الأربعاء 24-04-2024 06:15:04 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

لصوص الرواتب.. الحوثيون ينهبون حقوق الموظفين ويتاجرون بمعاناتهم

الإثنين 22 يوليو-تموز 2019 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص- أسماء محمد

 

كثيرا ما عمدت مليشيات الحوثي إلى زيادة معاناة اليمنيين قبل أن تنفذ انقلابها، فقد شنت حروبها ضد المناطق القريبة من صعدة وأجبرت الناس على تأييدها بالقوة، وهو ما فشلت فيه وواجهت مقاومة عنيفة في حجة وغيرها وحتى الآن.

عقب انقلابها على الدولة عام 2014، تفننت تلك المليشيات في مفاقمة معاناة المواطنين بطرق كثيرة، أبرزها حرمان موظفي الدولي من رواتبهم الأمر الذي جعل كثيرا من اليمنيين تحت مستوى خط الفقر.

 

بداية الأزمة

بداية انقلاب الحوثيين على الدولة في سبتمبر 2014، تم الإعلان عن تحييد البنك المركزي الذي كان مقره صنعاء، وهو ما لم تلتزم به تلك الجماعة مما أدى إلى تآكل مقدرات البنك.

مع سيطرة الحوثيين على البنك، بدأت معها معاناة كثير من موظفي الدولة الذين بدأ فصل كثير منهم من وظائفهم بسبب انتماءاتهم، وحرمان آخرين من رواتبهم في مختلف القطاعات.

بدأت المشكلة بوضوح مع قرار الحكومة بنقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن في سبتمبر 2016، ورفضت المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين توريد الإيرادات إلى عدن.

وبذلك توقفت الحكومة عن تسليم رواتب الموظفين، وهو ما فعلته كذلك مليشيات الحوثي، برغم أن لديها إيرادات تكفي لتغطية تلك الالتزامات.

 

مبادرة الحوثيين

قبل أيام، قدمت مليشيات الحوثي مبادرة من طرف واحد، من أجل التوصل لحل مشكلة رواتب الموظفين في مختلف محافظات الجمهورية.

نصت تلك المبادرة على أن تتولى ما تسمى بـ"حكومة الإنقاذ" التابعة للمليشيات فتح حساب خاص في فرع البنك المركزي اليمني في محافظة الحديدة، على أن تقوم بتوريد إيرادات الموانئ الثلاثة (الحديدة ورأس عيسى والصليف) إلى هذا الحساب لصرف الرواتب لكل اليمنيين.

وفوق ذلك، حملت المليشيات الحكومة كامل المسؤولية في حال ما أسمته "التهرب والتنصل" من التفاهم الذي تم بشأن الورقة الاقتصادية خلال مشاورات السويد، وكذلك التبعات التي ستنتج عن استمرار ما وصفته باستمرار فرض القيود الاقتصادية الجائرة.

 

رفض حكومي

قوبلت تلك المبادرة برفض حكومي لذلك المقترح الذي تم تقديمه سابقا، في المحادثات الاقتصادية التي جرت قبل فترة في الأردن، وهو ما يعد قفزا على كل مخرجات المشاورات التي تمت منذ بدء الحرب.

وأكد عضو اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة اليمنية أحمد غالب، أن تلك المقترحات مرفوضة وغير مقبولة، وعلى الحوثيين الانسحاب من الموانئ، وبالنسبة للإيرادات فقد نظمتها اتفاقية ستوكهولم.

وأوضح أن الاتفاق الذي تم في العاصمة السويدية ستوكهولم نهاية العام الماضي ينص على أن تحول إيرادات الموانئ إلى حساب الحكومة في البنك المركزي في عدن ويصرف منه رواتب موظفي محافظة الحديدة، وفي حالة وجود فائض يتم صرف رواتب موظفي الدولة في صنعاء وبقية المناطق.

وسبق أن حدثت مماطلة كبيرة من قبل الحوثيين، بشأن تسليم إشراف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة مقابل انسحابهم من الموانئ، وهو ما لم يحدث برغم زعم المليشيات انسحابها في وقت سابق، إذ تبين أنها قامت بتسليم تلك المناطق لعناصر تابعة لها.

 

استغلال

في شهر مايو الماضي، كان رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين محمد الحوثي، قد دعا -في تغريدة بحسابه على تويتر- الأمم المتحدة إلى ترتيب بيع النفط الخام اليمني في الخزان العائم بميناء رأس عيسى، واستخدام إيراداته لتمويل واردات الوقود ودفع رواتب القطاع العام عبر البنك المركزي.

وذكر الحوثي أن الإيرادات المتبقية يجب إيداعها في البنك المقسم إلى فرعين بعدن وصنعاء. كما أن ذلك سيمكن تلك الجماعة من توفير واستيراد البترول والديزل والغاز، وإعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرفه كرواتب للموظفين كلٍّ في نطاق سيطرته.

وسبق أن رفض الحوثيون محاولات تفريغ تلك الخزانات التابعة لسفينة "صافر" لإصرارهم على تسلمهم عائدات مبيعاتها، والتي تصل إلى حوالي مليون برميل من النفط.

 

لماذا الرفض؟

تُشكل موانئ الحديدة أهمية بالغة بالنسبة للحوثيين، فهي تُدر عليهم إيرادات كثيرة، فضلا عن تقوية موقفهم أمام خصومهم في الداخل وحتى المجتمع الدولي.

وعبر مبادرتهم تلك -كما يقول مراقبون- فإنهم يقفزون على كل ما تم التوصل إليه خلال المشاورات بشأن تسليم الموانئ، ويصرون على استمرار سيطرتهم عليها.

1- ميناء الحديدة: يعد ميناء الحديدة ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، وبات يحتل أهمية كبيرة في الوقت الحالي بعد توقف الأخير عن العمل بالعاصمة المؤقتة، وهو مخصص لسفن الحاويات والحديد والأخشاب والسيارات والمحركات والكماليات المختلفة، كما يتم عبره تصدير منتجات يمنية كذلك.

يحصل الحوثيون من الميناء على إيرادات كثيرة، خاصة أنهم أصبحوا يتحكمون عبره في الوقت الحالي بالإغاثة فمنعوا دخول كثير من السفن وتحكموا بعملية توزيعها بشكل كبير لصالح أتباعهم، فضلا عن بيعها في الأسواق.

وعبر ميناء الحديدة تمكن الحوثيون من تهديد سفن الملاحة الدولية، واستخدموها كورقة ضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية مختلفة. ونظرا لإطلالة الميناء على البحر الأحمر، فهو يُشكل ممرا للجزر اليمنية المختلفة الإستراتيجية.

2- ميناء رأس عيسى: وهو مخصص لتصدير واستيراد المشتقات النفطية، التي كانت تشكل نسبة كبيرة قبل الحرب في ميزانية الدولة، وهناك خط أنابيب نفطي يربط بين مأرب والميناء.

3- ميناء الصليف: هو كذلك أحد مؤسسة موانئ البحر الأحمر، وبسبب عمقه الذي يصل 15 مترا ومساحة 33 مليون متر مربع أصبح مؤهلا لاستقبال سفن عملاقة تصل حمولتها إلى حوالي 55 ألف طن، ويختص غالبا برسو سفن الاستيراد للدقيق والقمح والسكر والأرز.

 

المأساة بالأرقام

برغم أن تلك الموانئ يمكن أن تحل أزمة رواتب موظفي الدولة في اليمن، إلا أن استمرار إصرار الحوثيين على إخضاعها يعني أن حياة حوالي مليون موظف ستزداد سوءا.

تقوم الحكومة من وقت لآخر بتسليم رواتب بعض قطاعات الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين، لكن بشكل غير منتظم، فهي تشترط أن يتم تسليم إيرادات المناطق الواقعة في قبضة المليشيات للبنك بعدن لتتمكن من الإيفاء بتلك الالتزامات.

ويتفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير في اليمن مع تجاوز نسبة الفقر 80%، وانعدام الأمن الغذائي، وارتفاع نسبة البطالة، إضافة إلى تدهور الأوضاع المختلفة بينها الصحية.