الجمعة 19-04-2024 01:29:28 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الركائز الدينية والمنطلقات السياسية عند الإمامة.. المظلومية

الأحد 02 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص

  

(الحلقة الخامسة)

في سلسلة حلقات عن الأيديولوجيا الحوثية الإمامية نستعرض أهم الركائز التي قامت عليها هذه الأيديولوجيا من لدن بذرتها وحتى اليوم وأثرها على وحدة المجتمع وكيف نخرت المجتمع اليمني أو المجتمعات الأخرى التي وجدت فيها، وأثر ذلك مستقبلاً..

 

المظلومية الظالمة
إتخذ الشيعة عموماً في اليمن وغيرها من البلدان، والحوثية خصوصاً، شعارات ثوراتهم على الدول المختلفة خطابات وشعارات الاستعطاف للأتباع، واختلقوا قضية المظلومية التاريخية الشيعية المفتعلة، ورفعوا لافتات الدفاع عن المستضعفين والمظلومين في الأرض، وما هي إلا أستار يتسترون بها للولوج إلى مرادهم في الحكم ما إن يتمكنوا على الأرض ويبسطوا سيطرتهم فيها حتى يتحولون إلى أكبر ظلمة في التاريخ ويمارسون أشد أنواع الظلم بحق مخالفيهم حتى من أهليهم.


كان حسين الحوثي وأخوه عبدالملك يكرران في خطاباتهما المختلفة مصطلحات "المستضعفين، المظلومين، المقهورين"، وينعتون أولي الأمر بـ"المستكبرين، الظلمة، المتجبرين، الفاسدين، الطغاة..."إلخ، وأن صعدة ظلمت من الجمهورية، وأنه تمارس عليهم الإجحافات والحروب المختلفة، مع أنهم كانوا متغلغلين في صفوف الدولة مسيطرين على مفاصلها، واليمن معظمهما مظلومة لا يوجد فيها تنمية حقيقية. لكن الحوثيين اتخذوا من هذا الجانب مدخلاً للتمرد السلالي الطائفي.


ولم تكن هذه الخطابات والمصطلحات جديدة عليهما، فقد كررا ما قام به أئمتهما من قبل.
فهذا الإمام القاسم يقال فيه: "وكانت ثورته من أجل الدفاع عن المستضعفين وإقامة الكتاب والسنة وتحرير اليمن من جور الأتراك، وكانت ثورته بداية لنهاية حكمهم في اليمن، وخروجهم الذي تم في عهد ولده المؤيد بعد وفاته بست سنوات"( ).
وكان الإمام الهادي الرسي مرسي مداميك الإمامة في اليمن بكل تشريعاتها وجرائمها وفكرها، ونستعرض جزءًا من رسالته في الحث على قتال اليمنيين بحجة المظلومية، يقول الهادي: ""هلموا إلى جهاد الفسقة الظالمين من أهل قبلتكم من جبابرتهم..ألستم ترون عباد الله المخلصين والقائلين في الله بالتوحيد، المقرين بما ذكر الله في الوعد والوعيد، إلى دينكم مقتولا، وإلى الحق الذي أنزله على نبيكم مخذولا.


حكم الكتاب معطلاً بينكم، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معدوماً..قد أمنوا تغييركم عليهم، ونسوا من يكاتبهم فيكم، وبسطوا أيديهم عليهم، وحكموا بحكم الشيطان فيهم، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. حرموهم واصطفوا مع ذلك أموالهم، وأجاعوا بطونهم، وأعروا ظهورهم، وأضاعوا سبيلهم، وأخافوا على أنفسهم. يجتبون أموالهم، ويقتلون رجالهم، ويمنعونهم النصف، ويسومونهم الخسف، هتكاً للحريم، وتمرداً على الله العظيم".


وهكذا حتى بدأ الهادي ومن بعده من الأئمة ببيع صكوك الغفران للتحريض على الخروج وقتال اليمنيين بعضهم بعضا..
استمرت ادعاء المظلومية عند الأئمة الآخرين جيلا بعد جيل، وصولاً إلى الحوثيين،
ومن ذلك مثلاً الإمام شرف الدين حين استعان بالمماليك الشركس على الدولة الطاهرية، فقد ظل يستعطف أمير المماليك حسين الغوري ويضلله ويتباكى بين يديه حتى بعث له بجيشه ضد الدولة الطاهرية والملك عامر بن عبدالوهاب الطاهري، وكان الجيش المملوكي لأول مرة يأتي معه الأسلحة النارية الحديثة من مدافع وبنادق ولم يكن اليمنيون يعرفونها من قبل، وهي من حسمت المعركة ضد الدولة الطاهرية.


وهنا سنستعرض لكم نص رسالة شرف الدين لأمير المماليك حسين الغوري، تقول الرسالة بعد المقدمة والديباجة المعهودة في الرسائل القديمة: "كتابنا هذا لتعريف خاطر الأمير، وفقه الله الملك القدير، بأنا لم نزل إلى الله مبتهلين، ولما لديه من الفرج منتظرين، وبالتجرد لما بدت من عدو الله الجائر عامر( )، والقيام بالدعاء إلى دفاعه وجهاده، امتثالاً لأوامر الله الملك القادر، ولكن مع ذلك عدم المعين والناصر، وخذلان من أهل الزمان المشؤوم القاصر، وميل الناس إلى الأطماع الحقيرة، والانخداع من الخلف بزخارف الأباطيل الفاضحة المبيرة، حتى تمكن منهم هذا الظالم الغشوم، وأوقعهم من الخزي والوبال والهون في أقصى التخوم، وشمل بشره البريء والغوي، والضعيف والقوي، والشجي والخلي، وتتبع بمعظم جيشه ومكره أهل بيت النبي، ولم يبق في سلطانه لأهل البيت باقية، ولا أجيبت لهم بإجابة نافعة واعية حتى بددهم الظالم في البلاد، وفرق منهم بين الآباء والأولاد، والأكثر منهم في تخوم اليمن مطرودين متبددين يتمنى الولد أن يحضر موت أبيه، والوالد أن يشاهد أحوال بنيه، وفعل في آل المصطفى ما حرمه الله في سيئ الكفار الخارجين عن الدين، وأعانه على ذلك رجل من أهل البيت ادعى ما ليس له بحق، فأنكر عليه الإمام الوشلي، ولم يعذرنا أهل زماننا عن القيام في مقامه الجلي، ولقد هم –أخزاه الله- بقصد الحرمين، وإخراج من فيه من ولد الحسين، فرجعنا مع بذل ما بقي معنا من جهد في دفاع مجهود المذاكرة له في كثير من الحدود إلى الله سبحانه وتعالى، وسألناه تعجيل الفرج وإطفاء وهج المهج، على يد من هو أهل للمحامد المبرورة والمقاصد المشهورة في حياطة هذا الدين والرعاية لحق رسول رب العالمين، وما ذاك إلا لسريرة صالحة وتجارة رابحة مع السلطان الأكرم، والنور المستطيل الأعظم (قانصوه)( ) أطال الله توفيقه، وأوضح إلى كل مقصود مبرور طريقه.


ولقد ربما يسر الله العظيم في أثر آل البيت والطهر الكريم وخاتم أنبيائه عليه أفضل الصلاة والتسليم والتشريف والتعظيم، ونرجو أن الله قد وفقكم أيها الغزاة إلى قوام عمود الإسلام من قال فيه الملك العلام: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم).


فما الهدف من هذه المظلوميات، وما وراءها وأغراضها؟ ولماذا تكرر عند الأئمة عبر التاريخ؟...
الغرض من هذه المظلومية شيئان رئيسيان:
الأول: استمرار والإبقاء على جذوة التمرد على الحكومات والدول المختلفة وادعاء الحق الإلهي في الحكم وفي مقاومة تلك الدول والحكومات واستعطاف العامة وغير العامة حتى استعطاف النصير من الدول والحكام الذين يستعينون بهم، واتخاذ ذرائع للتمرد والقتال..
والثاني: تجييش الأتباع وتكثير السواد والتجنيد للقتال في صفوفهم، وإبقاء قضية الإمامة دوارة على مر الزمن.

هل نجحت الإمامة في هذه المظلوميات وكيف تحولت إلى ظالمة بعد تمكنها من الحكم والسيطرة..
ما الذي أحدثته الإمامة بعد وصلت إلى الحكم بعد كل خطابات تلك المظلوميات؟
هل أقامت العدل؟ هل قادت إلى نهضة الشعب اليمني؟!


بعد تمكن الإمامة من السلطة تحولت إلى وحوش كاسرة تعيث في الأرض الفساد، وتحولت إلى عصابات نهب وقطاع طرق وتدمير وتخريب وتسلط على الأمة وقتل كل من يعارضها وتشريد وتهجير حتى دمرت مدنا ومناطق بأكملها..أبقت على جذوة الصراعات الداخلية بين اليمنيين من الاقتتال الدائم الذي أنهك اليمنيين واستنزف خيراتهم وخربت البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وظهرت المجاعات المختلفة، وتم انتهاك الحرمات وأجازوا السبي، كما فعل عبدالله بن حمزة.
تم الغدر بكل اليمنيين وبكل من وقف معهم، وأرسلوا الجباة النهابة في كل اليمن كما يفعل مشرفو الحوثيين اليوم.

 

فناء نصف الشعب من حروب ومجاعات الأئمة
تحولت تلك المظلومية إلى أشد أنواع الظلم والبطش والإرهاب، والشواهد التاريخية مليئة بمجازر ومذابح قام بها الأئمة، ومن ذلك مثلا لا حصراً مجزرة الإمام الهادي بحق بني الحارث في نجران، ومجازره في صعدة وهمدان، ومجازر الإمام عبدالله بن حمزة في حق المطرفية وكيف أبادهم عن بكرة أبيهم، ومجازر المطهر بن شرف الدين في حق قبائل المناطق الوسطى وصعدة، ومجازر المهدي محمد بن الحسن في حق اليمن الأسفل، ومجازر المهدي عباس في حق قبائل فيفا، ومجازر الإمام يحيى حميد الدين وابنه أحمد بحق تهامة والزرانيق، ومجازر الحوثيين اليوم في كل مكان.

 

لماذا نستعرض مثل هذه الأحداث؟!
كنا نقرأ في كتب التاريخ مثل هذه الأحداث وكذلك يحكي لنا آباؤنا وأجدادنا وكنا نقول ربما يكون هناك تجني على الإماميين أو مبالغة بحقهم، لكن شاء الله لنا أن نعيش هذه الأحداث مع الإماميين الجدد الحوثيين، الذين عكسوا كل تاريخ الإمامة وأرونا إياها واقعا عمليا لا نحتاج لأدلة على ما جاء في كتب التاريخ أكثر مما نراه اليوم مع الحوثيين.


اليوم الحوثيون أعادوا المجاعات، وقاموا بالمجازر المختلفة، ونهبوا الأموال، وأقاموا أسواقاً سوداء، وانقلبوا على الحكام، وغدروا بالشعب وتسلطوا عليه، وفرضوا عليهم الإتاوات المختلفة، وكفى بهم شاهداً ودليلا..
كل هذه الأحداث هي التي دمرت اليمن وأدت إلى تخلفه وعدم نهضته وتقدمه رغم ما عرف عن اليمن من حضارات متعاقبة كانت اليمن من أهم الدول المتحكمة في العالم والدول العظمى تاريخياً.

كلمات دالّة

#الأئمة #الأحداث