الجمعة 29-03-2024 08:12:36 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

"صادق القاضي".. هل يصبح شرارة التحرير الأولى للواء الأخضر؟

الثلاثاء 07 أغسطس-آب 2018 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - متابعات

     

الزمان: 17 يوليو 2018

المكان: إب، السبرة، جبل سورق

 

- الخامسة فجراً: يتلقى الشاب صادق القاضي اتصالا هاتفيا بأن حملة حوثية مدججة بالسلاح تتجه نحو منزله.

 

- العاشرة والنصف: يفجر الحوثيون منزل القاضي ويؤدي من تبقى من تعزيزات الحملة "الصرخة الحوثية".

 

صادق القاضي (40 عاما) وجاهة اجتماعية وسياسية بارزة في مديرية السبرة ويرأس ثاني أكبر أحزابها، (الإصلاح) الذي سيطر على مقعد المديرية في البرلمان دورتين انتخابيتين قبل أن ينتزعه المؤتمر في آخر انتخابات شهدتها البلاد 2006.

 

تقع مديرية السبرة إلى الشمال من مديرية ماوية بتعز، وإلى الغرب من السياني وريف إب، وجنوب بعدان، وتتوسط المسافة بين الضالع التي تسيطر عليها الشرعية شرقا، ومدينة إب التي تخضع لسيطرة الحوثيين من أبناء المحافظة ومن خارجها أيضا.

 

الحملة التي استهدفت القيادي الإصلاحي كان معظم أفرادها من عمران والجوف وصعدة، حيث كانت المهمة أكبر من أن ينفذها متحوثو إب في نظرهم.

 

- تمام الخامسة والنصف فجرا: ابتعد "القاضي" عن منزله مسافة تسمح له برؤية المشهد عن كثب!. لحظات ويترجل قائد الحملة ويبدأ أفراده بالانتشار حول البيت لإلقاء القبض عليه، لكن رصاصات القاضي سبقتهم فأربكت الموقف وتوزعوا بين قتيل وجريح.

 

كانت السيارة الحمراء التي تقدمت الأطقم الأربعة قد وقعت تحت سيطرة وحصار بندقيته وبدأت القيادات تتساقط الواحدة تلو الآخر.

 

على وقع الرصاص استيقظ الأبناء، حيث علا صوت أحد أبناء "صادق" من الداخل إذ ما تزال النساء والأطفال هناك:

- من أنت؟

- "أبو حرب": افتح يا داعشي!!.

يجيبه قائد الحملة الاستخباراتية الحوثية باستفزاز. لكن كانت الإجابة كافية: ثلاثون طلقة غيرت معادلة الموقف.

 

لم يرتبك أهل المنزل رغم أن الحوثيين أقبلوا مدججين بأسلحة مختلفة بينها "آر بي جي، 12/7" ومدفع 23 ورشاشات وقناصة وأعداد هائلة، فبعد انكسار الحملة الأولى جاءت الثانية وعددها سبعة أطقم.

 

في الخارج، وعلى بعد عشرات الأمتار، يأخذ القاضي وضع الاستعداد، كذلك الحال بالنسبة لمن في الداخل، تأهبا للأسوأ.

 

فهل كانت هذه هي الشرارة التي كان القاضي ينتظرها ليرسم صورة حقيقية المعتدي للذي طرق أبواب منزله بمعطف بندقيته ورشاشه، ذات صباح لم يكن يعلم عواقبه، في بيئة ذات عمق سكاني يعيش في مساحة تتزاحم فيها أنفة الرجال بشموخ الجبال، بحيث لا يقبل أحدهم إخضاعه على ذلك النحو!

 

يأمر القيادي الحوثي بقتل الضيف الأعزل من السلاح (25 عاما)، وإطلاق الصرخة الحوثية بعدها.. ولكن ماذا حصل بعدها فعلا؟! طار رأس القيادي الحوثي قبل إكمال الصرخة.

 

حسب مصادر فجر ذلك اليوم، فإن بنادق القاضي وآله، لم تسكت بعد ذلك. فيما الحوثيون يتسابقون، الواحد تلو الآخر، على التساقط أرضا وتوسيخ مساحة أكبر من تراب ذلك البيت بدمائهم بمن في ذلك المدعو "أبو حرب" الذي تلقى طلقة من الداخل اخترقت عنقه قبل أن يمد يده نحو الباب.

 

في النصف ساعة الأولى، ذعر الحوثيون، كما لو أنهم لم يخوضوا حربا قبل ذلك، وزعوا مئات المعابر على المكان يمينا وشمالا وفي كل اتجاه بطريقة عشوائية كشفت عن صدمتهم من ردة فعل؛ إذ علت أصواتهم بالبكاء وندب الحظ الذي "ودف بهم إلى هنا".

 

لم يتعود الحوثيون على هكذا ردة فعل، واستمرأوا الأمر في بقية المناطق، لكن يبدو أن مديرية السبرة غادرت صمتها بدءا من هذه اللحظة.

 

يقول القاضي "للعاصمة أونلاين" وهو أحد قيادات الصف المقاوم في محافظة إب، وتعرفه مريس وقعطبة ودمت ومأرب وغيرها، إنه "راضٍ بما فعله هو وأبناؤه، إيذانا بانطلاق عملية غضب عارمة ضد مليشيا الحوثي، التي عوى أفراد حملتها بمجرد سقوط قائد الحملة وتقهقروا إلى الخلف طلبا للتعزيز والبحث عن مترس آمن يلتقطون فيه أنفاسهم واستيعاب ما حدث".

 

ويردف قائلا: "رأينا أكثر من 13 جثة متناثرة بالإضافة للطقم الذي تم استهدافه بداية الأمر وانتهى عن بكرة أبيه، ورأينا قياداتهم تتساقط وغنمنا سلاحها".

 

يرابط العديد من رجال السبرة على تخوم العاصمة وفي ميدي والحديدة ومأرب وتعز، ويشكلون رقما صعبا في ميزان قوة الشرعية في مريس ودمت الضالع، وتقول الصورة العامة لمديرية السبرة إن أهلها يدركون جيدا طبيعة موقع مديريتهم، ودوره القادم في معادلة التحرير المرتقب للمحافظة الخضراء.

 

خلال ساعتين ونصف كانت تعزيزات الحوثي تصل خلال عشر دقائق كلما تراجع سائقو الأطقم هلعا وذعرا إلى الخلف محملين بجثث من جاؤوا عليها، طالبين دعما وتعزيزا جديدا.

 

يقول القاضي إن الوقت لم يكن مناسبا لكي يسمح لأفراد الأطقم بالنزول إلى الأرض وتوسيخ ساحة منزله! 47 فردا هم قوام الحملة تبعها تعزيز مكون من سبعة أطقم ثم توالت التعزيزات حتى وصلت 36 طقما لكن الهلع كان سيد الموقف.

 

كارثة حقيقية حلت بهم، لقاءات مرتبكة عقدها الحوثيون اليوم الثاني في إب وتغييرات في صفوف القيادات الأمنية، وفي صنعاء عقدت لقاءات نتج عنها إيداع المسؤولين والمبلغين في الحملة السجن حسب مصدر موثوق.

 

"أبو ميادين" مسؤول معلومات محافظة إب الذي أشرف على الحملة كان أول القتلى في هذه الحادثة، وتنسب إليه جرائم تعذيب المعتقلين في جهاز الأمن السياسي بإب.

 

وتقول مصادر القاضي إن عددا قليلا منهم عادوا أحياءً إلى المركز الإداري لمحافظة إب. وهم أيضا من تجمهروا أثناء تفجير البيت وأطلقوا صرختهم، في الوقت الذي كان "صادق" يراقب من مرتفع قريب حادثة التفجير التي طالت منزله ولم تطاول شموخه واعتزازه.

 

قبل أكثر من ثلاثة أعوام كان صادق القاضي مدركا خطورة سيطرة معسكر الحمزة (اللواء 30 مدرع) الذي يقع في نطاق مديريته قريبا من "نجد الجماعي" مركز المديرية على الطريق الواصل بين إب وقعطبة، ويطل عليه من جبل "قصال" موقع للدفاع الجوي.

 

لكنه قبل ساعتين ونصف من معركة ذلك الصباح الذي أمضى فيه بسلاحه قرار إطلاق الشرارة الأولى لكسر الصورة الذهنية لسيطرة المليشيات على مديريته، كان قد فكر مليا فور تلقيه المكالمة المجهولة بصعوبة الموقف لكنه استغل هذه الفرصة غير عابئ بما سيحدث له أو لبيته وأولاده.

 

ثم أليس القاضي وهو أحد رموز المنطقة يدافع عن كرامته أولا، ثم ليحدث ما يحدث إن كان دمه سيضاف إلى قائمة النفائس التي قدمها اللواء الأخضر بصمت واعتزاز.

 

قبل نحو عامين كان القيادي المقاوم "عبده صالح المنتصر" يلقن الحوثيين دروسا في عدد من الجبهات، قبل أن يحاصروه في قريته "العريش" عزلة بلاد الشعيبي السبرة، ثم قتله وتفجير منزله ضمن سبعة منازل أخرى.

 

قبل نحو عام حاصر المدعو "أبو حرب النوعة" إداة أمن السبرة بعد إطلاق الرصاص على نائب مدير الأمن العقيد أحمد قائد الجماعي الذي رفض بشدة وقاوم تسليم سلاحه ومنصبه للنوعة، وظل يحاصر الإدارة حتى نزفت دماء الشهيد الجماعي وفارق الحياة.

 

رجالات إب الذين قاوموا الموجات الأولى لمليشيا الانقلاب الطائفية، شاهدوا بشموخ أيضا تفجير منازلهم. "علي بدير" في كتاب، و"نايف الجماعي" في بعدان، و"فهد الجمال" في الشعر، و"عبدالواحد الدعام وعبدالرحمن العماد وعلي عبدالمغني" في الرضمة، و"نعمان البرح" في القفر، وعبدالوهاب الوائلي في الحزم، و"معاذ الجمال" وسط شوارع وأحياء مدينة إب.

 

مديرية "الرضمة" هي أول من قاوم المد الحوثي قبل 2014، و"القفر" هي أول مديرية في اليمن أعلنت تأييد عاصفة الحزم، و"أسامة بدير" هو نجل أول قائد منع الحوثيين من التمدد نحو عاصمة المحافظة بعد سقوط نصف محافظات اليمن، ومن ربادي "جبلة" استشهد أربعة رجال من أول دفعة رفضت تمكين الحوثي من وضع يده على مقاليد الأمور.

 

وكطبيعة المعارك، ما تزال أسماؤهم مخفية أولئك الذي نفذوا نحو 100 عملية ضد إمدادات الحوثي إلى تعز وسقط فيها مئات القتلى، وها هو صادق القاضي يلقن الحوثيين درسا أليما دونما رحمة أو شفقة.

 

العاصمة اونلاين