السبت 20-04-2024 00:35:20 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حوار هادئ مع الاستاذ محمد عزان ( 1 ـ2 )

الأربعاء 15 أغسطس-آب 2018 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت / زايد جابر

  

في عدة منشورات قدم الاستاذ محمد عزان قراءة نقدية لبعض أفكار حسين الحوثي التي تضمنتها ملازمه والتي يقدسها أتباعه، وقد أحسن فيها وأجاد، بيد أن بعض ما ذهب إليه في منشوراته قد أثار الجدل والاعتراض حتى من قبل من أشادوا به في نقد ملازم حسين، ومن ذلك على سبيل المثال اعتبار أن ما ذهب اليه حسين الحوثي من احتكار تفسير القرآن بالسلالة ثم بالعلم من هذه السلالة يخالف ما ذهب اليه عموم الزيدية، وأعتقد أن حسين الحوثي لم يخرج عن تراث أئمة الهادوية الكبار وخاصة الإمام الهادي سواء في جعل السلالة هم ورثة القرآن أو جعل ذلك حكرا للعلم أو الإمام ودلالة على إمامته.

لقد زعم أئمة الهادوية أن الله فضلهم على العالمين بفهم كتابه؛ لأنهم قرناء الكتاب، وأقوالهم في ذلك صريحة وواضحة منها على سبيل المثال لا الحصر:

قال القاسم بن إبراهيم الرسي (جد الامام الهادي): "وكلما ذكر الله في السور فله وجوه متصرفة يعرفها من عرفه الله إياها.. إلى قوله: فليسأل عنها وليطلب ما خفي عليه منها عند ورثة الكتاب، الذين جعلهم الله معدن ما خفي من الأسباب، فإنه يقول سبحانه: ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا))[فاطر: 32]. الآية

وقال الامام الهادي: "إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا إلى الأمة بكتاب ناطق، وأمر صادق، فيه شفاء للصدور، وكمال الفرائض والأمور،... نور ساطع، وبرهان لامع، وحق قاطع، كتابا مفصلا، ونورا وهدى، قد ترجمه الرسول وأحكم فيه وثائق الأصول، وفرع فروعه بأحسن القول، فكان في حياته واضحا، وكان به -صلَّى الله عليه وآله- قائما ناصحا، حتى صار إلى ربه، وتركه من بعده في أمته استأمن عليه من أمته خلفاءه من بريته الذين اختارهم الله على علمه، واصطفاهم له دون جميع خليقته، عترة النبي ونسل الوصي، وسلالة المصطفى الطاهر الزكي، الطيب المرضي الذين مدحهم الله في كتابه، وبين أنهم خيرته في قرآنه، فقال في كتابه: ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)) [فاطر:32] ثم قال عز وجل: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) [الأحزاب:33].

وقال الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش في كتاب البساط ما لفظه: "فلو لم يفسر القرآن أهل النقص والجهل به على مبلغ عقولهم ولم يحملوا تأويله على لكنتهم وردوا علمه إلى تراجمته من أهل بيت نبيهم -عليهم السلام- كما أمرهم الله بقوله: ((وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)). إلى قوله: ((لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)) [النساء: 83]. لسلموا من الضلال وسلم من اتبعهم من المستضعفين الجهال، ولم ينسبوا إلى الله الجور والمحال، ولم يجعلوا له ما كره وذم من سيئ الأفعال.فأخبر الله سبحانه في هذه الآية ونحوها أن له مترجمين وبغامضه عالمين، ولحكمه مصيبين".

وقال المرتضى لدين الله محمد بن يحيى الذي يطلقون عليه جبريل أهل الأرض: "قد قرأنا من تفسير العامة كثيرا فرأيناهم يكثرون الزلل والخطأ، ويقلبون المعاني عن الحق والهدى، والتفسير فإنما هو لأهله بالتوفيق من الله لهم والمعرفة منه سبحانه فتأولوا ذلك بفضل الله وهدايته وتسديده لأوليائه".

وقال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة: "وإنما أهلك الناس أرشدنا الله وإياكم نواجم نجمت في الإسلام لم ترضع بثدي الهدى، ولا اغتذت الحكمة، ولا سألت ورثة العلم عن علمها وأرباب الكتاب عن كتابهم، وعملت برأي السفهاء تمردا على الله ولن تعجزه، وعداوة للحق ولن تنقصه، ولم يهمل الله دينه وقد أيده بحفظته، وحرسه بحماته من عترة نبيه -صلوات الله عليه وعليهم- الذين هم تراجمة الكتاب، وأعرف الناس بالهدى والصواب، لم يضل من تبعهم ولا يعمى من استضاء بنورهم، فمن طلب الحكمة فيهم وفق للصواب، ومن رامها من غيرهم خسر وخاب، وكان سعيه في تباب، وهذا واضح لمن لم يعم الجهل عين بصيرته، ولم تصرفه عن هداته زخارف الأقوال، فيبقى عَمِهاً في حيرته". اهـ.

بل أعطوا أنفسهم حق قتال الآخرين على تأويل القران كما قاتل النبي (ص) المشركين على تنزيله، قال الإمام عبد الله بن حمزة مبررا قتاله والأئمة من قبله لمخالفيه من اليمنيين المسلمين: ".... وإنما نحن نقاتل هذه الأمة على تأويل كتاب الله كما قاتلهم أبونا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على تنزيله لأنه حط بين الدفتين لا ينطق بلسان، ولا بد له من ترجمان، ونحن تراجمته وورثته، وعندنا معرفة غرائبه، وعلم عجائبه، وقد قال جدنا -صلى الله عليه وآله وسلم- حيث قرنه بنا وقرننا به مخاطباً لأمته: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض))".

 

هذه الأقوال وغيرها تجدونها في كتاب الإمام عبدالله بن أحمد الشرفي "المصابيح ساطعة الأنوار (تفسير أهل البيت عليهم السلام) الجزء الأول.

اما كيف تم اختصار السلالة بعد ذلك بالإمام أو العلم قرين القرآن كما قال حسين الحوثي فإنه أيضا لم يخرج عن ما قاله الإمام الهادي وهو ما سنتناوله في منشور قادم - إن شاء الله..