السبت 20-04-2024 07:46:24 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

اليمنيون في ذكرى 26 سبتمبر .. هذا ما تعنيه لنا هذه المناسبة (استطلاع)

الجمعة 28 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ وئام إسماعيل

    

لم تغب الاحتفالات بثورة 26 سبتمبر 1962 منذ أن حدث انقلاب 21 سبتمبر 2014، الذي نفذه الحوثيون بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتل لاحقا علي يد تلك المليشيات.

 

وعلى الرغم من محاولات الحوثيين الحثيثة من أجل طمس بعض معالم ثورة 26 سبتمبر التي قضت على الإمامة، إلا أنهم حتى اليوم فشلوا في ذلك نظرا لتمسك اليمنيين بأهداف تلك الثورة، التي ضحى بأرواحهم لأجلها الكثير من الأجداد.

 

في الذكرى والسادسة والخمسين لثورة سبتمبر 1962م، عمت الاحتفالات العديد من المحافظات اليمنية، وهو ما عكس حجم تمسك المواطنين بها وعدم السماح بالعودة إلى الوراء، بعد أن ذاقوا مرارة ما جاء به ما بات يُطلق عليهم اسم "الأئمة الجدد".

 

أعظم إنجازات اليمنيين

 

"الإصلاح نت" بهذه المناسبة استطلع آراء عدد من اليمنيين لمعرفة ما تعنيه لهم هذه الثورة، بينهم المحلل السياسي فؤاد مسعد، الذي قال إن "ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة هي أعظم إنجاز حققه اليمنيون في تاريخهم المعاصر، ذلك أنها هدمت بنيان الطغيان الإمامي الذي جثم على صدور اليمنيين مئات السنين، مدعيا وصايته على الدين والدنيا، وزاعما أنه وحده الممنوح الحق في احتكار الدين وامتلاك السلطة، لا لشيء إلا لأنه يعتمد على سلالته التي يرى أن على الجميع خدمتها والخضوع لسلطانها والقبول بمساوئها".

 

وأضاف مسعد: "ما فعلته ثورة سبتمبر جاء امتدادا لثورة الأحرار عام ١٩٤٨ وما قبلها وحركات الثوار بعدها، حين لم يتوقف الفعل الثوري على مواجهة الكهنوت الحاكم، بل امتد ليشمل توعية المجتمع والشعب بمخاطر الحكم المستبد والمتخلف الذي جعل الشعب اليمني يعيش في عزلة عن العالم الخارجي، تفتك به آفات الإمامة من أمراض وجهل وتضليل".

 

وأكد أن الشعب اليمني "لم يقف مع ثورة سبتمبر إلا وهو يعي أن الخرافة لم تعد قادرة على تمرير جهالتها ومواصلة تخدير المواطنين، بأهمية طاعة الإمام وأبنائه ومعاونيه وزبانيته من الجلادين والسجانين وناهبي طعام الفقراء".

 

واستطرد: "ثورة سبتمبر أوقفت مرحلة الجهل والاستبداد والعنصرية ليبدأ عهد اليمن الجديد بنظامه الجمهوري وجيشه الوطني وعلى قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، وتلك مبادئ الثورة الخالدة التي انتصرت في سبتمبر على أئمة بيت حميد الدين وستنتصر على جحافل العنصرية وادعياء الامامة بنسختها القديمة الجديدة".

 

لحظة الخلاص

 

وينظر الإعلامي محمد العليمي لثورة 26 سبتمبر، كما ينظر الحفيد لإنجازات أجداده العظام بفخر وإعجاب كبيرين، فهي تعني له ولادة اليمن الحقيقية ولحظة النور والخلاص من قرون طويلة من الاستبداد والظلم والقهر والظلام، وأيضا لحظة الخروج من ظلمات قرون اليمن الوسطى التي عاشتها البلاد على يد الأئمة السلاليين، وحلقة الوصل بتاريخ وحضارة اليمن الممتدة لآلاف الأعوام، والتي انقطعت لأكثر من ألف ومائتي عام بسبب دخول الرسي اليمن ومن بعده حكم الأئمة، وكذلك التعليم والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وإزالة الفروقات بين أبناء المجتمع وإلغاء الطبقية التي عمل السلاليون على تكريسها وتجذيرها داخل المجتمع اليمني، على حد تعبيره.

 

وأضاف: "تعني لي هذه الثورة أن جميع الناس سواسية ولهم حقوق متساوية كما عليهم واجبات متساوية تجاه الوطن؛ فسبتمبر هي الانتماء لليمن الحقيقي وعدم احتقار المهن، والانتصار للفلاح والحداد والنجار والحلاق والجزار والجندي وصائغ الذهب وكل المهنيين وأصحاب الحرف، وهي كذلك تعني لي أيضا الجامعة والمدرسة والنشيد الوطني وطابور الصباح".

 

هذه الاحتفالات الكبيرة التي نراها اليوم من قبل أبناء سبتمبر وأحفاده، يرى العليمي أنها "اعتراف بالجميل والعرفان للأجداد الذين صنعوا فجر ذلك اليوم المجيد، وإيمانا بعظمة ما قاموا به وإكبارا وإجلالا لكل التضحيات التي قُدمت لصناعة شمس ذلك اليوم وقيام الثورة، كما أنها تجديد للعهد بأننا سائرون على نفس الطريق في محاربة السلاليين ومليشيا الحوثي وكل من يقف في صفها ممن يحاول إعادة اليمن الى عهد الإمامة البائد، وهي محاولة للسير على خطى قادة سبتمبر وجمهورها، ودعوة أيضا لقراءة الثورة من جديد والتعرف على رموزها ويومياتها ونضالات صانعيها وفكرهم ووعيهم وتخليدهم والاطلاع على معاناتهم الكبيرة في تحقيق ذلك، كما هي رسالة من الأبناء والأحفاد بأنهم لن ينسوا أبدا تضحيات آبائهم وأجدادهم وكل أولئك الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل الثورة وبأنهم سيعملون على استمرار تلك الأهداف الخالدة ولن يحيدوا عنها أبدا ورغم المعاناة التي يعيشها اليمنيون اليوم إلا أنهم يدركون أن التمسك بأهداف ثورة سبتمبر هي الخلاص الوحيد".

 

وعي بخطورة الأئمة الجدد

 

أما الصحفي والكاتب عمار زعبل، أفاد قائلا: "إننا اليوم أصبحنا نعيش ما عاشاه أجدادنا في ظل الإمامة والكهنوت والحكم الفردي الذي كان جاثماً لقرون, جعل من اليمن معزولة عن العالم وحكراً للحاكمين, الذين جعلوا من الجماجم عرشاً لحكمهم, ففي سنوات أربع من انقلاب النسخة الجديدة من الإمامة, عرفنا معنى النضال, وكيف أن هذه المشاريع تعمل على تأخرنا وتخلفنا, وتجير كل شيء لصالحها, فكان الاحتفاء بهذه المناسبة قوياً وشعبوياً أكثر من أي وقت مضى, ليس في وسائل التواصل الاجتماعي فقط, تشعر بذلك حتى في أحاديث الناس البسطاء والعاديين".

 

وعن نسبة وعي المواطنين بخطورة المشروع الحوثي وماهيته، فيعتقد أنها كبيرة, حتى الحوثيون أنفسهم حاولوا الهرب من المصطلح (الأئمة الجدد), ويتمسكون بمظاهر الجمهورية, لكنهم في الأخير يريدون نقل النموذج الإيراني بحذافيره إلى اليمن"، مضيفا: "فالخطورة اليوم تكمن بأنهم يريدون القضاء على أشياء كثيرة وإدخال الفكر الإيراني بقوة من أجل ترسيخ حكمهم وانقلابهم, الذي يتهاوى يوماً بعد آخر أمام إصرار السبتمبريين الجدد من أحفاد الزبيري وعلي عبدالمغني وغيرهم من الأبطال".

 

ووفق زعبل فمن حسنات الانقلاب أنه جعلنا نتمسك أكثر بأهداف سبتمبر ونجعل من سير المقاومين للإمامة نماذج سنعلمها للأجيال, وأصبح بإمكاننا اليوم أيضاً الفخر بنضال القشيبي والشدادي وباحاج وغيرهم ممن واصلوا محاربة الإمامة وإيقافها.

 

نقطة فارقة

 

بدوره يذكر الكاتب الصحفي أمجد خشافة أن "ثورة سبتمبر مثلت نقطة فارقة في تاريخ اليمن المعاصر؛ إذ نقلت المجتمع من حياة تحت نظام استعباد إلى حرية التحدث والحركة والاجتماع، وهو ما أعطى للمجتمع حيوية للعمل على تقدم البلد، إلا أن إخفاقات ما بعد الثورة ممثلة بالحروب الاضطرابات السياسية عرقلت من نهوض اليمن".

 

وأكد خشافة: "ومع كل هذا، تبقى ثورة سبتمبر هي أهم حدث تاريخي يمكن تصويب مسارها من جديد، بعد أن عرف الشعب حالياً معنى الإمامة في ظل تواجد أحفادها ممثلة بالحوثيين".

 

ويعتقد خشافة أن "الخلاص من الانقلاب يبدأ من البحث في أسباب عودة هذه الجماعة القادمة من بقايا الإمامة، وأهم هذه الأسباب، هي انشقاق اللحمة الاجتماعية الجمهورية، فالإمامة تاريخياً مقرها صعدة، وحين يختلف أبناء الجمهورية تتهشم أسوارها فيدخلون صنعاء بسهولة".

 

إضافة إلى "إحداث تغيير في وعي أبناء المناطق الشمالية، والتي تمثل الكتلة البشرية الحيوية، وهذا يتطلب مجهود دولة لإقناع أبناء هذه المناطق بأنهم يمنيين، وأن هذه الجماعة لها مشروع يمتد لإيران، إضافة، لنبذ فكرة الولاية التي جلبها المذهب الهادوي التي تكرس فكرة الطبقية وأفضلية عرق الهاشميين عن غيرهم، وأن الاسلام جاء ليقول، "كلكم لآدم وآدم من تراب"، وكذا إيجاد نص دستوري يجرم السلالة والاصطفاء والطبقية، وبهذا تكون عليها عقاب قانوني يفقد الانقلاب أسباب بقائه على الحياة"، بحسب خشافة.

 

وأردف بالقول: "الحوثي هم من بقايا الإمامة، إذ أن القاسم المشترك بينهم هي السلالة وفكرة الاصطفاء وأحقيتهم في الحكم، لكن الحوثيون الآن يمكن أن يكونوا في ظل نظام جمهوري، كالذي يحدث الآن في صنعاء وبنفس نظام الجمهورية الإيرانية، فهناك ولاية صغرى وولاية عظمى، والأهم أن تتمثل الولاية العظمى في زعيم الجماعة بكون صاحب القرار الأول والمشرع للقضايا المصيرية للبلد، لهذا يمكن لهم التأقلم في نظام جمهوري منزوع المخالب".

 

وقضت ثورة 26 سبتمبر على الإمامة عام 1962، بعد قرون طويلة من المعاناة جراء الظلم والفقر والمرض والجهل.