الجمعة 19-04-2024 13:36:56 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون والمهام المزدوجة !!

الأربعاء 15 مارس - آذار 2017 الساعة 04 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص

تقرير فهد سلطان

في منتصف 2011م، إبان الزخم الثوري المتعاظم لساحات التغيير في عدد من المدن اليمنية, أبرزها العاصمة صنعاء, كان التحالف بين جماعة الحوثي المسلحة ونظام علي عبدالله صالح يزداد متانة من يوم لآخر وتعززه الأحداث، فهناك تقاطع مصالح كثيرة تجمع الطرفين.


ومع توقيع المبادرة الخليجية أواخر نوفمبر 2011م في العاصمة السعودية الرياض, كانت الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن شريك أساسي في مواجهة ما يسمى بالإرهاب, وهي الكلمة التي قالها السفير الأمريكي في اجتماع أعقب جمعة الكرامة 18مارس/ 2011م، في منزل نائب الرئيس حينها عبدربه منصور هادي, أن أمريكا لن تترك اليمن للقاعدة إذا رحل النظام بلا ترتيب.


فشل النظام السابق في محاربة القاعدة, فقد كشفت تقارير استخباراتية دولية, ونقلت وثائق ويكليكس جزءاً من تلك العلاقة, أن النظام السابق ومقربين منه كانوا على صلة مباشرة مع تنظيم القاعدة, وتم استخدامهم أكثر من مرة, كما تحدث مخبر القاعدة, حسب الفلم الوثائقي الذي أذاعته شبكة الجزيرة في الـ 4/ 6 /2015م، وكذلك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي صدر في 14 إبريل 2015، حيث تبنى مجلس الأمن فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، وأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس السابق، والقائد السابق للحرس الجمهوري اليمني، المتهمين بـ تقويض العملية الإنتقالية والأمن والاستقرار في اليمن.


كثفت الولايات المتحدة الأمريكية من عملياتها ضد التنظيم في اليمن, وفي المناطق الجنوبية التي تنشط فيها القاعدة, وكانت أغلب تلك الضربات خارج التنسيق مع الحكومة التي كانت تواجه مشكلات كبيرة مع القاعدة ومع جماعة الحوثيين في نفس الوقت.


عمل النظام السابق على استخدام التنظيمات المسلحة والعنفية طيلة فترة حكومة الوفاق الوطني, في تعزيز مباشر للفزاعة لدى الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص, وأن البديل للنظام المتوافق على رحيله هي التنظيمات الإرهابية, والتي سيصعب التحكم فيها أو التنبؤ بما ستقوم به ضد المصالح الأجنبية في البلاد.


في هذه الأثناء حاولت جماعة الحوثي أن تقدم تطمينات أنها ستحمي المصالح الغربية والأمريكية في البلاد, أثناء مؤتمر الحوار الوطني الشامل, سوقت نفسها خارجياً على أن خلافها يتركز مع بعض القوى الإسلامية والقاعدة, وهو ذات الخطاب الذي قدمه صالح طيلة الفترة الماضية، ولكن هذه المرة بلسان مكون جديد ظهر على الساحة اليمنية.


بعد السيطرة على العاصمة صنعاء في سبتمبر أيلول 2014م, والسيطرة على عدد من المحافظات اليمنية, وسط صمت إقليمي ودولي مريب، ذهبت الجماعة بمسلحين كقوات تابعين لها - خارج التنسيق مع الدولة - نحو محافظة البيضاء, فيما تعتبره حرباً على القاعدة, في حين أن الحروب التي كانت تخوضها هناك مع القبائل هو لإخضاع المحافظة لسيطرتها والسير نحو محافظات الشرق مأرب والجوف ومن ثم التوجه إلى المحافظات الجنوبية.


فشل الحوثيون في تحقيق أي نصر حقيقي يبرر حربهم هناك, إن لم يكن قد زاد حجم التعاطف مع القاعدة كرد على الانتهاكات الواسعة التي خلفتها الجماعة, إضافة إلى التنسيق المباشر مع الطائرات بدون طيار الأمريكية, وحجم الضربات الخاطئة التي استهدفت مدنيين أبرياء, وهو ما اعتبرته القبائل حرب استهداف مباشر لأرضهم وحياتهم وإخضاعهم لجماعة مسلحة ذات توجه ديني طائفي لا علاقة لها بالحرب على ما يسمى الإرهاب.


وأثناء الحوارات السياسية في عدد من عواصم العالم, دافعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن الحوثيين, فيما عده البعض جزءاً من الاتفاق النووي مع إيران. حيث مارس وزير الخارجية السابق جون كيري سلسلة من الضغوطات على الحكومة للقبول بالجماعة والشراكة معها وترحيل موضوع نزع السلاح, كان آخرها تقديم مبادرة مفخخة تقضي على الشرعية لصالح مشروع الإنقلاب بالكامل.


ومع صعود الإدارة الجديدة برئاسة دونالد ترامب يبدو -حسب مراقبين- أن قواعد اللعبة تغيرت, فقد كانت تصريحات ترامب عن هزيمة الإرهاب في اليمن, ومنذ ثلاثة أسابيع تقود أمريكا حرباً واسعة وطلعات جوية عبر طائرات بدون طيار ومشاركة طائرات اباتشي وf16 دون العودة إلى الحوثيين وحلفائهم الذين هم بالأساس جزءاً من لعبة الحرب على القاعدة في اليمن.


ولم يتوقف الأمر على ذلك, فقد طالب السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فايرستاين بإعادة الحكومة الشرعية من أجل استكمال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وفقاً لقرار مجلس الأمن 2216.


جاء ذلك خلال جلسة استماع مفتوحة للجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، المنعقدة الخميس التاسع من مارس/آذار الجاري، تحت عنوان "حل الصراع في اليمن: المصالح والأخطار والسياسات الأمريكية", حيث طالب السفير الأمريكي بمنع الحوثيين والمخلوع صالح من السيطرة على السلطة بقوة السلاح، وتأمين الحدود السعودية، وإفشال جهود إيران الرامية لإنشاء موقع قدم في اليمن لتهديد السعودية والخليج، مشيراً إلى أن هناك توافقاً دولياً على أن أهداف التدخل في اليمن تتمحور حول تلك النقاط.


تلك التصريحات الصادرة عن شخصية دبلوماسية أمريكية رفيعة عملت في اليمن لسنوات واستوعبت الكثير من أطر وأدوات السياسة اليمنية تحمل دلالات مهمة بأن ثمة سياسة أمريكية جديدة باتت تميل صوب تقليص خدمات الحوثيين وتحجيم دورهم الذي يعكس بوضوح حجم التدخل الإيراني في اليمن، وهو التدخل الذي بات مصدر قلق للإدارة الأمريكية الجديدة التي تعهدت بتحجيمه ليس في اليمن وحسب بل والمنطقة ككل.