الجمعة 29-03-2024 11:43:52 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

مخالب الطائفية.. لماذا أفسد الحوثيون فرحة اليمنيين بعيد الفطر؟

الخميس 13 يونيو-حزيران 2019 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - زهور اليمني (تقرير خاص)

 

 

كرست مليشيا الحوثي الانقلابية حالة الانقسام في أوساط الشعب اليمني في عملية تسييس واضحة للمشاعر الدينية، مما أدى إلى انقسام عيد اليمنيين إلى يومين، جراء قرار سياسي أعلنته مليشيا الحوثي الانقلابية برفض الصيام بناءً على إعلان الحكومة الشرعية بدء أول أيام عيد الفطر من الثلاثاء، لذا لم يمر عيد الفطر المبارك مرورا سعيداً كريماً على سكان صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي، لكنّه اصطبغ بلون العنف، وأجهضت تلك الفرحة الغائبة.

ونتيجة لقرار المليشيات التي أعلنت أن الأربعاء هو أول أيام العيد، تعرض سكان المناطق الخاضعة للانقلاب لموجة ترهيب غير مسبوقة من قبلها.

لقد استغلت هذه المناسبة الدينية لأهداف سياسية وعسكرية بحتة، تمثلت في معرفة مدى التزام الشعب اليمني بتوجيهاتها والرضوخ لأوامرها، ومن ثم ملاحقة واعتقال كل من يعارض ذلك، أو يلتزم بإعلان الشرعية.

 

مداهمات للمنازل واعتقالات في يوم العيد

ظهر الهلال مساء الثلاثاء (أول أيام عيد الفطر المبارك) وشاهده معظم سكان صنعاء، وانكشفت المليشيات الحوثية على فراغ وتحدٍّ اجتماعي غير مسبوق ارتد عليها، مما دفعها إلى ممارسة أساليب البلطجة والقمع والملاحقات، وإخراج الأطقم العسكرية لتهديد الأحياء والمناطق والشوارع والتجمعات، بالإضافة لمداهمة المنازل في الحوبان بتعز وفي الحديدة لفرض الصوم، إلا أن معظم المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين عيدت يومها، حتى في قلب صعدة حيث صلى العيد أتباع وأنصار محمد عبد العظيم الحوثي.

ففي مدينة إب، أقيمت صلاة العيد يوم الثلاثاء في الاستاد الرياضي الكبير بقلب المحافظة، وفي يريم بمحافظة إب أيضا خرج سكان عدة مناطق وقرى لصلاة العيد يحملون بنادقهم في تحدٍّ للحوثيين.

وفي عذر والعشة بالعصيمات بعمران، ارتدت حملة أمنية حوثية على أعقابها، بعد مشادات مع جموع غفيرة خرجت لصلاة العيد.

وفي البيضاء تطور الأمر إلى اشتباكات صباح العيد. وفي رداع العرش بقرية ملاح وقرية عزان أقام المواطنون صلاة العيد، فخرجت ضدهم حملة أمنية حوثية، تصدى لها المواطنون واشتبكوا معها لبعض الوقت.

وفي الحديدة صلى وعيد كثيرون، وقتلت المليشيات معايدا على دراجته وأصابت آخر جنوبي الحديدة على الخط الساحلي.

وفي الحوبان بتعز خرجت حملات أمنية وملاحقات لمصلين وضد محال مفتوحة بحجة الإفطار.

 

محاصرة المساجد يوم العيد

فرض الصوم بقوة السلاح، ومحاصرة وملاحقة الناس في الشوارع، سلوك أرعن وطائش، وتفاقم للجريمة والسلوك الإرهابي المنفلت لدى جماعة انكشفت اجتماعيا عن فراغ بيئة حاضنة ومؤيدة.

عبد الجليل من حي حزيز، حدثنا عن انتهاكات الحوثيين للمواطنين الذين أفطروا يوم الثلاثاء قائلا: "الكثير من أبناء حزيز لم يلتزمون بفتوى المليشيات الحوثية، واتبعوا وزارة الأوقاف والإرشاد في حكومة الشرعية، التي أكّدت أن الثلاثاء هو أول أيام عيد الفطر، لذا أقاموا صلاة العيد في مسجد الحي، وبعد انتهاء الصلاة وخروج الكثير من المصلين حاصرت ثلاثة أطقم المسجد، وداهم مسلحون حوثيون ملثمون المسجد، ليعتدوا بالضرب والشتم على بقية المصلين، الذين يقدر عددهم بنحو 25 شخصًا بينهم إمام وخطيب المسجد، بينما تمّ اختطاف عدد من المصلين واقتيادهم إلى جهة مجهولة".

 

تحول القرار إلى موضوع للتندر والسخرية

أثار إعلان مليشيا الحوثي أن الثلاثاء متمم لرمضان والأربعاء العيد، موجة من السخط والسخرية في أوساط المواطنين، عكستها مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تحول الأمر إلى موضوع للتندر والسخرية والتهكم، ونشأت حالات ومفارقات وطرائف تنحت من صخر الملهاة والمأساة معاً.

للتوفيق (أو التلفيق) اقترح البعض العيد يوم (الثلابعاء). وانتشرت على نطاق واسع جملة "دار الإفتاء بصنعاء تعلن: كل واحد يدبر حاله". وهناك أصوات من داخل صنعاء رفضت صوم يوم الثلاثاء بقولها إن صيام يوم العيد حرام شرعاً.

وكتب نازح في عدن، وآخر في المخا، إن أسرهم وأولادهم اتصلوا يسألون: كيف نعمل الآن، نصوم وإلا نفطر سكتة ونعيد يوم الأربعاء؟

أحدهما قال ساخراً: اقترحت عليهم أن يصوموا الأربعاء ويعيدوا الثلاثاء. أما الآخر فقد كان جاداً: لا تصوموا ولا تعيدوا.

وفي نطاق جغرافي وإداري محدود لمنطقة بحجم دمت ومريس -مثلاً- شمالي الضالع، في هذه عيد وفي تلك الملاصقة لها داراً وجواراً ليس عيداً باعتبار تواجد المليشيات الحوثية في دمت، لذا تطرقت التعليقات والمنشورات إلى "انفصالية" الإعلان الحوثي، المخالف لوحدة العبادات والأعياد والدين، وهلال السماء أيضاً.

أحدهم كتب على صفحته يسأل: أقوم الصباح أقول لأمي عيد مبارك، وأعايد عليها وأنا صائم يجوز أو لا؟

 

المليشيات تسعى لتغير الواقع الثقافي والديني والاجتماعي

ممثل منظمة سلام بلا حدود الدولية في اليمن، همدان العليي، تحدث في تصريح له بأن مليشيات الحوثي مارست انتهاكات واسعة خلال يوم العيد واليوم الذي يليه بدوافع عرقية وطائفية في كل من محافظة صنعاء وحجة وعمران والمحويت وصعدة وذمار وإب والبيضاء، حيث منعت المدنيين من ممارسة شعائرهم الدينية والاحتفال بعيد الفطر المبارك.

وأضاف العليي بأن المليشيات الحوثية اقتحمت المساجد ونفذت حملات اختطاف واسعة لكل من أفطر استجابة لفتوى هيئة علماء اليمن يوم الثلاثاء، مؤكداً بأن المليشيات اختطفت عشرات المدنيين في محاولة لفرض مذهبها على بقية اليمنيين وتأجيل الاحتفال بعيد الفطر المبارك حتى يوم الأربعاء.

وأشار العليي إلى أن هذه الممارسات تعتبر انتهاكات واضحة تهدف إلى حرمان اليمنيين من حقهم في الاعتقاد الديني، وهو انتهاك يجرمه القانون الدولي الذي أكد على حرية الإنسان في ممارسة شعائره الدينية، حيث نصت المادة 18 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948 بأن "لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره".

وبين العليي بأن هذه الممارسات تأتي في سياق عمليات التجريف الفكري الممنهجة التي تمارسها مليشيات الحوثي لتغيير الواقع الثقافي والديني والاجتماعي في هذه المناطق بقوة السلاح.

وطالب العليي المنظمات الدولية والأممية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، والعمل على متابعة واقع الحقوق والحريات في اليمن، بما يساعد على محاصرة هذا النوع من الانتهاكات.

 

كسر زجاج سيارتي بسبب إفطاري يوم العيد

خطيب العيد الحوثي طالب بضرورة الحفاظ على دماء المسلمين عامة واليمنيين خاصة من إراقتها وسفكها دون وجه حق، إنهم ينهون عن فعل ويأتون به.

هذا ما تحدث به عمر، أحد سكان صنعاء، والذي أضاف: "يقتلون الأبرياء ثم يتحدثون عن إراقة الدماء وحرمتها، بينما هم زرعوا الألغام في كل شبر من الأراضي اليمنية، وفجروا المنازل وقطعوا الطرق وقتلوا النساء والشيوخ وجندوا الأطفال الأبرياء وأرسلوا قذائفهم وصواريخهم إلى الأحياء والمواقع المدنية، إنهم أكثر من عبث بأرواح ودماء الأبرياء في اليمن".

وتابع: "في يوم العيد الثلاثاء، أتت جارتنا الحوثية لزيارة زوجتي وعرفت منها أننا مفطرون، وبعد مغادرتها بساعة قام ابنها بكسر زجاج سيارتي الواقفة أمام منزلي.

ذهبت إلى والده وأخبرته بما فعل ابنه، فكان رده: سبحان الله رغم أن ابني صغير لكنه غار على دينه وعلى مخالفتكم لأوامر السيد، ولم أستطع منعه من الخروج من المنزل والتوجه إلى سيارتك وتحطيم زجاجها. وبعد سماعي لمحاضرته طالبته بثمن الزجاج، فرد متوعدا: خلي عبد ربه يدي لك (يعطيك) ثمن الزجاج، واحمد الله أنني راعيت حق الجوار ولم أبلغ بأنك مفطر أنت وجميع أسرتك، وإلا كنت الآن في السجن".

 

تحديد مساجد للصلاة وتوحيد للخطبة

كشف مصدر أن الحوثيين قاموا بتحديد مساجد معينة لإقامة صلاة عيد الفطر فيها، من أجل تمرير مخططاتهم وأهدافهم وبث سمومهم، حيث تم اختيار خطباء حوثيين لخطب العيد في تلك المساجد والاكتفاء بهم، مع إيقاف ومنع باقي الخطباء من القيام بأي خطب.

وذكرت مصادر أن وزير الأوقاف والإرشاد الحوثي شرف علي القليصي وجه كافة فروع وزارته في مناطق سيطرتهم بالاكتفاء بالمساجد المحددة لصلاة العيد، ومنع أي مساجد أخرى من إقامة صلاة العيد فيها، ومنها تلك المساجد المعروفة التي كانت تقام فيها صلوات العيد خلال السنوات الماضية والتي اعتاد الناس الحضور إليها لصلاة العيد.

وبين المصدر أن خطبة العيد في كافة المساجد التي اختارها الحوثي تم توحيدها، لتشمل عددا من النقاط التي تعمد الحوثيون الحديث عنها، ومنها زرع الطائفية وتفريق وتمزيق الهوية العربية والإسلامية من خلال إذكاء النعرات والعنصرية، والمطالبة بدعم الجبهات بالمقاتلين.

 

كيف لنا أن نصوم بعد هؤلاء المجانين

على الرغم من كل الإجراءات التي استخدمتها المليشيات الحوثية لمنع الناس من أن يفطروا يوم العيد، وانتشار الكثير من الأطقم العسكرية والنقاط الأمنية في شوارع العاصمة صنعاء، التي قامت بتفتيش الناس واستخدام القوة ضد المفطرين، إلا أن صنعاء شهدت رفضاً لتوجيهات المليشيات، تمثل في إصرار السكان على الإفطار يوم الثلاثاء، واعتباره يوم عيدهم وإن كان عيداً بلا صلاة.

ففي سوق الخضروات الأكبر في العاصمة المعروف بسوق علي محسن، كان معظم الباعة فاطرين. وفي شوارع الزراعة والجزائر وحدة فتحت المسالخ منذ ساعات الصباح الأولى أمام الزبائن، وقال أصحاب مسالخ إن كثيراً من الزبائن جاؤوا إليهم واشتروا لحمة العيد، وعبروا عن غضبهم من إصرار الحوثيين على تقسيم المجتمع باستغلال الدين لأهوائهم.

كما شوهد سائقو باصات الأجرة وهم يمضغون القات، وقال بعضهم: كيف لنا أن نصوم بعد هؤلاء المجانين الذين صاموا يوم الأحد ويريدون العيد يوم الأربعاء؟

الملاحظ أنه على الرغم من أن كثيراً من الحوثيين أقدموا على الصيام قبل عامة الناس بيوم واحد، إلا أن الكثير منهم اضطروا يوم الثلاثاء لإخفاء إفطارهم، خشية أن يؤثر ذلك على سمعة المليشيات أمام الناس ويبرر لهم الإفطار علنا، والكثير منهم لجؤوا لتبرير ذلك بأنه صيام شك وأنه يوم من شعبان.

 

إرغام أئمة الجوامع على أداء صلاة القيام

ذكر أهالي منطقة سعوان أن المليشيات الحوثية أصرت على إرغام أحد المساجد على إقامة صلاة القيام بالقوة، حتى يقتنع الناس في المنطقة بأن الثلاثاء هو اليوم المكمل لرمضان وأن الأربعاء عيد.

وقال الأهالي إن طقمًا عسكريًا تابعًا للمليشيات الحوثية وصل الساعة الواحدة والنصف من فجر الثلاثاء وأرغم إمام الجامع ومن معه على إقامة صلاة القيام، وأنهم اضطروا للاستسلام والصلاة أربع ركعات فقط.

وقال سكان في العاصمة صنعاء إن مليشيا الحوثي نفذت حملة أمنية واسعة على مساجد صنعاء ومصليات العيد، وقامت بإغلاقها من أجل تنفيذ قرارها.

وأشارت المصادر إلى أن المليشيا قامت بمصادرة مكبرات الصوت الخاصة ببعض المساجد والمصليات التي كانت قد بدأت بترديد تكبيرات العيد.

وفي عدوان حوثي لافت، اختطفت المليشيات الانقلابية نحو 25 شخصاً بينهم خطيب وإمام أحد المساجد في صنعاء، بعد الاعتداء عليهم بالضرب والشتم، بسبب إقامتهم صلاة عيد الفطر.

وفي تصريح سابق لوكيل وزارة الأوقاف والإرشاد الدكتور طارق القرشي، وتعقيبا على قرار الحوثي بأن يوم الثلاثاء مكمل لرمضان، اعتبر أن هذه الخطوة تكرس الانقسام الحاصل منذ سنوات، وتعكس الهيمنة الطائفية التي يفرضها الحوثي بقوة السلاح، وتعمل على تسييس الدين وفرض أفكار مقيتة ورؤى بغيضة على الشعب.

وأضاف القرشي: "لم تكن وحدة الأمة أو وحدة المجتمع في يوم من الأيام أولوية لدى هذه الجماعة المارقة التي جاءت أساساً لهدم المجتمع وتبديد نسيجه الواحد وفرزه على أساس تقسيمي، مؤكدا أن المليشيات دأبت منذ نشأتها على إفساد وتشويه الشعائر الدينية لدى عموم المسلمين، واتجهت لبناء مناسباتها الخاصة بعائلاتها ورموزها.

 

محاصرة القرى

استنكرت الحملة الشعبية لاستعادة مؤسسات الدولة في اليمن، الانتهاكات التي مارستها مليشيا الحوثي الطائفية ضد المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها يوم الثلاثاء، جراء احتفالهم بعيد الفطر المبارك.

وقالت الحملة في بيانها إن مليشيات الحوثي عملت على حرمان اليمنيين من حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية يوم عيد الفطر المبارك من خلال اقتحام المساجد وتنفيذ حملة اختطافات واسعة لكل من أفطر استجابة لفتوى هيئة علماء اليمن يوم الثلاثاء.

وأكدت الحملة أن مليشيات الحوثي حاصرت بعض القرى في محافظة المحويت وعمران مطالبة بالأشخاص الذين أفطروا يوم الثلاثاء وحاولوا أداء صلاة العيد، وهو انتهاك لم يحدث في اليمن من قبل.

واعتبرت بأن هذه الممارسات انتهاكا صارخا لحق اليمنيين في الاعتقاد والفكر واعتناق المذهب والدين، وهو انتهاك يجرمه القانون الدولي الذي أكد على حرية الإنسان في ممارسة شعائره الدينية.

وأشارت إلى أن هذا الإرهاب الطائفي ناتج عن شعور المليشيات بانفصالها السياسي والاجتماعي عن واقع الناس الذين لا يعترفون بالحوثيين كسلطة شرعية ولا بما يصدر عنها.

واختتمت الحملة بيانها بمطالبة الحكومة الشرعية بالقيام بواجبها في حماية المدنيين في مناطق سيطرة الحوثيين، كما طالبت المنظمات الدولية وعلى رأسها المنظمات التابعة للأمم المتحدة بإدانة هذه الانتهاكات، والعمل على رفع الظلم والجور الذي يمارس ضد السكان في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الطائفية.