الجمعة 29-03-2024 11:49:59 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

11 فبراير.. أدوار عظيمة لحرائر تعز في صناعة ثورة الشعب السلمية

الأربعاء 13 فبراير-شباط 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت- خاص

  

لعبت المرأة التعزية دورا بطوليا خلال ثورة فبراير 2011، وسجلت حضورها وبقوة في هذه الانتفاضة التي ما تزال مستمرة حتى اليوم برغم تغير مسارها من السلمية إلى العنف الذي فُرض عليها.

كان للمرأة التعزية دورا لافتا في ثورة فبراير، بدءا من مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي تنتشر بشكل كبير في البلاد وساهمت بشكل واضح في التحشيد لهذه الثورة، إضافة إلى مشاركتها جنبا إلى جنب مع الثوار في المظاهرات والاحتجاجات السلمية التي شهدتها مختلف المحافظات اليمنية.

دفعت المرأة، كما الرجل، ثمن رفضها للفساد ومطالبتها بالتغيير، حيث تم مواجهة الثوار بالعنف والقوة برغم تمسكهم بالسلمية، وسقط من النساء شهيدات وجريحات وبرزت أسماء كثيرة بينهن.

 

تضحيات

لا يزال اسم الشهيدة عزيزة المهاجري حاضرا في ذاكرة كل تعزي، فقد كانت أول امرأة سقطت برصاص النظام في ساحة الحرية، لتؤكد أن رصيد المرأة النضالي في تاريخ اليمن الحديث كبيرا للغاية.

وسقطت خلال الزخم الثوري في عام 2011 في ساحة الحرية بتعز قرابة خمس شهيدات، و15 امرأة أخرى نتيجة القصف العشوائي الذي قام به النظام بقيادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي حاول مواجهة ذلك الحراك الثوري بالقوة لإخماده.

ومن بين أولئك النساء تفاحة العنتري، التي تقول ابنتها إسراء الطيب -في تصريحات صحفية- إن والدتها قتلت بعد وقوع قذيفة على فندق المجيدي في 11 فبراير أثناء تواجد والدتها بالساحة، وتؤكد أن "فبراير المجد والعزة، تحقيق مصير، قدمنا فيه دماءً، ليتعافى الوطن، ويعيش الجميع. فبراير هو اللبنة الأولى لبناء اليمن الجديد، ولو بعد مئة عام، ومهما التفوا لإخماد الثورة، فهي شعلة متجددة لا تنطفئ".

إضافة إلى تفاحة الملقبة بـ"أم الثوار"، هناك ياسمين الأصبحي وزينب العديني، اللائي سجلن أسماءهن في أنصع صفحات التاريخ، في هذه الثورة التي ما تزال مستمرة حتى اليوم.

  

أسماء خالدة

إلى جانب الشهيدات، كان هناك الكثير من الناشطات اللاتي برزت أسماؤهن وكان لهن حضورا كبيرا في ساحة الحرية بتعز، بينهن نجاح الشامي، بشرى المقطري، ربا جعفر، أسمهان علي، إشراق المقطري، منال الذبحاني، خديجة الحدابي، حياة الذبحاني، ألفت الدبعي، رهام البدر، ياسمين الصبري، هدى الحيدري، وأخريات، كان حضورهن كبيرا ومن الوجوه التي سارعت للنشاط في إطار الثورة ودعمها منذ وقت مبكر.

  

تغيير النظرة المجتمعية

غيرت النساء المشاركات في الثورة النظرة المجتمعية للمرأة في اليمن، والتي غالبا ما كانت قاصرة، وتكاد لا تخرج عن دائرة أن مسؤولياتها داخل المنزل وتربية الأبناء.

وكما هو معروف فقد كان حضور المرأة المتعلمة طاغيا، وعكست نظرة إيجابية عن النساء في اليمن، اللائي يمكنهن القيام بأدوار كبيرة وتحملن مسؤولية التغيير إلى جانب الرجل، وأصبحن بذلك شريكات أساسيات وفاعلات في الثورة.

عقب ذلك استطاعت المرأة أن ترفع صوتها أكثر وتطالب بحقوقها المختلفة، وكانت مشاركة فاعلة في مؤتمر الحوار الوطني، وبدأت برفض الظلم والتهميش الذي تتعرض له، ومطالبة بكامل حقوقها السياسية.

  

عامل قوة

أدى وجود المرأة ومشاركتها في الثورة إلى تحفيز شباب الثورة، خاصة حين شاهدوا شجاعتها وعدم خوفها من آلة قمع النظام السابق، فكانت سببا لالتحاق العديد بركب الثورة.

واستطاعت المرأة -كما يقول الناشط الشبابي وليد الجعور- أن تتجاوز مربعات التأثير والحضور المحدود، لتغدو حاضرة في صناعة ملامح فبراير بكل تفاصيله، وفي مشاهد لا تجد فيها أي تمايز بين دور المرأة والرجل، فلقد كانت الشهيدة والثائرة والفيلسوفة والأديبة المناضلة والجريحة.

  

أدوار عظيمة

وفي سياق ذي صلة، تذكر الناشطة في الثورة الشبابية أسمهان علي، أن الأقدار شاءت لتعز أن تكون مهبط الثورات، لأنها المدينة التي حملت شعلة العلم والتعليم منذ ستينيات القرن الماضي، فكان للمرأة في تعز النصيب الأكبر من العلم والمكانة الاجتماعية.

وكان لطبيعة تعز أثرا على المرأة وسهلت أن تكون رفيقة النضال والثورات جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، فحملت شعلة التنوير والنضال في 2011، من خلال مشاركتها في المسيرات والتوعية بأهداف 11 فبراير، فضلا عن مساهمتها في صنع الكعك للمرابطين في ساحات الحرية، وفق أسمهان.

وتابعت: "كانت المرأة مشاركة ضمن اللجنة الطبية، وفي التوثيق الإعلامي، ولم تبخل المرأة التعزية من أجل الثورة وضحت حتى سقطت شهيدة لتخط بدمها الطاهر تاريخ 11 فبراير".

وأكدت أن الماجدات بتعز خرجن من أجل وطن ودولة مدنية وعدالة وحق، لكن أيدي الغدر طالتهن والتحقن بركب الشهداء، مشيرة إلى استمرار المرأة التعزية بالعطاء إلى أن بدأت الحرب في 2015.

وأضافت: "دفعت تعز ثمن مواقفها ورفضها لغزاة العصر ميليشيا الحوثي، وكان للمرأة نصيبها من المعاناة، فقد حضرت بقوة توجت سماء تعز بدماء الشهيدة رهام البدر إحدى ناشطات الثورة والحرب معا، إلى جانب كثير من النساء اللائي عملن في المستشفيات وفي إمداد الخطوط الأمامية بالغذاء، والتوثيق الإعلامي".

وخلصت أسمهان إلى أن العمق الثقافي لتعز هو من صنع من المرأة بطلة في كل ميادين النضال والعزة والكرامة والشرف، شأنها شأن أخيها الرجل.

  

تضحية

العديد من النساء بتعز فقدن أبناءهن بسلاح النظام السابق، الذي واجه سلمية الثورة بالعنف. وفي ذكرى الثورة من كل عام، يتجدد وجع الكثير من الأمهات والزوجات اللائي تحولن إلى أرامل والأطفال اليتامى، الذين تتضاعف معاناتهم مع استمرار حبس بعض الثوار أو تشردهم داخل أو خارج البلاد بسبب مواقفهم السياسية، وعدم محاكمة كل من تورط في قتل الشباب العُزل.

وفي تصريحات صحفية للناشطة في الثورة الشبابية خديجة الحدابي، تقول إن "ثورة 2011 كشفت عن وجوه مشرّفة وناصعة البياض سيسجلها التاريخ كصفحات تتشرف بها اليمن، فآلاف الشهداء تركوا نساءهم أرامل وأمهات لأطفال، وغالبيتهن في أعمار الزهور والصبا، وأطفالهن في عمر الطفولة المبكرة، وهو ما يؤكد أن تضحياتهن عظيمة".

وترى أن ثورة 11 فبراير نقطة تحول تاريخية في حياة اليمن واليمنيين، مؤكدة أن "تعز التي خرجت في 11 فبراير 2011 ما زالت تهتف للجمهورية.. للوحدة.. للثقافة.. للسلام.. وستظل تدفع ضريبة الحرية من دماء الشهداء وأنات الجرحى وشتات النازحين حتى تتحقق أهداف 11 فبراير".

وبحسب الحدابي، فإن ثورة 11 فبراير لم تخفت جذوتها، بل ازدادت اشتعالا بكل قطرة دم سفكت، مضيفة: "ولن نبرح متارسنا ولا مواقعنا حتى تحرير اليمن كل اليمن، لنصنع اليمن الذي لأجله ارتقت أطهر الأرواح وأنقاها".

وكان مجلس شباب الثورة السلمية قال -الاثنين الماضي- إن "ثورة الحادي عشر من فبراير السلمية لم تكن ترفا ولا طيشا، بل كانت ضرورة وطنية لوضع حد للاختلالات والتخبط الذي أصاب نظام الحكم، وانعكس على حياة المواطن اليمني، وعلى الحالة السياسية ومآلاتها، وأودى بالأمل في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد"، مؤكدا رفض الانقلابات المسلحة "كمبدأ جسدته سلمية الثورة الشبابية التي تجاسرت على جراحها وحافظت على طابعها السلمي من أجل ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وبناء يمن ديمقراطي حر يحتكم لصناديق الاقتراع لا لمنطق القوة والسلاح ورغبة الانفراد بالثروة والحكم".

وشهدت مدينة تعز، صباح الاثنين الماضي، مهرجانا كرنفاليا حاشدا، شارك فيه الآلاف من أبناء المدينة، بمناسبة الذكرى الثامنة لثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية.

كلمات دالّة

#حرائر_تعز #اليمن