الخميس 28-03-2024 18:17:51 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

المبعوث الأممي لليمن والمشاورات..الانحياز المكشوف للتمرد

الثلاثاء 11 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 12 مساءً / الإصلاح نت- خاص/ محمد عبدالكريم

 

الطابع العام لمبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن، هو القيام بجهود واسعة، في معظمها تقديم خدمات للمتمردين الحوثيين، يستوي في ذلك جمال بن عمر وولد الشيخ؛ فالأول بدأت مهمته بزيارة صعدة في 13/12/2011، ولم تنته مهمته إلا وقد سقطت العاصمة بيد المتمردين الحوثيين واجتياح المحافظات المختلفة وصولا الى عدن. والثاني لم تنته مهمته إلا بعد إخفاقه في فرض خارطة جون كيري وزير خارجية أوباما مع عبد السلام فليته المتحدث الإعلامي باسم مكتب زعيم التمرد عبد الملك الحوثي.

مارتن جريفيث
المبعوث الأخير للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن، كان المتوقع أن يلتزم بحدود مهمته بصفته وسيطا، بين طرفين أحدهما يمثل السلطة القانونية للدولة، والآخر يمثل حركة تمرد مسلحة خارجة على القانون، لكنه أظهر انحيازا واضحا لجانب المتمردين الحوثيين.
أظهر احتراما للحوثيين وإعجابا وتقديرا لتمردهم، وبذل جهودا مضنية للحيلولة دون تحرير الحديدة والساحل الغربي عموما، ونجح في إيقاف العمليات العسكرية، والمبرر دائما الجانب الإنساني، دون النظر الى العبث الواسع الذي يمارسه الحوثيون على المستوى الإنساني، من تضييق الخناق على السكان، وحفر الخنادق، والإضرار بشبكات المياه، واتخاذ المدنيين دروعا بشرية، والتصرف بالسكان، واستخدام الدبابات والمدافع وسط الأحياء المكتظة بالسكان، ومعاقبة من ينزحون ولا يجدون مأوى فيضطرون للعودة إلى ديارهم، والعبث بالمساعدات الإنسانية الى حد إحراق مستودع لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ولم توجه لهم الأمم المتحدة حتى مجرد اللوم.

تدليل التمرد
قام المبعوث الدولي بزيارات مكوكية بين صنعاء وعدن ومسقط والرياض، لإقناع الحوثيين أولا بالموافقة على إطلاق مشاورات جديدة، حتى وصل الى موافقتهم، ومن ثم أعلن قبل أكثر من شهر عن موافقة الطرفين على الحضور الى جنيف في 6 سبتمبر (ايلول) ، وتم اتخاذ الإجراءات من قبل الأُمم المتحدة ذاتها ممثلة بالمبعوث ذاته لانطلاق المشاورات في الموعد المحدد، وحضر وفد السلطة قبل الموعد، غير أن وفد التمرد تحدى الأُمم المتحدة ومبعوثها وامتنع عن السفر في اللحظات الأخيرة، بحجج لا تصدق، وشروط لم تطرح من قبل تتصل بالطائرة التي ستقلهم الى مقر المفاوضات، وطلب ضمانات بإعادتهم الى صنعاء.
المنطق يقول أن هذه المبررات للإمتناع عن الحضور كان المفترض انها قد نوقشت مع جريفيث نفسه، وأن التذرع بها في اللحظات الأخيرة يعد استخفافا بالمبعوث والأمم المتحدة، غير أن تعامل جريفيث كان صادما وخارج على جميع المسلمات المتصلة بمهمته!

تحيز مكشوف للتمرد
إن المتوقع في التعامل مع متمردين هو حضور منطق الدولة التي يدركها مبعوث الأمين العام وهي أن السلام لا يمكن أن يتم الا بإنهاء التمرد، وعودة سلطة الدولة للقيام بمهامها، وتلك رسالته التي كان ينبغي إيصالها للمتمردين الحوثيين، لكنه على العكس من ذلك بذل جهودا واسعة للرفع من شأن التمرد، عبر مساواتها بالسلطة القانونية، ورفع الروح المعنوية للحوثيين في ممارسة الضغوط لإيقاف تحرير الحديدة.
إن الأصل الذي ينبغي أن يكون هو أنه بعد الاتفاق على موعد المشاورات، والتحضير لها ثم امتناع المتمردين عن الحضور هو أن يقوم مبعوث الأمين العام، بالإعلان عن نكث الحوثيين لتعهدهم بحضور المشاورات، وأنهم غير راغبين في الوصول الى السلام، لكنه على العكس من ذلك تماما، حيث (شدد غريفيث، أثناء مؤتمر صحفي عقده السبت 8/9) على أن الحوثيين كانوا يرغبون في حضور المشاورات، ومساع كبيرة بذلت من أجل تحقيق ذلك، لكن قضايا عالقة حالت دون تهيئة الظروف الملائمة لوصولهم إلى مدينة جنيف بسويسرا، وأشار إلى أن ذلك لا يشكل عائقا مبدئيا أمام الحوار في المستقبل)!
وقوله إن ذلك لا يشكل عائقا مبدئيا، وأن ظروفا حالت دون قدومهم، تعبير عن انحياز مكشوف للتمرد الحوثي، وتشجيعا له على مواصلة التمرد، فتخلفهم بأعذار غير مقنعة، يفهم منها أنهم لا يريدون السلام.
هم يكذبونه بسلوكهم، وهو يظهر انحيازا مكشوفا لهم لم يستطع حتى تغليفه، أفقده الحوثيون حتى اللباقة والمهارات الدبلوماسية، ليظهر خاسرا مكانته الشخصية،
وهنا يبرز سؤال: لماذا ينحو المبعوث الدولي هذا النحو؟
لا يوجد تفسير منطقي لسلوك جريفيث؛ إذ المنطق يقول إن من يمثل الأمم المتحدة، يعمل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتصلة بالحالة.

الموقف الرسمي
موقف الوفد الرسمي للحكومة اليمنية، سجل نقاطا واضحة، وكان موقفه سليما، أكان بالالتزام بالحضور قبيل الموعد المحدد، وإعطاء مهلة، أم بالإعلان في مؤتمر صحفي مغادرة جنيف، وكان أكثر قوة باتهام مبعوث الامم المتحدة بالانحياز للمتمردين الحوثيين.
وزير الخارجية رئيس وفد الشرعية خالد اليماني يؤكد:
- غريفيث كان يبرر كل تصرفات الإنقلابيين.
- الإنقلابيون يستثمرون الحرص الحكومي والأممي لمصالحهم.
- غريفيث كان في تصريحاته مدافعا عن الإنقلابيين ومبررا لهم.
- إفشال المفاوضات ليس بسلوك جديد على الحوثيين.
- حضرنا في الموعد المحدد لمشاورات جنيف حرصا على مصلحة شعبنا.
- نتوقع أن يكون المجتمع الدولي أكثر جدية في التعامل مع الحوثيين.
- الحوثيون عاثوا باليمن فسادا ولا يحترمون أي التزام.

إن الحكومة اليمنية كسبت هذه الجولة بامتياز، وقدم المتمردون الحوثيون النجاح للحكومة على طبق من ذهب، مقابل فشلهم وفشل المبعوث جريفيث وإخفاقه في إثبات مقولته أن تخلفهم لا يشكل عائقا مبدئيا أمام السلام، لقد كانت إهانة للأمانة العامة للأمم المتحدة، وإهانة شخصية للمبعوث الأممي خلاصتها:
من ينحاز للتمرد يستحيل أن يكون صانعا للسلام.

كلمات دالّة

#اليمن