الجمعة 29-03-2024 11:42:00 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والوطن والخصوم.. من إطلاق الإشاعات إلى سلوك الإجرام (4)

الأحد 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 


ثورة 11 فبراير 2011

الإشاعات التي رافقت ثورة فبراير كانت بالنسبة لصالح ونظامه، قضية إنقاذ لسلطته، ومسألة حيوية حياة أو موت.

قالوا عنها "نكبة فبراير"، قد يبدو طبيعيا أن صالح وأنصاره يصفون ثورة فبراير بالنكبة. إنها بالنسبة لهم نكبة، لأنها أسقطت مشروع التوريث.

أهم إنجازاتها إسقاط مشروع التوريث الذي كلف البلاد أثمانا باهضة قبل وأثناء وبعد ثورة فبراير، لذلك يعتبرها أنصار صالح الجريمة الكبرى.

مخطط التوريث كان محكما إلى درجة اليقين أنه لا يوجد أي تحدٍّ له، وللتمكين له فقد تم إنشاء مؤسسات رسمية موازية ومؤسسات أهلية تستخدم قوة السلطة ونفوذها، لذلك كانت ثورة فبراير نكبة كبرى لصالح وأسرته.

لسنا بصدد التبرير للثورة، فالثورات لا تندلع إلا بعد انغلاق الطرق وانسدادها، واتساع المخاطر التي تهدد الدولة ووجودها، لقد كانت ثورة شعبية واسعة لم تستطع الآلة العسكرية والأمنية إيقافها، ثورة شعبية كان الإصلاح واللقاء المشترك يذهبون إلى ضرورة التوصل إلى حلول تجنب البلاد العنف والحروب.

  

الإشاعات المرتبطة بثورة فبراير

سرقة الثورة
على الرغم من كونها ثورة شعبية عامة خرجت عن السيطرة وباغتت القوى السياسية بما فيها الإصلاح إلا أنها تنسب إلى الإصلاح ، وهو شرف لا يدعيه وتهمة لا ينفيها، إلا أنه خيل لصالح وأنصاره أن التركيز على الإصلاح سيضعف الثورة ويستميل القوى الأُخرى إلى جانبه ، نجحت دعايته جزئيا في إطلاق القول إن الثورة سرقت، الإصلاح سرق الثورة، وحاول بعض اليساريين إشاعة ذلك القول، غير أن الثورة كانت أكبر من الجميع.

  

الثورة جاءت بالحوثي إلى العاصمة

تمثل جماعة الحوثي الأزمة اليمنية بجميع كوارثها ومفرداتها، جماعة مسلحة متمردة خاجة على القانون، صنعها صالح وأوجد لها الأرضية لتوظيفها في تخويف الشعب من الإمامة ليختاروا التوريث، وتحت عامل التخويف والرعاية الصالحية، وأمام سمع وبصر العالم يكلف لجنة رئاسية للتواصل مع الحوثيين فيعطيهم غطاء رسميا ورئيس اللجنة تاجر السلاح المعروف فارس مناع رئيس لجنة للسلام، وغدا قرار الحرب من شأن لجنة أمنية عليا، أما وقفها فعبر اتصال هاتفي بين صالح والحوثي، رئاسة الجمهورية تتواصل مع حركة تمرد وتعطيها دفعات معنوية هائلة، ليكون اتفاق 2006 بتعيين يحيى الشامي محافظا لصعدة مع علم صالح أن الشامي يقود تنظيما سريا للإمامة، كان ذلك التعيين تنازلا رسميا عن المحافطة للحوثيين مقابل تصويت المحافظة لعلي صالح.

وفي عام 2009 أعلن الرئيس أن حروب صعدة كانت بروفات، وأن الحرب الحقيقية بدأت، وقد قصد بذلك عبور الحوثيين للحدود والاشتباك مع القوات السعودية.

  

مع الثورة حضر الحوثيون

ولأن اللجنة التنظيمية للثورة وقيادات سياسية لأحزاب إمامية مع ترحيب يساري كله سمحت بمشاركة الحوثيين بخيام في الساحة، وكان حضورهم جزئيا، وعلى الرغم من أن ثورتهم غدت معلنة أنها ليست ضد صالح وإنما ضد علي محسن إلا أنهم استمروا لسببين اثنين: الأول، الجهل بمنطق الدولة الذي يقول احتكار الدولة للقوة المسلحة وعدم السماح بوجود مليشيات مسلحة، وأن حضور الحوثيين في ساحة التغيير إضفاء قدر من الشرعية عليهم، وهنا كان المنطق يقتضي من منظمي الثورة الإشتراط على الحوثيين وضع السلاح.

الثاني، الجهالة بطبيعة علاقتهم بصالح، وهم يرونه أهم حليف كان قبل الثورة وأثنائها، في حين كان يعتقد أن رفض حضورهم، دفع لهم للتحالف مع صالح، والثورة تسعى إلى عزله.

لم يكن هناك إدراك أن التحالف قد تطور، وصار واقعا، وأن حضور الحوثيين في الساحة غدا لصالح الحوثي وصالح معا.

  

إشاعة التواصل

الأغرب أنه تم التحالف بين صالح والحوثي وتكوين ثورة مضادة مركبة من الطرفين، كان ذلك التحالف العامل الحاسم في سقوط المديريات والمحافظات والعاصمة بيد الحوثيين، لقد اوصلهم صالح بمعلومات وجيش وأجهزة إلى مناطق مختلفة ونجح الطرفان في إسقاط الرئيس ولم يتفقا على البدائل فكان إسقاطا للدولة اليمنية.

ومع ذلك فإن أنصار صالح يتهمون الثورة باستقبال الحوثيين، ويشيعون أن هناك تواصلا بين الإصلاح والحوثيين على الرغم من كل ما حدث.

ظل الإصلاح منفردا في إدراك خطر الحوثيين وعودة الإمامة في الوقت الذي وقفت معهم كل القوى المحلية والإقليمية والدولية في اتفاق ضمني أو تفاهم شفوي على التمكين لهم.

القوى اليسارية أبدت ترحيبا باجتياح الحوثيين، وصالح ومؤتمره الشعبي سلم لهم أجهزة الدولة عبر تحالف معلن.

الحوثيون استهدفوا الإصلاح في كل حركتهم: مقار رسمية، منازل، حتى المساجد ودور تحفيظ القرآن تم تفجيرها لاشتباه وجود صلة لها بالإصلاح.

على الرغم من أن إعلان الإصلاح التأييد للتحالف العربي، على ما فيه من تعريض أفراده لبطش الحوثيين -على الرغم من ذلك كله- إلا أن الإشاعات لا تزال حاضرة حتى اللحظة ومن جهات مختلفة داخلية وخارجية.

قسم من المؤتمر الشعبي يجد نفسه موصوما بالتحالف مع الحوثيين وخيانة الثورة والنظام الجمهوري، ويجد أن من عناصر قوة الإصلاح الموقف المبدئي من الحوثيين باعتبارهم يمثلون الإمامة بكل جبروتها وتمييزها العنصري وتجهيل الشعب والاعتماد على الخرافة والكهنوتية التي تتعارض مع الإسلام الرحمة للعالمين، ومهينة للإنسان اليمني، وسالبة لكرامته.

إنه موقف الوفاء للتضحيات التي قدمها الشعب للتحرر من الإمامة، والوفاء للدولة اليمنية، التي تتسع لكل اليمنيين، ولا ملاذ آمن لهم دونها.

إنه موف يشعر معه أتباع عفاش بالصغار، فيختلقون إشاعات تواصل بين الإصلاح والحوثيين، ويفرحون بها.