الخميس 25-04-2024 04:10:51 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ذمار منفذ جمركي لابتزاز اليمنيين ونهبهم

الخميس 10 يناير-كانون الثاني 2019 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص

 

 

لم تقتصر جرائم مليشيات الانقلاب الحوثية على خطف المدنيين واعتقالهم وتعذيبهم، بل تجاوزت ذلك إلى سلب أموالهم وفرض إتاوات غير قانونية عليهم، وتعذيبهم في معيشتهم، وتحويل مدن إلى منافذ تخليص جمركي مزدوجة لجلب المزيد من الأموال لتمويل حربها.

خلال أكثر من ثلاث سنوات عمدت المليشيات الحوثية إلى احتجاز عشرات الناقلات والشاحنات التي تنقل المواد الغذائية وتقوم بفرض إتاوات كبيرة عليها مقابل مرورها، وذلك في أكثر من محافظة، غير أن محافظة ذمار أصبحت منفذا جمركيا جديداً يشبه الميناء، وأصبحت إيرادات هذا المنفذ إحدى ركائز المليشيات الانقلابية لزيادة مواردها المالية.

ودفعت الأزمة المالية التي تعانيها المليشيات الحوثية بعد نقل البنك المركزي إلى عدن، إلى التفكير في موارد جديدة تفرضها على كل فئات وقطاعات الشعب، ولا شك أن أول قطاع رأى فيه الانقلابيون مصدراً جديداً لتحصيل الأموال وتعويض النقص وتمويل حروبهم هو قطاع التجار ورؤوس الأموال، الذين يتعرضون لابتزاز وعمليات نهب لم يسبق أن تعرضوا لها.

 

جمارك على قارعة الطريق

في مدينة ذمار، وعند مجمع المحافظة، يتم تجميع عشرات الشاحنات والناقلات بشكل يومي، من قبل مكتب تخليص جمركي جديد يرتبط ارتباطاً مباشرا بقيادة المليشيات ويشرف عليه القيادي الحوثي عباس العمدي الذي تم تعيينه وكيلاً لمحافظة ذمار للشؤون المالية والإدارية، في المحافظة التي تعتبر المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء وتمر بها الناقلات القادمة من المحافظات الجنوبية والشرقية، وكذا القادمة من الحديدة، حيث يبدو واضحاً للعيان الأعداد الكبيرة من الناقلات التي تصطف على الشوارع وتتسبب في الازدحام المروري في انتظار تخليصها.

ويقوم هذا المكتب الذي تديره عناصر حوثية بفرض رسوم جمركية جديدة وغير قانونية على البضائع والسلع ومختلف الواردات التي دخلت من المنافذ الرئيسية وتم تحصيل الرسوم الجمركية عليها، إلا أن مليشيا الحوثي تصر على فرض رسوم جمركية جديدة.

بدأت الحكاية في شهر مارس 2017 حيث أقر الحوثيون عبر وزارة المالية التي يسيطرون عليها بتشكيل لجنة من مصلحة الجمارك الخاضعة لسيطرتهم مكونة من 29 شخصاً لفتح مكتب للتخليص الجمركي في محافظة ذمار، مع أن القانون اليمني حدد عمليات التخليص الجمركي في منافذ البلاد الرئيسية البرية والبحرية، ويشرف على هذه اللجنة قيادات حوثية تشرف على ما تقوم به اللجنة من عملية ابتزاز وتعسف للتجار بإيقاف الشاحنات وإنزال البضائع في العراء وتكرار تدقيق البيانات الجمركية بصورة مستفزة وهو ما أثار غضب التجار الذين أبدوا في أكثر من مرة تبرمهم، وظهر أحدهم في مقطع فيديو غاضباً مما يقوم به الحوثيون كسلطة أمر واقع تقوم بتحصيل رسوم جمركية إضافية بعد دفعها في المنافذ الرئيسية للبلاد.

ارتفاع الأسعار المتواصل وبشكل كبير لم يكن إلا نتيجة حتمية لإجراءات الحوثيين في فرض الرسوم والإتاوات على التجار لصالح المليشيات، وعلى حساب التجار الذين يتعرضون لإجراءات تعسفية وابتزاز غير مسبوق، وأعمال تقطعات وملاحقات تقوم بها المليشيات، التي تنهب أموال التجار باسم الجمارك، فينعكس ذلك على الحياة المعيشية للمواطنين الذين يكتوون بنار الأسعار ونار المليشيات معاً.

تقوم مليشيات الحوثي ممثلة في اللجنة المشكلة باسم الجمارك بإجبار التجار على دفع رسوم جمركية للبضائع، تم دفع رسومها في ميناء عدن وميناء المكلا وحتى ميناء الحديدة، وبنفس الطريقة على البضائع التي تأتي من المنافذ البرية، كمنفذ الوديعة ومنفذ شحن ونشطون، وهو ما يرفع كلفة النقل وغيرها من المصاريف، علاوة على تأخر وصول البضائع، وهو ما يزيد من معاناة المواطن المستهلك.

ويرى تجار أن ما تقوم به مليشيات الحوثي في نقاطها الأمنية على مداخل مدينة ذمار، من احتجاز للناقلات وإفراغ البضائع على قارعة الطريق وما تمارسه من ابتزاز وفرض رسوم كبيرة غير قانونية إنما يمثل استفزازاً للتجار والمواطنين معاً الذين هم المتضرر الأكبر من هذه الإجراءات المليشاوية.

 

مليارات شهريا

تقول مصادر مطلعة في محافظة ذمار إن إجمالي ما تتحصله مليشيات الحوثي من المنفذ الجمركي المزدوج الذي أنشأته بداية العام 2017 أصبح اليوم يصل إلى 40 مليون ريال يمني، يتم سلبها يوميا من التجار وموردي البضائع، مقابل السماح لشاحناتهم بالمرور، بعد احتجازها في أحواش كبيرة لمساومتهم، وإن هناك عشرات الناقلات تمر يوميا من ذمار إلى المحافظات المجاورة يتعرض أصحابها للابتزاز تحت مسمى الرسوم الجمركية، حيث يدفع بعضهم ملايين الريالات دون النظر إلى كمية البضائع أو نوعيتها.

وتحدث مقرب من أحد التجار، فضل عدم ذكر اسمه، أن الحوثيين يجنون ما يزيد عن مليار ريال شهرياً مما أصبحوا يطلقون عليه "ميناء ذمار"، في إشارة إلى أن إيرادات جمارك ذمار أصبحت تقترب من إيرادات أحد الموانئ، ويؤكد أن ما يتم رفعه في كشوفات الإيرادات الجمركية أقل بكثير من الإيرادات الفعلية التي تذهب إلى القيادات الحوثية المشرفة، التي تسيطر أيضاً على المؤسسات الإيرادية في المحافظة وتجني منها مليارات الريالات شهرياً.

وتقدر مصادر جمركية العام الماضي أن مليشيات الحوثي جنت من جمرك ذمار المستحدث ما لا يقل عن 70 مليار ريال خلال العام 2018م، فضلاً عن إيراداتها من المكاتب الإيرادية الأخرى، وما تفرضه على السكان من إتاوات، وتجارة النفط في السوق السوداء، ومؤخراً تم كشف الستار عن المبالغ المهولة التي تحصدها المليشيات الحوثية في محافظة ذمار من تجارة الغاز المنزلي وبيعه بأسعار مضاعفة بعد احتكاره.

 

من إسقاط الجرعة إلى إسقاط الاقتصاد

الإجراءات الحوثية المتمثلة في نهب التجار بدعوى التخليص الجمركي والتي يصفها المتضررون بـ"اللصوصية الحوثية" كانت سبباً رئيسياً في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، التي فرضت عليها المليشيات رسوما جديدة في ذمار، فأثقلت كاهل المواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم ورواتبهم التي التهمها هوامير المليشيا، خصوصاً أن الحوثي أسقط الدولة ومؤسساتها بدعوى إسقاط الجرعة، ثم عاد ليسلب اليمنيين أموالهم بفرض جمارك مزدوجة على السلع والبضائع، غير عابئ بمعاناة قطاع كبير من الشعب الذين أوصلهم إلى حافة المجاعة.

ودفعت هذه الإجراءات عددا من التجار إلى وقف نشاطاتهم التجارية كما يؤكد أحد تجار المحافظة، الذي يرى أن مليشيات الحوثي تأخذ أكثر مما يتحصل عليه التجار.

ومن شأن هروب التجار ووقف نشاطاتهم أن يؤدي إلى استمرار تدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وانهيار القطاع الخاص الذي يشكل ركيزة أساسية في بقاء الاقتصاد الوطني بعد أن ألحق به الانقلابيون أضراراً بالغة يصعب التعافي منها على المدى القريب.