الخميس 02-05-2024 21:46:28 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تصعيد بنكهة إيرانية.. لماذا كثف الحوثيون هجماتهم العسكرية على السعودية؟

الخميس 27 يونيو-حزيران 2019 الساعة 06 مساءً / الاصلاح نت – خاص - احلام الصنعاني

 

 

بشكل لافت صعَّدت مليشيات الحوثي الانقلابية ضد المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن، واستهدفت عددا من المواقع الحيوية فيها، ولم تتوقف تلك الجماعة -على لسان قادتها- عن التهديد بشن هجمات أكثر عليها.

على الرغم من أن الصراع بين السعودية والحوثيين ليس بجديد بل يمتد إلى بعض سنوات حكم النظام السابق لليمن بقيادة علي عبد الله صالح، إلا أنه بدا غريبا خاصة أن بعضاً من جبهات القتال شبه متوقفة.

وقد تزامن ذلك التصعيد مع التوتر الكبير الحاصل بالمنطقة بين إيران من جهة والخليج والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، وذلك بعد مهاجمة طهران لسفن تجارية وناقلات نفط، فضلا عن إسقاطها لطائرة مسيرة أمريكية كان متوقعا عقبها أن توجه واشنطن ضربة عسكرية لطهران، وهو ما لم يحدث برغم حدة ردود الأفعال الصادرة من البيت الأبيض.

 

أهداف مختلفة

التصعيد المشاهد من قبل الحوثيين ضد أهداف في السعودية بدأ مع إعلانهم عن استهداف شركة أرامكو النفطية بالرياض، وهو الأمر الذي أكدته المملكة عقب ذلك وحملت إيران ومليشيات الحوثي المدعومة منها المسؤولية الكاملة عن ذلك الهجوم في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن الدولي، سلمها مندوبها الدائم عبد الله المعلمي.

عقب ذلك أعلن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، عن عقد قمتين طارئتين (خليجية وعربية)، لبحث الاعتداءات التي وقعت مؤخرا في منطقة الخليج وتداعياتها على المنطقة.

تلا ذلك هجمات بارزة بينها تكرار قصف مطار أبها بالسعودية الذي أسفر عنه إصابة بعض المدنيين، وقد اعتبره غريفيث بأنه -إضافة إلى التوترات الإقليمية- يشكل "خطرا هائلا على العملية السياسية" التي تقودها الأمم المتحدة.

وأعلنت كذلك مليشيات الحوثي عن استهدافها مرابض الطائرات بدون طيار وأهدافا عسكرية أخرى في مطار جيزان جنوبي المملكة العربية السعودية.

كما استهدفت تلك المليشيات محطة كهربائية في جازان الحدودية ومحطة مياه. كما أن الحدود الجنوبية كانت هي الأخرى مشتعلة وسقط خلال معاركها عدد من القتلى والجرحى من الطرفين. ولدى الجماعة قرابة 300 هدف سعودي معلن، بحسب تصريحات لبعض قياداتها.

 

تنامي التصعيد

مما لا شك فيه فإن الحوثيين تنامت قوتهم العسكرية مقارنة بما كانوا عليه قبل انقلاب 2014، فهم اليوم يتحدثون عن امتلاكهم صواريخ كروز، وطائرات مسيرة، وصواريخ بالستية طوروا مداها إلى أكثر من 800 كم، مهددين بذلك دول الجوار.

المتحدث العسكري باسم مليشيا الحوثي يحيى سريع، يزعم أن لديهم تقنيات متطورة لا تستطيع المنظومات الاعتراضية الأمريكية وغيرها المنتشرة في السعودية التعامل معها.

ويؤكد أن الصواريخ البالستية والمجنحة والطيران المسير بأنواعه بإمكانه ضرب أي هدف على طول وعرض الجغرافيا السعودية، متوعدا بما وصفه بـ"المفاجآت الكبيرة".

أمام تلك الممارسات يأتي الرد الأمريكي باهتا، فمؤخرا قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على اطلاع بما يدور، وإن بلادها تتابع الوضع عن كثب وتواصل التشاور مع شركائها وحلفائها.

أما المتحدث باسم التحالف العربي العقيد ركن تركي المالكي، فقد قال إن الحوثيين حاولوا استفزاز التحالف من خلال استخدام الطائرات المسيرة والقوارب السريعة والمفخخة لكنهم فشلوا في ذلك، وهو دليل على تدني الروح القتالية لدى تلك المليشيا، وخسارتها العديد من مقاتليها وإفلاسها باستهداف المدنيين.

 

إقرار بالفشل

أدى تصعيد الحوثيين ذاك، وعدم التزام مليشيات الحوثي باتفاق ستوكهولم الذي يصب في مصلحتهم بدرجة أساسية، إلى فقدان الأمل بالتوصل في وقت قريب لحل الأزمة اليمنية.

المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، أقرَّ مؤخرا بفشل اتفاق ستوكهولم الذي تم التوصل له أواخر العام 2018. برغم أن ذلك الإعلان يبدو بالنسبة لكثير من المراقبين متأخرا، فنوايا الحوثيين كانت واضحة منذ البداية بشأن عدم التزامهم بأي اتفاقات.

وأكد في كلمته أمام مجلس الأمن أنه يشعر بالإحباط لعدم إحراز تقدم في ملف تبادل السجناء والمعتقلين، داعيا الطرفين إلى تنفيذ ما اتفقا عليه من أجل مصلحة السلام ومن أجل مصلحة آلاف الأسر اليمنية.

 

لماذا التصعيد؟

لا يستبعد كثير من المراقبين أن يكون تأخر الحسم العسكري هو السبب الرئيسي في استقواء الحوثيين، وهو الذي فتح شهيتهم للحصول على مكاسب أكبر في المستقبل.

المحلل السياسي محمد الغابري قال -في تصريحات صحفية- إن تصعيد الحوثيين قد يكون لإثبات امتلاكهم قوة قادرة على إلحاق الضرر بالمملكة، لكنه كذلك قد يؤدي إلى تنازلات سعودية ومن ثم نجاح الحوثيين في تحسين مركزهم التفاوضي وانتزاع مكاسب.

ويعتقد الغابري أن ذلك قد يؤدي أيضا إلى العكس، بأن تكون هناك قناعة سعودية أن لا أمان لها مع وجود قوي للحوثيين في اليمن، ومن ثم العمل على إضعاف الحوثيين إلى مستوى لا يشكلون فيه أي تهديد لها.

واعتبر الغابري حديث مساعد وزير الخارجية الأمريكي آر كلارك كوبر، الذي قال فيه إن ذلك الهجوم يشكل تطورا في التهديد الإيراني لشركائهم وأمنهم القومي، بأنه تعبير عن أن التصعيد من قبل الحوثيين قد يجر إلى حرب في المنطقة. وختم حديثه بالقول: "الحوثيون في نهاية المطاف يعبرون بجدية عن تبعية لطهران".

بينما رأى الصحفي كمال السلامي -في تصريحات صحفية- أن هناك تواطؤاً غربيا فيما يتعلق بهجمات الحوثيين، فقد أصبح واضحا أن هناك أطرافا دولية تحاول الضغط على التحالف والحكومة اليمنية للقبول بصيغة حل، من خلال إظهار الحوثيين كقوة منيعة، تزداد كل يوم قوة وقدرة على ضرب المناطق الحيوية.

واستطرد: "ما كان للحوثيين أن يتجرؤوا على مثل هذه الهجمات، لولا أنهم أمنوا العقاب، ولديهم ضوء أخضر، كما لا يمكن عزل هذا التطور عن الخلاف الإقليمي بين دول المنطقة وإيران، أو -بشكل أدق- بين أمريكا وحلفائها وإيران، فالأخيرة (إيران) تحاول إيصال رسائل لأمريكا وحلفائها، أن بإمكانها الضرب بأي مكان وفي أي وقت، عبر أذرعها بالمنطقة، وفي المقدمة الحوثيون".

الحوثي يريد أن يضغط بهجماته للتوصل إلى سلام شامل، بعد أن أدرك أن السعودية هي كلمة السر في كل هذا، فإذا ما أوصل لها رسائل قوية بأنه قادر على ضرب أماكن حيوية داخلها، فإن ذلك قد يدفعها لاختيار السبيل السلمي لإنهاء الحرب، وإنهاء تحالف دعم الشرعية، وفق السلامي.

وخلص من ذلك إلى أن "الهجمات لا شك تمثل ورقة ضغط قوية للحوثي، وقد تساهم في زيادة حظوظه في أي حل سياسي مرتقب".

 

مخاوف

مخاوف عدم الحسم العسكري تتوسع يوما بعد آخر، خاصة في ظل التوتر الكبير الحاصل في المنطقة والذي ثبت معه مدى تبعية الحوثيين لإيران، وتحريكها لهم في التوقيت الذي تختاره للي ذراع السعودية وممارسة ضغط أكبر عليها.

مركز أبعاد للدراسات والبحوث في ورقة بحثية أخيرة صادرة عنه، تساءل حول ما إذا ستكون اليمن ميدان الحرب الأمريكية الإيرانية، خاصة بعد خروج واشنطن من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل أكثر من عام.

وقال إن إيران تستخدم إستراتيجية "حافة الهاوية" لمواجهة العقوبات الأمريكية بالتهديد والأفعال بالمنطقة عبر الحرس الثوري (المصنف كجماعة إرهابية في الولايات المتحدة) وأذرعها في المنطقة.

وتوقع أن تعمل طهران على تحمُّل العقوبات الأمريكية والمناورة حولها، حتى يحين موعد الانتخابات الأمريكية القادمة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 على أمل أن يخسر ترامب ويفوز رئيس جديد تستطيع التعامل معه.

وفي نفس الوقت قد يجرّ طرف داخل إيران الولايات المتحدة إلى عملية عسكرية محدودة لزيادة شعبيته في الداخل، وهذا الطرف يشمل "الحرس الثوري" و"المرشد".

ولم يستبعد أن تكون اليمن ساحة للتصعيد بين أمريكا وإيران، نظراً لكونها من وجهة النظر الإيرانيَّة المعركة التي تُقدم نتائج أفضل في إبراز قوة إيران الإقليمية بتكاليف أقل بكثير مما تنفقه في العراق وسوريا، ولأن اليمن من وجهة نظر أمريكية مصدر تأمين حلفائها في منطقة الخليج مع التهديدات الحوثية باستهداف المنشآت الحيوية في منطقة الخليج وتهديد ممرات التجارة الدولية وممرات النفط في مضيق باب المندب.

وحذر المركز من خطورة زيادة حدة التوتر بين طهران وواشنطن، وجعل اليمن ساحة حرب جديدة قد تدفع بالمنطقة إلى حرب إقليمية واستقطابات دولية، وكذا من عدم الإسراع بالحسم العسكري.

ويؤكد من جهته وزير الشباب والرياضة نايف البكري أن المراهنة على جدوى مساعي الأمم المتحدة في إحلال السلام في اليمن باتت ضربا من الجنون، والدليل استمرار الأعمال الإجرامية لمليشيا إيران الحوثية، وأنه لا حل معها إلا لغة الحديد والنار ودعم جبهات القتال وتحرير بقية المحافظات.