الجمعة 26-04-2024 00:26:08 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

لماذا صعدت الحكومة اليمنية من لهجتها تجاه المبعوث الأممي غريفيث؟

الإثنين 17 يونيو-حزيران 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص-عبد السلام قائد

 

تخلت الحكومة اليمنية الشرعية عن دبلوماسيتها المعهودة في التعامل مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وصعدت خلال الأسابيع الأخيرة من لهجتها تجاهه، متهمة إياه بالوسيط غير النزيه وبالانحياز لمليشيات الحوثيين، ووصل التصعيد ذروته بعد اتهام الرئيس عبد ربه منصور هادي له بالتماهي مع مسرحيات الحوثيين في الالتفاف على اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة.

ورغم أن السخط الشعبي والحكومي ضد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بدأ منذ تعيينه في منصبه مطلع العام 2018، إلا أن التعاطي الإيجابي الذي أبداه غريفيث مع مسرحية الحوثيين الأخيرة بالانسحاب من مؤانئ الحديدة ومباركته لها، بدون اتفاق أو إشراف من ممثلي الحكومة الشرعية، كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، لتتصاعد بعد ذلك حدة الخلافات لدرجة المطالبة بتغييره، واتهامه بأنه وسيط "غير نزيه"، ورفض الرئيس هادي استقباله في مقر إقامته بالرياض عدة مرات.

- انحياز مبكر

بدأت الحكومة اليمنية التشكيك في أداء المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث منذ بداية تسلمه لمهمته قبل نحو 16 شهرا، وأبدت ملاحظات على أدائه وانتقدت كل الحلول التي كان يطرحها لحل الأزمة اليمنية، رغم أنه كان يصورها بأنها الحلول المثلى والوحيدة لإنهاء الأزمة في البلاد، لكنه مع مرور الوقت أصبح أكثر انحيازا لصالح المليشيات الحوثية، ووصلت الحكومة اليمنية إلى قناعة بأنه يعمل لشرعنة الانقلاب والتمكين للحوثيين من فرض الأمر الواقع.

وبعد ازدياد حدة السخط الشعبي والحكومي ضد أداء غريفيث، وجه البرلمان اليمني رسالة شديدة اللهجة للحكومة الشرعية طالبها بتعليق التعامل مع غريفيث بسبب ما أسماه تجاوزاته العديدة التي أخرجته عن مهمته المفترضة في جهود حل الأزمة اليمنية سلميا، كما ألزم البرلمان الحكومة في رسالته لها "بعدم التعاطي مع غريفيث حتى يلتزم بعدم مخالفة القرارات الأممية ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216 وتنفيذ اتفاق السويد روحا ونصا".

وأرجع البرلمان اليمني أسباب رسالته إلى الحكومة إلى تواطؤ المبعوث الأممي غريفيث مع "الانسحاب الصوري" أحادي الجانب من قبل الحوثيين من موانئ الحديدة، الذي تم في 13 مايو الماضي، متهما إياه بمباركة "هذه الخطوة الانقلابية الحوثية"، ووصفها بأنها "مسرحية هزلية".

- إحاطة غريفيث

وصلت ذروة استفزاز المبعوث الأممي مارتن غريفيث للحكومة اليمنية والشعب اليمني في إحاطته الأخيرة بمجلس الأمن، عقب انسحاب الحوثيين الصوري من موانئ الحديدة الثلاثة، حيث سلم الحوثيون تلك الموانئ لأفراد من جماعتهم، لكن غريفيث وصف ذلك بالإنجاز.

وناشد غريفيث في إحاطته بمجلس الأمن، في 15 مايو الماضي، أعضاء المجلس بالترحيب بانسحاب جماعة الحوثيين من موانئ الحديدة، وطالبهم بإصدار دعوة لطرفي النزاع وحثهما على "العمل العاجل مع رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، الجنرال مايكل لوليسغارد"، وحث طرفي النزاع اليمني على التعاون مع رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار.

من جانبها، هاجمت الحكومة اليمنية الشرعية، في 17 مايو الماضي، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفث، وقالت إنه "لم يعد نزيها ولا محايدا".

جاء ذلك في تصريحات صحفية للناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، الذي قال إن "المبعوث الأممي مارتن غريفث لم يعد نزيهاً ولا محايداً في أداء المهمة الموكلة إليه وفقاً للقرارات الدولية"، متهما إياه بالانحراف عن مسار المهمة الموكلة إليه في اليمن.

وأضاف بادي "لم يعد يعمل على تطبيق قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، ومن الواضح أنه انحرف بمسار مهمته الموكلة إليه في اليمن".

من جانبه، هاجم غريفيث الحكومة اليمنية، خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن في منتصف مايو الماضي، وقال إنها لم تكن بناءة وإنها سبب التأخر في تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة، بينما جدد أعضاء مجلس الأمن التأكيد على دعمهم الكامل لغريفيث، ودعوا الحكومة اليمنية والحوثيين إلى "التعاطي معه بشكل إيجابي والوفاء بالتزاماتهم المتفق عليها في اتفاق السويد".

- موقف الرئيس هادي

أما الرئيس عبد ربه منصور هادي فقد رفض، في أواخر مايو الماضي، استقبال غريفيث عدة مرات، وأعقب ذلك بخطاب موجه للأمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يشكو فيه "تجاوزات" المبعوث الأممي.

وانتقد هادي في خطابه ما أسماه "سوء فهم غريفيث لطبيعة النزاع الدائر في اليمن، وخاصة العناصر الأيديولوجية والفكرية والسياسية لمليشيات الحوثي".

كما طلب هادي من غوتيريش بمراجعة "انتهاكات" غريفيث والرد عليها بناءً على ذلك، محذرا من أن الحكومة اليمنية لن تتسامح مع استمرار تعيين غريفيث في منصبه ما لم تتوقف الانتهاكات.

وذكرت مصادر أممية أن غريفيث وصل حينها لطريق مسدود، وفكر جديا بالاستقالة قبل أن يقترح عليه مساعدوه التأني وترتيب زيارة جديدة إلى الرياض، حيث يقيم الرئيس هادي، لإعادة العلاقات بين الجانبين، لكن هادي رفض استقباله أيضا، ثم أوفدت الأمم المتحدة وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، لإجراء مشاورات مع الرئيس هادي لبحث التصعيد ضد غريفيث.

وبعد ساعات من لقاء ديكارلو بهادي، قال مدير مكتب الرئاسة عبد الله العليمي إن الرئاسة تلقت ضمانات من الأمم المتحدة بالتزام غريفيث بتنفيذ اتفاق الحديدة بـ"شكل صحيح".

وأضاف العليمي، في تغريدات على تويتر، أن اللقاء كان بناءً ومثمرا وتناول كافة القضايا المتعلقة بمشاورات السلام، إضافة إلى مناقشة العودة إلى التنفيذ الكامل لاتفاق السويد.

وتم هذا اللقاء بعد أن رفض أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مطالب تغيير غريفيث، وحث الأطراف اليمنية على العمل مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، وذلك في أول رد على المطالبات بتغيير غريفيث، الذي اتهمته الحكومة اليمنية الشرعية بعدم النزاهة والتحيز لصالح الحوثيين.

ونشرت إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام التابعة للأمم المتحدة تغريدة على تويتر تقول إن المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة قال إن "الأمين العام يحث الأطراف اليمنية على العمل مع مبعوثه الخاص لليمن، مارتن غريفيث، لإحراز مزيد من التقدم في تنفيذ اتفاقية استكهولم"، وأعاد حساب المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن على تويتر نشر هذه التغريدة.

- استمرار الفشل

لا يبدو أن غريفيث سينجح في مهمته كمبعوث أممي لإنهاء الأزمة في اليمن، خاصة أن أداءه يبدو أسوأ من أداء سابقيه، جمال بن عمر وولد الشيخ أحمد، ذلك أن انحيازه الكبير للحوثيين جعل الشكوك تدور حوله، فضلا عن كونه لم يستطع تقديم أفكار منطقية لحل الأزمة اليمنية تقبل بها جميع الأطراف.

وحتى إذا افترضنا بأنه تحول إلى وسيط محايد ونزيه، لكنه في هذه الحالة سيصطدم بمراوغات الحوثيين وتنصلهم من تنفيذ أي اتفاق يتم بينهم وبين الطرف الآخر، بل فالحوثيون مستمرون في مراوغاتهم حتى وإن كان أداء غريفيث لصالحهم، لأن تلك المراوغات يتعمدها الحوثيون في كل الأحوال من أجل إطالة أمد الصراع واستهلاك الوقت في شراء وتهريب الأسلحة ومواصلة تهديد الداخل ودول الجوار.

والحل الوحيد الذي تفهمه المليشيات الحوثية هو الحسم العسكري، وهو الحل الوحيد الذي سيضع للتهديدات الحوثية المتزايدة للداخل والخارج حدا كبيرا يتلاشى معه خطرها بعد تمكن إيران من تزويدها بصواريخ بالستية وطائرات بدون طيار.

كلمات دالّة

#اليمن