الخميس 25-04-2024 03:20:26 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نهب منازل اليمنيين وتفجيرها هوس إمامي وإرهاب حوثي متجدد

السبت 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبدالله المنيفي




لم تكن جريمة اقتحام منازل الخصوم ونهب محتوياتها وتفجيرها إذا لزم الأمر، طارئة على اليمن، المنكوبة بالمشروع الإمامي الوافد، بل إنها جريمة متأصلة في أنظمة الحكم الإمامي، في حروبه على اليمنيين، في حقب ومراحل زمنية متعاقبة، بدأت منذ وصول يحيى الرسي إلى اليمن قبل أكثر من 1200 عام.

وتقول وقائع التاريخ إن النظام الإمامي البائد الذي أسقطته ثورة 26 سبتمبر أقدم على نفس هذه الممارسات الهمجية، حيث إن الإمام أحمد حميد الدين أمر -إبان حربه مع قبيلة الزرانيق في تهامة- باقتحام منازلهم ونهبها وحرقها، والأمر ذاته فعله بعد فشل ثورة 1948، حيث أباح لجنوده صنعاء ومنازلها، أسبوعاً كاملاً. ولما ثار زيد الموشكي على الحكم الإمامي أمر الإمام بهدم منزله في ذمار، ومن قبله مارس أئمة في قرون مضت جرائم مشابهة بحق مخالفيهم في مختلف مناطق اليمن، ودمروا قرى ومنازل كل من وقف في وجه الكهنوت.

 



جرائم قديمة جديدة

وما يزال المشروع الإمامي في ثوبه الجديد بطابعه الإيراني، والذي تلقى تدريبه في الضاحية الجنوبية من بيروت بإشراف من حزب الله، والمتسلح بالألغام والمتفجرات لإرهاب اليمنيين، يمارس الدور نفسه بصورة أشد ضراوة وإرهاباً.

وتقول الأنباء الواردة من العاصمة صنعاء المحتلة من قبل مليشيات الحوثي الإمامية، إن عناصر الحوثي اقتحمت، الخميس الماضي، منزل المدير المالي لشركة طيران اليمنية منير الهبوب، وقاموا بنهب محتويات المنزل، حيث لم يكن الهبوب داخل منزله.

ومنذ بدء "عاصفة الحزم" في مارس 2015 زاد سعار الجماعة الانقلابية، فارتفعت حمى اقتحامها للمنازل والنهب، وتفخيخ منازل معارضين للانقلاب ونسفها من أساسها على مرأى ومسمع العالم، وقد كانت منازل قيادات وأعضاء حزب الإصلاح الأكثر عرضة لكل هذه الممارسات الإجرامية.

ربما كانت جريمة اقتحام ونهب منزل الهبوب هي الأخف مع الجرائم المتراكمة لمليشيات الحوثي تجاه منازل اليمنيين، وخصوصاً في العاصمة صنعاء، التي حول الحوثيون القادمون من كهوف مران منازل كثير من أهاليها إلى مساكن خاصة بمشرفي المليشيات، ونهب مساكن أخرى وأحياناً تملكها أو توزيعها لكوادرهم على شكل مكافآت.

ومنذ ظهور مليشياتهم في محافظة صعدة شمالي البلاد، لم يكتفِ الحوثيون بمصادرة الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، ومصادرة أملاك السكان، والأملاك العامة، بل أقدموا على الاستيلاء على منازل المواطنين ونهبها، وتفجير عدد منها.

  


إرهاب اليمنيين

وحين بدأت مليشيات الحوثي وبدعم من إيران حروبها الجديدة من دماج وصولاً إلى عمران ثم إسقاط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، ثم الوصول منها إلى بقية المحافظات، زاد سعار المليشيات ضد المنازل اقتحاماً ونهباً وتفجيراً، مستهدفة الرافضين لمشروعها الإمامي الانقلابي، وكان استهدافها لمنازل قيادات وكوادر التجمع اليمني للإصلاح بشكل أكبر، بدأتها بمنزل الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر، في مسقط رأسه بمديرية خمر محافظة عمران، وصولاً إلى منزله في مدينة عمران، ومنها إلى منازل قيادات إصلاحية في صنعاء وبقية المحافظات، والاستيلاء على هذه المنازل، ونهب كل ما تحتويه، وتفجير عدد منها.

وقد كان آخر استهداف لمنزل قيادي إصلاحي من قبل مليشيا الحوثي الأسبوع الماضي حين اقتحمت منزل الأمين المساعد للتجمع اليمني للإصلاح الأستاذ عادل الروحاني، في حي شملان بالعاصمة صنعاء من قبل عدد من مسلحي الحوثي الذين حاصروا المنزل وأرعبوا الأطفال والنساء، وقاموا بتفتيش المنزل وتحطيم النوافذ ونهب الأثاث والمحتويات، واختطفوا المستأجر الذي كان يسكن المنزل من أمام أسرته واقتادوه إلى جهة مجهولة، فيما لا تزال منازل قيادات وكوادر الحزب ومقاره تحت سيطرة مليشيات التمرد بعد أن نهبتها.

وفي مدينة ذمار، لا يزال ركام منزل مستشار الرئيس والسياسي المعروف عبد العزيز جباري شاهدا على إجرام المليشيات الحوثية، ومثله منزل اللواء الركن محمد علي المقدشي، ومنازل تم تفجيرها في عدة مديريات، أحدها في مديرية جهران على الطريق الموصل إلى صنعاء، وغيرها من المنازل في محافظات عمران وصنعاء وإب والبيضاء التي فجرتها مليشيات الحوثي، بعضها لمواطنين والبعض الآخر لعدد من المشايخ، وقد كان أشدها بشاعة جريمة قتل مشايخ آل العمري في ذي ناعم في أغسطس 2016 وتفجير منازلهم.

وشهدت محافظة تعز -ولا تزال- تفجير منازل المدنيين بعد تلغيمها في عمليات إجرامية تهدف إلى التهجير القسري والتطهير الطائفي، كما حدث في مارس الماضي، حيث فجّر الحوثيون منازل عدد من المواطنين في أطراف منطقة الشقب بمديرية صبر الموادم في ريف تعز بعبوات ديناميت ناسفة، وهو ما قامت به مليشيات الحوثي في مديريات أخرى من المحافظة منذ وصولها إليها، وهي المحافظة المسالمة التي لم تعرف هذا النوع من الجرائم.

ولم تتوقف جرائم المليشيات الحوثية المستهدفة للمنازل عند الخصوم فقط، فمع نهاية سبتمبر ومطلع أكتوبر الماضيين نشبت مواجهات بين مليشيات الحوثي الانقلابية، وبين تيار عبد العظيم الحوثي في محافظة صعدة، وجه بعدها عبد الملك الحوثي مليشياته بتفجير منازل أتباع عبد العظيم من آل حميدان وآل القمادي، حيث وثقت مشاهد من التفجير وبثت على شبكات التواصل الاجتماعي، لتضاف إلى العشرات من مقاطع الفيديو لعمليات تفخيخ وتفجير منازل اليمنيين، على إيقاعات الصرخة الخمينية.

وفي نهاية العام الماضي، وبعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أقدمت مليشيات الحوثي على اقتحام منازل قيادات مؤتمرية، وحينها تحدثت مصادر إعلامية أن الحوثيين لجؤوا إلى التعاقد مع شركات أمنية رائدة لتزويدهم بالعناصر الأمنية المدربة تدريباً عاليًا (نساء ورجال) لاستخدامها في اقتحام منازل الخصوم ونهبها، وتم اقتحام مئات المنازل في صنعاء وذمار وإب من قبل عناصر الحوثي النسائية اللائي يطلق عليهن "الزينبيات".

تلجأ المليشيات الحوثية السلالية إلى انتهاج هذا السلوك الإجرامي سعياً منها لإذلال خصومها ونشر الرعب وضرب المكانة الاجتماعية لخصومها، كتقليد للأنظمة الإمامية المتعاقبة في تاريخ اليمن، والتي تمارس التطرف من أجل بسط سيطرتها والحكم بالقوة.

وتعد هذه الجرائم من أبشع الانتهاكات وأكثرها جرماً، ففضلاً عن كونها إرهاباً وتدميرا لأملاك الآخرين ومساكنهم التي تؤويهم، فهي تهدف إلى التهجير القسري للسكان وفق أسس طائفية وسلالية ومناطقية، وتخلف مآسٍ للكثير من الأسر التي تجبرهم هذه الجرائم على ترك أرضهم التي نشؤوا وعاشوا فيها.