الخميس 02-05-2024 22:29:04 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز.. نجاح أمني وتصعيد عسكري للخلاص من مليشيات الحوثي

الجمعة 28 يونيو-حزيران 2019 الساعة 12 صباحاً / الإصلاح نت - خاص - عامر دعكم

  

 

شهدت مدينة تعز، خلال الأسابيع الأخيرة، تطورات مُلفتة في المجالين الأمني والعسكري، رغم شحة الإمكانيات.

على الصعيد العسكري، تشهد جبهات شرقي تعز، منذ أسبوع، مواجهات عنيفة بين قوات الجيش الوطني من جهة ومليشيات الحوثي من جهة أخرى.

وتتركز المواجهات، التي يسطر فيها رجال الجيش الوطني بطولات مذهلة، في محيط معسكر التشريفات ومدرسة محمد علي عثمان ومستشفى الحمد ومحيط القصر الجمهوري وجوار فرزة صنعاء.

ولقي أكثر من ثلاثين حوثيًا مصرعهم، بينهم قيادات، بالإضافة إلى تمكّن الجيش الوطني من تدمير آليات عسكرية ومدفعية في بوابة الأمن المركزي وتلتي السلال والجعشة.

العقيد عبد الباسط البحر، نائب ركن التوجيه المعنوي بمحور تعز، قال لـ "الإصلاح نت" إن "الأمور العسكرية بتعز تسير بشكل جيد وبحسب ما هو مخطط له، من حيث إدارة المعركة والتحركات وإدارة النيران والإنجاز حتى الآن"، مضيفًا أن "المليشيات الحوثية الانقلابية تعاني من تخبط في إدارة المعركة ومن نقص في الأفراد، والمعنويات لديها منخفضة".

وأكد البحر بأن "ما يميز هذه المعركة هو الإدارة الدقيقة والمركزة لشبكة النيران بحيث تصيب أهدافها بدقة وتشل حركة العدو وتُسكت مصادره النارية، وبأقل خسائر بشرية في صفوفنا، كما أنها اتسمت بالتحركات العسكرية المباغتة والمنضبطة، حيث امتلك فيها الجيش الوطني زمام المبادرة وفرض ميدان المعركة وتحول من الدفاع النشط إلى الهجوم الكاسح".

وعن سؤالنا له عن علاقة التطورات العسكرية الأخيرة بالنجاح الأمني الذي شهدته تعز مؤخرا، قال البحر بأن "تأمين الجبهة الداخلية وخطوط الإمداد والإسعاف له تأثير كبير على تركيز الجهود أكثر نحو العدو الانقلابي المدعوم إيرانيا، والذي يستهدف المدينة منذ أكثر من أربعة أعوام بالحصار والقصف والقنص والتلغيم والتفخيخ والتفجير والتهجير والنزوح للمواطنين".

ويتفق أبطال الجيش في القول بأن الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي بكثافة وعشوائية هي التي تُعيق التقدم، لاسيما في ظل افتقار الجيش لكاسحات ألغام، إذْ يتم نزع الألغام وتفكيكها باليدين، بالطريقة التقليدية الخطِرة، حيث تمكن أبطال الجيش الوطني المرابطون في جبهات شرقي تعز، خلال الأسبوع الماضي، من تفكيك عدد كبير من الألغام، منها أكثر من ثلاثين لغمًا في منزل واحد فقط.

تتصاعد المواجهات وتزداد ضراوة في ظل غياب تام لطيران التحالف العربي ولو تحليقًا، رغم أن ظروف الجبهة تستدعي مشاركة الطيران لقصف دبابات الحوثي المتمركزة على التلال المرتفعة كتلال سوفتيل والسلال والجعشة.

وتعتبر هذه المعارك امتدادا لمعركة التحرير التي أطلقها محور تعز قبل شهر، وبدأت في جبهات تعز الشمالية.

وكعادتها، تواصل مليشيات الحوثي قصف الأحياء السكنية بشكل هستيري، لاسيما حال تلقيها ضربات موجعة من أبطال الجيش الوطني، حيث كثفت مؤخرا قصف الأحياء الشرقية من مدينة تعز وأحياء الروضة وزيد الموشكي والثورة، مخلفة شهداء وجرحى، بينهم أطفال، بالإضافة إلى تدمير عشرات المنازل.

على الصعيد الأمني، تشهد مدينة تعز تحسُّنا أمنيًا ملحوظًا، جاء هذا التحسُّن بعد الجهود المكثفة التي بذلتها القوات الأمنية في مطاردة المطلوبين أمنيًا والخارجين عن القانون الذين أمعنوا في إقلاق السكينة ونشر الفوضى داخل تعز.

وتكللت الحملة الأمنية الأخيرة بخروج مايعرف بالملثمين أو كتائب الموت (جماعات مسلحة خارجة عن القانون) من المدينة القديمة إلى منطقة الكدحة، حيث تشكل تلك الكتائب بيئة حاضنة للخارجين عن القانون والمتهمين بتنفيذ جرائم اغتيالات بحق أفراد من الجيش الوطني ورجالات الأمن ومواطنين.

الصحفي زكريا الشرعبي، أكد بأن الوضع الأمني في تعز يتحسن بشكل متزايد وهذا أمر يلاحظه الجميع هنا.

وقال الشرعبي إن "الحملات الأمنية كان لها الدور المفصلي في نقل الحالة الأمنية إلى هذا المستوى من التحسن، فهي انطلقت وفقا لفلسفة أمنية وخطط شاملة لأبعاد وحيثيات الانفلات الذي ظلت تعيشه تعز في فترات متعاقبة، وبذلك استطاعت تحقيق إنجازات كبيرة في ظرف قياسي رغم شحة الإمكانات".

وأضاف الشرعبي للإصلاح نت: "كانت البداية الصحيحة من القرار الحاسم بضرورة إخضاع كافة المربعات لسلطة الدولة، وجميعنا يعرف أن معظم أعمال الفوضى والفلتان والاغتيالات كان مصدرها مربعات مغلقة أمام السلطات وتخضع لنفوذ جماعات مسلحة".

ويرى الشرعبي أن أجهزة الأمن تمضي وفق خطط واضحة تجمع بين جهود تحسين الحالة الأمنية، واستعادة بناء المؤسسة الأمنية، مضيفًا أن "معظم أقسام الشرطة تعمل الآن في تعز، كما أن عملية التأهيل للكوادر الأمنية وتصدير الكفاءات يتم بصورة تبعث على الارتياح، وهي جهود مشكورة لقيادة السلطة في تعز بشقيها المدني والعسكري".

واختتم الشرعبي حديثه بقوله: "لا شك أن هناك ظواهر سلبية مثل بعض حوادث القتل، أو الحوادث الجنائية، والبلطجة، وهي ظواهر طبيعية بالنظر إلى أن محافظة تعز لا تزال تخوض معركة التحرير، وأجهزتها الأمنية في طور النشأة، ونحن نأمل أن تضاعف الأجهزة الأمنية من أدائها لتقليص هذه الظواهر، بما يعزز الحالة الأمنية، ويعمل على تثبيت الاستقرار وبسط سلطة الدولة والقانون بشكل كامل".

ورغم خروج الكتائب إلى الكدحة، إلا أنها عاودت العبث بالأمن وإقلاق السكينة، حيث عمدت في مساء الحادي عشر من يونيو الجاري إلى قطع الطريق في منطقة يفرس بالحواجز الترابية، وهو الشريان الوحيد لتعز الذي يربط المدينة بريفها الجنوبي والمحافظات الجنوبية، حيث ظلت الطريق مقطوعة أمام المسافرين، من وإلى تعز، إلى اليوم التالي.

ويرى متابعون أن إقدام تلك الكتائب على قطع الطريق هو بمثابة رفض وانزعاج من الخطوة التي اتخذتها قيادة محور تعز، القاضية بتشكيل كتيبة "الدعم والإسناد" تابعة للمحور، انضم لها عدد من أفراد كتائب أبي العباس، بعد خلافات بينية داخل الكتائب.

خروج الخارجين عن القانون من المدينة لا يعني أنه لم تعد هناك تحديات أمام الأجهزة الأمنية، فما يزال الوضع يتطلب جهودا أمنية مكثفة تفرض هيبة الدولة وتحول دون وقوع الجريمة.

الأستاذ محمد قاسم إبراهيم، مدير مديرية خدير، قال للإصلاح نت: "الوضع الأمني داخل مدينة تعز تحسن كثيرا، وهذا بفضل الجهود التي بذلتها المؤسسة الأمنية، والمتمثلة بمطاردة الخارجين عن القانون وخلايا الفوضى".

وأضاف: "المتابع للواقع التعزي حاليا يدرك جيدا أن جرائم الاغتيالات قلّت، وانخفضت نسبة الجرائم، حتى ظاهرة إطلاق النار في الأعراس تقلّصت إلى حدّ كبير، وهذه كلها نابعة من جهود المؤسسة الأمنية، ومع ذلك ما تزال تعز بحاجة للكثير من الجهود، وللكثير من الحزم، حتى تتعافى".

الناشطة الثورية خديجة المجيدي قالت: "بعد القبض على بعض الخارجين عن القانون وإخراج من تبقى منهم من مربعات المدينة القديمة وبعد أن سيطرت الدولة وبسطت نفوذها، ساد الأمان وكادت الاغتيالات أن تختفي، بعد أن كانت تحدث بشكل متكرر ومخيف، وهذا بفضل وجود الدولة الذي أشعر المواطن التعزي بالأمان، وأصبح من النادر أن تحدث جرائم قتل داخل المدينة".

وأضافت: "بتواجد الدولة وفرض هيبتها تقلّ الفوضى ويسود العدل ويستقر الناس في حياتهم المعيشية ويأمنون على أنفسهم وهذا ما نريده نحن المواطنين في تعز، فعلى الدولة أن تكثف من بسط نفوذها وتفعّل الأقسام والقضاء حتى تصير الدولة هي الضامن والمكان الآمن لاسترداد حقوق الناس بدلا من مليشيات يذهب إليها الناس في حل قضاياهم".

وبالتزامن مع التحسن الأمني الذي تعيشه تعز، يتكشف حجم الخطر الذي كانت تشكله عصابات الفوضى والخارجين عن القانون، على تعز ومواطنيها، حيث يتضح ذلك من خلال المقابر الجماعية التي يُعثر عليها في المناطق التي كانت تسيطر عليها ذات العناصر الخارجة عن القانون.

فقد أعلنت الأجهزة الأمنية، الاثنين الماضي، عثورها على بقايا جثتين كانتا مدفونتين داخل أحد الأحواش في منطقة سوق الصميل، وهي منطقة كانت تسيطر عليها عناصر خارجة عن النظام والقانون.

وكانت الأجهزة الأمنية قد عثرت، أواخر العام الماضي، على مقابر جماعية في ذات المنطقة، سوق الصميل، وكذا على مصانع متفجرات في مناطق كانت تحت سيطرة الخارجين عن القانون.

أحرزت المؤسسة الأمنية في تعز نجاحًا كبيرا في تأمين الجبهة الداخلية وتنقية الصف من الخارجين عن القانون وخلايا الفوضى والاغتيالات، ويأمل مواطنو تعز أن يحظى الجيش الوطني بما يلزمه من اهتمام ودعم من قِبل الشرعية، للخلاص من المليشيات الحوثية، واستكمال تحرير تعز واليمن.