يرتبط رمضان ارتباطا وثيقا مع أصالة اليمنيين وعمقهم الحضاري والإسلامي الضارب جذوره في عمق التاريخ، حيث وضعت المظاهر التراثيّة بصماتها الواضحة على شهر رمضان، فالعادات والتقاليد تبدأ منذ اللحظة التي يتحرّى الناس فيها رؤية الهلال في آخر شهر شعبان, ويستمر الحياة الجديدة والمختلفة حتى آخر يوم من أيام الشهر المبارك.

مجالس رمضان من اشهر ما يميز حياة اليمنيين في غالب المناطق والقرى. ففي محافظة حضرموت في أقصى الشرق يلتقي الناس بعد صلاة العشاء لسماع موعظة أو قراءة القرآن الكريم, ويتخلل المجلس تسبيح واستغفار وموالد صوفية، اعتادوها في ايام كثيرة، ولكنها في رمضان يكون لها مذاق خاص.

وفي مدينة تعز -وسط البلاد- وخاصة في الأرياف، تتحول مجالس رمضان الى حلقات للذكر وتطرب الأسماع موالد في مدح النبي الكريم عليه الصلاة والسلام, ويستمر هذه المجالس حتى ساعات متأخرة.

وفي العاصمة صنعاء يتكرر الأمر أيضاً، حيث تتوزع مجالس رمضان بين المساجد والتاريخية منها بشكل خاص, والتي تأخذ موقعها الطبيعي في التقاء الناس وتفرغهم للعبادة، وتتحول الى مجالس لقراءة القرآن والمدارسة وحلق للعلم والذكر, وأخرى في المنازل والبيوت, يشارك فيها الكثير من الأهل والأقارب.

لا يقتصر الأمر في هذه المجالس على مدينة معينة أو محافظة بعينها, فغالبية محافظات الجمهورية تفتح فيها هذه المجالس من زبيد وأربطتها التاريخية, التي لا زالت تحتفظ بشيء من عبق الماضي، الى محافظة اب وخاصة في مساجدها الأثرية الجامع الكبير وجامع الملكة أروى بمنطقة جبلة, الى محافظات عدن والضالع، الى عمران وصعدة وحجة والبيضاء, فرمضان له مذاق خاص لدى الناس, وإحياء لياليه عادة يمنية يآنس بها الناس طوال أيام الشهر الكريم.

كما لا يكاد يخلوا مسجداً صغيراً كان أو كبيراً من المواعظ طوال أيام السنة, ولكنها في رمضان تستمر بشكل منتظم، وتكون غالباً بعد صلاة الظهر والعصر والعشاء، وكثير من المساجد تجعل من الموعظة بعد صلاة العصر سنة متبعة حتى آخر الشهر الفضيل.

ومع صلاة التراويح اعتاد الناس على موعظة بين الركعتين الأوليين, وهي موعظة يقوم بها امام المسجد أو يتناوب عليها اهل العلم وطلاب العلم ايضاً. هذه المجالس الخفيفة بالموعظة تترك أثراً لدى الناس, فهي تتناول جوانب متعددة من الشهر.