الجمعة 19-04-2024 07:47:19 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

قراءة في كلمة رئيس الإصلاح في الذكرى الثامنة والعشرين (2- 3)

الإرهاب والإنقلاب يتشاركان مهمة إغراق اليمن في الفوضى

الأحد 16 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص

       

أفردت كلمة الأستاذ محمد عبدالله اليدومي -رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح- في الذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس الإصلاح مساحة كافية للوضع الذي تمر به البلاد، ابتداءً بمفهوم الدولة الذي أولته أدبيات الإصلاح منذ نشأة الحزب وحتى اليوم مساحة كافية وأهمية كبيرة، يمكن للباحث المحايد الوصول الى معرفة دقيقة بذلك, وهو المفهوم الذي تعزز يوماً بعد أخر في البحث عن كل ما يعزز فكرة الدولة قولاً وعملاً لدى الإصلاح عبر تاريخه النضالي منذ التأسيس وحتى اليوم. 

لقد مثل مشروع الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني 2014م والتوافق السياسي الذي تمثل في مؤتمر الحوار الوطني 2013م، ضربة تلقتها الدولة اليمنية الوليدة من رحم ثورة 11 فبراير في المقام الأول, والتي حاولت أن تعيد توازن مفهوم الدولة من جديد، وتزيل المحاولات اليائسة من قبل النظام السابق في تجييره للدولة والجمهورية خارج سياقها الطبيعي لصالح فرد وأسره، ومن هنا كان الانقلاب طعنة في جسد ذلك الحلم الوليد، وهو لم يتعد الدولة الوليدة فقط، بل تجاوزها الى طعن الجمهورية – حصيلة نضال طويل لليمنيين خلال العقود التي سبقت ثورة 26 سبتمبر- وكل ما يتصل بها.

كان الإصلاح أكثر وضوحاً وهو يقف الى جانب الشرعية والدولة والجمهورية، ويرفض أي مساس بهما، كما لم تنحرف به البوصلة منذ اليوم الأول للانقلاب، فقد سمى الأشياء بمسمياتها ودفع ثمن ذلك غالياً، بل أن الإصلاح كان من اوائل من حذر من خطورة الخروج على مسار التوافق الوطني الذي رعته الأمم المتحدة والدول العشر والمبادرة الخليجية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل 2013م. ورغم ذلك فقد تحمل الإصلاح مشقة هذا الموقف، من حملات ظالمة استهدفته من القريب والبعيد، استهدفته بالتشكيك تارة والتخوين تارة أخرى وإعلان الحرب عليه تارات ثالثة ورابعة, وتحمل الحزب وأفراده وقياداته وأعضاؤه كل صنوف الأذى، وهو مع ذلك متمسك بصلابة بتلك الأسس التي لا يمكن أن يحيد عليها أو يغادرها الى مربعات أخرى، فهي قدر اليمنيين في المقام الاول وبغيرها تضيع اليمن وتصبح من الماضي، وهذا قدر الإصلاح الذي لا يتفضل به على احد ولكنه شعور حقيقي بالمسؤولية التي وجد نفسه في خضمها.

وفي هذا النص سيجد القارئ كلاماً تمام الوضوح فـ "لم يكن الإصلاح في يوم من الأيام إلا جزءا من النسيج اليمني الذي يتشارك الجوار والمصير مع محيطه الخليجي والعربي، وإن أي حديث عن تصنيفات ومحاور يصنعها إعلام الزيف ويزج باسم الإصلاح فيها هو حديث فارغ المحتوى لن يثني الإصلاح عن معركته الحصرية في مقاومة الإنقلاب واستعادة الدولة. وفي هذا الصدد نؤكد بأننا فتحنا قلوبنا وانفتحت سياساتنا على كل الأشقاء وكل الشرفاء الذين أبدو الاستعداد لتقديم العون لشعبنا في محنته التي نتجت على الانقلاب".

لم يستهدف الانقلاب السلطة كما يحاول البعض تبسيط ما جرى في 21سبتمبر/ ايلول 2014م، فهذا التبسيط المخل هو الذي ضاعف من حجم الكارثة، وجعل اليمنيين يدفعون ثمناً باهظاً ولم يفق البعض الآخر إلا متأخرين وقد وقع الفأس على الرأس. ان هذا التبسيط يتجاوز - حقيقة - الاستهداف المباشر للجمهورية ولرموزها وكل ما يتصل بها، وهو يخفف من حقيقة الانقلاب الذي استهدف العملية السياسية برمتها والتي كانت نتاج نضالات اليمنيين لنصف قرن وتوجت مع إعلان التعددية الحزبية وقيام دولة الوحدة 1990م, ويحاول – الانقلاب - جاهداً العودة باليمن الى عقود مضت باتت من التاريخ الغابر، وهي عقود الظلام والجهل والمرض، عطلت الحياة لليمنيين لقرابة ثمانية قرون وذاقوا فيها الويلات لزمن طويل.

ان ما يؤكد – بحق - ان الاستهداف كان للجمهورية وللدولة اليمنية وليس للسلطة هو استهداف جيش الدولة - في المقام الاول- وبناء تشكيلات مليشياوية بعيداً عنها، تسير في ولائها لمفهوم آخر لا علاقة له بالدولة والجهورية, ومن ثم كانت هذه الجزئية واضحة في كلمة الإصلاح "مثل الإنقلاب تهديدا للمشروع الوطني وقام بضربه في العمق وليس ثمة رد عليه بعد معركة التحرير أفضل من إعادة بناء مؤسسة الجيش على أسس وطنية ومنع أي تشكيل مسلح خارج إطار الدولة وسلطاتها، ذلك لان توحيد البناء العسكري والأمني في إطار مؤسسات وطنية هو بوابة الاستقرار".

ومع ارتخاء الدول واستهدافها من الداخل أو الخارج يكون ذلك لحساب توسع دائرة الإرهاب والمليشيات والمشاريع الصغيرة، الإرهاب الذي يهدد مصالح الناس ومصالح العالم في اليمن، وكان هذا من الوضوح ما لا يحتاج الى دليل أو اثبات, وهل بعد تعطيل مصالح البلاد برمتها ومصالح العالم في اليمن والعكس, وخسرت اليمن كثيراً إلا دليلا على حجم الكارثة ومستوى الجرم الذي تضاعفت عبره أعمال القتل والسلب والنهب والإرهاب المنظم، وكان ذلك نتيجة حتمية لهذا الانقلاب الغاشم، وهنا تضع الكلمة رسالتها الواضحة بـ "أن تهديد الإرهاب يقترب من خطر الإنقلاب ويشاركه مهمة إغراق البلاد في الفوضى، ولذا فإننا في التجمع اليمني للاصلاح ندعو الى وجود استراتيجية وطنية تعالج ظاهرة العنف والإرهاب، استراتيجية تعمل على معالجة المشكلة من جذورها ومسبباتها الحقيقية فتنشر المعرفة وتعالج الفقر وتوفر الأمن وترعى الحريات وتجرِّد المتطرفين من استخدام الدين في معارك هي على النقيض من قيمه ومبادئه التي تدعو الى السلام وتحرم سفك الدماء وتصون الحقوق وتحث على الإلتزام بالقانون العام ولا تقر التطرف الفكري وتشجع على الوسطية والاعتدال في الفكر والسلوك".

إن الإرهاب الذي يضرب مدينة عدن منذ عامين, نتج عنه محاولات مستمرة على ضرب النسيج الاجتماعي من خلال استهداف رموز المدينة والعمل الحزبي والاجتماعي لصالح تشكيلات خارج إطار الدولة، تجعل من الحرب والفساد والدمار والقتل والاغتيالات المنظمة سبيلا وطريقا أوحد للوصول الى اهدافها ومراميها غير السوية؛ أهداف تعطل الحياة وترعب الناس وتفسد الحياة برمتها، وتحول اليمن الى مكان يهدد مصالح العالم، بما يزيد من حجم التدخلات ويؤمن من عودة الدولة ويضاعف من معاناة الناس طويلاً. 

كما تناولت كلمة الحزب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتدهور المريع في العملة, والتلاعب بالسوق وما نتج عن ذلك من مضاعفات على المعيشة لدى غالبية الشعب اليمني, وهو ما يستدعي من الحكومة موقفا حقيقيا لمعالجة هذه الإشكالات وعدم الاكتفاء بإطلاق التصريحات دون أن يكون هناك حلول حقيقية وملموسة وواقيعة يراها الناس وتخفف من الوضع الذي الم بهم واستهدف معيشتهم ومصالحهم بصورة مباشرة.

كانت الفقرة التي تناولت وضع العمل الحزبي، وضرورة التجديد داخل اطر الأحزاب وتعزز العمل المدني بصورة مباشرة، كون أي انهيار في هذا المسار يعزز جانب الإرهاب في الاتجاه الآخر, فلا تنمو تلك الخلايا إلا على ارض خلت من المسار الحزبي والتنافسي الذي يعتمد على العمل السلمي والديمقراطي خياراً في التعبير والتغيير.

ومن هنا جاءت كلمة الحزب بما يعيد التنبيه الى هذه القضية بالذات في مناشدة صريحة للأحزاب أن تتحرك وتبذل مزيداً عن العمل الحزبي وتعمل على تغطية الفراغ, وأمام هذا الواقع الذي يتعزز فيه الإرهاب على حساب العمل المدني مهم أن يتشكل وضع جديد قائم على تحالفات جديدة ترسي مداميك العمل الحزبي والمدني، "إن الأحزاب السياسية والقوى المدنية مطالبة اليوم بتطوير أدائها لتكون الوجه المدني للمشروع الوطني فكل مساحة تتراجع عنها الأحزاب يمكن أن تستقطعها قوى العنف والفوضى لإضافة المزيد من الإرباك للبلد، ومن هنا نرى أن أمام القوى الوطنية تحديات كبيرة ومهام جسيمة في النضال لاستعادة الوجه المدني لليمن الذي تعمل قوى العنف والطائفية والمناطقية لتشويهه. وفي هذا الصدد نؤكد على ضرورة إعلان التحالف الوطني في أقرب وقت ممكن من أجل مواصلة دعم الشرعية وتوفير الإسناد الوطني لها في معركة استعادة الدولة، وكذلك من أجل تفعيل العملية السياسية وإعادة تنشيط العمل المدني والعمل على كل ما من شأنه تعزيز الشراكة والتوافق في إدارة المرحلة وتحسين أداء الشرعية واعتماد الكفاءة وشروط شغل الوظائف العامة وفقا للقانون، وترشيد الإنفاق والعدالة في الإنفاق بين مختلف المناطق ومحاربة الفساد والحد من التدهور الاقتصادي ورفع المعاناة عن المواطنين جراء ذلك".