الثلاثاء 16-04-2024 21:51:33 م : 7 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح 28 عاما..ترسيخا للوسطية وتجسيدا للقيم الوطنية

الإثنين 17 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد العزيز العسالي(3-)

  

في الحلقتين الأولى والثانية, اشرنا ضمنيا، وبصورة خاطفة، إلى المكونات المجتمعية التي انخرطت في إطار التجمع اليمني للإصلاح.
ـــ الجدير بالذكر أن حزب الإصلاح اختار اسم (التجمع) وهذا الاسم يعطينا دلالة أن هناك تجمعات شعبية انضوت في إطار تجمع الإصلاح, ومن هذه التجمعات بعض القبائل في الشمال وشمال الشمال وفي الجنوب والمناطق الساحلية والوسطى وغيرها, كما انضوى ايضا كثير من فقهاء اليمن والوعاظ والمرشدين!

 

تشكيلة فاتحة للشهية:

هذه التشكيلة المجتمعية كانت إحدى الأسباب الفاتحة لشهية السلطة القابضة على دفة الحكم من أعلى السلطة وصولا الى الوجهاء والأعيان المنضوين في حزب السلطة الحاكمة بعد الوحدة; حيث كانت السلطة مسكونة بهاجس يعكس حقدا على المجتمع, ثم ازدادت هذه الخصومة أكثر بعد إعلان قيام حزب الإصلاح, فظل هاجس السلطة متربصا يريد تفكيك حزب الإصلاح, وظنت السلطة أن التفكيك ممكن وذلك عبر بعض مكونات الإصلاح (القبيلة)!

ومن هنا تكررت محاولات السلطة الهادفة الى دفع الإصلاح الى مربع العنف كما هو حالها في إذكاء حروب القبائل فيما بينها.
وحسب إفادة أحد الباحثين فإن دراسةً إحصائيةً موثقةً في مركز البحوث توصلت الى أن راس السلطة منذ توليه الحكم 1978م وحتى عام2009 عمل على إشعال حروب داخلية وخارجية بلغت 483 حربا كان هو السبب المباشر وراء هذه الحروب ارضاءً لنزواته!
وعليه: لا يستغرب القارئ من حديثنا حول المخططات ونصب الفخاخ بهدف الإطاحة بحزب الإصلاح وتفكيكه؛ فهذا التفكير هو الوظيفة المقدسة التي تحسنه سلطة عفاش لا غير!
على أننا نشير قائلين: لا يفوتنا ان نسجل هنا قضية وطنية جسدها الإصلاح إبان مشاركته في الائتلاف الثنائي خلال 1995ــ وحتى ابريل1997م.
لقد تسلم حزب الإصلاح وزارة التربية والتعليم, وإننا هنا نتحدى من يأتينا بدليل واحد ان الاصلاح عمل على صبغ الكتاب المدرسي بتوجهاته كما هو الحال لدى مليشيا الانقلاب الحوثية, والتي أقصت كل الموظفين اما اعتقالا او قتلا او نفيا ولم تترك سوى من يسبحون بحمد السيد، فأين المنصفون؟!

  

خطوات جديدة تجسيدا للقيم الوطنية:

الخطوة الاولى:

جاء موعد الانتخابات البرلمانية 2003 وكانت تصريحات صانعي سياسة حزب الحاكم هذه المرة أنه من الضرورة بمكان أن يحصل حزب الحاكم ليس على الأغلبية المريحة كما في1997 , وإنما على الأغلبية الكاسحة، وسارت الانتخابات الكسيحة كما رُسِم لها، فصودرت إرادة الشعب وأغلقت الصناديق في الدقائق الأولى من بدء الاقتراع في دوائر مختلفة!
فاتجه حزب الإصلاح مع كل الأحزاب اليسارية بل الأحزاب السلالية الى دراسة الوضع اليمني جيدا وصولا الى تساؤل هام مفاده أين الخلل? وسؤال آخر هو ما العمل?
فكانت الخطوة الجديدة خطوة رائدة بشهادة الداخل والخارج, تمثلت هذه الخطوة في ظهور تكتل المعارضة اليمنية بكل أطيافها اليسار واليمين تحت مسمى (اللقاء المشترك)!
وهنا جسد حزب الإصلاح قيمة وطنية أكثر فاعلية, قيمة تضمنت قيماً عدة, منها الاجتماع حول القواسم المشتركة, ومنها القبول بالآخر, ومنها تجسيد مبدأ النضال السلمي, ومنها الوقوف الجاد على أساس المشكلة اليمنية المزمنة، وبعد عامين تقريبا تبلورت رؤية اللقاء المشترك تحت شعار إصلاح النظام السياسي للدولة بدءً من إعادة النظر في الشرعية السياسية, وصلاحيات دستوريه محددة للحاكم.. الخ، المنظومة المتصلة بالتجسيد العملي للديمقراطية. كانت هذه صياغة للمبادئ دون التفاصيل.

 

الخطوة الثانية:

الانتخابات الرئاسية الثانية عام 2006 م، ورافقها انتخابات بلدية..
لقد كان صيفا انتخابيا ساخنا جسد فيه الإصلاح مع مكونات اللقاء المشترك أقوى قيمة وطنية, بغض النظر عن النتائج، حيث ألغيت نتائج مديريات كاملة; كونها مع المشترك!
الجدير ذكره أن أعضاء الإصلاح أدلوا بأصواتهم لمرشحي اللقاء المشترك, والعكس; الأمر دفع راس النظام إلى إعلان النتائج ضاربا بالنظام والقانون خلف حائط التزوير!
باختصار: تقبل المشترك هذه النتيجة; ابتعادا من تداعيات الموقف نحو العنف; كون راس النظام فقَد أعصابه ملوحا باقتحام القصر الجمهوري بدبابات حرسه الجمهوري!
غير أن الوعي الثقافي جماهيريا قد ارتفعت مؤشراته إيجابيا!

 

الخطوة الثالثة:
حرب صعدة: أراد راس النظام أن يدخل البلد في حرب هوجاء لا مبرر لها فاصطنع حرب صعدة، وكانت من غرائب الحروب يشعلها الزعيم باتصال ويوقفها باتصال, وأراد من "المشترك" وخصوصا الإصلاح أن يدخل معه في هذا الإجرام العابث بالأمة ومقدراتها, فرفض الإصلاح والمشترك هذه الأساليب مطالبا بتحقيق شفاف عن أسباب الحرب ودوافعها!
وهذا يحسب للمشترك بل هو مسجل في ذاكرة الوطن, وإن نسيته عقليات الكهف الانقلابية فهي قد شربت من نزيف الفجور السياسي!

 

الخطوة الرابعة:
الموقف من الحراك الجنوبي الحقوقي السلمي: طالما وقف الإصلاح والمشترك وغيرهم من منظمات المجتمع المدني موقف المؤيد للحراك الجنوبي الحقوقي السلمي مطالبين السلطة الكسيحة المكسوحة بتلبية مطالب الحراك السلمي, وكم هي الندوات وكم هي البيانات وكم وكم, ولكن اتجهت السلطة كعادتها إلى عسكرة الحراك السلمي لحاجة يعلمها الراسخون في الكذب والمغالطة!

 

الخطوة الخامسة:
حوار الطُّرْشان: طغت جرائم الفساد داخل أجهزة السلطة الى حد يصيب القارئ بالقرف والذهول معا!
بالمقابل تعالت الدعوات بقوة لوضع حدٍ لفوضى عصر باجمال، وللإنصاف باجمال فساده كان فضيلة قياسا بفساد راس النظام (صفقة الغاز مع كوريا ل20 سنة قادمة نموذجا) وهذا لم يحصل في أسوأ دول العالم!

"المشترك" بقيادة الإصلاح ــ حسب شهادة أبو اصبع لإحدى الصحف المحلية أن الاصلاح يقود مرحلة النضال السلمي، وتوصلت السلطة مع "المشترك" الى حوار, وكان الكثير يعلم سلفا هزلية السلطة بالحوار؛ اذ كيف يدعو النظام للحوار وهو يستخدم الأغلبية الكسيحة لتعديل فترة الرئاسة إلى سبع سنوات ولفترتين متتاليتين!
أحد العقلاء علق ساخرا بعد سنتين من الحوار قائلا: لن نذهب للحوار ثم استدرك ضاحكا ..صعب أن نترك الحوار; لأن رئيس الكتلة الكسيحة سيشتمنا!!
ازدادت الأوضاع سوءاً في كل اتجاه و"المشترك" حريص علي النضال السلمي ولكن دون جدوى.

 

الخطوة السادسة:
الهبة الشعبية: اعتصامات في عواصم المحافظات بل وفي المديريات مطالبة بالكهرباء والصحة والماء والتعليم، وسرعة البت في القضايا داخل المحاكم ووضع حد للاختلالات الأمنية. استمرت الهبة الشعبية حتى نهاية 2010 تقريبا, لم يحصل منها أدنى أعمال عنف رغم المحاولات المستميتة من قبل عناصر مخابرات النظام لعمل فوضى!



المثقفون الرحَّل المعشِّقون ريوس!
استطاع النظام خلال فترة حوار الطرشان وما قبله أن يستميل عناصر يسارية من ذات العيار الثقيل ليتبنوا أفكار الحوثية, وكانت مواقفها مشينة; حيث قدمت خطابا غثاــ لغة طائفية وجهوية ومذهبية وزيدية وشافعية, وجنوب وشمال. وذراً للرماد في العيون قدم هؤلاء نقدا لاذعا للنظام وفوجئ الشعب ان بعض هؤلاء المعشقين ريوس وقعوا على خلع العداد!
هذه اللغة كانت تنط من أوساط "المشترك", ومع ذلك لم تجد أي اهتمام; حيث ظل "المشترك" بقيادة الإصلاح متماسكا غير مكترث بلغة النشاز رغم أنها موجعة!
خلال الفترة 2006 ــ 2010 ارتفعت الأسعار أضعافا مضاعفة من ثاني يوم انتخابات الرئاسية وكانت أحلام المجتمع تتجه صوب الحلم بشيء من الاستقرار للأساسيات غير أن المفاجأة كانت فوق التوقع حيث ارتفع الكيس الدقيق من 2500 الى7000 ريال! تلا ذلك ارتفاع جنوني للنفط والديزل والسكر والغاز!
لكن الإصلاح و"المشترك" رغم هذا الإجرام المفتعل تحت عين النظام ــ فالإصلاح لم يستغل الموقف ولا خرج الى الشوارع كما فعلت مليشيا الانقلاب لأجل الجرعة السعرية المفتعلة قبل 21/9/2014, والتي انتهت بالانقلاب على الشرعية!

 

الخطوة السابعة:
الموقف من ثورة 11 فبراير: استطاع الإصلاح ومعه "المشترك" ان يقف موقف المعتدل مطالبا السلطة بالاستجابة لمطالب الشباب!
وجاءت جمعة الكرامة وما بعدها من جرائم قتل بالعشرات, و"المشترك" بقيادة الإصلاح واقف على خط السلمية ورفض العنف!
وجاءت المبادرة الخليجية, وتحمل الإصلاح و"المشترك" قذر السنين; كونهم وافقوا على منح الحصانة للنظام ومن يريد أن يلحق به, والهدف الذي رسمه الإصلاح مع "المشترك" هو الانتقال السلس للسلطة بعيدا عن العنف, بل إن الإصلاح ومعه "المشترك" أعلنها بالواضح أن الخلاف ليس مع المؤتمر ولا مع شخص صالح وانما مع توجه عائلي وفساد سياسي واقتصادي ووو الخ. مشيرا إلى أن يتم انتقال السلطة الى المؤتمر, ثم انتخابات تنتهي بتسليم السلطة لشباب الثورة!

 

الخطوة الثامنة:
الحوار الوطني: انخرطت مكونات كثيرة في لجنة الحوار الوطني، وكان نصيب الإصلاح قياسا بحجمه أقل القليل; ذلك أن المؤتمر الذي قامت ثورة الشعب ضده كان لديه 50% من لجنة الحوار!
ــ وُضِعت العوائق في وجه الحوار بهدف إعاقته, ومنها دخول مليشيا الحوثعفاشية الى الحوار وهي تقاتل في صعدة وكتاف ودماج وغيرها والجوف وحجة!
لكن هدف الإصلاح والمشترك هو مواصلة سير الحوار.

 

الحكومة الانتقالية:
ترأس باسندوة الحكومة الانتقالية، وكان نصيب الإصلاح أربع وزارات لا غير والمؤتمر50% من المقاعد, غير ان الحملة الظالمة بدأت من خارج "المشترك" ثم من داخل "المشترك" ضد الإصلاح تحت شعار "أخونة الدولة"!
وكان أصحاب هذا الطرح هم المثقفون الرحل المعشقون ريوس!
وفُرِضت جرعة سعرية إجرامية كيدية هدفها انقلابي, فلم يستغلها الإصلاح للانقلاب أو حتى رفض إعلاميا، وهو المتهم انه يمتلك جيشا وحامي للثورة!
لكن الذي خطط للجرعة بحبكة خارجية هو الذي انقلب على الشرعية!
ورحم الله البردوني إذ قال في قصيدته الرائعة "أغنية من خشب":

لأنّ الملقِّن واللاعبين
ونظارة العرض هم من كتب!
إلى قوله:
وتمضي القوارب مقلوبةٌ
وجئنا بأغنية من خشب!

 

الخطوة التاسعة:
بعد الانقلاب ظل الإصلاح داعيا لمواصلة الحوار ولكن هيهات, استهدفت عناصر الإصلاح اعتقالا وتعذيبا وقتلا تحت التعذيب وتدميرا لمنازل أنصاره وأعضائه, وصولا الى استهداف منطقة أرحب ومحافظة الجوف ومارب، والهدف جرجرة الإصلاح الى مربع العنف, غير انه ترك الأمر للقبيلة ان تدافع على ذاتها كقبيلة, ومن حق كل إنسان يدافع عن نفسه شرعا وقانونا وعقلا, والكل يعلم أن الاستهداف لهؤلاء كونهم مع الإصلاح!

 

الخطوة العاشرة:
الوقوف مع الشرعية في وجه مليشيا الانقلاب, ليس لأن المليشيا خصما غير شريف قتلت واعتقلت أعضاء الإصلاح ونسفت بيوتهم, وانما هو الوطن ـــ ترسيخا للشرعية الدستورية وحمايةً لخيار الشعب, وولاءً لاختيار الشعب المتمثل في مخرجات الحوار الوطني.
فلماذا إطلاق التهم جزافا ضد الإصلاح, في حين انه لم يستغل أي موقف لصالح حزبه وإنما تجسيدا للقيم الوطنية والسلم والسلام والديمقراطية؟
صدق الله القائل:
{وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا}.

 


الخلاصة:
إن الإصلاح قد حفر اسمه رائدا للقيم في صخرة التاريخ, وهنا أتذكر موقف حملة المباخر وعلماء ذيل بغلة السلطان عندما لاقوا موسوليني مرحبين مبايعين له انه ولي الأمر مصدرين فتوى بإهدار دم شيخ المجاهدين عمر المختار -رحمه الله!
فكنسهم التاريخ إلى مقلب الزبالة وخلد شيخ العلماء والمجاهدين الشرفاء.
عاش الإصلاح رائدا لا يكذب أهله..عاشت اليمن حرة أبية.