الجمعة 19-04-2024 13:00:28 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تماهي الحوثي والقاعدة وداعش.. العلاقات المريبة والتوظيف المتبادل للإرهاب

الإثنين 14 يناير-كانون الثاني 2019 الساعة 09 صباحاً / الإصلاح نت – خاص

 

أعادت العملية الإرهابية التي تناولتها وسائل الإعلام الأيام القليلة الماضية، والتي أقدم فيها تنظيم داعش الإرهابي على قتل أربعة شبان يمنيين في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء، خفايا العلاقات بين الجماعات الإرهابية والمتطرفة في اليمن إلى الواجهة، لا سيما بين جماعة الحوثي وكلٍّ من تنظيمي القاعدة وداعش.

العملية الإرهابية هي جريمة إعدام نفذها مسلحو داعش بحق شباب يمنيين كانوا في طريقهم إلى محافظة مأرب للالتحاق بصفوف الجيش الوطني الذي يواجه مليشيات الحوثي الانقلابية، والمشهد بدا مروعاً، حيث وصف منفذو العملية الإرهابية هؤلاء الشباب بالمرتدين، وتوعدوا الجيش الوطني بالمزيد من الهجمات.

وبالنظر إلى المستفيد من هذه العمليات الإرهابية فإنها تخدم المليشيا الحوثية التي ترى في القوات الحكومية عدوها الذي يعيق مشروعها الإمامي، بينما قال ناشطون بارزون على مواقع التواصل الاجتماعي إن العملية تثبت تورط المليشيا الحوثية التي لها علاقات خفية بالجماعات المتطرفة، فهي تستفيد من عملياتها الإرهابية التي تستهدف الجيش اليمني الذي يقاتل لاستعادة الشرعية في اليمن.

وبالرغم من انكشاف العلاقات بين هذه الجماعات المتطرفة إلا أن صندوقها الأسود لا يزال مليئا بالأسرار والغموض، فهناك علاقات مريبة تربط تنظيمي القاعدة وداعش بجماعة الحوثي ومن ورائها إيران رغم اختلاف المرجعية المذهبية للطرفين، لكنها تتطابق في الأهداف وإلى حدٍ كبير في الوسائل التي تعتمد على العنف والإرهاب.

  

فلسفة القتل والتعذيب

تكاد فلسفة القتل والتعذيب لدى مليشيات الحوثي من جهة وتنظيمي داعش والقاعدة تتطابق، فقد استنسخت جماعة الحوثي منذ تمردها على الدولة في العام 2004 تكتيكات القاعدة وفيما بعد داعش، لبث الرعب في قلوب معارضيها، سواء عبر جرائم القتل والتنكيل، واستنساخ أساليب وصور التعذيب بحق المختطفين، وتصوير مشاهد الإجرام وتفجير المباني.

كما تقوم هذه الجماعات، "الحوثي" و"داعش"، بنشر الرعب بين المجندين في قوات الجيش واستخدام الأسلحة الإيرانية والتمركز بين المدنيين واستخدامهم دروعاً بشرية، وتحويل المستشفيات والمرافق العامة إلى ثكنات عسكرية، علاوة على تطابقها في تدمير المواقع التاريخية والآثار كما فعلت داعش في العراق، وخطف النساء والإتجار بهن، وتجنيدهن في القيام بأعمال إرهابية.

وفي ديسمبر المنصرم، أكدت مصادر محلية أن مليشيات الحوثي الإيرانية حفرت شبكة أنفاق ودهاليز أرضية متصلة ببعضها، تحت منازل اقتحمتها في أحياء عدة بمدينة الحديدة، وخصوصاً 7 يوليو وحي الحلقة، وصولا إلى الحديقة العامة وسط المدينة، وهذه الأنفاق تشبه أنفاق "داعش" التي جرى العثور عليها في مدينة الموصل العراقية، عقب استعادتها من قبضته العام الماضي.

  

تبادل توظيف الإرهاب

مثلما ورث الحوثيون معسكرات الجيش وسلاحه من الرئيس السابق صالح قبل أن يقدموا على قتله لاحقاً، فإنهم ورثوا منه "القاعدة" أيضاً، لكنهم فيما بعد أنشؤوا جماعتهم الإرهابية الخاصة بهم وهي داعش كامتداد لداعش التي تقودها إيران في سوريا والعراق.

وحسب مراقبين دوليين في قضايا الإرهاب والجماعات المتطرفة، فإن الخبرات الإيرانية قد لعبت دوراً كبيراً في تأسيس فرع لـ"داعش" في اليمن وتشغيله لصالح الحوثيين لتقديم أنفسهم شركاء المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب، وجرى توظيف داعش والإرهاب عموما في اليمن وبكثافة قبل انقلاب المليشيات الحوثية على الدولة في اليمن في 21 سبتمبر 2014 من خلال العديد من العمليات الإرهابية، ولعل أهمها تفجير سيارة مفخخة أمام كلية الشرطة في طابور الطلاب المتقدمين للكلية والذي أسفر عن قتل وجرح عشرات الطلاب، وكذا تفجير جامع الحشوش في الجراف وهو جامع يتبع الحوثيين، ومثله تفجير في جامع البليلي في صلاة عيد الفطر من العام 2015، وتفجير جامع بدر الذي يديره مرجع حوثي في منطقة الصافية في العاصمة صنعاء وقتله أثناء الخطبة.

وهذه نماذج فقط للعمليات الإرهابية التي جرى تنفيذها في العاصمة صنعاء ونسبت لداعش، وجرى توظيفها لتبرير إرهاب المليشيات الحوثية وانقلابها وسيطرتها على البلاد ومؤسسات الدولة.

ما يثير الاستغراب والتساؤل لدى المراقبين للشأن اليمني، أنه وبعد إعلان عاصفة الحزم في مارس 2015 لم تحدث أي عملية إرهابية لما يسمى داعش في العاصمة صنعاء ضد مليشيات الحوثي ومواقعها العسكرية ومعسكراتها، وعوضا عن ذلك انتقل عملها وبشكل ملفت إلى مناطق التماس مع الجيش الوطني وقوات المقاومة الشعبية التي تخوض معارك مستمرة مع المليشيات الحوثية لاستعادة الدولة، بل إن قوات الجيش والمقاومة صارت هدفا للإرهاب على عكس الحوثيين الذين ظلوا طوال الوقت يصورون أنفسهم أنهم هم المستهدفون من داعش.

وبهذا بقيت داعش والقاعدة تعملان إلى جانب الحوثيين في البيضاء وتعز وبعض المحافظات الجنوبية، والتي كان آخرها العملية الإرهابية التي نفذها داعش وبينهم المدعو "الذهب" في البيضاء بقتل أربعة جنود الأسبوع الفائت، بينما أحد أقربائه (سيف الذهب) أحد القيادات الحوثية البارزة، وهو ما يكشف حجم التواطؤ والتنسيق بين الحوثيين وما يسمى داعش، كما ظهرت هذه العلاقات بين الجماعات المتطرفة في محافظة تعز، والتي أنتجت فوضى أمنية وعمليات إرهاب متناغمة واغتيالات لضباط وجنود الجيش الوطني في الأجزاء المحررة من تعز.

   

أعداء السلام

ولعل أهم ما يجمع المثلث الدموي "الحوثي" و"داعش" و"القاعدة" هو أنها لا تعيش وتفرخ إلا في بيئة العنف، فتحرص على استمرار حالة العنف والحرب، وتعتبر جميعها أعداء للسلام والأمن والاستقرار، فعجلة الحرب لديها تعني استمرار دورة حياتها، وإحلال السلام هو قطع لشرايين تنفسها القائم على العنف والإرهاب، وترى في أجواء الاستقرار السياسي مهددا مباشرا لوجودها الرافض للعمل السياسي وفكرة التعايش والقبول بالآخر.

في سبتمبر الماضي، قال رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إيران تعرض الملاحة الدولية للخطر وتدعم الإرهاب من خلال الحوثيين و"القاعدة" و"داعش"، وإنها تستهدف المياه الإقليمية والدولية وتعرض الملاحة الدولية للخطر وتنتهج سياسة إغراق البلدان بالمخدرات وتجارتها ودعم الإرهاب بشقيه الحوثي، و"القاعدة" و"داعش".

وكانت تقارير للأمم المتحدة ومجلس الأمن تحدثت عن علاقة للحوثيين بتنظيمي القاعدة وداعش، كما كشفت تحقيقات أيضاً عن تورط مليشيات الحوثي بزرع عبوات ناسفة بالمدن اليمنية ونسبها لداعش.

واستقطبت إيران في السنوات الماضية العديد من مقاتلي القاعدة، بينهم قيادات الخط الأول والقيادات الوسطى، كما رعت تقارباً بين التنظيم وجماعة الحوثي، وأفضى التقارب إلى إبرام صفقات بين الحوثيين والقاعدة لتبادل أسرى في البيضاء، بينما امتنعت مليشيا الحوثي عن إصدار بيان يؤيد العملية العسكرية ضد تنظيم القاعدة في المكلا وأبين في العام 2016.

ويرى سياسيون أن إيران عملت على صناعة تهديد جديد لأمن الإقليم والمجتمع الدولي، ووجدت في اليمن بيئة خصبة لزراعة هذا التهديد، وكانت عمليات داعش باستمرار تسويغاً لتمدد المليشيا الحوثية في العديد من المحافظات اليمنية تحت غطاء محاربة القاعدة وداعش.

  

أدلة دامغة

لم تعد ملامح التنسيق بين مليشيا الحوثي مع تنظيمي القاعدة وداعش خفية، فقد برزت بالتوازي مع الانتكاسات الميدانية والهزائم المتلاحقة لمليشيات الحوثي في جبهات القتال مع قوات الجيش اليمني المسنودة بالتحالف العربي، ومعها ارتفع منسوب نزيف القيادات الحوثية، التي ضاق عليها الخناق.

ولقد أدركت كلٌّ من الحكومة اليمنية والتحالف العربي خطر التنسيق بين هذه الأطراف التي تؤمن بالعنف والإرهاب، وتأكد أن إيران هي الداعم الرئيسي للتنظيمات الإرهابية على اختلاف مرجعياتها ومسمياتها، وتسعى من وراء ذلك إلى وقف مواجهة مشروعها التوسعي.

وغير بعيد كشف وكيل وزارة الداخلية اللواء محمد بن عبود الشريف أدلة دامغة عن أعمال تنسيق تجري على الأرض لمواجهة الجيش اليمني في بعض المواقع بين قيادات القاعدة وداعش من جهة، ومليشيا الحوثي من جهة أخرى، لتنفيذ أعمال إرهابية لزعزعة الأمن في البلاد، وذكر ما جرى أثناء تقدم القوات الحكومية في عدد من المناطق بينها البيضاء، حيث تقوم القاعدة وداعش بالعمليات العسكرية ضد الجيش الوطني وهي مواقع توجد فيها المليشيات الحوثية، فيما لم تسجل خلال الفترة الماضية وقبل تقدم الجيش أي مواجهات مباشرة بين هذه الجماعات الثلاث المتطرفة.

وأشار الشريف إلى أن هذه المكونات الثلاث اتفقت على مواجهة الحكومة الشرعية وبأدوار مختلفة لكل تنظيم، مضيفاً أن الأدلة التي حصلت عليها الوزارة وما يجري رصده من تعايش في منطقة واحدة تجمع داعش والقاعدة وميليشيات الحوثيين يؤكد على وجود ترابط وثيق وتنسيق في المواقف وآلية مواجهة الجيش.

  

المرأة.. جهادية أو زينبية

وبلغ التماهي والتطابق بين جماعات العنف الثلاث الحوثي والقاعدة وداعش إلى حد التماهي في تنسيق أدوار النساء داخل التنظيمات المتطرفة على اختلاف أشكالها، فتتطابق في تربية النشء على الأفكار المتطرفة وتكفير الآخر، وفي جمع الأموال وتهريب السلاح، ومشاركتهن مؤخراً في تنفيذ العمليات الإرهابية.

تبرز المجاهدات في تنظيمي القاعدة وداعش في تجنيد النساء وتكوين كتائب تقوم بأعمال القتل، بينما ظهرت كتائب الزينبيات في مليشيات الحوثي وهو مسمى يحاكي أسلوب إيران، للقيام بإرهاب المجتمع وقمع أي تحركات نسوية، حيث نفذت هذه الكتائب خلال الفترة الأخيرة جرائم متعددة من اقتحام المنازل وأعمال الخطف والاعتقال والتعذيب والتنكيل، وقمع التظاهرات كما حدث في صنعاء ومدن يمنية أخرى.

وتقوم كتائب الزينبيات الحوثية بأعمال زرع الألغام والعبوات الناسفة والتجسس، وأعمال العنف المختلفة، وهو ما كشفته وحدات خاصة في الجيش الوطني خلال العامين الماضيين، بعد ضبط خلية نسائية تم إرسالها من قبل الحوثيين إلى مأرب والجوف.

وكما يقوم تنظيما داعش والقاعدة على إحداث تطور نوعي في كتائب الجهاديات وإسناد أعمال عنف إليهن، تقوم جماعة الحوثي بتطوير نوعي لكتائب زينبياتها تدريباً وتسليحاً ومهاماً، كما يحرص الطرفان على القيام بمظاهر استعراضية للكتائب النسائية هدفها بث الرعب في المجتمع.