الثلاثاء 23-04-2024 14:58:52 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

إعلام الحوثيين.. وخطورة نشر ثقافة الكراهية والثأر في المجتمع اليمني

الأربعاء 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبد السلام قائد

 

يكشف الخطاب الإعلامي لجماعة الحوثيين الموجه نحو الداخل مدى الخطورة التي تشكلها الجماعة على حاضر ومستقبل اليمن، جراء الضخ الإعلامي المروج لثقافة الكراهية وزراعة الأحقاد والثأرات والتحريض العنصري الطائفي، خاصة أن ذلك يتم في بيئة تتسم غالبا بالجهل، لا سيما في المناطق التي تمثل حاضنة اجتماعية ومذهبية للحوثيين، ويلقى الخطاب الإعلامي للحوثيين فيها قبولا كونه مغلف بالدين وما يسمونه "الثقافة القرآنية" وادعاء النسب النبوي.

وتزداد خطورة هذا الخطاب كون الحوثيين انفردوا بالساحة الإعلامية في المحافظات التي يسيطرون عليها منذ انقلابهم على السلطة الشرعية بالتحالف مع الرئيس الراحل علي صالح في سبتمبر 2014، في ظل غياب شبه تام للإعلام المناوئ لهم بمختلف توجهاته، بعد أن أوقفت الجماعة صدور الصحف وطاردت الصحفيين واعتقلت عددا منهم وحجبت مواقع الإنترنت المناوئة لها.

 

- السيطرة على الإعلام

بدأ اهتمام جماعة الحوثيين بالإعلام قبل انقلابها على السلطة الشرعية، وبالرغم من أنه لم يكن لديها كوادر إعلامية مؤهلة تدير وسائل إعلامها، لكنها استقدمت خبراء في الإعلام من لبنان والعراق، فوضعوا اللبنات الأولى لوسائل إعلامها، وبدؤوا بتدريب بعض منتسبي الجماعة في مجال الإعلام، ويشرفون بشكل مباشر فنيا وتحريريا على وسائل الإعلامية الحوثية.

ويظهر تأثير الخبراء الإعلاميين من الطوائف الشيعية في العراق ولبنان في وسائل الإعلام الحوثية بشكل واضح، من خلال طريقة التغطية الخبرية للحرب، والمصطلحات المستخدمة في الأخبار، وأساليب التحريض الطائفية والعنصرية، وما يسمى بـ"الحرب الإعلامية"، ووصل التأثير حتى سياسة الحجب، فمثلا، جميع المواقع الإخبارية اللبنانية المناهضة لما يسمى "حزب الله" محجوبة في اليمن، بينما المواقع التابعة للحزب غير محجوبة إطلاقا.

وكانت جماعة الحوثيين قد عمدت قبل الانقلاب إلى استقطاب بعض الصحف المحلية والصحفيين بغرض الترويج السياسي لها، مستغلة حالة الاستقطاب الحاد والخلافات السياسية التي راجت حينها كأحد تفاعلات ثورات الربيع العربي والثورات المضادة لها وشيوع الدعاية السوداء، فبدأت بعض الصحف المحلية تروج لجماعة الحوثيين وتصفها بـ"الجماعة الفتية"، والتبشير بأنها ستقضي على ما أطلق عليها "القوى التقليدية"، ونشر مقالات وتحليلات كيدية أسهمت في تأجيج المشهد السياسي والإعلامي.

وبعد الانقلاب والسيطرة على العاصمة صنعاء، كان أول عمل قامت به جماعة الحوثيين هو القضاء التام على الإعلام، بدءا من السيطرة على وسائل الإعلام الحكومية وتسخيرها لخدمة مشروعها، وانتهاء بإغلاق كافة القنوات الفضائية والإذاعات والصحف الأهلية والحزبية، وإغلاق مكاتب القنوات الأجنبية.

كما منعت جميع مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية من العمل، وحجب مواقع الإنترنت الإخبارية المناوئة لها، ومطاردة الصحفيين واعتقال عدد منهم وتعذيبهم في السجون، واتخاذ بعضهم دروعا بشرية من خلال سجنهم في مواقع عسكرية مستهدفة من قبل طائرات التحالف العربي، وقد قتل بعضهم بالفعل بسبب سجنهم في مواقع عسكرية كدروع بشرية.

  

- مظاهر التحريض

بعد قضاء الحوثيين على كافة وسائل الإعلام، وتسخير الإعلام الرسمي لصالحهم، بعد إبعاد كثير من الموظفيين وإجراء تغييرات في المناصب الإدارية، عمدوا إلى إنشاء وسائل إعلام جديدة، إلى جانب وسائل إعلامهم وتلك التي كانت مملوكة للدولة، واتخذوا منها وسائل لنشر ثقافة الكراهية وزرع الأحقاد والضغائن والثأرات بين أبناء المجتمع اليمني والتحريض بدوافع سياسية وعنصرية وطائفية ضد مناوئي الانقلاب.

وتتعد مظاهر التحريض ونشر ثقافة الكراهية في الخطاب الإعلامي للحوثيين، وفيما يلي أبرز هذه المظاهر:

- اتهام مناوئيهم بتهم تثير الكراهية والحقد والتحريض ضدهم، مثل: خونة، مرتزقة، دواعش، إرهابيون، عملاء العدوان، مرتزقة العدوان، مرتزقة آل سلول، مرتزقة بلاد قرن الشيطان، إلخ.

- الادعاء بأن من يقاتلون ضدهم في الجبهات بأنهم كفار ويقاتلون من أجل خدمة أمريكا وإسرائيل وأن الجهاد ضدهم واجب، وهذا الأسلوب في التحريض يستخدمونه كإحدى وسائل التعبئة في أوساط مقاتليهم أثناء إرسالهم إلى الجبهات.

- استغلال صفة النخوة للتعبئة والحشد من جانب، واللمز في مناوئيهم من جانب آخر، من خلال تريد مقولة "من رضي لأرضه رضي لعرضه".

- استحضار أحداث تاريخية وإلصاقها بالحاضر بغرض نشر الكراهية والتحريض ضد خصومهم، مثل الصراع بين الأمويين والعباسيين، وأيضا حادثة مقتل الحسين بن علي، التي يستخدمها بعض الخطباء الحوثيين في خطب الجمعة للتحريض ضد خصومهم، من خلال الادعاء بأن قاتل الحسين أصله من تعز أحيانا، وأحيانا بأن أصله من مأرب.

  

- نتائج كارثية

تترتب على الخطاب الإعلامي للحوثيين -بما يتضمنه من نشر لثقافة الكراهية والتحريض- عدة نتائج كارثية، من أهمها: تلغيم مستقبل المجتمع اليمني، والتأسيس لثأرات وأحقاد وحروب شبه مستدامة، وتعزيز ثقافة الكراهية والانقسام والصراعات السياسية، والتربص الدائم مستقبلا بخصوم اليوم، واستحضار مثل هذا الخطاب كلما تحدث مستجدات جديدة واستثمار آثاره وقت الطلب.

كما أن الخطاب الإعلامي للحوثيين وما يبديه من فجور في الخصومة، من شأنه دفع الطرف الآخر للفجور في الخصومة ضد الحوثيين وما يطلق عليه "الهاشمية السياسية"، أي أن عنصرية الحوثيين ستدفع الآخرين إلى عنصرية مضادة، بدأت تظهر مؤشراتها في النزعة القومية اليمنية لدى كثير من مناوئي الحوثي، وهي النزعة التي سيدفع ثمنها كل من يدعون النسب الهاشمي، حتى وإن كان بعضهم من المعارضين للمشروع الحوثي.

ووصلت مطالب البعض بأن يتم تجريد السلاليين من الهوية اليمنية، بسبب تمسكهم بهوية أجنبية دخيلة وعنصرية واستعلائية على أبناء البلاد الأصليين، وحرمانهم من المناصب الرسمية مدنية وعسكرية، وأيضا حرمانهم من ممارسة العمل السياسي عبر الأحزاب أو النقابات، وإضافة مادة في الدستور تجرم أي دعوة للعنصرية السلالية أو الطائفية.