الثلاثاء 23-04-2024 20:02:06 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الأمم المتحدة  والأزمة اليمنية..!

الأحد 22 يوليو-تموز 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت- خاص/ محمد عبدالكريم

      

اندلعت الثورة اليمنية 2011 ، ولم تستطع انتزاع السلطة، ولم يستطع النظام السابق إنهاء الثورة، حتى بدا الطرفان عاجزين!

 وفي قراءة غربية للحالة ، إنها وصلت الى مرحلة فقد فيها نظام صالح الكثير من عناصر قوته ، وغدا بقاؤه غير ممكن، وفي الوقت نفسه لم يكن لدى الثورة رؤية لكيفية نقل السلطة ، وبرنامج مفصل لإدارة فترة انتقالية ، فكانت الخطوة الأُولى طلب صالح من مجلس التعاون الخليجي التدخل ، فكانت المبادرة الخليجية ، التي قبلت بها قيادة اللقاء المشترك الحامل السياسي للثورة ، ثم كان إشراك الأمم المتحدة، وصدور أول قرار بشأن الأزمة اليمنية ، وإرسال جمال بن عمر مبعوثا خاصا للأمين العام للأُمم المتحدة الى اليمن. وانتقلت الحالة في اليمن من شأن محلي إلى إقليمي ثم دولي.

 

 التمييز بين دورين

 

يلاحظ المتابع والمراقب للأمم المتحدة، وجود دورين متباعدين الى حد الإزدواجية، بين الأمانة العامة للأمم لمتحدة، وبين مجلس الأمن الدولي.

 

مجلس الأمن الدولي

 

منذ بداية تدخل مجلس الأمن الدولي في الأزمة اليمنية، وموقفه منطقي، ملتزم بميثاق الأمم المتحدة، فيما يتصل بالجانب الحقوقي، وعدم الإقرار بالحصانة التي منحت لصالح ومساعديه وفقا للمبادرة الخليجية، وفي الموقف من التمرد، والمحافظة على وحدة الجمهورية اليمنية. 

ظلت قرارات مجلس الأمن الدولي  2014 (2011)، 2051 (2012) والبيان الرئاسي الصادر في 15 فبراير 2013 تتجاهل الحوثيين والحراك الجنوبي باعتبارهما خارجين على القانون ولا تصنف أحزابا سياسية، ولا منظمات مجتمع مدني.

 وفي بيان المجلس فبراير 2013 – الذي انعقد في صنعاء - أورد اسمين هما علي عبد الله صالح واصفا له بالرئيس السابق، وعلي سالم البيض واصفا له بنائب الرئيس الأسبق، أي صفته الرسمية القانونية، ولم يشر إلى الحراك الجنوبي لكنه في القرار 2140 (2014) الذي جاء بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ذكر الحوثيين والحراك الجنوبي لأول مرة وهو اعتراف بهما بناءَ على اعتراف القوى اليمنية بهما في مؤتمر الحوار الوطني.

 

القرار رقم 2204 في 15/2/2015

 

يعد هذا القرار من أهم القرارات وأكثرها وضوحا في وصف ما يفعله الحوثي..كان المجلس أكثر دقة في وصف الحالة، لم يصف أحداث ا2/1 وإعلان 6/2 /2015 بالانقلاب وإنما وصفه بالأعمال العدائية ضد الشعب والسلطة الشرعية في اليمن، وهو وصف أدق من وصفه بالانقلاب إذ لو وصفه بالإنقلاب سيغدو من الشؤون الداخلية وفرض سلطة واضحة المعالم لكن وصفه بالأعمال العدائية يرتب التعامل مع الحوثيين باعتبارهم جماعة معيقة لعملية الانتقال السياسي التي يتبناها المجلس. كما أن القرار تحدث عن الأعمال العدوانية للحوثيين مثل تفجير المباني الخاصة ودور العبادة والمدارس والمنشآت الطبية.

 

القرار 2216 (2015 )

 

توج المجلس القرارات الخاصة بالحالة اليمنية بذلك القرار الأخير، والذي وضع الحالة اليمنية تحت الفصل السابع ، الذي يعني التزام الأُمم المتحدة بتنفيذ القرار بالقوة، وذلك ما فعله التحالف العربي، وقد كرر ما وصفه باعتداء الحوثيين على المؤسسات العامة والخاصة ودور العبادة.

 وفي كل قرارات المجلس، تأكيد دائم على التزام المجلس بوحدة وسلامة واستقلال وسيادة الجمهورية اليمنية ، إن المجلس أظهر حرصا على وحدة الدولة اليمنية ، في رسالة واضحة لكل القوى المحلية والإقليمية والدولية الساعية للتجزئة .  

 

 مبعوث الأمين العام

 

عين بان كيمون الأمين العام –السابق- للأمم المتحدة جمال بن عمر مستشارا للأمين العام ومبعوثا إلى اليمن، وقد شارك بالإشراف على مفاوضات القوى اليمنية بشأن المبادرة الخليجية والتوقيع عليها ثم ما تلاها من السير في العملية الإنتقالية ومؤتمر الحوار الوطني.

ارتكب بن عمر خطيئتين كبيرتين يمكن وصفهما بالعوامل الجوهرية في إيصال الأزمة إلى الحالة الراهنة وتتمثلان في:

1- نقل جماعة الحوثيين من وصفها جماعة تمرد مسلح خارجة على القانون إلى جماعة مسلحة لها تطلعات( مشروعة) وإضفاء شرعية سياسية على الجماعة.

1-1 القيام بزيارة إلى صعدة في 13/12/2011 والتقاء عبد الملك الحوثي على الرغم من إعلان الأخير رفض المبادرة الخليجية والسعي لإسقاطها.

1-2 دعوة الحوثيين لمؤتمر الحوار الوطني وإشراكهم فيه دون شرط إلقاء السلاح مما فتح أمامهم آفاقا واسعة لتثبيت شرعيتهم الممنوحة من بن عمر وبناء علاقات أوسع والترويج لهم كجماعة لها تطلعات( مشروعة).

1-3 تتابعت مواقف بن عمر الممكنة للحوثيين وعدم الإنكار عليهم استخدام السلاح وشن الحروب حتى سقوط العاصمة ومحاولاته لم تنقطع في الشرعنة لأعمال الحوثي المسلحة .

 

 المبعوث الثاني اسماعيل ولد الشيخ

 

على الرغم من الجهود التي بذلها لجمع الأطراف الى التشاور الذي في جوهره تفاوض ، ومعاملته للسلطة والحوثيين كطرفين متساويين ، مع إدراكه بأن هناك فروقا جوهرية بين السلطة القانونية، والتمرد، وعلى الرغم من فشل التفاوض في الكويت ، الا أن ولد الشيخ كلما تصلب الحوثيون أكثر، قدم مبادرات لصالح الحوثيين، وتبنى مبادرة جون كيري التي هدفت لإسقاط السلطة ، ومنح الحوثيين السيطرة الكاملة عبر سحب سلطة الرئيس واستبدال نائبه وتفويض سلطة الرئيس للنائب الذي يرتضيه الحوثي وتشكيل حكومة ، من دون الحديث عن السلاح. كان ذلك واضحا أنه تمهيد لإسقاط السلطة القانونية ، وتمكين التمرد من الاستيلاء على السلطة كاملة.

وعلى الرغم من اتخاذهم مواقف عدائية ضد شخص ولد الشيخ إلا أنه ظل حريصا على إرضائهم.

 

المبعوث الأخير مارتن جريفيث

 

أثبتت الأمانة العامة ومبعوثيها حقيقة مشهودة، كلما اشتدت المعارك، ويظهر الحوثي في مأزق تداعت الأمانة العامة ومبعوثها، لإيقاف الحرب، وتقديم مقترحات 

نجحت جهود جريفيث في تعليق العمليات العسكرية الهادفة لتحرير الحديدة ومينائها كل ذلك تحت لافتة الحالة الإنسانية ، مع أن الواقع يشير الى أن تأخير تحرير الحديدة وطرحها للتفاوض عبارة عن زيادة وتنمية الكلفة الإنسانية ، المتمثلة في

استخدام السكان دروعا بشرية.

 التجنيد الواسع للأطفال والشباب ، التصرف بالمساعدات الإنسانية ، جباية الأموال التي تطيل أمد الحرب ، تهريب السلاح بكل الطرق عبر الساحل الغربي؛ أي أنه بكل المقاييس فإن تحرير الحديدة أقل كلفة على المستوى الإنساني، ولا يقارن بالكلفة الأكبر في تعليق العمليات وحالة اللا حرب واللا سلم ، والتي تجعل تحرير الحديدة أكثر كلفة.

 ثمة شواهد كثيرة على أن الأمانة العامة للأمم المتحدة ، لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن الدولي ، وتتجاهل الكثير من السلوك الحوثي ، المسبب لأزمة إنسانية واسعة، ولا يوجد تفسير منطقي لسلوك الأمانة العامة ومبعوثيها.

 

موقف السلطة

 

يظل موقف السلطة ثابتا بالإستناد الى المرجعيات، وتنبيه المبعوث الاممي الى أن هناك فروقا جوهرية بين السلطة القانونية ، وبين جماعة تمرد ، وأن القضايا ينبغي ترتيبها على هذا النحو:

إنسانية : وتعني من بينها إطلاق الأسرى والمعتقلين والمختطفين. وكذلك ايصال المساعدات الى المحتاجين أينما كانوا، مع ملاحظة أن الحوثيين يستحوذون على المساعدات الإنسانية ، ويتصرفون بها مما يؤدي الى استفحال الأزمة الإنسانية ، وتفاقمها.

أمنية : وتعني الإنسحاب من المدن وتسليم المؤسسات وتسليم السلاح.

سياسية : الترتيب لحكومة وحدة وطنية ، وليس التزامن كما طرح ولد الشيخ منذ بداية قيامه بمهامه كمبعوث.

 

النتائج

 

هناك قدر واسع من التناقض بين مجلس الأمن الدولي من جهة، وبين الأمانة العامة للأُمم المتحدة ممثلة بمبعوث الأمين العام .

هناك استخدام للحوثيين ورقة تفاوضية بين الإتحاد الأوروبي وإيران، ويتلقى مبعوث الأمين العام مارتن جريفيث اسنادا اوروبيا واسعا.

يوجد تباعد واسع بين السلطة وما يطرحه المبعوث الأممي.

تستند السلطة الى القانون المتمثل في كونها سلطة قانونية ، والمرجعيات الثلاث التي تمثل الصخرة التي تصطدم بها ، المحاولات المختلفة ، لتحقيق أهداف الحوثيين التي يحملها المبعوث الأممي.

لا تستطيع الجهات المختلفة تجاوز المرجعيات ، وكل ماتفعله ، إطالة الأزمة والحرب.