الجمعة 03-05-2024 02:43:05 ص : 24 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

كالنار تأكل بعضها.. لماذا يقتل الحوثيون بعض أفراد وقيادات جماعتهم؟

السبت 29 يونيو-حزيران 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ عبد السلام قائد

 

 

منذ أبريل 2018، كثفت مليشيات الحوثيين من عملياتها السرية ونفذت تصفيات واعتقالات داخلية، ونقلت صحيفة الرياض -حينها- عن مصادر مطلعة قولها إن معظم العناصر المستهدفة بعمليات التصفيات السرية هم من رجال القبائل وبعض ضباط الجيش، وتتم التصفيات عن طريق ما يسمى "جهاز الأمن الوقائي" التابع للجماعة، وحدثت في أزمنة وأماكن مختلفة، وما زالت وتيرتها مستمرة، وأثارت الرعب في أوساط الكثير من منتسبي المليشيات الحوثية، وسط انعدام الثقة بكل قيادات الجماعة، وظهور أجنحة متصارعة داخلها.

ورغم أن هذه التصفيات بدأت بعد الانقلاب وسيطرة الانقلابيين على بعض المحافظات، لكنها كانت محدودة، قبل أن تزداد وتيرتها منذ أبريل 2018. وفي أوائل يونيو 2018، قالت مصادر إعلامية إن اجتماعات مكثفة لقيادات حوثية خلصت إلى أن أسباب الانتكاسات والهزائم المتتالية والكبيرة للمليشيات الحوثية، خاصة في معقلها الرئيسي بمحافظة صعدة وفي الساحل الغربي للبلاد، تتلخص في الخيانة والسخط الشعبي من سلوك بعض المشرفين وفسادهم.

وأفادت مصادر إعلامية بأن الاجتماعات وضعت لائحة بأسماء بعض قيادات المليشيات من أجل قتلهم بتهمة الخيانة، وتتضمن هذه اللائحة أسماء 204 من مشرفي المليشيات إلى زعيمها عبد الملك الحوثي، مع تقارير باتهامات لكل قيادي منهم، بينها التواطؤ والخيانة والفساد وعدم حشد المسلحين.

 

- نماذج من التصفيات البينية

كانت الصراعات البينية داخل صفوف الانقلابيين تحدث بين مليشيات الحوثيين وحليفها الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجناحه في حزب المؤتمر، وبعد الحرب بين طرفي الانقلاب، والتي أسفرت عن قتل الحوثيين لحليفهم علي صالح وبعض قيادات حزبه والتنكيل بالقيادات المؤتمرية الموالية له، انتقلت الصراعات والتصفيات الداخلية إلى داخل مليشيات الحوثيين ذاتها، لأسباب ودوافع متعددة. وفيما يلي بعض النماذج من تلك التصفيات:

- 26 سبتمبر 2017: مقتل القيادي الحوثي المدعو أبو حرب البعداني على يد قيادي حوثي آخر يدعى أبو مالك مفتاح، في مديرية القفر بمحافظة إب، بسبب خلافات داخلية.

- 2 يونيو 2018: قالت مصادر إعلامية إن المحكمة الجزائية المتخصصة بالعاصمة صنعاء (يسيطر عليها الحوثيون) أصدرت حكما بإعدام 7 مشرفين جدد بتهم متعددة بينها ما أسمتها "الخيانة الوطنية".

- 13 يونيو 2018: مليشيات الحوثيين تعدم ميدانيا العشرات من أفرادها بعد محاولتهم الفرار من جبهات الحرب في الساحل الغربي للبلاد.

- 11 يوليو 2018: المشرف التربوي لجماعة الحوثي في بيت الفقيه بمحافظة الحديدة المدعو حسن داؤود يقتل أربعة من أقاربه بسبب خلاف على قطعة أرض.

- 26 يوليو 2018: أفراد مليشيات الحوثيين بذمار يقتلون ثلاثة ويصيبون اثنين آخرين من منتسبي مليشياتهم بسبب عودتهم فرارا من جبهات الحرب.

- 20 أكتوبر 2018: مسلحون حوثيون يغتالون المدعو أحمد عبد الله جزيلان، وهو نجل القيادي الحوثي ومدير أمن مديرية الثورة في أمانة العاصمة عبد الله جزيلان.

- 31 ديسمبر 2018: إصابة القيادي الحوثي المدعو طه الحمزي بجروح وقتل شقيقه جراء تعرضهما لكمين مسلح من قبل أحد أجنحة المليشيات الحوثية في محافظة حجة، بسبب الصراعات فيما بينها.

- 1 أبريل 2019: مصدر عسكري في قوات العمالقة اتهم مليشيات الحوثيين بإعدام 31 من أفرادها كانوا على وشك تسليم أنفسهم لقوات الشرعية، وحدث الإعدام في موقع مشروع الآبار بمديرية الدريهمي بعد اتهامهم بالخيانة.

- 26 مايو 2019: مشرف المليشيات الحوثية في مديرية الحشاء بمحافظة الضالع يقدم على تصفية القيادي في ذات المليشيات المدعو زيد جزيلان البرطي، بسبب خلافات حول من هو الأحق بحكم المديرية، وتبادل اتهامات بشأن الاستحواذ على ما تم نهبه من الممتلكات العامة والخاصة.

- أواخر مايو 2019: مليشيات الحوثيين تعدم 15 من أفرادها بسبب محاولتهم الفرار من جبهات الحرب في بعض مديريات محافظة الضالع بتهمة الخيانة.

- 4 يونيو 2019: مقتل القيادي الحوثي المدعو إسماعيل عبد القادر سفيان، المعين من قبل الحوثيين وكيلا لمحافظة إب، وقتل في اشتباكات بسبب صراع أجنحة المليشيات الحوثية في محافظة إب على النفوذ والمناصب والجبايات.

 

- الدوافع والأسباب

يتضح من خلال النماذج السابقة، أن هناك عدة دوافع وأسباب تجعل إجرام المليشيات الحوثية يطال حتى بعض أفرادها وقياداتها الذين تطلق عليهم صفة "مشرفين"، وأبرزها: عدم الثقة، والشك في الولاء، والخيانة، والفرار من جبهات القتال، والخلاف على النفوذ والمناصب والجبايات والمنهوبات من الممتلكات العامة والخاصة، وهناك دوافع عنصرية وطائفية، وبعض الدوافع تعكس الانحطاط الأخلاقي للمليشيات الحوثية، وهو ما يتضح من خلال إقدام بعض أفراد وقادة المليشيات على قتل بعض أقاربهم بسبب خلافات على قطع أرض أو غيرها.

ويبقى السؤال: ما الذي يجعل مليشيات الحوثيين على هذه الدرجة من السلوك الإجرامي والانحراف الأخلاقي، وصار القتل لسبب أو بدون سبب هو بضاعتها الوحيدة التي تصدرها للآخرين ولبعض أفرادها وقادتها؟

يقول عالم الاجتماع أنتوني غدنز، في كتابه "علم الاجتماع"، بعد أن سرد مختلف النظريات التي تفسر السلوك الإجرامي، إن النظريات الوظيفية تنظر إلى الجريمة والانحراف باعتبارهما محصلة للتوترات الهيكلية ولغياب النظام الأخلاقي في المجتمع، وأن التفسيرات الثقافية الفرعية تتطرق إلى رفض المجموعات مثل العصابات للقيم العامة السائدة في المجتمع، والاستعاضة عنها بقيم تُعطي أهمية كبيرة للانحراف والجنوح وعدم الامتثال.

وأشار غدنز، الذي يعد من أبرز علماء الاجتماع، إلى أن النظريات الصراعية تحلل كلا من الجريمة والانحراف بالرجوع إلى اعتبارات بنيوية في تركيب المجتمع، وإلى تضارب المصالح بين الجماعات الاجتماعية، وإلى حرص نخب اجتماعية معينة للمحافظة على ما لديها من قوة وسلطة. وترى نظريات الضبط، وفقا لغدنز، أن الجريمة تحدث عندما تضعف الضوابط الاجتماعية أو المادية وتعجز عن ردع الجريمة أو الحيلولة دون وقوعها.