الخميس 25-04-2024 03:35:39 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حزب الإصلاح.. ودوره في مواجهة الإرهاب

السبت 25 مارس - آذار 2017 الساعة 07 مساءً / التجمع اليمني للإصلاح - خاص - عبدالسلام قائد

   

استطاع حزب التجمع اليمني للإصلاح خلال مسيرته السياسية، منذ تأسيسه في سبتمبر 1990م وحتى يومنا هذا، أن يقوم بدور كبير ومؤثر في مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه، في الوقت الذي كان يتلاعب فيه المخلوع علي صالح بهذا الملف الحساس، وتحويله إلى وسيلة لابتزاز خصومه السياسيين داخل البلاد، وأيضا ابتزاز دول الجوار وبعض الدول الغربية.

 

وقد يقول قائل: كيف يمكن لحزب الإصلاح أن يكافح الإرهاب من خلال تجفيف منابعه، وهو لا يمتلك الإمكانيات والأدوات اللازمة لعمل ذلك، كونه حزبًا سياسيًا، ومهمة مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه تتولاها السلطة الحاكمة، لامتلاكها الإمكانيات والقدرات، وكل ما من شأنه الحد من انتشار وتمدد الجماعات الإرهابية.

 

التساؤل السابق يبدو منطقيًا، لكن عند الخوض أكثر في عمق القضية، سنجد أن دور حزب الإصلاح كان فاعلًا في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، وأن دوره أثمر نتائج إيجابية، على العكس من المخلوع علي صالح الذي كان يعمل على تغذية الجماعات الإرهابية، وكل تحركاتها وأنشطتها كانت - وما زالت - تعمل على خدمته وخدمة مشروعه الانقلابي، رغم التحولات السياسية التي شهدتها البلاد.

 

- تجفيف منابع الإرهاب

شكّل النشاط الفكري والدعوي المعتدل لحزب الإصلاح أهم وسيلة لمكافحة وتجفيف منابع الإرهاب، ذلك أنّ الحزب استطاع -بوسطيته واعتداله- استقطاب الشباب المتدينين، وعمل على ترشيد قدراتهم وحماستهم للدفاع عن الدين ونشره، والاعتراض على استبداد وفساد السلطة السياسية. وإذا لم يكن حزب الإصلاح قد عمل على استقطاب هؤلاء الشباب، وترشيد تفكيرهم، وتوجيههم التوجيه السليم، فإن البديل كان يتمثل في أن هؤلاء الشباب ستستقطبهم الجماعات الإرهابية، وتدفع بهم إلى محارق الموت والهلاك والدمار.

 

ولعل أبرز دليل يؤكد صحة ما ذهبنا إليه، أن المديريات والمناطق التي ينتشر فيها حزب الإصلاح بكثافة، هي الأقل من حيث عدد الملتحقين من أبنائها بالجماعات الإرهابية، وأن المديريات والمناطق التي ينعدم فيها تواجد حزب الإصلاح وأنشطته الفكرية والدعوية والتنظيمية، هي الأكثر من حيث عدد الملتحقين من أبنائها بالجماعات الإرهابية، بل وتتواجد فيها معسكرات وأنشطة علنية لهذه الجماعات.

 

على أن ما سبق ذكره لا ينطبق على الحالة اليمنية فقط، ولكن ينطبق أيضًا على كافة البلدان العربية. فمثلًا، البلدان التي لم يكن محظورًا فيها على الحركات والأحزاب الإسلامية المعتدلة العمل السياسي والدعوي والاجتماعي، كانت الأقل من حيث عدد الأفراد الملتحقين بالجماعات الإرهابية، فيما البلدان التي كانت تحظر العمل السياسي والاجتماعي على الإسلاميين المعتدلين، كانت الأكثر من حيث عدد الأفراد الملتحقين بالجماعات الإرهابية. ولعل هذا ما يفسّر الكراهية الشديدة من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية للإسلاميين المعتدلين أكثر من كراهيتها للأنظمة الحاكمة.

 

وللتأكيد على ما سبق ذكره، فدولٌ -مثل العراق وسوريا وليبيا وتونس- كانت حكوماتها تحظر العمل السياسي والدعوي والاجتماعي على الإسلاميين المعتدلين، وبعد ثورات الربيع العربي ظهرت فيها الجماعات الإرهابية بكثافة، لدرجة أن دولةً مثل تونس، التي كانت تمثّل أعتى قلعة علمانية في العالم العربي، ومن بين أقدم الدول العربية التي حظرت نشاط الإسلاميين المعتدلين، إلا أنها كانت أكثر دولة عربية انطلق منها عدد كبير من الإرهابيين للالتحقاق بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق، بل والتحقن أيضًا نساء تونسيات بالتنظيم.

 

وفي الحالة المصرية، نجد أن الجماعات الإرهابية ظهرت حصريًا في شبه جزيرة سيناء، وهي المنطقة الجغرافية الوحيدة في مصر التي لا تتواجد فيها حركة الإخوان المسلمين بكثافة، مما ترك المجال مفتوحًا للجماعات الإرهابية لاستقطاب الشباب واستغلال طاقاتهم في العنف والإرهاب، وليس ترشيدها وتوجيهها التوجيه السليم، كما تفعل حركة الإخوان المسلمين.

 

أضف إلى ما سبق، أن حالة اليأس السياسي التي تمر بها العديد من الشعوب العربية، على خلفية الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، وإزاحة الإسلاميين المعتدلين من المشهد السياسي بالقوة في بعض البلدان، كل ذلك سيصب في خدمة التنظيمات الإرهابية، التي سارعت إلى استغلال ذلك، وروّجت بين الشباب -عبر منصاتها الإعلامية- أن النضال السلمي السياسي لم يعد الوسيلة الأفضل للتغيير، وأن الحل الوحيد هو ما تسميه "الجهاد" ضد الأنظمة الفاسدة، واستخدام نفس الوسائل التي تستخدمها ضد معارضيها، أي العنف والقتل وغيره.

 

ورغم أن جميع الحكومات في العالم (عربية وغربية) تدرك أن الإسلاميين المعتدلين هم الأجدر والأقدر على مكافحة وتجفيف منابع الإرهاب، إلا أنها لا تريد الاعتراف بذلك، وذلك لأن جميع الحكومات تستخدم ملف الإرهاب كورقة سياسية، فالحكومات الغربية تحرص على عدم القضاء التام على الإرهاب بغرض تشويه صورة الإسلام لدى شعوبها، وتبرير تدخلها العسكري في العالم العربي بالحرب على الإرهاب. وكذلك الحكومات العربية، لا تريد الاعتراف للإسلاميين المعتدلين بأنهم الأجدر بتجفيف منابع الإرهاب، بل إن بعضها توجه تهم الإرهاب للإسلاميين المعتدلين، لتبرير قمعها ضدهم، وخشيتها من أن ينافسوها على السلطة بالوسائل الديمقراطية.

 

- فضح التلاعب بالإرهاب

 

لم يكن ميدان الفكر والدعوة واستقطاب الشباب المجال الوحيد الذي استطاع حزب الإصلاح من خلاله تجفيف منابع الإرهاب، فهناك أيضًا ميدان آخر، يتمثل في فضح تلاعب المخلوع علي صالح بملف الإرهاب وكشف زيفه، وهذا الأمر جعل علي صالح يخفف من تلاعبه بملف الإرهاب، الأمر الذي حدّ كثيرًا من نشاط الجماعات الإرهابية.

فقد كانت وسائل الإعلام التابعة للحزب، ووسائل الإعلام الأهلية المقربة منه، تعمل بشكل دائم على فضح تلاعب علي صالح بملف الإرهاب، وتوظيفه له للابتزاز السياسي، الأمر الذي أغاظ صالح، وجعله يوجه تهمة الإرهاب لحزب الإصلاح نفسه.

 

وأسهم دور حزب الإصلاح في كشف تلاعب علي صالح بملف الإرهاب في تنبُّه دول الجوار وبعض الدول الغربية لذلك، كما بدأت وسائل إعلامها تركز على هذه النقطة. وفي السنوات الأخيرة أكد عدد من المسؤولين الأمريكيين أن علي صالح لم يكن جادًا في محاربة الإرهاب، ولا شريكًا فاعلًا مع المجتمع الدولي في محاربة التنظيمات الإرهابية.

 

والمتأمل في نشاط التنظيمات الإرهابية في اليمن سيجد أنها دائمًا تعمل على خدمة علي صالح، وعادة ما تستهدف خصومه السياسيين، ولعل ذلك يعود إلى طبيعة البدايات في العلاقة بين الطرفين (علي صالح والجماعات الإرهابية)، ذلك أن علي صالح كان الرئيس العربي الوحيد الذي استقبل ما كان يُعرف بـ"الأفغان العرب" الذين رفضت بلدانهم استقبالهم بعد عودتهم من المشاركة في الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي، وأدمج بعضهم في الأجهزة الأمنية، والبعض الآخر سمح لهم بتشكيل ما عُرف في حينه بـ"جيش عدن أبين الإسلامي".

 

استغل علي صالح العائدين من أفغانستان في اغتيال قيادات الحزب الاشتراكي أثناء الأزمة السياسية بعد الوحدة، والتي انتهت بحرب صيف 1994 الأهلية، وكانت دوافعهم للاغتيالات بسبب البعد الأيديولوجي، باعتبار قادة الحزب الاشتراكي استلهموا الفكر الاشتراكي المعمول به في الاتحاد السوفييتي الذي حاربوه في أفغانستان.

وعندما اندلعت ثورة 11 فبراير 2011، سلّم علي صالح أجزاءً كبيرة من محافظة أبين لتنظيم القاعدة، وسلّم محافظة صعدة للحوثيين، بغرض تخويف المجتمع الدولي من مآلات الثورة الشعبية السلمية. 

 

ومع بدء المرحلة الانتقالية، بعد التوقيع على المبادرة الخليجية، انتقل نشاط الجماعات الإرهابية إلى العاصمة صنعاء، في محاولة لإفشال حكومة الوفاق الوطني والرئيس عبد ربه هادي. وبعد الانقلاب على السلطة الشرعية، ومغادرة الرئيس هادي العاصمة صنعاء إلى عدن، أوقفت الجماعات الإرهابية نشاطها في صنعاء، ولحقت الرئيس هادي إلى عدن. إذن، أليست الجماعات الإرهابية في اليمن تعمل على خدمة علي صالح وعائلته؟!

 

وهكذا، يتضح أن حزب الإصلاح استطاع تجفيف منابع الإرهاب بخطابه الوسطي والمعتدل، واستقطب الشباب المتدينين والمتحمسين وعمل على ترشيد طاقاتهم وتوجيهها التوجيه السليم، وغرس فيهم ثقافة "النضال السلمي" كوسيلة حضارية لنيل الحقوق والحريات، فيما كان نظام علي صالح يرعى الجماعات الإرهابية بغرض توظيفها سياسيًا وابتزاز الداخل والخارج بورقة الإرهاب.