الخميس 28-03-2024 18:32:58 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحكومة والتحالف في مهمة إنقاذ الاقتصاد اليمني

الجمعة 05 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ عبدالله المنيفي

   

جاءت المنحة السعودية التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هذا الأسبوع لوقف تدهور العملة اليمنية، أحد الحلول لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، خصوصاً بعد الانهيار المتسارع للعملة الوطنية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تجاوز الدولار حاجز 800 ريال، في حين يتوقع أن يواصل الريال تعافيه مع وضع الحكومة اليمنية لمعالجات للوضع الاقتصادي.

ولقد ساعدت المنحة السعودية وقف هذا التدهور وتراجع قيمة الريال اليمني، حيث إن تهاوي الريال اليمني قد أدى إلى إثارة الهلع في أوساط اليمنيين من مجاعة محققه تطال أبناء الشعب اليمني، مع تعالي التحذيرات الدولية من إمكانية حصول الكارثة.

وتعلق الحكومة اليمنية آمالاً على الأشقاء في التحالف العربي، لا سيما قيادة المملكة العربية السعودية، والامارات العربية المتحدة، في دعم اليمن على مختلف المستويات، السياسية الاقتصادية العسكرية والإنسانية، حتى عودة الأمن والاستقرار ودحر الميليشيات الحوثية التابعة لإيران، وهو الأمر الذي أكده سعادة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وأوضح أن السعودية لن تسمح للميليشيات الحوثية بتدمير العملة اليمنية كما قامت بقتل وتدمير الشعب اليمني.

وقال آل جابر وهو يتحدث في الرياض إلى منظمة أطباء بلا حدود في اليمن: "السعودية تؤكد دائماً استمرار دعمها للحكومة اليمنية وإعادة الأمن والاستقرار، وهذا ما يحدث بشكل كامل إلى جانب دعم البنك المركزي ومن خلال البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن، وجهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية"، واعتبر ما يحدث للعملة اليمنية هو بفعل مضاربات تمت على الريال اليمني من بنوك عدة في العاصمة صنعاء من صرافين بضغط من الحوثيين، ما أدى إلى ارتفاع سريع في الريال اليمني. وقال إن "الحكومة اليمنية أدركت رغبة المليشيات في تدمير الشعب اليمني ومؤسساته وقتل أبنائه، إذ نهبت تلك المليشيات سابقاً 5 مليارات دولار من البنك المركزي".

وتؤكد الحكومة اليمنية باستمرار على أهمية دور الأشقاء، كشركاء في تحرير اليمن واستعادة دولته، ودعم اقتصاده، حيث أكد رئيس الوزراء الدكتور أحمد بن دغر، الثلاثاء الماضي، أن اليمن بحاجة إلى مؤتمر اقتصادي يمني- خليجي على مستوى القمة ينظر في وضعه، وقال: "لا يمكننا أن ننتصر في معركتنا مع الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين في ضل اوضاع سيئة يعيشها المواطن اليمني، لن يثق المواطن بما نقوله عن أنفسنا وعن توجهاتنا، بل بما نصنعه على الأرض ويلمسه المواطن".

 

الانقلابيون وتدمير ممنهج للاقتصاد

وكانت الحكومة اليمنية قد قالت في بداية سبتمبر الماضي أنها تتخذ تدابير من شأنها وقف تدهور العملية، وأن اللجنة الاقتصادية أقرت مصفوفة شاملة من الإجراءات الاقتصادية والمالية والتدابير الأمنية في سياق مسعاها لوقف تدهور الاقتصاد وتهاوي العملة المحلية، وتهدئة غضب الشارع المتصاعد بسبب غلاء الأسعار وتضاؤل فرص العيش، غير أن الأمور اكدت سوءاً مطلع هذا الشهر، الأمر الذي خلف سخطاً وهلعاً كبيرين في الشارع اليمني.

وتتفق الحكومة اليمنية والتحالف العربي، على أن انقلاب مليشيات الحوثي واشعالها للحرب، وسيطرتها على البنك المركزي والاحتياطي النقدي، هو السبب الرئيسي في الانهيار الاقتصادي الذي تشهده اليمن منذ سيطرة مليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.

وانتهج الانقلابيون في تدميرهم الاقتصاد اليمني وإدارة الأسواق السوداء البديلة خطة تشبه في كثير من تفصيلاتها منهج الحرس الثوري في إدارته للمؤسسات الموازية في إيران، حسبما يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي أن هذه الأسواق ليست سوى نموذج لهذا التدمير.

ومما زاد الأمور سوءاً الاستنزاف الممنهج لاحتياطيات النقد الأجنبي والدعم المخصص للمشتقات النفطية من قبل مليشيات الحوثي الانقلابية، واعتماد المجهود الحربي وسيلة جباية لتمويل المليشيات الحوثية والعبث الشامل بإيرادات الدولة.

وتؤكد دراسات اقتصادية في هذا الصدد أن الانقلاب الحوثي أثر بشكل سلبي ومباشر على انهيار العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم وعلى القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي ومخصصات الفقراء.

وأوردت هذه الدراسات بالإحصائيات والأرقام حجم الأضرار والانهيارات التي خلفها الانقلاب في كل مجالات الحياة اليمنية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وسوء التغذية ودخول اليمن نفق المجاعة وهاوية الفشل الشامل على مختلف الأصعدة.

 

تسخير الموارد في حرب اليمنيين

وفي أغسطس الماضي اتسعت فجوة الخلاف بين حكومة انقلاب الحوثي غير المعترف بها وبين النواب الخاضعين لها في صنعاء، ما أدى إلى تشكيل لجنة من النواب للتحقيق في فساد الحكومة الحوثية، حيث أعدت اللجنة تقريرا رصدت فيه أبرز أوجه الفساد التي ارتكبها قادة الجماعة عبر سياساتهم الساعية إلى تدمير الاقتصاد وتجويع السكان، وهو التقرير الذي كشف فساداً مهولاً للجماعة الحوثية، التي قال ان مليشياتها تنهب أكثر من 6 مليار ريال شهرياً من أرباح بيع المشتقات النفطية، ولا توردها إلى البنك، وأن الجماعة الانقلابية تعيق دخول السفن إلى ميناء الحديدة وتتعمد تأخير تفريغها لإحداث نقص في السلع في الأسواق من أجل رفع الأسعار، كما اتهم الجماعة بأنها تحتكر عبر تجار موالين لها استيراد الوقود وتتفرد باتخاذ القرارات خارج الأطر الرسمية لمؤسسة موانئ البحر الأحمر الحكومية، مشيراً إلى الجبايات غير القانونية التي تتم في نقاط التفتيش المنتشرة على الطرق وبين المدن، فضلا عن وجود تواطؤ بين قيادات الجماعة وبين كبار التجار من أجل التلاعب بحركة الأسواق وفرض زيادات غير منطقية على أسعار السلع، وقيام المليشيات الحوثية ايضاً بنهب أكثر من 33% من عائدات الجمارك، وكذا السطو على أكثر من 60 مليار ريال خلال عام واحد، لم يتم توريدها إلى البنك المركزي الخاضع للجماعة، إلى جانب عدم صرفها لرواتب الموظفين الحكوميين على الرغم الأموال التي قامت بتحصيلها رسميا والتي بلغت نحو تريليون ريال خلال العام الماضي.

وتمارس المليشيات الحوثية الفساد علناً ويجني قادتها الأموال بنهم واستثمارها في شراء العقارات والاتجار في الوقود وتسخير الموارد للإنفاق على مليشياتها ومجهودها الحربي إلى إصابة الاقتصاد المحلي بالشلل، وتعمل على اكتناز وتهريب العملات الأجنبية وهو ما أدى الى التدهور المستمر للعملة الوطنية دون اكتراث لتفاقم تدهور الحالة المعيشية ووصول نسبة كبيرة من السكان إلى المجاعة.

 

دور الأمم المتحدة

ورغم فشل الأمم المتحدة ومبعوثيها في ارغام الانقلابيين على تطبيق القرارات الدولية المتعلقة باليمن، وانهاء الانقلاب وتمكين الشرعية، كمدخل لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية، إلا أن اهتمامها بالوضع الاقتصادي ظل هامشياً، حتى أعلن المبعوث الدولي إلى اليمن "مارتن غريفيث" أمس الخميس، إن الأمم المتحدة تناقش خطة اقتصادية طارئة لوقف انهيار العملة، موضحاً أن خطة صندوق النقد الدولي لتوحيد فروع البنك المركزي اللازمة في غضون أسابيع.

وقال غريفيث، في مقابلة نشرتها وكالة "رويترز" في نسختها الإنجليزية: "إن أفضل طريقة لحل الأزمة الإنسانية في اليمن هي إصلاح الاقتصاد وبالتالي فإن الحد من انهيار الريال اليمني هي الأولوية الدولية الرئيسية، مضيفاً أن "الأمم المتحدة تناقش خطة طارئة لوقف تراجع الريال وإعادة الثقة إلى الاقتصاد".

وأكد المبعوث الدولي أن القضية الاقتصادية الآن هي الأولوية الأكثر أهمية، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة تتحدث بشأن هذه الخطة الرئيسية وهي مجموعة فورية من التدابير على مدى أسابيع والتي من الواضح أن البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ووكالات الأمم المتحدة والخليج، يمكن أن تجتمع مع الحكومة اليمنية من أجل مناقشتها.

وقد أدى تلاعب مليشيات الحوثي الانقلابية بالتحويلات النقدية لأكثر من 9 ملايين يمني يواجهون الفقر إلى تعليق منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" يوم الأربعاء، لهذه التحويلات.

وقالت اليونيسف -حسب وكالة اسوشيتد برس الأمريكيَّة- إن القرار جاء بعد أن تعذر إنشاء مركز اتصال للحصول على تعليقات من المستفيدين، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وقال شخصان على دراية بالبرنامج إن الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن أعاقوا إطلاق مركز الاتصالات لأنهم يخشون اكتشاف تلاعبهم في التحويلات النقدية. وتحدث الاثنان شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من انتقام الحوثيين.

ويأتي تلاعب الانقلابيين الحوثيين بتحويلات الفقراء، كنموذج بسيط للفساد الممنهج والاستيلاء على أموال المواطنين في المناطقة الخاضعة لسيطرة المليشيات، إضافة إلى النهب المستمر للأموال العامة والخاصة وفرض الجبايات بالقوة، وهي ممارسات مدمرة للاقتصاد اليمني لا تزال الأمم المتحدة ومنظماتها تغض الطرف عنها.