الجمعة 19-04-2024 16:57:54 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المنظمات الأممية والدعم اللوجستي للحوثيين

الأحد 30 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبد السلام قائد
  





أصبح الدعم الذي تقدمه بعض منظمات الأمم المتحدة لجماعة الحوثي من أبرز الظواهر التي لازمت الحرب الأهلية في اليمن منذ بداية الانقلاب على السلطة الشرعية وحتى الوقت الحالي، وما زال الدعم مستمر رغم الانتقادات التي توجهها السلطة الشرعية والتحالف العربي للمنظمة الأممية بهذا الخصوص، بما في ذلك تسيس الملف الحقوقي والإغاثي. وكانت منظمة التعاون الإسلامي حذرت من استغلال جماعة الحوثي للأمم المتحدة في تكريس الإنقلاب على الشرعية.

في نفس الوقت، فإن الأمم المتحدة تتغاضى عن الجرائم التي يرتكبها الحوثيون في المحافظات التي يسيطرون عليها، والتي تشمل: الإعدامات الميدانية، والقصف العشوائي على المدن والقرى الآهلة بالسكان، والاعتقالات والإخفاء القسري، والتعذيب في السجون، وتفجير منازل الخصوم السياسيين، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وإحراق المزارع، والاعتداءات الجسدية على أمهات المختطفين كلما تظاهرن للمطالبة بالإفراج عنهم، ووضع المعتقلين السياسيين في أماكن مستهدفة بالقصف الجوي واستخدامهم كدروع بشرية، وتجنيد الأطفال بالقوة، وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

- تهريب الأسلحة

لعل أخطر أساليب الدعم اللوجستي المقدم للحوثيين تلك المتمثلة في دعمهم بالأسلحة والتغاضي عن تهريب الأسلحة لهم. فقد كشفت القوات الأمريكية -في الأيام الأخيرة- عن زوارق محملة بشحنات أسلحة كانت في طريقها للحوثيين، وأتضح ان تلك القوارب تابعة للأمم المتحدة.

ويأتي هذا الدعم للحوثيين بعد دعم مماثل قدمته الأمم المتحدة لنظام بشار الأسد في سوريا، وفقا لتقرير نشرته مجلة فورين أفايرس الأمريكية، أكدت فيه أن الأمم المتحدة دعمت نظام الأسد بشكل غير مباشر بـ30 مليار دولار من مساعدات الدول المانحة، واستخدمها الأسد لدفع رواتب "الشبيحة" التابعين له، وتغطية مستلزمات أجهزة المخابرات.

وكانت لجنة الخبراء الخاصة باليمن قدمت تقريرا سريا لمجلس الأمن في الأمم المتحدة قالت فيه ان الحوثيين مازالوا يتزودون بصواريخ بالستية وطائرات بدون طيار من إيران رغم الحظر على الأسلحة منذ العام 2015، إلا أن الأمم المتحدة لا تبدي الإهتمام المطلوب إزاء تهريب إيران الأسلحة للحوثيين.

ويشمل الدعم الإيراني المقدم للحوثيين، والذي تتغاضى عنه الأمم المتحدة: الأسلحة ووسائل الرؤية الليلة وشبكات الاتصالات والمخدرات.

وقبل أيام، عرض المتحدث باسم التحالف العربي تركي المالكي صورا لسفينة عسكرية إيرانية تعمل بغطاء تجاري. وقال المالكي -في مؤتمر صحفي- إن سفينة إيرانية مسجلة تجاريا ولكنها عسكرية اسمها "سافيز" تراقب السفن العابرة من باب المندب، وأضاف أنه يوجد على السفينة أجهزة تنصت وكذا زوارق عسكرية تقوم بتحركات مشبوهة، كما أنها تنقل خبراء عسكريين، وتدير العمليات العسكرية للحوثيين لتهديد الملاحة الدولية.

وكانت تقارير صحفية ذكرت أن طائرات الأمم المتحدة قد أدخلت -في وقت سابق- شبكات اتصالات لغرض استخدامها في مكاتبها العاملة في اليمن، لكن تقارير إعلامية أفادت بأنه تم منح هذه الشبكات للحوثيين، وواصلت إدخال شبكات جديدة مماثلة.

- دعم مباشر

وتتعدد أساليب الدعم المباشر من قبل المنظمات الأممية للحوثيين، منها: توقيع مذكرة تفاهم بين منسقية الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وجماعة الحوثي في صنعاء لإقامة جسر جوي لنقل جرحى الحوثيين إلى الخارج ولمدة ستة أشهر.

وتتعمد المنظمة الأممية السماح لأشخاص بالدخول إلى اليمن عبر طائراتها، رغم أنه لا توجد لهم صفة دبلوماسية أو إغاثية، وربما يكونوا خبراء عسكريين وخبراء تصنيع وتطوير أسلحة قدموا لمساعدة الحوثيين.

ويعد ذلك انتهاكا صارخا للامتياز الذي منحه التحالف العربي الخاص بعدم التفتيش وتسهيل مرور الطائرات الإغاثية، كما أن قرار مجلس الأمن 2216 ينص على تسهيل مرور الموظفين الأمميين فقط، أما الشخصيات الأخرى فيمكنها الدخول بالطرق النظامية على متن الرحلات التجارية عبر المطارات الواقعة في المحافظات التي تسيطر عليها السلطة الشرعية.

وفي وقت سابق، قدمت الأمم المتحدة للحوثيين دعما ماديا بمبلغ 14 مليون دولار بذريعة طباعة الكتاب المدرسي، رغم علم المنظمة بأن الحوثيين استبدلوا معظم المناهج الدراسية بمناهج طائفية تحرض على القتل والكراهية.

كما أنها قدمت للحوثيين دعما بملايين الدولارات، تتراوح ما بين 14 و17 مليون دولار، بذريعة نزع الألغام في اليمن، رغم علمها بأن الحوثيين هم من زرعوا الألغام بكثافة في مختلف جبهات القتال في الداخل وفي الجبهات الحدودية مع السعودية، وأنهم يستخدمون هذه المبالغ في زيادة تصنيع وزراعة الألغام إلى جانب الألغام المزروعة سابقا



تسييس الملف الحقوقي

بالإضافة الى ذلك ، تتعمد بعض منظمات الأمم المتحدة تسييس الملف الحقوقي في اليمن بشكل فاضح، ويتضح ذلك من خلال التقرير الأخير عن حالة حقوق الإنسان في اليمن، والذي بدا منحازا لصالح جماعة الحوثي، وتغافل عن جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها.

لم تكتف تلكِ المنظمات الأممية بالانحياز في تقاريرها الحقوقية لصالح الحوثيين واتهام التحالف العربي بانتهاك حقوق الإنسان في اليمن، ولكنها تتستر بشكل فاضح على جرائم الحوثيين، حيث سبق أن تسترت على استخدامهم لقنابل عنقودية في بعض مناطق الاشتباكات.

والأدهى من ذلك أن الحوثيين صوروا الأضرار التي خلفتها تلك القنابل وقدموها للأمم المتحدة كأدلة لإدانة التحالف العربي بتهمة استخدام قنابل عنقودية ضد المدنيين، رغم أن الذين صوروا تلك الأضرار هم من العاملين مع المنظمة في الداخل، وتم تعيينهم من قبل الحوثيين، والمنظمة الأممية تعلم ذلك تماما.

- الملف الإغاثي

على الجانب الإنساني، جيّرت الأمم المتحدة الملف الإغاثي لصالح الحوثيين، ورفضت انتقال منظماتها للعمل في العاصمة المؤقتة عدن، وأصرت على مواصلة العمل من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون.

كما أنها أصرت على إدخال المساعدات إلى البلاد عبر مطار صنعاء وميناء الحديدة اللذين يسيطر عليهما الحوثيون، ورفضت إدخال المساعدات عبر الموانئ والمطارات التي تسيطر عليها السلطة الشرعية والتحالف العربي، وعلى رأسها ميناء ومطار عدن وميناء ومطار المكلا.

أيضا، تتعمد المنظمات الأممية تسليم قوافل الإغاثة للحوثيين مباشرة بدون الإشراف على توزيعها، رغم علمها بأن الحوثيين ينهبونها ويبيعونها في السوق السوداء، ويوزعون القليل منها لأتباعهم حتى وإن كانوا في غنى عنها.

كما أن كمية وعدد القوافل الإغاثية التي تقدمها الأمم المتحدة للحوثيين في مناطق سيطرتهم أكثر بكثير من القوافل المقدمة للمحتاجين في المحافظات التي تسيطر عليها السلطة الشرعية، بل تكاد تنعدم تماما في بعض المناطق المحررة.

وعندما قدمت الأمم المتحدة -في وقت سابق- مواد إغاثية لمحافظة تعز المحاصرة، رفضت إدخالها عبر طرق بعيدة عن سيطرة الحوثيين، وأصرت على إدخالها عبر طرق يسيطر عليها الحوثيون، مما عرض العاملين مع المنظمة للانتهاكات من قبل المسلحين الحوثيين، الذين نهبوا المساعدات وباعوها في السوق السوداء، ولم تصدر المنظمة الأممية حتى بيان استنكار جراء ذلك.

- الدعم إلى متى؟

إن استمرار الدعم الذي تقدمه بعض منظمات الأمم المتحدة لجماعة الحوثي من شأنه مد الجماعة بأسباب البقاء والصمود لمدة أطول في الحرب، وهو يعد بمثابة دعم للانقلاب على السلطة الشرعية، وهذا الأمر من شأنه تشجيع الجماعات الطائفية والإرهابية في بلدان أخرى على الانقلاب على السلطات الشرعية كلما كانت الظروف ملائمة لذلك، وما سينتج عن ذلك من تهديدات متزايدة للأمن الإقليمي ومصالح الدول الكبرى.

وإذا افترضنا أن لدى المنظمات الأممية أهدافا خفية من هذا الدعم، كونها مجرد أداة بيد الدول الكبرى تنفذ أجندتها من خلالها، فإن الأجدر بالتحالف العربي والسلطة الشرعية التسريع بالحسم العسكري لإنهاء الانقلاب وبناء اليمن الاتحادي الجديد، ووضع حد للدعم المقدم للحوثيين من تلك المنظمات بشتى السبل، وإنهاء الأزمة الإنسانية في البلاد جراء الانقلاب.