الجمعة 29-03-2024 01:49:04 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

عاصفة الحزم عامان من الانطلاقة والانجاز

السبت 25 مارس - آذار 2017 الساعة 06 مساءً / التجمع اليمني للإصلاح - خاص - توفيق السامعي

   

في الذكرى الثانية لانطلاقة عاصفة الحزم، يعلق اليمنيون على هذا الحدث الهام، والذي غير كثيراً من المعادلات السياسية والعسكرية على الأرض اليمنية وعلى المستويين الإقليمي والدولي، آمالاً كبيرة في إنهاء الإنقلاب وإقامة قوة ردع حقيقية وتحالف إقليمي للتصدي لمشاريع الهيمنة الفارسية التدميرية في المنطقة.

وبهذه المناسبة، وبعد عامين على هذه الانطلاقة، يتحدث نخبة من الساسة والناشطين والإعلاميين اليمنيين حول ما أنجزته عاصفتا الحزم والأمل في اليمن، وكيف أوقفت الزحف الفارسي في المنطقة.

حيث يقول وزير التخطيط والتعاون الدولي، والأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح، الدكتور محمد السعدي: "كانت هناك مخططات تحاك ضد اليمن منذ عشرات السنين وكانت إيران حاضرة بقوة في هذه المخططات، ولولا تدخل جيراننا في الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لكان الوضع أكثر كارثية، وكان التحول الفعلي يوم 26 مارس 2015 بتدخل عاصفة الحزم التي أجهضت المشروع الفارسي في اليمن".

 

العاصفة كنتيجة للانقلاب:

لم تكن عاصفة الحزم لتتدخل في اليمن ما لم تكن هناك حاجة ملحة للتدخل؛ حيث أن الانقلاب العسكري الذي حدث في اليمن ضد الشرعية وضد مخرجات الحوار الوطني، وقيام الانقلابيين باستفزاز المملكة العربية السعودية بالمناورات العسكرية المهددة على حدودها وتوجيه الحوثيين رسائل من خلالها للمملكة، بدعم إيراني، وكذلك رمي المبادرة الخليجية عرض الحائط، كل تلك الأسباب استدعى تدخل الجيران بمبادرة أممية أيضاً.

ويعلق نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالتجمع اليمني للإصلاح عدنان العديني بالقول: "كانت اليمن قد تعرضت لجائحة انقلاب ذي طبيعة طائفية لم يكتف بالسيطرة على السلطة فحسب بل وواصل مسار الهدم حتى أسقط الدولة، وهدد النسيج المجتمعي اليمني".

ويضيف العديني: "لقد تعرض اليمنيون لأكبر انتهاك معنوي عام بإسقاط دولتهم وتلاشي شخصيتهم الدولية التي تمثلهم حين يقابلون العالم، كما تعرضوا لأكبر انتهاك مادي قتل فيه الإنسان، وحوصرت المدن حتى من الماء، وكان مصير الكثير منها التدمير والإحراق".

وأوضح العديني: "لقد كانت اليمن منطقة وباء سياسي مُعدٍ، وكان لابد للمجتمع الدولي التدخل لإيقافه وحماية الإنسان من المجازر التي ارتقت إلى مستوى جرائم الإبادة.

كان الطلب المجتمعي بطبيعة الحال لتدخل الإخوة العرب سابقاً للطلب السياسي الذي تقدم به رئيس البلد الشرعي إلى المملكة العربية السعودية بالتدخل، فلقد وصلت الانتهاكات التي مارسها الانقلابيون حد اختطاف الأطفال وتفخيخ أجسادهم". مؤكداً أن "هناك أيضاً سبب آخر لعاصفة الحزم، وهو يتعلق بالأمن القومي العربي الذي عد إسقاط صنعاء من قبل جماعة موالية لإيران وتابعة لها تهديداً وجودياً للمنطقة العربية، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار الإجراءات التي اتخذها الانقلاب، حيث قدمت صنعاء هدية وحولت إلى منطقة نفوذ فارسي، وهذا الأمر لم يكن سراً، وقد أكدت عليه قيادات إيرانية في أكثر من مناسبة".

وختم العديني تصريحه قائلاً: "باختصار.. كان لابد للدول العربية التدخل لإيقاف المجازر بحق المدنيين اليمنيين ومنع إلحاق اليمن بإيران".

الصحفي فؤاد المقطري يوافق العديني الرأي ويقول: "عملية عاصفة الحزم، كانت نتاجاً طبيعياً لانقلاب الرئيس السابق علي صالح بتحالف مع الحوثيين على التسوية السياسية ومبادرة انتقال السلطة التي رعتها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والتي قادت إلى حوار وطني شامل في أعقاب ثورة شعبية سلمية عارمة أطاحت بالرئيس السابق بعد 33 عاماً من التشبث المستميت بالسلطة".

 ويضيف المقطري، وهو مدير تحرير صحيفة السياسية اليمنية: "تدخل السعودية وحلفائها الإقليميين عسكرياً في اليمن في 26 مارس 2015، لم يأت من فراغ، بل جاء التزاماً بدور الوساطة التي قادتها عقب انطلاق الثورة الشبابية الشعبية في 2011م، من خلال المبادرة الخليجية التي انقلب عليها لاحقاً الرئيس السابق، فضلاً عن واجبها العربي وحفاظاً على أمنها القومي، مع سعي صالح الحثيث لتسليم البلاد لإيران ووكلائها المحليين في اليمن (الحوثيين) كجماعة طائفية مليشاوية منفلتة".

وأوضح المقطري: "لقد اجتاح صالح بتحالف مع الحوثيين العاصمة صنعاء في 21سبتمبر 2014، قام بفرض الإقامة الإجبارية على رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، في عملية انقلابية مكتملة الأركان، بل وصل به الأمر بعد تمكن الرئيس عبدربه منصور هادي لاحقاً الإفلات من الإقامة الجبرية إلى عدن، بقصف مقر إقامته بالطيران الحربي في محاولة اغتيال غير مسبوقة لرئيس منتخب يمثل إرادة أكثر من 7 ملايين ناخب يمني، وإجباره على مغادرة البلاد تحت ضغط اجتياح همجي برري لجميع المحافظات، وصولاً إلى مدينة عدن جنوبي غرب اليمن".

 

إنجازات عاصفة الحزم:

لعاصفة الحزم العديد من الإنجازات على أرض الميدان لا يمكن إغفالها، بحسب آراء المراقبين. فالدكتور عبدالمجيد عقبات -علوم سياسية- جامعة صنعاء، يحدد أبعاد عاصفة الحزم ومنجزاتها المختلفة يقول: "أهم منجز لعاصفة الحزم أنها قضت على المشروع الفارسي وأطرافه في اليمن".

ويضيف عقبات: "من المنجزات أنها عززت مفهوم الأمن القومي لليمن والخليج، وأن لا استقرار ولا أمن للجزيرة العربية ما لم يكن اليمن آمناً ومستقراً".

ويوضح عقبات: "على المستوى الدولي كان العاصفة مفاجئة للدول الكبرى في العالم، لسرعة تحركها وتحقيق أهدافها بدقة في الساعات الأولى من العاصفة، وهذا يعد إنجازاً عسكرياً واستراتيجياً هاماً، يعكس مدى جاهزية القوة العسكرية العربية لمواجهة الأخطار الخارجية".

أما الناشط والمحلل السياسي ياسين التميمي فيمضي في سرد منجزات عاصفتي الحزم والأمل على أنها إعادة تأسيس اللحمة اليمنية على أرضية صلبة من الشراكة الوطنية وصولاً إلى مرحلة الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم ونظام ديمقراطي تعددي.

يقول التميمي: "يمكن القول إنه بعد عامين على بدء عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل، تغيرت معادلة القوة على الأرض من انقلاب يفرض سيطرة مطلقة على البلاد، مسخراً إمكانيات الدولة العسكرية والمالية، إلى عصابة تكافح للتمسك بما تبقى لها من جغرافيا في مواجهة زحف عسكري لا يتوقف، دفعهم إلى مرحلة من الانكشاف السياسي تعرت معه أهداف هذه العصابة وكيف تحولت إلى مجرد جماعة تمارس الانفصال في قلب الدولة، وتؤسس لكيان عصبوي طائفي لم يسبق لأي مكون في اليمن أن تورط فيه بهذا القدر من الوقاحة".

ويوضح التميمي: "كانت السلطة عبارة عن حكومة منفى، أما اليوم فإنها تمارس سيادتها على أكثر من 70 بالمائة من الجغرافيا، وتقاتل على الأرض بجيش مؤسس على القيم الوطنية، ويقاتل تحت راية الجمهورية اليمنية، ويعمل بوسعه لتقليص مساحة الخراب ومنع التداعيات الاجتماعية الخطيرة التي تتولد عن مثل هذا النوع من الحروب الأهلية".

ويؤكد التميمي على أن "عاصفة الحزم أعادت صياغة الأولويات، من محاولات صريحة لتخليق نظام يقام على ثنائية طائفية متوترة، بدوافع غير منطقية ومخاوف غربية مبالغ فيها بشأن خطر تنظيم القاعدة في اليمن، إلى إعادة تأسيس اللحمة اليمنية على أرضية صلبة من الشراكة الوطنية وصولاً إلى مرحلة الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم ونظام ديمقراطي تعددي".

وفي هذا الشأن يوضح المقطري: "على مدى العامين تمكنت عاصفة الحزم، من استعادة المناطق التي سيطر عليها الرئيس السابق والحوثيون واحدة تلو الأخرى، بدءاً من عدن ولحج وأبين وشبوة ومارب وباب المندب والمخاء، وها هي قوات الرئيس عبدربه منصور هادي اليوم تطرق أبواب العاصمة والمعقل الرئيس للحوثيين في محافظة صعدة، بعد أن كان الرئيس هادي في مثل هذه الأيام من العام 2015، محاصراً وحيداً في عدن، فيما قوات الرئيس السابق وحلفائه الحوثيين تجوب اليمن طولاً وعرضاً من صعدة شمالاً إلى عدن جنوباً".

 

في الجانب العسكري:

من الناحية العسكرية، عملت عاصفة الحزم على شل الطيران الانقلابي من التحرك بعد أن كان الانقلابيون الحوثيون استقدموا طيارين إيرانيين للقيام بتنفيذ غارات عسكرية على الشرعية، وهو الأمر الذي بدأ منذ الوهلة الأولى لغزو عدن تمثل في قصف قصر المعاشيق أثناء تواجد الرئيس هادي هناك.

ويقول محللون عسكريون أنه لو لم يشل الطيران الانقلابي من خلال عاصفة الحزم لكان الطيران الحربي للانقلاب يقصف اليمنيين اليوم بالبراميل المتفجرة، كما يفعل نظام بشار الأسد في سوريا والعبادي في العراق.

من ناحية أخرى عمل التحالف العربي منذ انطلاقة عاصفة الحزم على مساعدة الشرعية في تأسيس جيش وطني بعيداً عن المناطقية والمذهبية، وقدموا كل الإمكانيات لذلك التأسيس من إمكانيات مادية بأسلحة مختلفة أو موازنة عامة لتكوين الجيش، ودفع رواتبه وكل ما يحتاج من نفقات.

كما عمل التحالف العربي، منذ انطلاقة عاصفة الحزم على تشكيل الدرع الصاروخية ونشر منظومة صواريخ الباتريوت في مارب والعند والمخاء بعد التحرير، والتصدي لكافة الهجمات الصاروخية للانقلابيين، وقد نجح هذا الدرع الصاروخي من حماية مارب بشكل تام وفاعل، حيث أسقطت كل الصواريخ التي أطلقها الانقلابيون لاستهداف مارب والجيش الوطني هناك، مما مثل أهم نقطة ونجاح عسكري في الدفاعات الجوية.

ولم تكن قضية الدرع الصاروخية هي نقطة النجاح الوحيدة والمتميزة، بل إن الجيش الوطني مسنوداً بالعاصفة وقوات التحالف العربي عمل على تحرير الكثير من الأراضي مما جعلها أرضاً آمنة يلجأ إليها المواطنون بعيداً عن تدفق اللاجئين إلى دول الجوار بعد أن ضرب الانقلابيون عمق اليمنيين الآمن في الأرياف والجبال المختلفة. كما أدى ذلك التحرير إلى انكماش الانقلاب من الأطراف اليمنية المختلفة وحتى نقاط محددة وحشرهم في المنتصف في عملية تطويق ناجحة من كل الاتجاهات.

 

إطالة أمد الحرب:

يتفق كثير من المحللين والمراقبين أن إطالة أمد الحرب في اليمن سيكون له انعكاسات سلبية ليس فقط على الوضع في اليمن بل على جميع الأطراف، خاصة مع توقف الحكومة عن دفع الرواتب للموظفين، وليس فقط في الجانب الاقتصادي بل في الجانب الاستراتيجي أيضاً.

وهذا ما شدد عليه المحلل السياسي نبيل البكيري بالقول: "طول أمد الحرب في اليمن يصب حتماً في صالح الانقلاب الذي يراهن كثيراً على طول أمدها، مؤملاً وعاملاً بقوة لدفع المجتمع الدولي للضغط من أجل إيقاف الحرب تحت مبرر التداعيات الإنسانية لهذه الحرب".                       

يضيف البكيري: "وإيقاف الحرب بضغط دولي معناه تفعيل الخيار السياسي بالتفاوض الذي يعني قبول الانقلاب شريكاً فاعلاً بالتسوية وإدارة المرحلة القادمة، خاصة إذا أبقى على جزء من ترسانته العسكرية والتسليح فإنه سيظل مهدداً للعملية السياسية برمتها يمكن تكرار الانقلاب في أية لحظة، سيشل أي تحرك سياسي للدولة مستقبلاً، كما يفعل حزب الله في لبنان".

ويحذر البكيري من أية تسوية سياسية مع الانقلابيين دون القضاء على الانقلاب وأسبابه بالقول: "أي تسوية سياسية بدون بوابة اسقاط الانقلاب يعني انتصاراً سياسياً كبيراً للمشروع الإيراني وأدواته الطائفية الانقلابية في اليمن وتحفيز بقية الخلايا الطائفية في الخليج لتكرار نفس السيناريو الحاصل في اليمن".

من جهته يرى الدكتور عبدالله حمود –أكاديمي واقتصادي- أن إطالة أمد الصراع هو "استنزاف للتحالف مادياً، وللجيش الوطني والمقاومة بشرياً، ويسهم كذلك في تردي الوضع المعيشي والإنساني للشعب اليمني في كل أرجاء البلاد".

ويضيف حمود: "إطالة الحرب سيفقد الشعب اليمني الأمل الذي كان قد علقه على عاصفة الحزم وإضعاف التأييد لها، ومن ثم تهيئة الأجواء لقبول أي حل لا ينهي المشكلة ويجثها من جذورها، بل يبقي على مصادر للصراع الدائم، بالإبقاء على طرفي الإنقلاب الحوثيين وصالح. وكذلك سيعطى فرصة للحوثيين لتغيير التركيبة السكانية لبعض المناطق والسيطرة على مناطق هامة من ناحية أمنية وعسكرية حول صنعاء وبعض المدن، بمعنى أنهم يخططون للعودة بعد الرحيل، كما خططوا للعودة منذ اليوم الأول لثورة 1962".

أما الصحفي فؤاد المقطري يعلق في هذا الجانب، وخاصة من الناحية الاقتصادية والإنسانية، بالقول: "لا يمكن إغفال أن إطالة أمد الحرب كان له انعكاسات سلبية على حياة المواطنين المعيشية في وقت تذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك نحو18 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات ملحة للبقاء على قيد الحياة، بينهم حوالي 7 ملايين شخص لا يعلمون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية".

مضيفاً: "وضاعف من تدهور الوضع الإنساني على نحو مريع، عجز الحكومة، عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين للشهر السابق على التوالي، بعد الإفلاس غير المعلن للبنك المركزي اليمني، فضلاً عن تسريح عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص".