الجمعة 29-03-2024 00:31:01 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون والبرلمان.. محاولة التعلق بخيوط من شرعية زائفة

السبت 16 فبراير-شباط 2019 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص

  

قبل أيام، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي، عزمها إجراء انتخابات لملء المقاعد الشاغرة في مجلس النواب، دون أن يتضح ما إذا كان ذلك سيشمل الـ32 عضوا المتوفين والعاجزين عن الحركة فقط، أو سيضاف لهم المنضمين للشرعية.

وأقرت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء توجيه قطاعاتها والأمانة العامة لاتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة لإجراء انتخابات ملء المقاعد الشاغرة بمجلس النواب وفقا للقانون. جاء هذا بعد أسابيع من صدور قرار قضى باستبدال أربعة قضاة في اللجنة العليا بآخرين موالين للجماعة الحوثية الانقلابية.

 

تناقض

توجه الحوثيين ذاك يظهر مدى تناقضهم مع أنفسهم، فكما هو معروف فقد أعلن الحوثيون في فبراير 2015 -عقب انقلابهم على السلطة الشرعية- ما يسمى بـ"الإعلان الدستوري" من طرف واحد، عقب فشل الجهود السياسية الأخرى التي رفضت الجماعة التعاطي معها.

تضمن الإعلان الدستوري حل البرلمان واستبداله بمجلس وطني انتقالي يتكون من 551 عضوا، وذلك استمرارا في نهجهم الرامي إلى تعطيل مؤسسات الدولة، لكنهم حينما فشلوا في الحصول على مشروعية انقلابهم ولم يعترف بهم احد عمدوا الى إعادة تفعيل مجلس النواب وتسخيره لخدمة مشروعهم الانقلابي في محاولة إضفاء المشروعية عليه.

 

عمل غير مشروع

وبشأن إعلان الحوثيين توجههم لإجراء انتخابات تهدف لملء المقاعد الشاغرة في البرلمان، أكد عضو مجلس النواب والخبير القانوني محمد الصالحي أن إعلان الحوثيين ذاك باطل ولا يمتلك أي صفة دستورية أو قانونية.

وقال -في تصريح صحفي- إن الدعوة للانتخابات البرلمانية جاءت من جهة لا تملك صفة لا دستورية ولا قانونية، مؤكداً أن مجلس النواب الحالي في صنعاء، الذي يرأسه يحيى الراعي، حنث بالقسم الدستوري وأيد الانقلاب والاستيلاء على السلطة بالقوة خلافاً للدستور.

وأشار الصالحي- عضو لجنة الدستور والقانون في مجلس النواب اليمني- إلى بطلان إجراءات الحوثيين وتعيينهم لأعضاء في اللجنة العليا للانتخابات صادر من غير ذي صفة، وأن سلطة الانقلاب بجميع مؤسساتها مشمولة بالقرار الأممي 2216 الذي اتخذ تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبإجماع نادر اتخاذه بدون معارض، وهي تعطي الحق بتشكيل قوات دولية واستخدام القوة المفرطة ضد من لم ينصع لتنفيذ القرارات التي تصدر تحته.

  

تحرك الشرعية

بدأت الحكومة الشرعية منذ منتصف العام 2017 بالعمل من أجل استئناف عمل البرلمان، وذلك بعد نقل مقره إلى العاصمة المؤقتة عدن. وتدعم ذلك، وبشدة، المملكة العربية السعودية التي وصل إليها عدد كبير من أعضاء البرلمان، والذين عقد معهم الرئيس عبد ربه منصور هادي اجتماعا قبل أسابيع.

وفي سياق تلك الجهود، أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قرارا جمهوريا، ، قضى بنقل مقر اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك لوقف عبث جماعة الحوثيين باللجنة، التي بدأت باستبدال أعضائها.

وتواجه الحكومة بعض الصعوبات في تفعيل البرلمان من عدن، خاصة بعد رفض رئيس ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" أحمد بن بريك استئناف جلساته منها، باعتبار ذلك خطوة استفزازية لـ"شعب الجنوب" حد وصفه، الذي تبلغ نسبة تمثيل الجنوبيين فيه 5 بالمئة فقط.

ومن المتوقع أن يتم عقد الجلسات خلال وقت قريب، خاصة بعد اكتمال النصاب القانوني، وهو حضور نصف الأعضاء الأحياء والقادرين على التواجد تحت قبة البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 301.

ومن المتوقع أن يرأس نائب رئيس مجلس البرلمان اليمني محمد الشدادي الجلسات في عدن. لكن هناك من يعتقد أن بالإمكان استئناف البرلمان عمله من أي محافظة أخرى تشهد استقرارا كمأرب.

  

دلالات مختلفة

مع اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسات البرلمان تحت مظلة الشرعية، يؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك أن الحوثيين يتراجعون إلى الوراء وتفككت قوتهم وأصبحوا لا يملكون أي غطاء سياسي، خاصة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي أعقبه خروج كثير من البرلمانيين في جناح حزب المؤتمر الموالي له وتأييدهم للشرعية.

ويمكن للمجلس أن يكون رديفا للسلطة، ويقوم بمهام مراقبة وقف إطلاق النار أو المصالحة أو بتشكيل لجان ميدانية لبناء ثقة المواطنين بالدولة بعد استعادتها. ويعد البرلمان المؤسسة الدستورية الوحيدة الباقية(منذ العام 2003)، والذي من شأنه أن يعزز الشرعية أكثر ويوحد الموقف السياسي خلف الرئيس هادي ويسند دوره، ويسهم في الحد من الفساد المستشري.

  

ضربة قاسية للحوثيين

ويعتقد الصحفي كمال السلامي -في تصريحات صحفية- أن سحب أعضاء البرلمان(من صنعاء) يشكل ضربة للحوثيين، لأن من يملك السلطة التشريعية يملك حق إصدار وتعديل القوانين والتشريعات، وكذا المصادقة على الاتفاقيات الدولية ونحوها.

وأكد السلامي أن تلك الخطوة استباقية، ويعتقد الحوثيون أنه حتى لو صار هناك حل سياسي، سيكونون قد ضمنوا 26 ممثلا لهم في البرلمان، لأنه لا منافس لهم في أي انتخابات حال قاموا بها، وإن كانت غير شرعية، ذلك أن بإمكانهم أن يحاججوا بها مستقبلا، في أي مفاوضات للحل النهائي، حيث سيتطلب الامر أن يكون ثمة دور انتقالي للمؤسسة التشريعية، وبالتالي على الشرعية التحرك السريع، والإعلان عن انتخابات لملء الدوائر الشاغرة في المحافظات المحررة لاستكمال النصاب القانوني لانعقاد مجلس النواب.

  

تحت سطوة السلاح

ويعيش عدد من أعضاء البرلمان ظروفا صعبة داخل العاصمة صنعاء، اضطر بسببها البعض للسفر خارج البلاد. وقد كشف وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشوري محمد الحميري أن أعضاء البرلمان في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي في عداد الإقامة الجبرية، ولا يملكون حريتهم، وحياتهم في خطر، كما أن ممتلكاتهم تحت سيطرة الحوثيين، ويتعرضون للتهديد من وقت لآخر.

وداهم الحوثيون قبل أيام منزل البرلماني عباس النهاري بصنعاء، وأخرجوا كل من في المنزل إلى الشارع ونهبوا كل محتوياته.

واعتبرت الكتل البرلمانية للإصلاح-في بيان صادر عنها- الاعتداء بأنه انتهاك لكل القيم الإنسانية والأعراف، وتأكيد على أن المليشيات الحوثية ماضية في غيها وطغيانها وانتهاكاتها الوقحة ضد كل فئات وشرائح المجتمع اليمني، وبصورة ممنهجة.

وطالب البرلمان عقب ذلك الأمم المتحدة بالتدخل السريع لحماية النواب الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية بعد تهديدات لجماعة الحوثي بالتنكيل والقتل وتفجير منازلهم في العاصمة صنعاء، موضحا أن 30 عضوا تم منعهم من التحرك من قِبل الحوثيين.

وقام الحوثيون خلال الفترة الماضية بتنشيط مجلس الشورى، كما عقدوا أولى جلسات البرلمان على الرغم من عدم بلوغ النصاب القانوني في أغسطس 2016، وذلك من أجل دعم تشكيل ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للمليشيات.
ويحاول الحوثيون إضفاء قدر من المشروعية على مشروعهم الانقلابي من خلال إعادة إحياء دور مجلس النواب ذي الاغلبية المؤتمرية التي كانت تأتمر بتوجيهات حليفهم السابق علي صالح، وهو ما جعلهم يرفضون بشدة اي دور للمجلس في حياة صالح، لكنهم بعد التخلص منه ورثوا عنه ماتبقى من مجلس النواب مثلما ورثوا حزبه في صنعاء، وعدوهما تركة خاصة بهم، وسارعوا لتوظيف كليهما لخدمة مشروعهم الانقلابي السلالي، وهو المشروع الذي سيلفظ انفاسه تحت ضربات قوات الشرعية والتحالف.