السبت 20-04-2024 09:37:29 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تجنيد الحوثيين للأطفال.. بين التواطؤ الأممي وصمت المنظمات الحقوقية

الإثنين 05 أغسطس-آب 2019 الساعة 07 مساءً / تقرير خاص - الإصلاح نت - علي العقبي

 

تستمر مليشيا الحوثي الانقلابية، المدعومة إيرانيا، في ممارسة أبشع صور انتهاك الأعراف والاتفاقيات الدولية وقوانين حماية الطفل، وهي تقوم بتجنيد الأطفال، في ظل صمت حقوقي مطبق وتجاهل أممي لانتهاكات حقوق الأطفال باليمن.

في المقابل، تولي الحكومة الشرعية بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، اهتماماً بإعادة تأهيل الأطفال الذين جندتهم المليشيات الحوثية، من خلال مشروع إعادة تأهيل الأطفال في محافظة مأرب، الذي تنفذه مؤسسة وثاق للتوجه المدني.

في التقرير تفاصيل ومعلومات بالأرقام عن تجنيد الحوثيين للأطفال وخطورة التجنيد، وكشف صمت المنظمات الحقوقية الدولية.

خطر يهدد المستقبل

استمرار مليشيا الحوثي في تجنيد الأطفال واستقطابهم
خطر يهدد مستقبل اليمنيين. وقال الصحفي المهتم بالشؤون المجتمعية والحقوقية همدان العليي -في تصريحات خاصة- إن تجنيد الأطفال جريمة وانتهاك للقانون الدولي وهي جريمة كان اليمنيون قد عملوا على مواجهتها قبل الانقلاب الحوثي، وكان هناك قرار رئاسي يمنع تجنيد الأطفال سواء في وزارة الدفاع أو الأجهزة الأمنية، لكن جاءت مليشيا الحوثي لتنسف كل هذه الجهود كونها جماعة ومليشيا تعتمد بشكل أساسي على الأطفال في حروبها لعدة أسباب مختلفة.

وأكد أن "المسألة ليست متعلقة فقط بالتجنيد لأن هذا هدف مرحلي يريد تحقيقه الحوثيون من خلال السيطرة على مؤسسات التعليم بشكل عام، لكن الكارثة الأخطر هي استغلال هؤلاء الأطفال وتعبئتهم للمستقبل وتغيير فكر المجتمع من خلال الاستهداف الحالي بالتجنيد والتعبئة الطائفية".

ونشر موقع "سبتمبر نت" الرسمي تقريراً في يوليو المنصرم أكد بأن منظمات أممية تقف وراء تمويل المراكز الصيفية التي تقيمها المليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والتي تستهدف من خلالها تطييف المجتمع واستقطاب الأطفال للجبهات.

الحكومة تحذر من التجنيد

وفي 23 يوليو 2019م، حذرت الحكومة الشرعية مما وصفته بالمخاطر المستقبلية الناجمة عن المراكز الصيفية للأطفال التي نظمتها مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها.

وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني -في تغريدات على تويتر- إن "المليشيات الانقلابية مستمرة بقتل أطفال اليمن عبر تجنيد الآلاف منهم وزجّهم في جبهات القتال". وأضاف أن ما تسميه مليشيات الحوثي بالمراكز الصيفية هي معسكرات إرهابية مغلقة يشرف عليها ويشارك في إدارتها خبراء إيرانيون لتدريب الأطفال على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والدفع بهم إلى جبهات القتال ونشر الأفكار المتطرّفة الدخيلة على اليمن.

وأشار إلى أن جماعة الحوثي لجأت إلى استقطاب وتجنيد الأطفال في ما يُسمى المراكز الصيفية لتعويض خسائرها البشرية في جبهات القتال.

إحصائية بالأرقام

أكد مستشار وزارة حقوق الإنسان اليمنية الدكتور عبد الخالق الرداعي -في تصريحات خاصة- بأن ‏الإحصائيات للوزارة بخصوص تجنيد الأطفال في اليمن بلغت 30 ألف طفل مجند، لكن هذه الإحصائية تمت قبل وجود المراكز الصيفية الحوثية الأخيرة.

وقال بأن هناك تجنيدا يوميا وجماعيا للأطفال من قبل المليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً والتي تعمل على الزج بهم في محارق الموت، وهناك عشرات الآلاف من الأطفال هذه الأيام تحت غطاء المراكز الصيفية باعتراف المليشيات الحوثية نفسها بأنهم جندوا للمراكز الصيفية 260 ألف طفل.

وبحسب تصريحه، فإن هناك تجنيدا يوميا للحوثيين في جبهات القتال والمواجهة وبالأحرى هناك قتل جماعي للأطفال باليمن بمباركة أممية وتخاذل دولي واضح.

وأضاف: "‏إننا في وزارة حقوق الإنسان نمتلك الأدلة الدامغة على تجنيد الأطفال في صفوف مليشيا الحوثي الإرهابية ونقوم بإعادة تأهيل من تم القبض عليه وهو يقاتل في صفوف الجماعة الإرهابية الحوثية ثم نقوم بتسليمهم إلى أسرهم وأمهاتهم".

دور وزارة حقوق الإنسان

وعن موقف وزارة حقوق الإنسان من انتهاكات مليشيا الحوثي الانقلابية وتجنيد الأطفال، أوضح مستشار الوزارة الدكتور عبد الخالق الرداعي أن دور الوزارة يتمثل برصد الانتهاكات الحوثية وتوثيق جرائمها المرتكبة ضد الطفولة في اليمن وتقديم التقارير الحقوقية إلى المنظمات الدولية.

ويبذل وزير حقوق الإنسان الدكتور محمد محسن عسكر جهودا كبيرة رغم قلة الإمكانات والانحياز الكامل للمنظمات الدولية، حيث تقوم المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بدور مشبوه وغير عادل بل تجاوز الانحياز إلى الدعم المباشر للمليشيات الحوثية الانقلابية عن طريق المساعدات النقدية المباشرة والمساعدات الإغاثية العينية التي تقوم المليشيا ببيعها في الأسواق المحلية واستغلال ظروف المجاعة بإعطاء أسر أولئك الأطفال القوت الضروري شريطة تجنيد أبنائهم في صفوفها.

تجاهل أممي

قال مستشار وزارة حقوق الإنسان الدكتور عبد الخالق الرداعي إن الوزارة تقدمت بملفات تجنيد الأطفال إلى المنظمات الدولية ولكن تصر تلك المنظمات على مساواة الجلاد بالضحية ومساواة عصابة مليشاوية بالحكومة الشرعية، وخصوصا في التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش الذي تجاهل التطهير العرقي والعنصري والسلالي وتجاهل كل الجرائم التي تمارسها مليشيا الحوثي الإرهابية بالقتل اليومي لعشرات الأطفال قنصا ورميا بالرصاص الحي بدم بارد، وفاقت تلك التصرفات الطرق الداعشية والإجرامية على مر التاريخ، وتجاهل الأمين العام جرائم التجنيد المستمر لعشرات الآلاف من أطفال اليمن.

منظمات تدعم الحوثي

وعن تماهي وغياب المنظمات الحقوقية الدولية عن التحددي السافر لكل المواثيق الدولية الذي تمارسه مليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال، اتهم مستشار وزارة حقوق الإنسان اليمني
منظمات أممية بدعم الحوثيين، وقال: "لقد وفرت بعض منظمات الأمم المتحدة الدعم اللازم لبقاء المليشيا الحوثية، وحاول غوتيريش تحميل تحالف دعم الشرعية في اليمن مسؤولية مقتل وإصابة 729 طفلا خلال العام 2018م، وهذا يعتبر ابتزازا صريحا وتقريرا مبتذلا.

وتساءل: "لماذا لا يحاسب الأمين العام للأمم المتحدة المنظمات التي تدعم الحوثيين الانقلابيين لدعم تجنيد آلاف الأطفال وتحت سمع العالم كله ولم يحرك ساكنا".

وأكد بأن منظمات دولية تدعم الحوثيين، وبالأرقام، فقد سلمت الأمم المتحدة في العام الماضي 20 مليون دولار للمليشيات الحوثية بحجة نزع الألغام، واستخدم الحوثي ذلك المبلغ في زراعة المزيد من الألغام لقتل المزيد من الأطفال والمدنيين اليمنيين.

وأكد تقرير لموقع "سبتمبر نت" أن منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة تكفلت وعبر منظمة "الشراكة العالمية من أجل التعليم" والتابعة لوزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي بصنعاء، بجميع التكاليف للمراكز الصيفية التي تقيمها المليشيا لغرض تجنيد الأطفال.

مأرب وتأهيل الأطفال

قال مدير مشروع تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن عبد الرحمن القباطي -في تصريحات خاصة- إن مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب وخلال عشر مراحل للمشروع ومنذ بداية نشاطه في أغسطس 2017 وحتى اليوم عمل خلال هذه الفترة على تأهيل (401) طفل، بينهم (252) طفلا مجندا و(149) متأثرا تأثيرا مباشرا كإصابات الألغام ومخلفات الحرب والرصاص والمقذوفات المباشرة، تم تأهيلهم في المشروع منذ انطلاقته في أغسطس 2017م، والذي يرعاه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتنفذه مؤسسة وثاق للتوجه المدني.

وأوضح القباطي بأن عملية التأهيل لكل دفعة والبالغ عددها 16 دفعة إلى الآن لمدة 45 يوما لا يغادرون المركز فيها ويتلقون خلالها تأهيلا نفسيا واجتماعيا ورياضيا وثقافيا وتعليميا، إضافة إلى دورات توعوية لأولياء أمورهم حول مخاطر التجنيد وكيفية التعامل مع الأطفال المجندين والمتأثرين بعد التأهيل وتسهيل عملية دمجمهم بالمجتمع.

وعن استمرار المشروع، يؤكد القباطي بأنه سيستمر خلال الفترة المقبلة لتأهيل أكبر عدد من الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب.

وعن مصير الأطفال الذين تم إعادة تأهيلهم، قال القباطي: "يعود الأطفال إلى المدارس بعد عملية التأهيل وهناك برنامج متابعة لمدة ثلاثة أشهر لكل طفل في البيت والمدرسة لمعرفة حالة الطفل بعد التأهيل في البيت والمجتمع المحيط والمدرسة وقياس أثر برنامج إعادة التأهيل من خلاله".

أضرار تجنيد الأطفال

ويقول المسؤول الإعلامي لمشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب عمار زعبل -في تصريح خاص- إن الأطفال الذين تم إعادة تأهيلهم ضمن مشروع تأهيل الأطفال تعرضوا للأضرار، وصلت بهم إلى كرههم للحياة نتيجة للانتهاكات التي تطالهم، فهم في الجبهات يعيشون أعمارا أكبر من أعمارهم، يعيشون حالة انفصام عن طفولتهم، ومهما حاول البعض أن يتقمص الدور إلا أنه يظل طفلا، لا تكوينه الجسدي ولا العقلي قادر على تحمل الضغوط النفسية والصدمات، مما ينعكس على سلوكه وتصرفاته حتى يجد الاهتمام لإخراجه من هذه الحالة.

ويضيف الصحفي عمار زعبل: "تعرض الأطفال للألغام وفقدوا أجزاء من أجسامهم، فمن الطبيعي أن تتغير نفسايتهم وتتأثر سلوكياتهم، إضافة إلى آخرين عايشوا أحداثا صادمة أثرت في طفولتهم، وجعلتهم يعيشون واقع النزوح والهروب مع أسرهم، وتهجمت المليشيات على منازلهم، وعومل بعضهم كمجرمين، وزج بهم في الاعتقال تحت ذريعة البحث عن آبائهم أو إخوانهم.. كل ذلك جعلهم في قلق وشرود وعدوانية عند بعضهم.. أيضا التأخر المدرسي، وصعوبة الفهم، كل ذلك يدعو للتدخل بالبرامج التأهيلية النفسية والاجتماعية ليعودوا إلى طفولتهم من جديد".

ويعتبر تجنيد الأطفال سلاحا حوثيا خطيرا لتهديد مستقبل اليمنيين تعمل من خلاله المليشيات على تنفيذ مشروع إيران باليمن، كل هذه الانتهاكات التي تمارس بحق الطفولة في اليمن التي يمارسها الحوثيون، ورغم التحذيرات المستمرة التي يطلقها مسؤولون يمنيون لكنه يقابلها خذلان وتواطؤ المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.