الثلاثاء 23-04-2024 19:50:04 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز بين تضحيات معركة التحرير وضحايا الانفلات الأمني!

الثلاثاء 18 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

بين الفينة والأخرى تتجدد عمليات الاغتيالات بتعز، وتحدث كثير من الاختلالات الأمنية التي تثير مخاوف المواطنين الذين عاشوا في تلك الظروف منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
يبدو الواقع الذي فرضته الحرب من أبرز الأسباب التي ساعدت على عدم استقرار الأوضاع الأمنية داخل المناطق المحررة بتعز، وكادت أن تغيب ملامح تطبيع الحياة فيها.
استأنفت كثير من مؤسسات الدولة عملها، إلا أن قيام بعضها بالدور المنوط بها لم يحدث، كإدارة الأمن التي لم يبرز دورها بشكل كبير، ولم تسجل نجاحا لها إلا في بعض الملفات، كما حدث في الحملات الأمنية التي استهدفت المتطرفين في وقت سابق.

 

مظاهر عديدة
تفاقمت الاختلالات الأمنية بتعز، وتنوعت مظاهرها، فكثير ما تم تنفيذ عمليات اغتيالات واسعة النطاق، استهدف أكثرها جنود في الجيش الوطني، وأخرى ركزت على خطباء الجوامع المؤثرين في المدينة.
وفي آخر جريمة بشعة أعلنت الأجهزة الأمنية
بشرطة تعز عثورها على ثلاث جثث تابعة لافراد من الجيش الوطني في حوش احد المنازل في منطقة العرضي..حيث تمت هذه العمليه بموجب معلومات توصلت اليها الاجهزة الامنية من خلال التحقيقات مع الافرادالمطلوبين امنيا والذين تم القاء القبض عليهم خلال الفترة الماضية وقد باشرت الادلة الجنائية مهامها حيث قامت بحفر القبور بناءا على توجيهات من النيابة العامه والبحث لازال جاريا.
وفي صورة أخرى من صور الإنفلات الأمني تم استحداث نقاط تفتيش مختلفة غير قانونية، ساهمت بخلق مزيد من الاضطراب والفراغ الأمني داخل تعز، حتى إن بعض القادة العسكريين تعرضوا لمحاولات اغتيال هناك، بينهم العميد عبد العزيز المجيدي أركان محور تعز، وقائد اللواء 17 مشاة العميد ركن عبد الرحمن الشمساني.
إضافة إلى ذلك، كانت كثير من المناطق بتعز مسرحا لعمليات اشتباكات بين بعض المحسوبين على قوات الجيش الوطني. كما تعرضت بعض المنازل للاقتحام وحتى المحاكم كما حدث مؤخرا بالمحكمة التجارية الابتدائية التي تعرض فيها بعض القضاة للتهديد.

 

مخاوف وأعباء
أدت كل تلك المظاهر إلى زيادة مخاوف المواطنين بتعز من تدهور الأوضاع الأمنية بشكل أكبر، فالمواطن منصور عبد الله حاتم أصبح الوضع الحالي يسبب له كثيرا من القلق، فهو يقول إنه لم يعد بإمكانه الخروج ليلا بسيارته أو حتى الذهاب بها نهارا إلى أماكن غير مكتظة بالسكان، كونه قد يتعرض للقتل بدافع السرقة.
وأشار إلى عدم قدرة كثير من المواطنين على البناء بسبب وجود مجاميع مسلحة تعترضهم وتوقف عملهم، لأنها تريد المال، مؤكدا أن هناك كثير من الجنود يخشون لبس الزي العسكري بتعز خشية تعرضهم للاغتيال.

 

جماعات غير قانونية
كما هو معروف تشكلت المقاومة الشعبية بشكل ذاتي عقب انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم بالقوة على بعض المحافظات، بعد أشهر من ذلك صدرت توجيهات رئاسية بضم كل أفراد المقاومة في إطار الجيش الوطني، صاحبت تلك العملية اختلالات كثيرة، من بينها وجود جماعات تم ضمها في كشوفات بعض الألوية بالجيش تستلم الرواتب منها، لكنها تأخذ أوامرها من قيادات أخرى وهي تعمل ضد المؤسسة العسكرية، خلقت مثل تلك المجاميع صراعات كثيرة داخل تعز.
وُجِه الاتهام لها بضمها لعناصر متطرفة مسؤولة عن عمليات الاغتيالات، فضلا عن الحديث بأن لها علاقات مشبوهة بجماعة الحوثي وبنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكثير منهم "أمن قومي"، تم نشرهم بالمحافظة، يعملون وفق أجندة مدروسة تهدف لخلق الفوضى بتعز وتأخير تحريرها.

 

جهود محدودة
تسبب الوضع الأمني المتدهور بخروج مظاهرات بتعز متزامنة مع حدوث مثل تلك الاختلالات، منددة بما يجري ومطالبة الجهات المعنية بعمل حلول لها قبل أن تتفاقم بشكل أكبر، خاصة أنه وفي وقت سابق كان الجيش الوطني نفسه يتدخل بمهام أمنية، ويغيب دور الأجهزة الأمنية.
أدت تلك الضغوط ومع سقوط كثير من الضحايا إلى تدخل الأجهزة الأمنية عدة مرات من قبل للحد من تفاقم الظاهرة هذه، ونفذت بعض الحملات ضد المطلوبين الأمنيين، وانتشرت بعض تلك القوات في بعض المناطق بتعز، لكن كثيرا من مظاهر الاختلالات الأمنية استمرت، خاصة أن بعض تلك الحملات كان يتم إيقافها.
ولاقت الممارسة الحاصلة بتعز انتقادات واسعة، ثم تدخلت مؤخرا لجنة رئاسية عسكرية، وصلت المدينة للتحقيق في قضايا واختلالات عسكرية وأمنية شهدتها المدينة خلال الآونة الأخيرة، تتكون من 5 قيادات عسكرية وأمنية.

 

تقصير
تقول الأجهزة الأمنية إنه ينقصها الإمكانيات، فهي لا تتلقى الدعم الكافي لتقوم بمسؤولياتها، خاصة أن الانقلاب تسبب بتدمير هذه المنظومة، لكن استمرار الاختلالات الأمنية راجع كما يفيد الناشط الإعلامي وديع الشيباني، إلى غياب القرار السياسي بشأن تعز حول كل القضايا وأهمها العسكرية والأمنية، وإجهاض الحملات الأمنية بعد أيام من انطلاقها، قبل تحقيقها لأهدافها.
وذكر في تصريحات صحفية أن تسخير ممتلكات الدولة وسلاحها لأغراض معينة ولفئات وجماعات، تؤدي بين فترة وأخرى إلى مشاكل وصراعات، وتصبح شوارع المدينة رحى لمعاركها.
كما انتقد الشيباني ترحيل المشكلات بتعز لتتفاقم كون ما تمر به يمكن تفاديه، مؤكدا على ضرورة التركيز على تطبيع الحياة العامة، ومطالبا في الوقت ذاته قيادات السلطات المحلية والأجهزة الأمنية بتحمل كافة واجباتها والتزاماتها.
بدوره انتقد الصحفي سلمان المقرمي تقصير الأجهزة الأمنية، ويرى أن العملية متعلقة بالدرجة الأولى بالجدية والمصداقية والالتزام بالقانون، مؤكدا أن أجهزة الأمن هي أقوى من العصابات الموجودة داخل المدينة، لافتا إلى عدم وجود فلسفة أمنية تسير عليها الشرطة بتعز تؤدي إلى ضبط الأمن.
ويعتقد المقرمي أن الاختلال الأمني الذي نتج عنه فوضى واختلالات في تعز ليس معزولا عن الآثار المترتبة على الانقلاب، الذي أدى إلى انهيار الدولة وتفكك مؤسساتها وتعدد سلطاتها، محذرا من استمرار ذلك كونه سُيغرق المدينة بالفوضى.

 

أبعاد الفوضى
ويلاحظ أن زيارات المسؤولين لتعز كثيرا ما تتعرض للاستهداف، في محاولة لإظهار المحافظة بأنها مدينة للعنف والفوضى.
يقرأ ذلك الصحفي عمار زعبل بالقول إن الاغتيالات هي جزء من سيناريو الفوضى التي تم إسنادها لأطراف معروفة في تعز، أصبحت أداة للعنف ومحاولة شرعنتها بدءا من الاستعانة بالمتطرفين الذين تم إخراجهم من المدينة ليسيطروا على موقع مهم، تمركزوا فيه كقوة مدعومة بالسلاح ليكونوا حجر عثرة أمام أي لواء عسكري يخطط لتحريره، وهو خط الكدحة، الرابطة بين تعز ومديريات الساحل فميناء المخا.
أما عن سبب ذلك، أوضح -في تصريحات صحفية- أنه من أجل التنصل من التحرير الكامل للمحافظة، والدعم المباشر الذي كان عليه أن يوافق العمليات العسكرية التي تحدث من وقت لآخر، فضلا عن وجود أهداف أخرى تستهدف تشكيلات عسكرية معينة لإبعادها من المشهد في المستقبل.
بينما يذكر الإعلامي عبد الله الحرازي -في تصريحات صحفية- أن تعز تتعرض لمحاولات تركيع لمشاريع مختلفة، لافتا إلى وجود أطراف تعمل على إخضاع المدينة من الداخل عبر وكلاء يتسترون خلف القتلة والمليشيات والعصابات، يعملون على نظام المراحل، في كل مرحلة يتم التخلص بطرق مختلفة من بعض المقاومين، وصولا إلى إفراغهم الساحة لصالح أطراف معينة.


واختتم الحرازي حديثه بالقول "تعز صدت الغزو من الخارج بأعجوبة، ولكن أيدينا كيمنيين على قلوبنا نتيجة الغزو من الداخل".
وتتوالى التحذيرات حتى اليوم من خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه، كون ضرره سيلحق بمختلف المكونات بتعز، لكن مراقبين يؤكدون أن تعافي المدينة سيكون سريعا في حال وجود إرادة صادقة لدعم استقرارها.

كلمات دالّة

#تعز #اليمن