الجمعة 29-03-2024 03:36:37 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

ما وراء استهداف الإصلاح في تعز..؟

الثلاثاء 23 إبريل-نيسان 2019 الساعة 10 مساءً / الاصلاح نت - خاص- محمد المياحي

 

حين نتحدث بشكل متكرر عن حرب استهداف يتعرض لها حزب بعينه، فالأمر ليس مجرد توجسات ذهنية مبالغ فيها ولا هو استشعار وهمي ناتج عن نظرية المؤامرة، بل هو حديث تسنده الوقائع كل يوم ويعززه منطق الأمر الواقع الذي نعيشه ونعايشه بشكل متكرر.

 

ويكفي أي مراقب متجرد، يرغب بإستكشاف حقيقة الحملة المغرضة التي يتعرض لها حزب الإصلاح، أن يقوم بجولة سريعة في الفضاءات الإعلامية كي يستكشف حجم الهجمة التي تتوسع كل يوم ضده، وسيلاحظ بجلاء كيف تُخلط الحقائق بالضغائن و يجري الترويج لخطاب إعلامي كارثي يفتقر لأدنى مقومات المهنية، ويدهس كل الأعراف والمواضعات الصحفية، بغية النيل من الخصم مهما كانت الطريقة المتبعة لتحقيق ذلك الهدف.

  

*حرب كراهية تتجاوز التشويه

(مواصلة الشيطنة تمهيدًا للإستهداف العملي)

من الواضح جدًا أن هذا الشغل ليس ارتجاليًا ولا يتحرك بعشوائية، فالمؤشرات الناظمة له تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، بأن ثمة دوافع كثيرة تقف خلفه، وبقدر ما يبدو الشغل حالة من التجني العبثي_ ليست جديدة لكنها متجددة_ تعمل عليها أطراف قديمة ومعروفة بعدائها للإصلاح، إلا أن هذه الحملات المتواصلة، حاولت في الفترة الأخيرة توسيع دائرة اشتغالاتها وأدخلت على الخط عناصر جديدة، جميعها اتحدت، لهدف واحد، لا يتمثل بتشويه الحزب ومواصلة حملات شيطنته القديمة والممتدة منذ زمن، بل تجاوزت هذا للتمهيد لمحاولة ضرب أكبر التنظيمات السياسية في البلاد، وذلك عبر تكثيف استهدافه في كل الإتجاهات بغية خنقه أكثر والتشويش على صورته العامة وشن ما يشبه حرب الكراهية ضده داخل المجتمع، وصولًا لتسويغ أي إجراءات عملية تستهدف حشره في زواية ضيقة وتحجيم حضوره العملي، أو تجريدة من القوة بطريقة أو بأخرى.

 

إلا أن هذا الشغل لا تقتصر آثاره على الحزبالذي لديه خبرة طويلة في الخروج من الأزمات وتجاوز مخلفاتهابل يمتد أثره على المعركة الوطنية برمتها والتي يخوضها الشعب لتحرير البلاد من "الإماميين الجدد" الذين ما زالوا جاثمين على صدره، وبدلا من أن يوحد الجميع جهودهم لهذا الهدف، إذا بمن يدعون النضال من أجل مشروع الدولة، يوجهون أدواتهم للتسديد بإتجاهات عبثية وخاطئة وإهدار الجهود الوطنية بلا طائل.

  

* التوصيف المبدئي للمعركة

بداية من المهم أن نؤكد على أمر بديهي، يتفق عليه الجميع، وهو الأمر المتعلق بتوصيف المعركة الدائرة في البلاد منذ أربع سنوات، حيث يخوض الشعب حربًا واضحة وذات هوية محددة وحاسمة، تتمثل في المعركة التأريخية التي انخرط فيها اليمنيون بكامل توجهاتهم وبكل التيارات السياسية الفاعلة والقوى الإجتماعية المتعددة ضد جماعة أقلية مليشاوية طائفية انقلبت على الدولة ودمرت كل الثوابت الوطنية وفرضت حكمًا سلطويًا بصبغة مذهبية تجلت للجميع من خلال ممارساتهم منذ اللحظات الأولى لتحركاتهم.

  

* محاولة تغيير طابع المعركة

مقابل حالة الإجماع التأريخي التي يتفق عليه اليمنيون بشأن توصيف هوية المعركة الدائرة في البلد، تجري محاولات عديد، وتبذل جهود جبارة من قبل أطراف عديدة لإعادة تعريف المعركة وصناعة هوية أخرى لها، وذلك تمهيدًا لحرف مسارها تدريجيًا وبما يبرر أي خطوات لاحقة لإستهداف قوى أصيلة في المعركة الوطنية متمثلة في حزب الإصلاح.

 

المحاولات الجارية الآن، تشتغل تحت عناوين متعددة، منها ما يحاول تصوير المعركة بأنها معركة الاصلاح فقط، وبقدر ما يبدو الأمر بأنه يصب في صالح الإصلاح، إلا أن أهدافه الخفية تسعى للقول بأن الإصلاح وحده من يجني مكاسب الحرب وبالتالي فهي معركته لوحده.

 

وهذا الأمر يشكل منطق خطير لكونه ينزع الغطاء الوطني عن الحرب ويحاول بث شائعة تدفع الناس للإنكفاء على ذواتهم أو التكتل على الضد من الجيش وبما يفقد المعركة حاضنتها الشعبية وبعدها الوطني ويغذي مشاعر عدائية وصدامات مستقبلية بين الجمهور وبين قوة شعبية أو عسكرية هي من صميم المجتمع وفي قلب المعركة الوطنية التي يخوضها الشعب لإستعادة دولته.

  

* دور الإصلاح في المعركة

لا شك أن الإصلاح القوة الاجتماعية والسياسية الأبرز داخل الجبهة الوطنية التي تخوض معركة التحرير، ويمثل الحزب بحضوره الواسع وتنظيمه المحكم، نقطة قوة وطنية ورافعة سياسية وإجتماعية لحسم المعركة وإستعادة الدولة التي هي هدف الجميع.

 

إلا أن الفكرة التي ترددها المطابخ المعادية للحزب والقائلة بأن نتائج الحرب يجنيها حزب الإصلاح، هي شائعة مفضوحة لا يمكن أن تصمد أمام أي نقاش حقيقي، ولا تستند على أي أدلة حقيقية، ولا تعدو كونها شائعة إعلامية مغرضة، تهدف للتعريض بالحزب بغية خلط الأوراق وتعميم صورة ذهنية مغلوطة عن الواقع.

 

فواقع الحال يقول بأن الحزب هو أكثر القوى السياسية تسامحًا إزاء تمثيله الإداري وأقل الأحزاب حصولًا على المكاسب، مقارنة بحجمه الشعبي ووزنه الإجتماعي، مع أنها إحدى إستحقاقاته الديمقراطية الطبيعية لو تعاملنا بمنطق الأغلبية والأقلية، ومع كونه لم يحصل على حقه الكامل إلا أنه لم يسلم من الإستهداف بتهمة حيازته على الحصة الأكبر من التمثيل والنفوذ السياسي، هكذا بدون أي إثبات عملي لهذه التهمة التي يرددها البعض.

  

* شائعة استفراد الإصلاح

هناك فكرة مهمة يحاول خصوم الإصلاح التغطية عليها، بقولهم أن الإصلاح يجني مكاسب الحرب، هذه الفكرة تتمثل في صرف الأنظار عن تغول خصوم الإصلاح داخل الجهاز الإداري والسياسي للدولة وحيازتهم للجزء الأكبر من حصص المناصب، وبما يتجاوز أحجامهم الحقيقية، ولكون الإصلاح متسامح مع هذا الأمر ويولي اهتمامه الأكبر للمعركة الأصلية، فهم لم يكتفون بتسامحه تجاههم، بل انتقلوا لخطوة هجومية ضده وأرادوا قلب الحقائق بإسقاط التهمة عليه، يفعلون ذلك بوعي كامل؛ ولتكريس شائعة استفراد الإصلاح، بهدف حماية أنفسهم ومكاسبهم التي يشعرون بأنهم تحصلوا عليها بدون استحقاق يذكر ويخشون من فقدانها بأي لحظة، ليس بفعل إقصائي يقوم به الإصلاح فهذه ليست وظيفته ولا هي منهجية للحزب ولكن أمام أي وضع تصحيحي للوظيفة العامة وضبطها بمعايير الكفاءة وموازين التمثيل السياسي العادل الذي تقوم به الدولة تجاه الجميع.

  

* مخاطر إستهداف الإصلاح على مستقبل البلاد

الإصلاح مثله مثل كل الأحزاب الريادية الفاعلة، مهما كانت درجة اتزانه ورسوخه وإنشغاله الوطني وعدم قابليته للإنجرار نحو معارك هامشية، إلا أنه يظل مضطرًا للتصدي لكل ما يتهدده من شائعات ولا يمكنه التخلي عن حماية نفسه، وبالرغم من محاولته الدائمة لتكثيف جهوده الكبرى من أجل الدفع بالمعركة الوطنية العامة والتعجيل بالخلاص لهذا الشعب، إلا أنه بالمقابل لا يستطيع تجاهل الهجوم الذي يتعرض له أو ترك نفسه عرضة للسهام المتعددة التي تتناوشه من هنا وهناك.

 

وبقدر ما يمثل هذا العمل حق مشروع للحزب من أجل الدفاع عن نفسه، فهو بالمقابل سوف يصرف جزءاً كبيراً من جهود الحزب وقدراته إلى معارك أخرى عنوانها حماية الذات، ومهما كان الحزب يملك مبرراته الكافية والداعمة لخوض معركة الدفاع عن نفسه، إلا أن الحقيقة التي يصعب تجاهلها أو عدم الإلتفات لها هي أن هذا الجهد المبذول سيخصم من الجهد الذي كان يتوجب صرفه في المعركة الوطنية الكبرى، معركة الشعب مع المشروع الإمامي الذي يعد أخطر مشروع على حاضر ومستقبل البلاد جميعها.

 

هكذا تؤثر الحملات الإعلامية التي تشتغل عليها بعض الأطراف ضد الإصلاح، على معركة الجمهورية، بهذا يكون هؤلاء كمن يشتغلون ضد أنفسهم؛ لكن الإنتهازية الرخيصة والأحقاد هي من تتحكم بهم وبالتالي فلم يعودون يفرقون بين خصم يقفون معه على أرضية واحدة وبين عدو يتهددهم جميعًا .

   

* مفارقة أخيرة

تتمثل ذروة المسخرة السياسية لدى من يشيطنون الجيش ويصيغون شعارات منمطة ضده، ويحاولون بقوة تكريس صورة ذهنية مليشاوية عنه ولا ينسون أن يقولوا بأنهم يفعلون ذلك دفاعًا عن الجيش والدولة المدنية، إلا أنهم سرعان ما يفضحون أنفسهم ويكشفون هدفهم الحقيقي حين ينبرون للدفاع عن المليشيات الخارجة عن القانون، وهنا يبرز السؤال : منذ متى كان الدفاع عن المليشيا عملا يصب في صالح الدولة المدنية..؟!

 

من الواضح جدا، أن السلوك متشابه بين من يشيطنون الجيش وبين المليشيا المتمردة عليه ومن يدافع عنها، كلاهما يتخادمان بطريقة أو بأخرى، وبالتالي فهم بقدر ما يتناقضون في منطقهم هم أيضًا يشتغلون ضد المظلة الشرعية التي يعملون تحتها أو يزعمون بأنهم يدينون لها بالولاء، أي أنهم يقطعون الساق الذي يقفون عليه، وهم بذلك لا يضرون بالإصلاح، بل يستهدفون الشرعية بكاملها ويشوهون صورة الجيش الذي يعد الركيزة الأساسية لحماية مشروع الدولة، وهو جيش لا علاقة مؤسسية بينه وبين حزب لا يتوقف عن إعلان تمسكه بالدولة والعمل لخدمتها لكنهم يصرون على التجديف خارج المنطق ويتمسكون بشائعاتهم ضد حزب الإصلاح، في مشهد أقل ما يقال عنه أنه: نوع من المكيدة المكشوفة والتجني الفاضح، والسلوك العابث بالمشروع الوطني ككل وبكل المواضعات الوطنية المعروفة وأعراف الخصومات السياسية التي تحاذر المساس بالثوابت مهما بلغت درجة خصومتها مع الأخر.

كلمات دالّة

#تعز #الاصلاح