الخميس 28-03-2024 15:06:11 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحرب على تعز ومحاصرتها.. مآسٍ إنسانية وكوارث اقتصادية

الإثنين 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عامر دعكم

 

تعتبر تعز الأكثر تضررًا بين المدن اليمنية جرّاء الحرب التي خلّفها الانقلاب الحوثي، حيث تتعرض المدينة لحرب وحصار خانق منذ قرابة أربع سنوات عجاف، كضريبة عن موقفها الوطني المقاوم للمشروع الطائفي والانقلاب على الشرعية.

يشنّ الانقلابيون حرب إبادة على تعز، قنصًا وقصفًا، لا يكاد يتوقف، بأنواع مختلفة من الأسلحة، وعن طريق زراعة الألغام، سقط على إثر ذلك آلاف القتلى والجرحى، من شتى الفئات والأعمار، إضافة إلى نزوح مئات الآلاف من سكان المدينة، حيث بلغ عدد الضحايا قرابة ستّة آلاف شهيد، كما بلغ عدد الجرحى 21 ألف تقريبًا.

وأدّى قصف الانقلابيين المتواصل على المدينة إلى تدمير أكثر من ألف منزل بشكل كُلي، حسب تقارير حقوقية، خاصة في المناطق التي دارت فيها معارك شرسة، مثل حي ثعبات، الجحملية، حسنات، الدعوة، حوض الأشرف، ومناطق أخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة فترة نزوح عشرات الآلاف من السكان، الذين نزحوا إلى أرياف تعز، وبعضهم إلى مدينة إب.

  

مأساة اقتصادية وأسعار جنونية

وتعيش تعز، منذ بداية الحصار المفروض عليها، وضعًا اقتصاديًا مزريًا بفعل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية، الأمر الذي حال دون تمكن عدد كبير من سكان تعز من شراء احتياجاتهم الضرورية، حيث يبرر التجار رفعهم لأسعار المواد والسلع الغذائية بصعوبة إيصال السلع والمواد وتدهور العملة الوطنية، وتجاوزت قيمة الدولار الواحد سبعمئة ريال يمني.

أديب الأديمي، رب أسرة، قال للإصلاح نت: "حصار الانقلابيين لمدينتنا خلق أزمة اقتصادية خانقة، الأسعار تقتلنا ولا نقوى على شراء احتياجاتنا الضرورية، ولكم أن تتخيلوا، بلغ سعر الكيس الدقيق ثلاثة عشر ألف ريال، كما أن سعر الطبق البيض تجاوز الألف وثمانمئة ريال، بعد أن كان بـ800 ريال فقط".

وأضاف الأديمي "للأسف، كثير من التجار يرفعون الأسعار بشكلٍ جنوني مستغلين غياب الرقابة، حيث نلحظهم يرفعون الأسعار كلما هبطت قيمة الريال، وعندما تتعافى قيمة الريال تراوح الأسعار الجنونية مكانها".

ويعاني موظفو تعز من التأخر في صرف رواتبهم، كما أنهم يتساءلون عن مصير رواتبهم ومستحقاتهم لعام 2017.

  

وضع صحي بالغ الوجع

بدوره، قال تيسير أحمد، مدير الإعلام الصحي بمكتب الصحة، إن "الحرب والحصار المفروض على تعز أنتج وضعًا صحيًا مأساويًا للغاية، حيث انتشرت الكثير من الأمراض والأوبئة، كالكوليرا وحمى الضنّك، وتوفي بسببها كثير من المواطنين".

وأضاف تيسير أن "مرضى الفشل الكلوي والسرطان عانوا كثيرًا، بفعل الحصار الذي خنق تعز من كل الاتجاهات، وتوفي عدد منهم، حيث وقفت المستشفيات عاجزة عن تقديم الرعاية الطبية لهم، كونها تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية".

وتعمل مرافق تعز الصحية التابعة للدولة بدون موازنات تشغيلية، حيث قال تيسير "حتى الآن لم يقدم لمكتب الصحة ولو عشرة بالمئة من الموازنة التي كانت تقدم قبل الحرب، وإذا كانت هذه الموازنة لا تكفي قبل الحرب والحصار، فكيف ستكفي الآن؟".

  

محاولات لنشر الفوضى

بعد تحرير مساحة كبيرة من المدينة، عمدت عصابات مسلحة، داخل مدينة تعز إلى نشر الفوضى وإقلاق السكينة، حيث اغتالت قرابة 300 من أفراد الجيش الوطني، أغلبهم تابعون للواء 22 ميكا، تنوعت طريقة قتلهم بين القنص والذبح.

واستمرت هذ الظاهرة إلى أن تشكلت حملة أمنية لمطاردة المطلوبين والمتهمين بقضايا اغتيالات، الذين باتوا يعرفون بـ"الخارجين عن القانون"، ونجحت الحملة في تطهير المدينة من تلك الخلايا الإرهابية.

عيبان السامعي، باحث وناشط في الحزب الاشتراكي، قال "إن الحرب والحصار الجائر على تعز جريمة ضد الإنسانية بما تمثله من حالة عقاب جماعي لمئات الآلاف من السكان المدنيين الذين وضعوا في حيز جغرافي لا يتعدى الـ10 كلم ومنعوا من الغذاء والسلع وحرية التنقل، ومورس ضدهم أبشع الجرائم من قصف عشوائي بالمدافع وصواريخ الكاتيوشا وقذائف الدبابات والقنص وزرع الألغام".

وأضاف عيبان أن "ما بات يثير الدهشة أن قوى خارجية معادية صارت تشارك الميليشيات الطائفية في فرض عقاب جماعي على سكان مدينة تعز، اتضح ذلك من خلال وضع المطبات أمام إنجاز التحرير ودعم مليشيات خارج سيطرة الدولة وخلق استقطابات حادة من شأنها أن تزعزع النسيج الاجتماعي لتعز ووحدة قوى الشرعية في المحافظة".

  

جرحى تعز بلا "مصاريف"

يشكو جرحى تعز، في الداخل والخارج، الخذلان والإهمال، وعدم صرف مستحقاتهم وتكاليف علاجهم منذ ثلاثة أشهر.

ونفّذ الجرحى قبل أسبوع وقفات احتجاجية أمام مقر اللجنة الطبية، وأمام المقر المؤقت لمحافظة تعز، وأمام المقرّ المؤقت لقيادة محور تعز، للمطالبة بصرف مستحقاتهم ومستحقات الجرحى الذين سافروا للعلاج في مستشفيات الهند ومصر، البالغ عددهم 90 جريحًا.

بإلحاح شديد، يطالب مواطنو تعز الشرعية والتحالف العربي بالوقوف إلى جانب مدينتهم المحاصرة وتقديم الدعم اللازم للجيش الوطني لاستكمال تحرير تعز، التي لطالما عانت كثيرًا من مليشيات الحوثي الانقلابية.

يدرك التعزيون جيدًا أن الانقلاب الحوثي الأرعن وحربه الشرسة على تعز وحصاره الخانق المفروض عليها، هو أمّ كل كارثة حلّت بتعز، وسبب جميع الأوجاع التي رافقت الحصار على الحالمة.

كلمات دالّة

#تعز