

- غياب العقلية الناقدة وبلادة الفهم

تقول للمتعلم حامل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه: اليوم يوم استحقاق وطني.. انتبه.. إنك هنا تصنع قدرك القادم.. حياة مجتمع أو موته، فيرد عليك ببلادة قاتلة: هي شخطة بقلم رصاص.. أيش من قدر؟

- إيمان بالحسيات.

- انبهار بالزعامة والمظاهر.

{أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي؟}.. وهنا تسمع تطويع القدر الأزلي بفهم مريض عند المتخصص إسلاميا.. الله مالك يعطي الملك من يشاء.. هكذا يصبح الفجور السياسي عطاء من الله.. وإرادة الله.. فالفاسد سادس الخلفاء.. بل القاتل لآلاف الناس هو موسى ووزيره المنفذ هارون.. هكذا قالها حامل أ.د. في أصول الفقه.

- التعويض السريع

إذا غاب نعال مستبد قاتل، انتقل اللاهثون خلف نعال القاتل الجديد صارخين بوقاحة أن المجرم حمى شريعة الله.. هكذا يرددها برلمانيون.

الحل: ترببة الأمة على المنهج القرآني الذي علمنا أن نقول: لا للمنكر الساسي.. لا للفجور السياسي.. لا للفساد السياسي.. لا للاستبداد بأنواعه أيا كان مصدره.

كلمات دالّة

#اليمن