الجمعة 29-03-2024 02:17:37 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

النساء في زمن المليشيات..عصابات وانتهاكات بالجملة (تقرير)

الإثنين 08 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت –خاص/ وئام اسماعيل

 


إحتفظت المرأة اليمنية بخصوصيتها في مجتمع محافظ، وظل ذلك كجزء من الموروث الثقافي لدى اليمنيين الذين يتعاملوا مع النساء باحترام ويرفضون التعرض لها بسوء.

إلا أن كل ذلك تغيَّر في زمن مليشيات الحوثي التي انقلبت على الدولة في 21 سبتمبر/أيلول 2014، التي تعاملت بعنف مع كل الأصوات المناوئة لها، وكان ضحيتها كذلك النساء.

يوم السبت (6 أكتوبر/تشرين الثاني) كان حافلا بالعنف، فقد قامت مليشيات الحوثي بقمع احتجاجات خرجت للتنديد بالانهيار الاقتصادي، وتهاوي الريال اليمني على العملات الأخرى، وانقطاع المرتبات، والذي فاقم معاناة المواطن في البلاد.

 برغم أن التظاهرة كانت نسوية وسلمية، إلا أن مليشيات الحوثي قابلتها بالاعتداء والضرب على المشاركين فيها، واختطاف عدد منهم بينهم قرابة 20 طالبة من كلية التجارة بجامعة صنعاء، تم الإفراج عنهن لاحقا مقابل اعتقال أقرباء لهن من الذكور.

وتعرض المختطفون لمعاملة غير إنسانية في سجون الحوثي، وتم تلفيق اتهامات لهم بينها العمل لصالح التحالف العربي الذي كلفهم بنشر الشائعات وإقلاق السكينة العاملة، وفق وكالة "سبأ" التابعة للانقلابيين الحوثيين.

وأثارت تلك الواقعة ردود أفعال غاضبة في أوساط اليمنيين الذين يرفضون مثل تلك الممارسات بحق النساء، وطالبوا منظمات المجتمع المدني المختلفة بالوقوف بجدية أمام هذه السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا.

تزامن ذلك مع حملة اختطافات واسعة، نفذتها مليشيات الحوثي بالعاصمة صنعاء، في الوقت الذي قامت به الجماعة بعرض عسكري أمام بوابة الجامعة، لإرهاب المحتجين.

وقبيل بدء الاحتجاجات، ظهر القيادي الحوثي "حسين الأملحي" في تسجيل مصور، وهو يحرض على الاعتداء على النساء اللائي سيخرجن في التظاهرات، وتوعد بقمعهن.

 



إدانات واسعة

وكانت الحكومة اليمنية، قد دعت الأمم المتحدة إلى إدانة اختطاف الحوثيين للطالبات في صنعاء، واستنكرت بشدة ما وصفته بتكرار "المليشيا الانقلابية لأعمالها الإرهابية ضد المدنيين العزّل في العاصمة صنعاء، والاعتداء على عدد من الطالبات بالضرب المبرح، واختطاف بعضهن إلى منطقة مجهولة، دون أن يعرف مصيرهن حتى اللحظة".

ورأت في بيان لها أن "مليشيا الحوثي، أُصيبت بحالة من التوحش بعد أن وجدت نفسها غير قادرة على مواجهة المطالب المحقة لليمنيين في المناطق التي استولت عليها، ما دفعها إلى اقتحام جامعة صنعاء بالمئات من المسلحين والمسلحات، والهجوم بتلك الوحشية على الطالبات".

أما رابطة أمهات المختطفين، فأكدت أن اعتداء المليشيات الحوثية على التظاهرة النسائية بصنعاء "جريمة جديدة خارجة عن عادات وتقاليد وقيم المجتمع اليمني الذي يعلي من شأن المرأة ويجرم الاعتداء عليها، أو المساس بها، فكيف باختطافها وإدخالها أقسام الشرطة والسجون دون اعتبار لأية قيم مجتمعية أو أخلاقية أو إنسانية"، مستنكرة صمت الشرفاء من قبائل وأعيان ونشطاء والمنظمات الحقوقية والإنسانية.

من جهتها، طالبت منظمة "سام" للحقوق والحريات، منظمات المجتمع الدولي وعلى رأسها الأمم المتحدة التدخل لحماية المدنيين في اليمن، وضمان أن يتمتع المدنيون في اليمن بحقهم القانوني في التظاهر والتجمع السلمي الذي كفلة الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية.
وشكلت مليشيات الحوثي جماعات مسلحة نسوية يُطلق عليهن "الزينبيات"، قامت بتنفيذ الاعتداء على النساء باستخدام الهراوات والعصي الكهربائية، وهو ما يرى مراقبون أنه محاولة لتغيير الخصائص الديموغرافية في اليمن.

ووصفت الناشطة سمر الجرباني، في تصريحات صحفية، ممارسات ما يسمى بـ"الزينبيات" بغير الأخلاقية، وبأنها "أسلوب دخيل على المرأة اليمنية"، وعمل بلطجي" لا يصدر من امرأة بغض النظر عن كونها يمنية أو عربية، وهو عمل يسيء لجنس المرأة.

 



إرهاب غير مبرر

رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، اعتبر ما حدث اليوم في حرم جامعة صنعاء إرهابا غير مبرر وتجذير لسلوك الحكم الاستبدادي.

وقال: "لقد حجبت مليشيا الحوثي كافة المنافذ الإعلامية على اليمنيين للتعبير عن آرائهم، وضيقت على الحريات السياسية، ونصبت المحاكمات غير القانونية".

وأضاف أن مليشيات الحوثي تمارس إخفاءً قسريا وتعذيبا ممنهجا منذ استيلائها على العاصمة صنعاء بتاريخ 21 سبتمبر 2014م بهدف إرهاب المدنيين، وإسكات كافة المعارضين لسياسة المليشيا.

 



دليل رعب

وفسر الصحفي حسن الفقي في صفحته بموقع "الفيسبوك" استخدام العنف ضد المتظاهرين واستنفار الحوثيين لمسلحيهم، ضد مجموعة من الحرائر خرجن يهتفن لليمن وينددن بتدهور المعيشة، بأنه كشف هشاشة جماعة الموت والكهنوت، الذين يفرون في الجبهات كالنعام أمام الجيش الوطني، ويستأسدون ضد العزل والنساء في صنعاء.



امتهان اليمنيين

أما وكيل وزارة الإعلام عبده سعيد المغلس فاعتبر ما حدث في صنعاء من اعتداء على المتظاهرات اليمنيات وضربهن وامتهان كرامتهن وزجهن في السجون من قبل مليشيا الحوثي الإيرانية، بأنه جريمة نكراء في حق الإنسانية وقمة الامتهان للشعب اليمني بقبائله وأحزابه ومثقفيه وكتابه ومنظمات مجتمعه المدني ومنظمات مناصري المرأة وحقوق الإنسان.

وقال: "إن تلك المليشيات أوغلت في إذلال اليمنيين وانتهت بإذلال النساء"، متسائلا في مقال له: "ماذا ننتظر بعد أن استباحوا حرمات الوطن الأرض والعرض، أهانوا القبيلة ومشايخها، أهانوا الجامعات ومنتسبيها، أهانوا المثقفين والصحفيين، أهانوا التجار أهانوا كل فئات المجتمع، واليوم يهينوا نساء اليمن، لقد أهانوا كرامة اليمن، ورجال اليمن، ونساء اليمن، لم يبقوا لنا شيئا، حتى عفاف نسائنا وكرامتهن اعتدوا عليه".

 



اعتداءات سابقة

وليست هذه هي المرة الأولى التي يعتدي فيها الحوثيون على النساء، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، فكثيرا ما هاجمت المليشيات وقفات الاحتجاج التي تنفذها -من وقت لآخر- رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسرا بصنعاء، للمطالبة بالإفراج عن أبنائهن.

الأمر ذاته تكرر، مع خروج متظاهرات من حزب المؤتمر الشعبي العام، اللائي طالبن بإطلاق سراح معتقلين من الحزب، وذلك بعد حملة الاختطافات التي طالتهم بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد تلك الجماعة.

ومطلع العام الجاري كذلك، تداول ناشطون تسجيلا يظهر مسلحين حوثيين وهم يحاولون اقتحام مدرسة "صروح المجد" بصنعاء، لإلزامهم بدفع ما يسمى بـ"المجهود الحرب" والدفع بالطلاب للالتحاق بجبهات القتال، وهو ما قوبل برفض إحدى المعلمات.

ومنذ أيام أطلق نشطاء يمنيون دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، للخروج في مظاهرات واسعة باتت تعرف بـ(ثورة الجياع) بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وتتهم الحكومة مليشيات الحوثي بنهب الاحتياطي الأجنبي للدولة من البنك المركزي بصنعاء، والمقدر بخمسة مليار دولا، فضلا عن نهب موارد الدولة لتمويل حربهم.

وتدهور الريال بشكل متسارع أمام العملات الأخرى طوال فترة الحرب، حتى وصل قبل أيام سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 750 ريالا.

الجدير ذكره أن حارس كلية الإعلام بجامعة صنعاء، قتل بعد تعرضه لطعنات من قِبل مسلحين حوثيين داخل حرم الجامعة، أثناء تفريق المليشيات لتظاهرة نسائية هناك.